الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلاميون وشرعنة الفساد

جمال حامد الناصري

2007 / 4 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لم أكن من المتبحرين بتعاليم الدين ولا من المتنورين المتفيقهين ادعياء التقوى والتشريع لكن علمتني الحياة على بساطتها بامور ديني ودنياي فتلمست بالتقليد والمعرفه والعرف الاجتماعي مفاهيم ومبادئ وقيم تتسامى برفعتها ومنزلتها لتنقلنا إلى ملكوت مثالي طوباوي يتعسر علينا تطبيقه او الولوج إلى لبابه فنكتفي بالقشور منه ونترك الفحوى والمضمون .
فالمستحب والمكروه والمنهي عنه بتحفظ والمحرم والخطء والصواب والعقاب والثواب .كلها مفاهيم ومبادئ وقيم سماويه اجتمعت عليها الرسالات وكتب الابياء وجعلتها من اولوياتها ورؤس اقلامها بشكل واضح وصريح لايدخله الشك ولا يدانيه التاءويل والتظليل .
واقتطع من بين تلك المحرمات التي نصت عليها الاديان وبشكل فاقع موضوع السرقه او مايصطلح عليه في زمن العولمه والثقافات الحديثه بالفساد الاداري والمالي حيث وجدت كل التعاليم والمبادئ السماويه تركز وبشكل واضح لايقبل التحريف والالتواء إن السرقه محرمه الاهيا ومثبته بنصوص قاطعه في اغلب الرسالات السماويه وليس هذا فحسب وانما مقرونة بعقوبة قاسيه تصل إلى حد الموت. فالانسان المؤمن بالدين وتعاليم ماانزل عليه ربه من خلال رسله وانبيائه وجب عليه شرعا الاقتفاء و الاقتداء بتلك المبادئ وتطبيقها حرفيا. إن صح دينه في ضميره وقلبه واذا ما راوغ او حاول الالتفاف على تلك التعاليم والمحرمات ليسوغ لنفسه الانقياد وراء دنائتها وضعفها في السرقه والفساد يعني انه خرج عن ملته ودينه وعصى اوامر ولاءات ربه وبالتالي لاتقبل منه إن يدعي انه متدين او انه مؤمن فينزل منزلة غيره ممن لم يدخل الايمان إلى قلوبهم او يؤمنو بتعاليم ومبادئ ربهم السماويه ,ويصبح تصرفه ومظهره وادعاءاته كذب وخداع وزيف .فمثلا قاطع الصلاه وهي الركيزه الاساسيه في الدين لا تختلف عند الله في الحساب مع السارق فكلاهما نص عليهما الاله ونهى العبد عن اقترافهما فلا يمكننا تجزأت الدين وتعاليمه وفق مقاساتنا و على هوانا ورغباتنا نأخذ منه فقرات تتطابق مع مصالحنا ونهمل الاخرى لانها لاتتسق مع مانصبو إليه ويرضي مطامحنا وشهواتنا. واذ تبقى مقولة قاطع الصلاة لايشم رائحة الجنه والتي يرددها اخوتنا الاسلاميون وادعياء الدين مساويه إلى سارقو قوت الناس والتي نهر عنها الرب واقرنها بعقوبة فوريه في الدنيا وليس فقط في الاخره يعني عقوبه لاتقبل التأجيل والدفاع إلى حين او الانتظار إلى يوم الحشر كما هي في قاطع الصلاه فلا تستطيع القوانين الوضعيه معاقبة قاطع الصلاه اذ لاتوجد نصوص ولا تطبيقات توحي بهذا الخصوص وانما امر مؤجل يبت به الخالق وليس للمخلوق او لاي وسيط اخر دخل في قرار الحكم فالمرئ هو وربه يتفاصلان يوم الحساب بينما عقوبة السرقه تمتثل لوصايا الرب في قوانين البشر وتنفذ فوريا على السارق دون تسويف ومماطله (السارق والسارقه اقطعو ايديهما من خلاف) فضلا عن انها تتبعه إلى يوم الحشر بلا تخفيف او اعفاء والانسان المتدين المصلي الذي يؤدي فرائض الله يتعين عليه اطاعة ربه وهو يؤدي صلاته التي تفرض عليه و تنهاه عن الفحشاء والمنكر ومن ضمنها السرقه والفساد في المال العام الذي مرجعيته للناس جميعا والتي يقترفها الساجدون الراكعون لله في العلن والسارقون لله وخلقه في الخفاء.
معاذ الله إن يفسر قولي على اني قد تطاولت في تفسير نصوص ربي لكن هذا قدر فهمي من إن الله خالقي وخالق الناس جميعا لايرحم المدلس المرائي في دينه الذي يسوق لنفسه محاربة خلق الله بالضد من وصايا وتعاليم الله .
الا اذا اجتهد اخواننا المتدينون والاسلاميون واستطاعو التحريف والتلاعب بنصوص وتعاليم الدين وشرعنو السرقه وجعلوها من باب الحلال عند الله وبالتالي هذا الاجراء سينسحب على بقية القيم والتعاليم السماويه الاخرى وسيستطيع أي مرجع او رجل دين او مسؤل حزبي او حكومي إن يغير من تلك النصوص السماويه ويجعلها تتوائم مع نزواته ورغباته واطماعه وبالتالي ستنعكس على قوانيننا الوضعيه المستوحات اغلبها من قيم ومبادئ السماء .
فالسرقه والنهب والزنى والكذب ميول ورغبات مستورة و مكبوته داخل النفسس الانسانيه بفعل التحريم والعرف العام.وهي تحناج إلى من يعطيها المتنفس او البصيص حتى تظهر بشكلها الفاقع الفاضح.
من الملاحظ إن اغلب الاحزاب والتيارات الاصوليه والسلفيه تتاجر بالسرقه والفساد وبيع الموت سواء من خلال بيع المخدرات وسرقة ونهب المال العام والخاص او من غسيل الاموال . وتعتبر ذلك من الرزق الحلال وكاءن الرب امرهم على اتباعه .
