الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المادية التاريخية : ثاني عشر : النمط العبودي : العبودية والديموقراطية - النموذج الأثيني

عمر أبو رصاع

2007 / 4 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


بظهور التجارة على سواحل اليونان عرف المجتمع انتقال نوعي حيث ظهر مجتمع المدينة ، مجتمع المدينة التجارية الأول الذي كان نمطه البارز هو النمط الأثيني . اتسم ببروز المدينة كوحدة سياسية متكاملة ومستقلة ، من ناحية المدينة كمدينة ضد غيرها من المدن ومن ناحية أخرى التقسيم الاجتماعي الداخلي للمدن حسب الدور الاقتصادي فطبقة المواطنين الشرفاء نبعت أساساً من مالكي الأرض الزراعية الذين استوطنوا المدينة ومعهم التجار والصناع بدرجة أقل وأخيراً العبيد .

لم يكن للمواطنين الفقراء أي حقوق سياسية بالبداية واتجه كفاحهم إلى المطالبة بالمشاركة في القرار السياسي .
استخدم الفلاحون في الجيش لحماية المدينة ، هذا مع الوقت اضطر المجتمع الاثيني إلى اعادة توزيع الأرض على العامة عام 594 ق.م .

ان توزع القوة بين الاغنياء ساعد هؤلاء على اسقاط الاستبداد الفردي ليحل محله أولاً سيطرة هذه النخبة أو حكم القلة من هؤلاء الاغنياء الذين يشكل الملاك العقاريين حجر الزاوية في طبقتهم ، استطاعت هذه الطبقة ان تحافظ على توازنها الداخلي بين ارستقراطية اقطاعية مؤسسة و برجوازية تجارية ناشئة .

لقد اجرت هذه الطبقة أو هذا التحالف الطبقي نقلة مهمة بالقضاء على الاستبداد الفردي لصالح ديموقراطية القلة أو الطبقة التي تملك القوة من خلال ملكيتها لعناصر الانتاج داخل المجتمع ، لقد شكلت الثورة الديموقراطية نقلة تاريخية ضد الفردية لحساب طبقة النبلاء والاغنياء.

في ذات الوقت استعملت هذه الطبقة القواعد القانونية لاضفاء الجمود على الحراك الطبقي مما كان يجعل الانتقال من وإلى طبقة النبلاء والبرجوازية التجارية أمراً شبه مستحيل كان هذا كفيلاً بأن يضمن لها الامتيازات التي تتمتع بها لزمن طويل.

إن ديموقراطية المواطنين الأثينية كانت لصالح الطبقة المالكة بالأساس وبدرجة أقل العامة على حساب العبيد المحرومين من الحقوق السياسية التي يتمتع بها الاغنياء بشكل اساسي والمواطنين من العامة بدرجة أقل.

تركيب المجتمع الأساسي إذن كان يستند في عملية الانتاج كلها على العبيد وهذا ما يفسر النظرة المتعالية على العمل لدى الفلاسفة اليونانيين ، أما مصدر الثروة الرئيس فكان الملكية الموروثة للأرض والعقارات بدرجة أكبر من التجارة ، إن الأعمال الفنية والفلسفية العظيمة للمدينة الإغريقية ما كانت لتنجز لولا قدرة تلك الطبقة على التفرغ للإبداع لأن ما تملكه من العبيد يقوم بالعمل نيابة عنها ولحسابها.

إلا أنه كما أن النمط العبودي يمنح ميزات مثالية للإبداع في المجالات الحضارية فهو يمثل اعاقة داخلية تمنع تطور أساليب الانتاج ذاتها بحكم الاعتماد الكلي على العبيد ، مما يهبط بمستوى العمل ولا يحض على تطويره الذاتي أو تطوير الفن الانتاجي ، وبالتالي فإن المجتمع العبودي يكون عرضة للاستباحة من قبل مجتمعات عبودية أخرى أكبر عدداً وإعداداً كما حصل مع أثينا من قبل روما من بعد وقبلها مقدونيا.
كتب انجلز:
اقتباس


Wherever slavery is the main form of production it turns labour into servile activity, consequently makes it dishonourable for freemen. Thus the way out of such a mode of production is barred, while on the other hand slavery is an impediment to more developed production, which urgently requires its removal. This contradiction spells the doom of all production based on slavery and of all communities based on it. A solution comes about in most cases through the forcible subjection of the deteriorating communities by other, stronger ones (Greece by Macedonia and later Rome). As long as these themselves have slavery as their foundation there is merely a shifting of the centre and a repetition of the process on a higher plane until (Rome) finally a people conquers that replaces slavery by another form of production. (1)



ترجمة بتصرف : "حيث العبودية شكل الانتاج الرئيس ، يتحول العمل إلى شكل من الإذلال ؛ وذلك يجعله معيباً للانسان الحر ، هكذا هو مخرج مثل هذا النمط الانتاجي المخطط ، بينما من الناحية الأخرى يمثل نمط الانتاج العبودي عائقاً دون الوصول إلى نمط انتاجي أكثر تطوراً، والذي يتطلب ازالته بسرعة .
يؤدي هذا التناقض إلى موت كل انتاج مستند على العبودية وكذلك المجتمعات المستندة إليه، ويكون الحل الذي يحدث خضوع المجتمع المتدهور لواحد آخر أقوى منه (اليونان من قبل مقدونيا ولاحقاً روما).
وطالما أنهم ايضاً عندهم عبودية مؤسسة ما يحصل هو مجرد انتقال للمركز وتكرار للعملية على درجة أعلى حتى روما ، وأخيراً يأتي فاتحون يستبدلون العبودية بشكل آخر من أشكال الانتاج"

ان النتيجة التي نخلص إليها من قراءتنا لمجتمع عبودي - ديموقراطي (النمط الأثيني) تقوم على ان هذا النمط يستند كله على أسلوب انتاجه القائم على علاقة الرق ، أي أن ما يميز اسلوب الانتاج هنا هو استعمال العبيد في عملية الانتاج ، وأن هذا بالذات هو مقتل هذا الأسلوب الانتاجي ، لأنه يظل يكرر نفسه ولا يتطور لما لطبيعة العبد وخصائص استعماله وما يفرضه استخدامه عليه من نوعية عمل كلها تمنع وتحول دون تطور اسلوب الانتاج لا من حيث الفن الانتاجي ولا من حيث علاقات الانتاج والملكية بالتالي.
ان هذا مجتمع جامد وقادر على المواصلة ذاتياً بجموده القائم إلى أن يتعرض للغزو من قبل مجتمع أقوى يطيح بمنظومته أو يحتويه ، وتظل حلقة تأكل حلقة وصولاً لأكبر حلقات المجتمع العبودي الكلي الممثل بروما الأمبراطورية ، ومن ثم يطاح بأسلوب الانتاج كله .
: ملحوظة
لمتابعة الحلقات الكاملة للماديتين

http://www.mi3raj.com/vb/showthread.php?t=95
أو
http://www.rezgar.com/m.asp?i=479
(يتبع)


(1)Engels, in his preparatory writings for Anti-Duhring








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #ترامب يهدي #بايدن أغنية مصورة و النتيجة صادمة! #سوشال_سكاي


.. التطورات بالسودان.. صعوبات تواجه منظمات دولية في إيصال المسا




.. بيني غانتس يهدد بالانسحاب من حكومة الحرب الإسرائيلية


.. صحفيون يوثقون استهداف طاي?رات الاحتلال لهم في رفح




.. مستوطنون ينهبون المساعدات المتجهة لغزة.. وتل أبيب تحقق