الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السباق مع الزمن

تقي الوزان

2007 / 4 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


حدد الأمريكان مسؤولية "القاعدة" في أعتداءات 11أيلول , ووجهوا أنذار الى دولة طالبان في افغانستان لأنهاء الملاذ الآمن ل"القاعدة" . وفي حالة عدم تسليم ابن لادن وقيادات القاعدة , او طردهم خارج افغانستان, فسوف تشن امريكا حرب على دولة طالبان . ولم تستجب طالبان , فشنت الحرب عليها وانهت دولتها بعد ان حشدت خلفها التوافق الدولي . هذا مفهوم من الأمريكان , ولكن غير المفهوم هو السكوت الأمريكي طيلة هذه السنوات الأربعة على النشاطات العدائية للنظام السوري الهادفة لتقويض المشروع الأمريكي في العراق . ولم يجري حتى توثيقه من خلال تقديم شكاوى الى الأمم المتحدة من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة منذ سقوط صدام ولحد الآن. رغم وجود مئات المستمسكات , والأعترافات من قبل الذين القي القبض عليهم , والى قبل يومين صرح احد القادة الأمريكان بأن من اربعين الى ستين أرهابي يدخل العراق يومياً من الأراضي السورية . ومنع بث الأعترافات من الفضائية العراقية , لأن هذه الأعترافات تثير هذا السؤال المحير . ولماذا يجري التجهيل بمسببي سفك الدماء العراقية , وتعلق فقط على شماعة القاعدة والبعث الصدامي , وتسجل الجرائم ضد مجهول .
ومن ناحية النظام الايراني , فالأمريكان يتمنعون من التصادم معه على الساحة العراقية , بعد ان اكتشفوا عمق اختراقه الطائفي للوضعية العراقية , وعدم منح هذه الساحة فرصة تستنزف مشروع الصراع الأكبر وهو ازاحة النظام الايراني برمته , بعد ان يهزم في مشروعه النووي .
الايرانيون يدركون هذا جيدا , ويدركون ايضاً حجم الزخم الدولي خلف المشروع الأمريكي . ويبنون دفاعاتهم بالمقابل بتشديد الضغط على مكونات الأحزاب الشيعية الطائفية لضمان ولاءات أكثر جذرية , تبقيهم ضمن دائرة الصراع الايراني الامريكي , وتبعدهم أكثر عن دائرة صراع أعادة بناء العراق . وخروج حزب" الفضيلة" من قائمة "الائتلاف" , واعاقة سير طائرة السيد رئيس الوزراء , وتصريحات الناطق الرسمي للحكومة العراقية السيد علي الدباغ بطلب مساعدة الدول العربية لأنقاذ العراق من جموح رغبة السيطرة الايرانية , دلائل واضحة لعدم قبول العراقيين الحقيقيين من الشيعة للأملاءات الايرانية الطائفية .
ان التبرير الامريكي الذي يقول ابقاء العراق ساحة مفتوحة لسحب الارهابيين من مختلف انحاء العالم وتصفيتهم عليها , لم يعد مقنعاً , نتيجة عدم جدية الحسم مع هؤلاء الارهابيين , مثل اطلاق سراح البعض منهم , والتعتيم على المنافذ التي يستخدمونها , والجهات التي تساعد بوصولهم . ومن ناحية أخرى طول الفترة التي أستحوذها هذا التبرير , وكان يمكن ان تحدد بسنتين او ثلاثة , وان لاتطول لتصبح احد نقاط الضعف الأساسية في ادارة الصراع , لتتمكن قوى الارهاب التي جاء الامريكان لمحاربتها [ القاعدة والنظامين الايراني والسوري ] من تحويل الحرب على الارهاب الى حرب طائفية بين السنة والشيعة تكاد ان تغرق العراق بحرب اهلية شاملة . وهذا ما تسميه قوى الارهاب ب"المستنقع العراقي " .
هذا "المستنقع" هو الذي دفع الديمقراطيين المنافسين لادارة الرئيس بوش لتحديد تاريخ معين لسحب الجيش الامريكي شرط الموافقة على التمويل الجديد لميزانية الجيش . والمقصود بسحب الجيش ليس من العراق , بل الى معسكرات حصينة تنتشله من التورط في الحرب الطائفية الحالية - والتي احد اسبابها الرئيسية سوء تصرف الادارة الامريكية ذاتها - واعادته الى مسؤوليته الاولى وهي الحرب على الارهاب . والعراق سيبقى القاعدة الرئيسية لتغييرات الشرق الاوسط بالنسبة لمخططي الستراتيجية الامريكية بغض النظر عن المساحة المحددة لصراع الحزبين الرئيسيين بالوصول الى ادارة البيت الابيض .
في هذا الوضع الملتبس الذي تتصارع فيه المشاريع الامريكية والعربية والاقليمية لتحديد وضعية نفوذهم في العراق , يبقى المشروع الوطني العراقي يحبو ولم يتمكن من الوقوف على رجليه لحد الآن . وكلما طالت فترة نموه المتعثر , كلما تطاولت اكثر الرغبات الطامعة بوجوده . والتصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء التركي التي تعتبر العراق كيان خاوي لايستطيع الدفاع عن نفسه , تركت المرارة العميقة لدى كل العراقيين الحقيقيين الذين يهمهم نجاح العراق الفيدرالي الموحد , ونجاح التجربة القومية الكردية بالذات , ونطالب قياداتنا الوطنية للأبتعاد عن كل مايسئ الى سلامة نمو المشروع الوطني والفيدرالية الكردية .
ان القيادات الوطنية العراقية التي سلمتها الجماهير ثقتها في الانتخابات , مدعوة للشعور بأنها في سباق مع الزمن لتحقيق وحدة المشروع الوطني . وفراغ البيت من مالكيه سيمكن الآخرين من سكن كل اجزائه ولن يبقى حتى موضع قدم لأهله . يجب ان نحمي العراق من القاعدة والسنة التكفيريين والبعثيين ومليشيات الشيعة المتطرفة والايرانيين والسوريين والاتراك والامريكان والعرب , ومن كل الانذال من العراقيين الذين جعلوا من انفسهم أداة بيد هؤلاء الغرباء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأييد حكم حبس راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس 3 سنوات


.. محل نقاش | محطات مهمة في حياة شيخ الإسلام ابن تيمية.. تعرف ع




.. مقتل مسؤول الجماعية الإسلامية شرحبيل السيد في غارة إسرائيلية


.. دار الإفتاء الليبية يصدر فتوى -للجهاد ضد فاغنر- في ليبيا




.. 161-Al-Baqarah