الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من هو الله الرئيس؟

أيمن رمزي نخلة

2007 / 4 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


منذ أن وعيت على هذه الدنيا وجدت كل البشر، وجميع المخلوقات تتحدث عن سيدنا الرئيس، وكأنه الله ـ عز وجل ـ في سمائه، أو على أقل تقدير في عليائه.
فتجد كل المخلوقات يسمون الرئيس: فخامة الرئيس أو معالي الرئيس أو السيد الرئيس ، أي أننا عبيد له، يجب أن نقدم له السجود والخضوع، أو حتى التمجيد والتسبيح والإكرام والعزة والإكبار.
صور الرئيس في كل مكان
بداية كل يوم يجب أن نقدم لسيدنا الرئيس التعظيم، فهو العظيم أو الأعظم في ملكوت الناس. هيا قف أيها القارئ تعظيم سلام لله الرئيس. ألا تجد أمامك كل يوم ـ أينما وليت وجهك ـ صورة الله الرئيس معلقة في كل مكان بجوارها علم البلاد. يعني هذا أن جميع الخراف العباد في رقبة الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الرعية، الذي لا ينعس ولا ينام من أجل الرعية، راعينا الهمام الأكبر لم يأخذ إجازة طوال عشرات السنين من حكمه لمخلوقاته. من غيره يرعى الرعية.
من أعمال الله الرئيس الفادي
راعينا الفالح الذي يفهم ويعي ما هو الأفضل، قد يرى مثلاً أن الذبح قتلاً في قطارات الموت أفضل من الموت جوعاً لرعيته في شمال وصعيد البلاد، ألسنا كلنا غنمه وما يحسن في عينيه يفعل. قد يكون القتل رحمة عن طريق إهمال المستشفيات أفضل من انتشار المرض الخبيث المسمى السرطان أو الفشل الكلوي أو الفشل الكبدي في جميع أجزاء جسد الرعية.
أحياناً الله الرئيس يسمي التضحية ببعض الخراف في سفن السلام وإهمال وفساد قطاع النقل البحري، هذا فداء من أجل الرعية التقية الصامتة الصامدة أمام المياه الملوثة التي تأتي من سماء الله الرئيس. إن لسان حال الله الرئيس بعد ذبح المئات نيابة عن الملايين: لقد فديناهم بذبح عظيم.
إنه الله الرئيس وما يحسن في عينيه يفعله، هو فوق الحساب والدين، فهو مالك يوم الدين وإياه نستعين من الآن وإلي نهاية الزمان.
الله الرئيس الأول والخالق
بداية السيد رئيس التحرير بما يمتلك من سلطات المنع والحذف، وبما يملكه من هبات وعطايا يرزقها لمن يشاء بغير حساب. له الحق في حذف أو إلغاء ما أكتبه. فنحن في زمن الله الرئيس، أو الرئيس الله. لابد من أخذ موافقة السيد رئيس التحرير الله لكي تخلق الفكرة. فهو الخالق الأوحد بحكم أنه المسئول عن تحرير كل المقالات، ويجب أن تكون المقالات على هواه فهو الذي يُحي من يشاء ويميت من يشاء. الله رئيس التحرير يجعل من يشاء محررا حياً ومن يشاء قارئ ميتاً لا قيمة ولا صوت له.
والخالق مميت ـ أليس الذي يخلقنا من حقه إماتتنا ـ فالله رئيس التحرير الخالق يقدر أن يعتقل ويسجن ويسحل ويسحق ويطرد ويميت أي كاتب يفكر في أن يخلق مقالة بعيد عن كون الله الرئيس هو المسئول الأول والأوحد والمنزه عن الخطأ، فهو المعصوم جل جلاله.
مساعدي الله الرئيس وكلماته
وكما يخلق الله ما يشاء فإنه يختار ما كان لهم الخيرة من وجهة نظره. فهو الذي يبني حاشيته لكي لا يقولوا لا، لكي لا يفكروا له، لكن ينفذون أوامره، ما ينطقه هو الوحي الموحى، وما ينطق عن الهوى.
إن حاشية الله الرئيس، أو حاملي العرش الأعلى هم أياديه الطاهرة التي تقتل المعارضين له، لكي تنظف الأرض من الكلاب الضالة المسعورة التي تنهش في أعراض المخلوقات. ملائكة الله الرئيس المساعدين له هم سيفه البتار التقي النقي الذي ينقي ألسنة وكتب المفكرين من شوائب التفكير. فلا تفكير يعلو على فكر الله الرئيس. لا يجب أن تفكر في الله لكي لا تكون كافر، هكذا تعلمنا وتربينا من الطفولة وحتى الكبر.
شعار مساعدي الله الرئيس للرعية البقية: "لا يُسألُ عما يفعل وهم يُسْألُون"