فمثلا حركة حزب الله تتاجرببيع الحشيش وبقية المخدرات وهي من المسكرات التي حرمها الله في كتابه وتعتبر تجارتها موردا ماليا يدر دخلا كبيرا لا يستهان به على ميزانيتها .حيث تصدرها وحسب ادعائها إلى من يتعاطاها في الغرب الكافر وبالتالي فهي حلال ورزق مشروع لا لبس فيه . وزراعة المخدرات منتشره وبشكل سافر في الجنوب اللبناني ومنطقة البقاع بالذات .ولا تختلف عنها حركة طالبان وهي حركة سلفيه اسلاميه ففي أيام مجدها وعندما كانت في اوج سلطتها كانت جل الواردات الماليه في دولة افغانستان يتأتى مما تصدره وتنتجه الحركه والشعب الافغاني من الحشيش والافيون وغيرها من المخدرات .
والارهاب الذي يعم العالم باسره نابع من منبت اسلامي سلفي متشدد يرى نفسه القيم والمتوكل على دين الله وانهم الورثه الصالحون في بقية الله على الارض وان الخليقه تتعض وتسري على هديهم وارشادهم واي خروج عن مسلكهم خروج على قيم وتعاليم الاله ومن هذا المنطلق الاستبدادي التعسفي اباحو لانفسهم الفتك والهتك بعباد الله وكيف ما يشاؤن . فهي الاخرى تغذي احزابها وحركاتها باموال وموارد السحت الحرام الذي يرد من السرقه والسطو على البنوك والاتجار بالمواد الممنوعه والسامه ومن غسيل الاموال غير المشروع الناتج عن التزوير وبيع المخدرات وبكل ما تجود به قرائحهم من تفنن وغش واستلاب قسري للاموال .وبذلك تديم وجودها وترعرعها وانتشارها وبهذا الزخم الهائل من الامكانيات البشريه واللوجستيه ومن آلة دمار عسكريه تضاهي دول باسرها .والتي اوصلتهم حتى إلى شراء النفس التي حرم الله قتلها الا بالحق لتكون لهم آلة طيعة صماء يفخخوها لتنفجر في أي مكان يشاؤن بين عباد الله وخلقه .
واذا كانت الدوله العراقيه الحاليه وسلطتها المتمثله والغالبه بالقيادات والاحزاب الاسلاميه مشغوله وقلقه ومسخره كل امكانياتها وآلاتها العسكريه والمدنيه مع حليفتها امريكا وبقية دول التحالف في محاولة جاهده للقضاء على الارهاب واجتنثاث جذوره ومنابعه . الا انها بالمقابل تغض نظرها وترخي العنان إلى الارهاب المالي والفساد الاداري المدمر الذي يستشري ويتفاقم يوما بعد اخر في مفاصل الدوله وعروقها وهذ الارهاب لايقل في خطره وتدميره عن الارهاب المسلح الذي تناضل من اجل القضاء عليه .
فسرقة المال العام واهدار ثروات الشعب وتبذير موارده وامكانياته الماديه والتلاعب برزق المواطن ولقمة عيشه في امور خاصه لاتمت للمواطن بصله ولا تقدم دعما خدميا ونفعي ينعكس على حياته ومستوى عيشته. الا تعتبر هذه التصرفات والاجرآت حربا عبثيه معلنة ومباشره للمواطن العراقي العادي الذي ابتلى اصلا بنار الارهاب العسكري وبجحيمه ودماره وما يزهقه من الارواح البريئه المسالمه إلى محرقة الموت اليومي .والتي تضع الدوله كل ثقلها وامكانياتها من اجل محاربته والقضاء عليه .فلماذا السكوت عن الارهاب الذي يمتص ويبتز قوت المواطن ويشل خدماته وطاقاته وبناه التحتيه.
ألان المعنين به هم المسؤلون عن ادراة الدوله وبيدهم مصدر القرار والسلطه وهم المنتفعين الاولين من سرقة المال العام ولكي لاتطالهم المسؤليه عن هذه السرقه والتبذير يغطوها بكل ما اءوتو من حيلة ودهاء ومكر وقوه لانهم المتنفذين وبيدهم خيوط اللعبه الرئيسيه اما الشعب الوادع المسكين فلا حراك او تأثير له وليذهب إلى الجوع و الجحيم طالما هؤلاء المتنفذين بخير وتمتلئ بطونهم وخزائنهم وتتوسع ارصدتهم وليضمنو مستقبلا وافر وثير لابنائهم وعوائلهم على حساب ابن الشعب الذي جاؤ زورا وبهتانا باسمه ورفع الحيف والمظلوميه عن كاهله .
والامر المخجل الذي يندى له الضمير الحي إن ما يحدث من سرقات وتبديد غير منصف للثروه يحدث تحت سمع وبصر كبار مسؤلي الدوله ومن اعلى سلطة تنفيذيه وكاءن الدوله هي بالاساس راعية لهذا النوع الخطر من الارهاب .فعندما لايتخذ أي اجراء ومحاسبه بصصد أي قضية سرقه واختلاس تصل إلى سمع المسؤل الاول سواء عن طريق هياءة النزاهه او الرقابه او المجالس التحقيقيه او حتى تنشر بشكل علني ومن على وسائل الاعلام ولكن دون أي جدوى او اتخاذ قرار صارم او حتى باحالتها إلى المحاكم المختصه بل الانكى من ذلك إن هناك اوامر صدرت إلى هيئة النزاهه بعدم ترويج او متابعة قضايا الفساد الاداري التي تخص الوزراء وذلك وفقا للماده 136 وكاءن الوزير معصوم عن السرقه والخطاء وهذا تستر واضح للسرقه وتشجيع على اقترافها من قبل حتى الوزراء انفسهم وهو الحاصل فعلا فهناك اكثر من 17 قضية فساد اداري وسرقه قام بها وزراء في ثلاث مراحل وزاريه والان مجمده استنادا إلى تلك الاوامر.

الا يعني إن دولتنا تشرعن السرقه وتشجع عليها فمن امن العقوبه اساء التصرف لهذا يستفحل الفساد الادراي وتزداد السرقات وتتفشى يوما بعد يوم وان أي ميزانيه عموميه ترصدها الدوله وتتبجح بها لاتثلج وتفرح المواطن العادي لاءن مرجعيتها حسب المنظور السائد تستدل طريقها حيث تذهب إلى جيوب الحراميه والسراق من وزراء وموظفين كبار بطريق مباشر او عن طريق ملتوي . فالوزير له كامل الصلاحيه بايقاف أي متابعة اختلا س وتزوير او سرقه يضبطها المفتش العام ظمن وزارته لاءن هذا المفتش من الناحيه الاداريه مرتبط بالوزير مباشرة وليس بهيئة النزاهه او الرقابه التي يرفع تقاريره اليها . واذا ماكان الوزير من نفس الدنائه والخسه التي ينغمر بها الموظف او المسؤل الكبير في الدائره وربما يكون الشريك المتظامن مع سيادة الوزير في المحصول فكيف نتصور انه لايغطي عيوب وسرقات موظفيه وكيف يسمح للمفتش العام ولمن يعنيه الامر برفع دعاوى وشكوى السرقه والاختلاس ويمررها من خلاله .
ناهيك عن السرقات الكبيره والعلنيه التي تقوم بها الاحزاب السياسيه المتنفذه في المحافظات حيث تحول مجالس الاعمار في المحافظات إلى شركاء متضامنين مع الاحزاب المتنفذه التي استحالت بفعل الطمع والشراهه إلى مقاولين رئيسين ثم البيع إلى مقاولين ثانوين وهكذا دواليك ليصل المشروع الاعماري والخدمي المرصود له مبالغ طائله من قبل الدوله وضمن ميزانيتها وخطتها السنويه للاعمار ليصل في الانجاز النهائي إلى الربع عما هو مخطط ومرسوم ومرصود له من مبالغ .والباقي يذهب هدرا إلى جيوب الاحزاب وبعض المسؤلين في مجالس المحافظات والمنفذين وشركائهم . لهذا يصعب عليك إن تجد بناء خدميا او مشروعا اقتصاديا حسب المواصفات والمخططات التي اعدت ورصدت الاموال على ضوئها .كلها مبنيه على الغش والتحايل والاعم الاغلب متضامن في السرقه واي موظف او مواطن ينبس ببنة شفه او يتسائل عن أي جدوى وتقصير في عمل معين لايجد له ولعائلته مكانا على وجه البسيطه لذا يفضل الكثير من المخلصين والوطنين اللوذ بالصمت على إن تذهب ارواحهم وعوائلهم جفاء منثورى .
علما إن اغلب الاحزاب ذات النفوذ الواسع والمؤثر في الدوله تجد نفسها شريكا فعليا بممتلكات الدوله وثرواتها لان تسلطها وقوتها يخلقان هذا الشعور .فتصدير النفط ومشتقاته يهرب من قبل الاحزاب مباشرة ومن انابيب التصدير حيث تنشاء بيوت فوق الانابيب وتنصب عليها مضخات لشفط النفط من الانبوب قبل وصوله إلى مراكز التحميل واذا ما استفحل الامر وفاحت روائحه النتنه تكتفي الدوله وسلطتها بالمراقبه دون إن تحرك ساكنا يزعج الحزب ورئيسه .

ولا تحتاج هذه الاحزاب إلى أي عناء وجهد في سرقة المال العام والمتاجره به طالما بيدها المسؤليه وان وزرائها هم المتنفذين وبيدهم مصدر قرار الحكم والدوله .
ناهيك عن اعادة تصدير الوقود المستورد وبملاين الدولارات وبيعه وباثمان رخيصه إلى دول الجوار او نفس الدول المصدره من خلال التعامل مع مراكز الكمارك الحدوديه التي تدعي إن الشاحنات تمر خارجة مفرغه من حمولتها وهي ممتلئه بنفس الوقود المستورد وبكميته الداخله للوطن إلى إن بلغ مجمل السرقات ومن وزارة النفط فقط ثمان مليارات دولار حسب ما صرح به مسؤل هيئة النزاهه. طبعا تهريب النفط لايخضع إلى هذا الرقم لكونه غير منظور .وايضا ليس هناك ماينبئ بان السلطه ستتعمق بالتدقيق ومتابعة المليارات التي اريقت واختفت وارجاعها إلى نصابها الصحيح .
إلى ما هنالك من امثله لا حصر لها يزخر بها النظام العراقي الجديد في تفننه وبراعته وذكائه اللامتناهي في سرقة وتبديد ثروة شعبه ووطنه حيث اضحى العراق من اوائل الدول في الفساد الاداري والمالي لهذا يبقى العراق متخلفا يعمه الخراب والدمار والتراجع إلى الوراء طالما بقت هذه الرموز والتراكيب الطفيليه الفاقده لادنى شعور بالوطنيه والمسؤليه المخلصه والنبيله تجاه شعبها ووطنها .
وللحديث بقيه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 110-Al-Baqarah


.. لحظة الاعتداء علي فتاة مسلمة من مدرس جامعي أمريكي ماذا فعل




.. دار الإفتاء تعلن الخميس أول أيام شهر ذى القعدة


.. كل يوم - الكاتبة هند الضاوي: ‏لولا ما حدث في 7 أكتوبر..كنا س




.. تفاعلكم | القصة الكاملة لمقتل يهودي في الإسكندرية في مصر