الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة حول التحقيب التاريخي المعتمد بالمقررات المغربية

حميد هيمة

2007 / 4 / 22
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تنبع أهمية التحقيب التاريخي، من الجانب المنهجي، في تأطير وتنظيم وقائع الماضي وفق تقسيمات زمنية، وفي إطار تسلسل موضوعي للزمن التاريخي يمكن المتعلم من التموقع السليم في الزمن، كما يساعده على توليد وعي تاريخي يسترشد به أفاقه الذاتية أو الجمعية للجماعة التي ينتمي إليها؛ سيما وإذا كان هذا التحقيب مستنبط من التجربة الذاتية لهذا الجماعة ومعبرا عن تطلعاتها وآمالها المستقبلية. فهل التحقيب التاريخي المعتمد بالكتاب المدرسي لمادة التاريخ يطابق تجربتنا التاريخية، ويعبر عن ذواتنا الآنية وتطلعاتنا الآتية؟

1.2- التحقيب الأوربي:
 نذكر على أن التاريخ المدرسي المغربي تلفق التحقيب الأوربي الثلاثي (قديم، وسيط، حديث) -الذي انبلج في خضم الصراع النهضوي ضد العصور القروسطوية؛ بحيث جعلت المدرسة الليبرالية التاريخ إحدى واجهات الصراع. وبذلك فإن التحقيب الثلاثي هو "أحد النتائج العلمية التي قام بها رواد النهضة الحديثة في أوربا". ويقسم التاريخ،بموجب التحقيب الثلاثي، إلى ثلاث حقب رئيسية، هي: التاريخ القديم، الوسيط، الحديث. وإذا كان هذا التقسيم يعبر عن التجربة الأوربية ويطابق مسيرتها التاريخية ،فإن إسقاطه على تاريخ شعوب أخرى ينجم عنه خلط ومغالطات عديدة ؛ف "المعنى الذي يثيره التاريخ القديم عند الإنسان الأوربي ليس هو نفسه الذي نجده عند الإنسان العربي" أو باقي الشعوب الأخرى ومنها شمال إفريقيا، وتتعمق هذا التناقضات الجوهرية بعدما ستتأسس الدولة الإسلامية وستتمكن من نشر ظلالها على شعوب عديدة اعتبر إرثها الحضاري السابق عن الإسلام: "بالجاهلية"؛ لذلك سعت إلى تصفيته عكس أوربا التي أسست مجدها الحديث بإحياء تراث أثينا وروما.
أما منطقة شمال إفريقيا فقد بقيت "منفعلة" بالتطورات السياسية والعسكرية سواء في أوربا على عهدي أثينا وروما، أو مع جيرانها في الشرق "الجزيرة العربية"، بل أن استقواء إحدى تلك القوتين غالبا ما كان يتم على حساب منطقة شمال إفريقيا. وهو ما يعني أن عصر المجد والنهضة الأوربية يقابلها في شمال إفريقيا عهد الخضوع والاستعمار. أما في علاقة المنطقة بالشرق الذي عرف تحولات ملفتة منذ ق 7 م؛ والتي جعلت من المنطقة "قاعدة / إقليم" لانطلاق الدولة الإسلامية إلى آفاق أخرى في إطار الفتوحات. ويصنف الإرث السابق عن لحظة الفتوحات "بالجاهلية أي حالة فوضوية ومظلمة"، بل إن للمغاربة- حسب ميشوبليير-"استغراب مستنكر عندما يراد الحديث عن عهد ما قبل الإسلام في بلادهم".

2.2- التحقيب العربي السلالي:
 أما فيما يتعلق بالتحقيب السلالي فقد حكم عليه بأنه "تحقيب عقيم تربويا ومتقادم تاريخيا"؛ فهذا التحقيب لا يساعد "على تقييم التجربة التاريخية... لأن ذلك لا يتأتى إلا عبر رسم منحنى الاستمرار والقطيعة لهذه المسيرة التاريخية، وهذا ما لا يمكن أن يفي به هذا التحقيب"

3.2- التحقيب الماركسي:

 إن النقد الموجه للتحقيب السابق يبدو أخف مقارنة مع النقد الذي جوبه به التحقيب الخماسي – الماركسي؛ الذي قسم التاريخ البشري إلى خمس مراحل أساسية اعتمادا على المادية التاريخية: 1- المشاعية البدائية بطوريها الأميسي والأبيسي، 2- النظام العبودي، 3- النظام الإقطاعي 4- النظام الرأسمالي، 5- النظام الاشتراكي كأفق مرحلي لتحقيق اليوتوبيا الشيوعية. ونظرا لصعوبة تعميم هذا التقسيم المعبر عن تطور التجربة الأوربية، ووعيا من "كار ماركس" و "فريدريك إنكلز" بالتطور غير المتطابق للشعوب، اهتدى الاثنان إلى ابتكار نمط الإنتاج الأسيوي. ونظرا ،أيضا ،لصعوبة تعميم هذا النمط، فقد حاولت بعض الاجتهادات الحديثة تجاوز هذه الصعوبات بالقيام بأبحاث علمية في أفق استخلاص نتائج علمية معبرة عن الواقع الملموس. وتمثل تجربة "سمير أمين" في اجتراح تصنيفات طبقية تعبر عن التطور المادي للمجتمعات العربية كما هو الحال في نمط الإنتاج الخراج.
علاوة على تجربة المرحوم "بول باسكون" الذي اجتهد في دحض أراء السوسيولوجية –الكولونيالية؛ التي اعتبرت أن نمط الإنتاج السائد في المغرب هو الإقطاع، لكن أبحاث "بول باسكون" خلصت إلى أن النمط السائد هو النمط القائدي.
ختاما، نشير إلى أنه يصعب التمييز في النقد الموجه للتحقيب الماركسي بين النقد الأكاديمي المؤسس علميا وبين النقد الإيديولوجي المتهافت !









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حديث إسرائيلي عن استمرار علمية رفح لمدة شهرين.. ما دلالات هذ


.. مجلس الأمن الدولي يعرب عن قلقه إزاء التقارير بشأن اكتشاف مقا




.. سلسلة غارات عنيفة تستهدف عدة منازل في شمال غزة


.. الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في رفح




.. الجيش الإسرائيلي يطالب بإخلاء مناطق جديدة في رفح وشمال غزة