يمكر الشعب، وتتمرد الرعية، لكن الله الرئيس خير الماكرين.
الله الرئيس باعتباره خالق ومميت وهو رجل السياسة الأول، فتجده يحاور ويناور ويجادل، وما يفعله خلف الستار ـ مع ما يسميهم الأعداء الأشرار المفسدين ـ من اتفاقيات ومعاهدات اقتصاد ومبادلات سياسية واحتلال وموافقة على استمرار الاستعمار، تجده على الجانب الأخر يعلن قولا يختلف كليا وجزئيا عن تلك الأفعال الخفية.
والله الرئيس دائما يبث الأمل وسط مخلوقاته الحياء الذين يعيشون وسط المقابر، أو وسط عشش الصفيح، فتجده يزرع الآمال العريضة الكاذبة عن فرص العمل الوهمية أو المصانع الهلامية، مع بيع المصانع والأعمال والمشاريع الموجودة التي أفسدتها حكمته الإلهية السامية اللاهية، إنها الأحلام الوردية بمستقبل مشرق. دائما يا أخي لمدة عشرات السنين تسمع: أوعدكم يا خرافي الأعزاء يا عبادي الصامدين المذلين الصابرين بمستقبل مشرق وحرية واضحة، وكأن كل السنين التي قضاها هؤلاء العبيد تحت حكم نفس الله الرئيس ظلام وظلم.
حقا لا تملك الرعية وجميع المخلوقات إلا أن تقول: مبارك المستقبل السعيد، يا جمال المستقبل المنير.
وآه حين تتمرد الرعية، أو تمكر فسيكون الله الرئيس خير الماكرين، ويذهبون إلى خلف شمس الحرية، إلى ظلام وغياهب السجون القبور، ونعم النهاية: أكل ومرعى وقلة صنعة، أو عذاب أبدي مع الثعابين القرعاء الرقعاء المسماة مجازا أمن الدولة.
الله الرئيس المهيمن الجبار.
ألا يمتلك الله جهاز مخابرات، أو ما يسمونه المباحث، وفي قول آخر المخابرات، وأحيانا أمن الدولة الذي يعرف دبة النملة كما يقولون. هذا الجهاز يعرف كل ما نعمل وما نفكر أن نعمله ـ أليس هو جهاز كاشف الأسرار وعلام الغيوب وقارئ ما في الصدور ـ إنه القادر سبحانه على تكميم الأفواه وطرد المفكرين وتكفير العقول المستنيرة بحجة الحفاظ على أمن الدولة العليا.
الله الرئيس الرحمن الرحيم
حين يتخذ السيد الرئيس من عائلة فقيرة معدمة ـ وهم ما أكثرهم بالملايين ـ ويساعدهم ويستعرض عضلاته في أن يكون المنان والحنان عليهم ليكون كما يجب أن يقولوا العبيد أو المرءوسين الرئيس الأب.
حين يُنجح طالبة ـ عبرت عن رأيها، فجعلوها راسبة ـ لكي تُسبح باسمه ليل نهار أبواقه الرنانة وأجهزته الزنانة: كنت خير البرية يا رحمن يا رحيم.
الله الرئيس هو على كل شيء قدير
هو الأول والأخر. هو صاحب إصدار القرار الأول فهو الخالق، وإليه يرجع ما تم عمله بعد اتخاذ القرار فلا محاسب إلا هو، ولا متابع إلا هو له الملك وله الحمد. جيشه الوفي وأمنه الخاص وأجهزته الرقابية الكاشفة للفساد بعد استشرائه والضابطة للحرامية الكبار بعد هروبهم بملايين العبيد المطحونين.
وحدوه، سبحوه، عظموه، اسجدوا إكراما وإجلالا لله الرئيس. لقد كشف الحرامية الحيتان بعد هروبهم. تصفيق حاد وبشدة من فضلك وإلا اعتقلتك أجهزة التصفيق والمديح.
إن كل مشكلة عويصة أو مستحيلة في ظاهرها عن الحل يكون الشعار: اذهب إلى السيد الرئيس الله لأنه هو القادر على كل شيء.
أخيرا!! هل عرفت من هو الله الرئيس؟
تحذير:
عُرض هذا المقال علي بعض الرعية التقية فخافت من مجرد القراءة. والبعض الأخر من المخلوقات ابدي استحسانا وتلذذا من استعباد وذل المذل الله الرئيس. والبعض الأخر كاد أن يشارك الله الرئيس طغيانه وجبروته ويحرمني من الحياة الأفضل(الطعام المسرطن والمياه الملوثة أو حتى مجرد التنفس) التي وهبني إياها الله الرئيس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 127-An-Nisa


.. -نفقد هويتنا كيهود وبشر-.. عامي أيالون يعلق على صور -سيلفي-




.. الجنايات الكويتية تقضي بحبس نائب مقرب من الإخوان بتهمة التدخ


.. استهدفت مركز شرطة وكنيسة أرثوذكسية ومعبد يهودي.. من يقف وراء




.. 122-An-Nisa