الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة العراقية وعنق الزجاجة

مهدي النجار

2007 / 4 / 22
المجتمع المدني


كنا نحن الذين نزعم الاشتغال في الثقافة نندهش من اولئك ابناء العهد الاستبدادي وهم فرحون في خيلائهم الزيتوني يمتطون صهوات الثقافة الرعناء ثقافة التهليل والتجهيل والتدمير والفساد كنا نطلق الحسرات على تلك الكتب الانيقة تستفزنا باغلفتها الفاتنة النزقة وهي محشوة بحروف تشبه براز الفئران،

نحسدهم على تلك الندوات والمؤتمرات الفارهة، الباذخة التي تصدح بها حناجرهم عبر اناشيدهم وقصائدهم وسجالاتهم المفعمة بالتمجيد والضلال سقطوا هم وايقونتهم الاستبدادية وخلفوا فينا قروحا كما لو انها من الاسمنت بقينا نتساءل كيف لم يتصدع المثقفون الحقيقيون امام ضغط الواقع الذي لا يطاق وكيف استطاعت نفوسهم مقاومة عالم القهر بكل ذاك الإباء وذاك التحكم بالنفس بعد سقوطهم ظلت هواجسنا الخائفة تتأمل المشهد الانفراجي الجديد بارواح تكاد تخرج من جلودها فرحا بالحرية، الحرية وسواها لا يقاس، هنا تكمن مفارقة المثقف بعشقه الظامئ للحرية لكن اية حرية تفجرت وسط الخراب الجميل (مفردة ادونيس) انها حرية مرة تشبه طعم الحنظل، حرية منقوصة تفجرت حين حلت المفسدة الاحتلالية محل المفسدة الاستبدادية واثناءها تفاقم هيجان الفساد والافساد الاخلاقي والاداري والسياسي وتصاعد اجتياح (الحواسم) وانتشرت روائح الفضائح المالية والتهتكات والرذائل الاجتماعية بجانب التقتيل والتذبيح الذي فرش الارهاب من خلاله جناحيه مثل كاسر ينهش جسد الوطن.
رغم ان الزمن، زمن الخراب الجميل لم يتح فرصة كي تصحح ثقافتنا الوطنية مساراتها فهي كما يبدو ومحبوسة بزجاجة الماضي المعتم والحاضر المشوش سواء على مستوى انتاج او على مستوى فاعلين فعلى الصعيد الاول ظهرت تخليطات خطيرة وواسعة الانتشار تختزل الثقافة برمتها في انشطة الادب (الشعر، القصة، النقد الادبي..) حتى يبدو الامر كما لو ان المثقف هو الشاعر او القاص معتمدا على مرجعياته الادبية، في حين يتطلب الامر انشغال المثقف (كذلك الاديب) بمستويات معرفية اخرى يؤسس عليها خطاباته وابداعاته ومواهبه، مستويات مثل فحص ونقد التاريخ والتراثات والفلسفات، مستويات اجتراح مناهج جديدة للتفكيروالانتاج المعرفي، مستويات الغوص باعماق النفس البشرية... احد التخليطات الاخرى المصدعة لثقافتنا هي اختلاط السياسي بالثقافي، الاختلاط لا يعني التأثر والتأثير واتخاذ المواقف والانحياز. انما يعني ابتلاع وجهات نظر الفاعل الثقافي (المثقف) من قبل سلوكيات وممارسات الناشط السياسي وتهميشه او تذييله في حين هناك اختلاف جوهري بين الاثنين. الناشط السياسي ٍمعبئ جماهيري يواصل كفاحه عبر وسائله السياسية لتحقيق برنامج كيانه او منظمته في حين ينشط الفاعل الثقافي في استيلاد الجديد المعرفي سواء في حقل النظر وعالم الدلالة او في شبكات المفاهيم وآليات التفكير يفحص ويحلل ثقافة اجتماعه السالفة والراهنة ويفكك محتوياتها من اجل نقدها ووضعها تحت محل التساؤلات والشكوك.
على الصعيد الثاني، صعيد الفاعل الثقافي افرز الوضع الانفراجي الجديد ظواهر تدعو الى الاسى فاضافة الى تحول حداءات الثقافة الشرسة، بقدرة قادر الى حمامات وديعة تغني للديمقراطية وتشجب الانظمة الاستبدادية وتنادي بحقوق الانسان هكذا لتدخل من النوافذ مرة اخرى بعد ان طردت شر طردة من الابواب لتأخذ اماكن الصدر الودودة الى نفسها من جديد اضافة الى ذلك نلاحظ لعبة الكراسي السمجة التي بدأ الاخوة الجدد مظلومو البارحة يمارسونها على قاعدة (تنح لاجلس مكانك) بدأت هذه اللعبة بالظهور حين اجتاحت الرخويات الثقافية فضاءات الوزارة والاتحادات والاندية والصحافة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر