الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطالب الأشد عنفاً - الجزء الثاني

ناهده محمد علي

2007 / 4 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


على ضوء احداث اطلاق الرصاص في جامعة فرجينيا الامريكية

وقد اشتكى بعض الطلاب النيوزيلنديين ايضاً [من انهم يتعرضون لتعذيب الوالدين وللعنف باشكال قاسية جداً مثل إطفاء السكاير على جلودهم وصب الماء الحارق وإصابتهم بالكدمات المختلفة، وتختلف اساليب الارهاب الممارس عليهم من الارهاب الجسدي والنفسي الى الجنسي مع أن القانون النيوزيلندي يُحرم ممارسة العنف ضد الاطفال]46.

ان ممارسة التعذيب الجسدي للاطفال والمراهقين قد يكون نتيجه لطفوله تعيسه للوالدين أو لظروف إجتماعيه صعبه لكن هذا لايبرر الممارسات الشنيعه المرتكبه، ولايرتبط التعذيب البدني والارهاب للابناء بالعقاب المعنوي الشديد حيث ينطلق الاخير من رغبة الوالدين الصادقه في التوجيه والارشاد بعد استنفاذ الاساليب التربويه الاخرى مع وجود بناء عائلي متراص لاثغرات فيه، ولايعاني الابناء هنا من الفراغ الروحي أو الاهمال من قبل الوالدين.

إن اساليب التعذيب المذكوره قد اخذت بالانتشار والتي ترتكز كما ذكرت على اسس هشه من العلاقات العائليه المفككه والرغبه في التخلص السريع من المسؤوليه الملقاة على عاتق الوالدين، وكثيراً مايكون هؤلاء الابناء غير مرغوب بهم منذ ولادتهم ويُحمَّل الوالدين الابناء اسباب تعاستهم وفشلهم في مجالات الحياة،وكثيراً مايكون هؤلاء الابناء ثمرة علاقات سريعه لهذا يحمل هؤلاء الابناء أعباء حياتهم لوحدهم في سنين مبكره وقد نجدهم بدون مأوى أوخارج نطاق التعليم المدرسي، ويمكن للقارئ أن يتخيل المخاطر التي يتعرض لها هؤلاء المراهقين ليصبحوا بالضروره ممارسين فعليين للعُنف. ان الانهيارات الملاحظه في العائله الامريكيه والاوربيه بشكل عام لم تؤثر فقط على العناصر الضعيفه والتي هي الاطفال والمراهقين بل أثرت ايضاً على أجزاء اخرى من العائله تعتبر ايضاً غير قادره على الكفايه الاقتصاديه وهم المسنين والذين تنبذهم هذه العوائل وتتولى مؤسسات خاصة رعايتهم وهي دور الرعاية الاجتماعيه، وهكذا تعاني هذه العوائل من فقدان عناصرها بالاضافة الى فقدان التقاليد والقيّم التي يحملها الاجداد للاحفاد والتي تحافظ على الاخلاق العريقه للعائله والروابط العائليه، وهكذا يكتسب الشباب قيمه الجديده الغير مرتبطه بأي قيم قديمه وأصيله تقدس العائله والاواصر العائليه، ويقيم هؤلاء الشباب ثقافه جديده لاجذور لها. ونلاحظ في نيوزيلند [ان الكثير من كبار السن ترعاهم الدوله وترفضهم عوائلهم ويوضعون في دور الرعايه الاجتماعيه للمسنين]47. وتلعب الثقافه الجديده والتي انتجها الجيل الجديد من الشباب في كل مجالات الحياة دوراً كبيراً في خلق الجدار بين الجيل السابق والجيل الحالي. ونتيجه لتصورات الشباب نحو الثقافه والفلسفه الجديده [انتج الشباب قيّم وثقافه خاصه بهم منذ بداية 1950 حيث بدأت موسيقى الروك وكان هذا الاتجاه قد خلق النفور بين الكبار والشباب وهذه الثقافه الجديده لم تشمل الموسيقى فقط لكن شملت اللغه والملابس والسلوك، وان امتلاك هذه الثقافه وضع متطلبات جديده للمراهق لكي يكون منتجاً، ويُطالب هنا الكبار بأن يكونوا نموذجاً يُقتدى من قبل الشباب، لكن انبثاق الثقافه الجديده وازدياد المتطلبات الثقافيه قد ازاح الكبار عن مسؤوليتهم الثقافيه وهو في الحقيقه ليس راحه حقيقيه لمجتمع الكبار بل سبب الكثير من المتاعب]48.

ان القيم القديمه والتي لاتزال حيّه بوجود الجيل السابق تتطاحن مع وجود القيّم الجديده والتي انتجها الجيل الجديد والتي تتعارض في نواحي كثيره مع القيّم القديمه، ويأخذ الطلاب المكانه البارزه في هذه الثقافه حيث تنطبع ثقافتهم على أطر السلوك واللغه والموسيقى والملابس واسلوب تفكير الطالب، وتنتقل هذه الافكار والقيم الجديده عبر المجلات والافلام والكتب ووسائل الاعلام الاخرى الى كل انحاء العالم، وتنتقل على شكل كاسيتات الموسيقى الحديثة وعلى صفحات المجلات الشبابيه وفي تقليعات الملابس والتي تأخذ طابعاً متميزاً وغريباً وهذا كما ذكرت ينتقل حتى الى الدول المتخلفه والناميه ويُعتبر ثقافه مستورده وتصل علىشكل موجات لايقاومها الشباب هناك وقد تؤثر بشكل عميق في تغيير قيّم الشباب في هذه الدول وتسبب مشاكل اجتماعيه كثيره، وتُبدد جهود الشباب وطاقاتهم في سلوك لامبرر ولاضروره له خاصة في فترات البناء الاجتماعي. ان افلام الجريمه والعُنف تقود حتماً الى سلوك العُنف والجريمه لدى الكثير من الشباب وتؤثر تأثيراً مباشراً على شخصيات المراهقين بسبب رغبتهم في التقليد وتلبُّس شخصيات ابطال الافلام وهذا ماتفعله الموسيقى الصاخبه أيضاً والتي تدفع الى تشنج وتوتر في أحاسيس واعصاب المراهقين وقد تدفع ايضاً الى التنفيس عن هذا التشنج عن طريق سلوكيات متشنجه أيضاً في البيت وفي المدرسه. وتلعب الموسيقى الهادئه( الكلاسيك) دوراً معاكساً فهي تدفع الى الاسترخاء وحب الجمال والى صقل الاحاسيس، ويظهر هنا الاختلاف الواضح في كل اجزاء الثقافه القديمه والتي تميل الى نبذ العُنف كأسلوب للحياة وبين الثقافه الجديده والتي تضع اساليباً عنيفه لكل مجالات الحياة.

وتلعب الصناعات الغذائيه الحديثه دوراً في تشديد التوتر الاخلاقي، ونحن نلاحظ انتشار المنشطات بين طلاب المدارس وهي تباع كأنواع مختلفه للعصير وبماركات مختلفه ويوضع عليها عبارات مختلفه مثل "محفزه" أو "مجدده للطاقه"، كما نلاحظ التأثيرات السلبيه لمستحضرات إزالة السمنه والتي تباع بأشكال مختلفه وهي تشكل ضغطاً على اعصاب الشباب وصحتهم لغرض الظهور بالمظهر اللائق وحرمان اجسامهم في دور النمو من الاغذيه اللازمه.

ان مكونات وجزئيات الثقافه الجديده قد ساعدت على المزيد من الضغط والمزيد من المتطلبات الماديه لوضع النموذج الكامل للانسان الحديث في حين انه في الحقيقه فقدان للمقومات الانسانيه حتى يصبح هذا الشاب نسخه من الكومبيوتر الذي يوجهه ويستمد منه معلوماته وتربيته ويتحول شيئاً فشيئاً الى كتله جامدة الاحاسيس وفاقده للمشاعر الانسانيه. ان فقدان القدوه في البيت والعائله والبحث عنها في اماكن اخرى له اسباب كثيره بالنسبه للشباب ومنها ان المسافه قد اصبحت كبيره بين الجيل الحالي والجيل القديم ، وليس المشكله هنا في تغييرات الثقافه الجديده فقط بل بهذا الفراغ بين الجيلين، ولهذا أيضاً اسبابه فالمشاكل التي يعاني منها الوالدين كثيره وخاصةً مشاكل العلاقات الزوجيه المحطمه والتي ساعدت على هدم العائله القديمه.

ان نماذج الاهمال بالنسبه للوالدين كثيره في المجتمع الاوربي والامريكي، ونلاحظ ان اهمال الأب قد يشكل فوضى في بناء شخصية الابناء لكن اهمال الأم هو مدمر لكيان الابناء. ولقد ضربت أمثله لنساء يعانين من المرض والادمان والاهمال المتعمد وكيف انه قد شكل تدميراً لحياة الابناء، وقد سهل هذا الكثير من المشاكل الاجتماعيه المعروفه الان في المجتمعات المتحضره كالأغتصاب والقتل.

ولو عدنا الى محورنا الاساسي وهو الطالب المراهق والشباب والذي يحمل في داخله بذور تدمير المجتمع الذي أنتجه سنلاحظ ان مشاكل هذا الطالب تتعلق تعلقاً كبيراً بمشاكل الوالدين. ان فتره المراهقه كما هو معروف هي فترة الغضب وعدم الرضى وتزداد هذه الحاله في حالة وجود مشاكل مستعصية الحلول مثل انفصال الوالدين أو فقدان الاب البايولوجي أو وقوع الشاب في بيئه فاسده وغير صالحه لنضوجه العقلي والبدني. لقد دعى الكثير من الباحثين الاجتماعيين الى اتخاذ الحل المنطقي أمام غضب الشباب وعدم وضعهم في السجون واستخدام اسلوب النقاش والاقناع وكان على رأس هؤلاء الباحثين، الباحث الامريكي المعروف الدكتور "جون كري" والذي كانت كتبه ذات رواج كبير في المجتمع الامريكي وخاصةً كتابه "الرجل من مارس والمرأه من فينوس" والذي يبحث في مشاكل العلاقات العائليه. ولقد دعا الباحث " كري" الى ايقاف وضع الشباب الفوضوي في السجون لأنها تسئ اليهم وتدفعهم الى المزيد من الفوضى، لكن الواقع ان مثل هذه الدعوات تؤدي الى تساهل الشباب مع انفسهم وخلق آلاف المنحرفين الذين يتركون المدرسه الى الشارع والى تجارة المخدرات والسرقات، كما ان حرية السلوك هذه اثبتت بأنها طريق غير ناجح إذ يزداد تخبطهم مع اختزان كم من الغضب والحقد على الوالدين الذين لم يقدما لهم النصح والارشاد في الوقت المناسب، ومن الواضح كما ذكرت ان العائله الاوربيه المعاصره بدأت تتخلى عن مسؤولياتها بالتدريج ابتداءً من مسؤولياتها الماديه نحو الابناء ثم مسؤولياتها المعنويه والتي ترتكز على منح الخبره السابقه لجيل الآباء ونقلها الى جيل الابناء لحمايتهم من الهفوات والتي تكاد تكلفهـم حيـاتهم أحيـاناً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يترأس اجتماعا بمشاركة غالانت ومسؤولين آخرين


.. متحدث باسم حماس لـ-سكاي نيوز عربية-: إسرائيل ما زالت ترفض ال




.. بعد فشل الوساطات.. استمرار التصعيد بين حزب الله وإسرائيل| #غ


.. المراكب تصبح وسيلة تنقل السكان في مناطق واسعة بالهند جراء ال




.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه