الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرافعة اثينا الفصل الرابع تحققت مؤامرة اثينا بتهميش القانون 2-1

عبدالله اوجلان

2007 / 5 / 6
القضية الكردية


لا زلتُ على قناعة تامة بضرورة البحث والتدقيق في هذه المسألة، حيث كان يُرادُ لي الانزلاق والضياع الخفي في هذا الذهاب. لولا الدعوة لما حصل كل ما حصل من مجريات فيما بعد. إذ، وعندما لم تتبقَ هناك إمكانية البقاء في دمشق أكثر، كان بمستطاعي الذهاب إلىالمناطق الجبلية من الوطن، وإن كان ذلك سُيدخِل الشرق الأوسط في ضوائق جدية .

في مجيئي للمرة الثانية لعبتُ مساعَدات "ناغزاكيس" دوراً بارزاً، حيث قدَّمَ تضحية عظيمة باسم الصداقة، حسب رأيي. لكن لو تمعّنّا في سياق المجريات لظهر أمامنا السؤال: لماذا يستطيع ضابط عسكري متقاعد له علاقة كثيبة مع الدولة، أن يخون علاقة الصداقة لهذه الدرجة؟ ولا زلت أبحث عن جواب لهذا السؤال. لدى منحي للاستخبارات اليونانية كي أكون تحت مراقبتها كان من الواجب- حسب زعمهم -أن ألتقي بوزير الخارجية اليوناني "بانكالوس". وفيما بعد، فهمت بشكل حاسم أنه لـ"بانكالوس" يد في الخيانة، وذلك من خلال جملة قالها: "من يدخُلُ من النافذة، يُطْرَدُ من المدخنة". ولدى زجي في وضعية الإبادة، كانت جملته التالية أيضاً ضاربة للنظر: "آبو بجانب المسيح، يعيش كالملاك". موقف "ستافراكيس" أيضاً عدائي وخياني، حيث نفذ القرارت الأمريكية مباشرة. وأنا لستُ في وضع يمَكِّنني من حسم مدى استثماره لصلاحياته أو صلاحيات الحكومة. هذا ويجب على "سيميتيس" رئيس الوزراء، أن يفصح علناً وجيداً، عن المؤثرات التي دفعته لاتخاذ قرار "الطرد" والجرّ إلى كينيا. ثمة حاجة ماسة لإفادات مفصلة وشرح مسهب من هؤلاء كمقرِّرين في الدرجة العليا .

يمكن أخذ موقف "ماسيمو داليما" رئيس الوزراء الإيطالي، أثناء دخولي روما كمثال. إذ أنه - ولو لم يعجبه الأمر أو يستسغه- بقي متشبثاً حتى الأخير بموقفه على أساس الخروج الطوعي، وأنه لن يلجأ إلى الإخراج بالإرغام أو بالمكر والدسائس. بقيتُ هناك ثلاثة أشهر. وبدأتْ إجراءات طلب الالتجاء، ومن ثم مُنِح لي هذا الحق. ولدى خروجي من هناك في 15 كانون الثاني 1999 أَصَرَّ على أن أترك رسالة كتابية. لقد سلك هذا الموقف لإدراكه اليقين بأن أي خروج بشكل آخر من إيطاليا لن يكون قانونياً .

لم يتم الارتباط أو الامتثال لهذه الإجراءات والأحكام المترابطة أبداً في الجمهورية الهيلينية. إذ كان من حقي طلب الالتجاء بعد دخول أثينا. ولم يكن بمقدور أحد إعاقة ذلك. أما نتيجته فتُحدِّدها المحكمة لا غير. وإذا كنتُ قد اقترفتُ ما يمكن عدّه جرماً، فيُدرَس الوضع بالاعتقال والوضع في النظارة. كل هذه وسائل وسبل حقوقية سارية المفعول في كافة بلدان الاتحاد الأوروبي. ومثلما لم يتم الشروع في هكذا محاولات وإجراءات، استُثمِرتْ من الجانب الآخر علاقاتُ الصداقة، فَخُدِعَ "ناغزاكيس" أولاً ليضعني تحت مراقبة الاستخبارات، بينما خدعوني في الخطوة الثانية بذريعة "نَعِدُكَ ونُقسِمُ باسم الدولة"، فحصل إرسالي إلى كينيا. لو لم يتظاهر "سافاس كالندريس" بأنه مرتبط لدرجة عمياء بأواصر الصداقة، ليستخدمها كوسيلة لمآربه، لما وثقْتُ أبداً بوعوده. يكمُن الجرم الأساسي هنا في تحطيم الإرادة. لذا يجب الاستماع إلى إفادته، وحتى إفادة الشهود الآخرين أيضاً إن تطلب الأمر .

من الساطع سطوع النهار، أن إرسالي إلى كينيا بحد ذاته له علاقة بالمؤامرة. لماذا كينيا بالذات، وليس جمهورية أفريقيا الجنوبية مباشرة؟ لأنه يوجد هناك نظامٌ ألعوبة بيد أمريكا بكل معنى الكلمة. وهو المكان الأنسب لأجل مخطط تسليمي. أما جمهورية أفريقيا الجنوبية ومانديلا، فلا يمكن أن يتورّطا في مؤامرات كهذه .

اتُّبِعَتْ نفس الخيانة أثناء التسليم إلى تركيا أيضاً. وقد مارس السفير "كوستولاس Kostulas" هذه المهمة بنجاح، وإن لم يكن بهذه السهولة. لقد كان متنبهاً تماماً للخطة. وقد أغواني بالقول أنه تم قبول طلب اللجوء الذي تقدمتُ به. وفي الأخير ذكر كالندريس بأننا نذهب إلى هولندا بأمر خاص من بانكالوس، ليقوم بذلك بوظيفته الخيانية علناً في تسليمي إلى الخونة الكينيين .

من الواضح جلياً أن ثقتي اللامحدودة بالصداقة قد استُثمِرت بسوء. كما أنهم لم يُبدوا أي بادرة صغيرة تدعو للشك. إن التلاعب بهذه المهارة لأجل الخيانة، أمر يدعو للتصفيق له وشبك اليدين إعجاباً (كما يُقال في المثل الشعبي). وإذا كانت هناك رغبة في معرفة تفاصيل هذه المعلومات، فبإمكان المحامين المدافعين عني الإدلاء بها عبر الوثائق والدلائل والشهود العَيان الذين سيقدِّمونهم. ومطلبي هو الإصغاء إليهم .

كل تحركاتي حصلت تحت مراقبة الاستخبارات اليونانية وبمعونتها وعِلْمِها من البداية وحتى النهاية. ومن المحال النجاح في هذه الحركات دون وجود مساعدة قوى الدول. بيد أن مساعدة الدولة الهيلينية - عدا مسألة الذهاب إلى أثينا - قد حصلت مادياً ومعنوياً بنسبة ملحوظة لا يُستهان بها، عن طريق ممثليتنا في أثينا. هذا ويمكن الإصغاء إلى جانب ذلك إلى شهادات المحامين، الشهود الأصدقاء والمسؤولين الحكوميين الذين عُقِدت معهم العلاقات، بهذا الخصوص .

كيف يمكننا تفهم الوجه الخفي لحادثة تسليمي، لدى وضعنا كل هذه النقاط نصب العين؟ أيّ عوامل أثرت في ظهور هذه التناقضات المذهلة التي يصعب تصديقها؟ رغم أننا لسنا على علم كافٍ بكل المعلومات الملموسة، إلا أنه بإمكاننا استخلاص بعض النتائج من المعلومات المحدودة التي بحوزتنا، ومن سياق المجريات. ثمة الكثير من المقالات والكتابات والكتب التي عالجت وتطرقت إلى أن المبادرة وزمام الأمور كانت منذ البداية في قبضة يد الاستخبارات الأمريكية والإنكليزية بالتحالف مع الاستخبارات التركية (الميت MİT ) والإسرائيلية (الموساد MOSSAD). لن أسهب في شرح ذلك، بل يمكن تقديمه على شكل وثيقة .

وقد صدرت مقالة في شهر شباط، نُشِرَتْ في جريدة الصباح (Sabah)، حيث أشادت بوصول نبأ مجيئي لأثينا إلى أنقرة. وهناك العديد من الأدلة والشهود الذين يشيرون إلى أن حادثة تسليمي جرت على شكل منسَّق. ويتوارى وراء تحضير طائرة أُتِيَ بها من سويسرا بشكل خاص لتهريبي وخطفي إلى كينيا، احتمال قوي لوجود دور قسم التمشي بمثل ما حدث في إيطاليا .

يُلاحَظ اليوم بشكل أكثر جلاء، كم أسفرت هذه السياسات الأمريكية عن تصدعات غائرة وانشقاقات جدية في أوساط الاتحاد الأوروبي. وأفضل من يمكنه إدراك كل هذه النقاط هو سيميتيس، رئيس الوزراء. علاوة على أن "ستافراكيس" قد تحرك بأمر مباشر من أمريكا، حيث أُشيرَ إلى ذلك في مذكرة الدفاع التي أَعَدَّها المحامون الإنكليز المدافعون عني؛ إذ أشاروا إلى تحالف المسؤولين الأتراك والأمريكيين على أعلى المستويات. وما يتبقى من الأمر هو مجرد الرد على سؤال: ما هي مصالح كل الأطراف في هذه المسألة، أي في المؤامرة؟

الأولى أمريكا، وقد رأت هذه المساعدة والمعونة فرصة نفيسة لا تُعَوَّض كي تربط تركيا بها باعتبارها الحليف الاستراتيجي لها. وبعملية التسليم هذه أوصلت مسألة الاستفادة من تركيا في كل فعالياتها المسيَّرة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ودول البلقان، إلى الذروة. والأمر سيان في كل هذه النقاط بالنسبة لإنكلترا أيضاً. أما إسرائيل فقد برهنت من خلال دورها في هذه الحادثة على مدى أهمية ومصيرية العلاقة الاستراتيجية التي أقامتها مع تركيا. إن دور العقل المدبِّر لإسرائيل كان مثمراً في الساحات الأخرى وخاصة في كينيا .

حسناً، ولكن ما هي منفعة الجمهورية الهيلينية في ذلك؟ إنها، وقبل كل شيء، قد نفذت أمر أمريكا التي هي تابعة لها. ومن ثم حصلت على المعونة الأمريكية على وجه التمام في مسألتَيْ قبرص وإيجه، لتحسب حسابها بأخذ المقابل بما يفيض عن الحاجة .

يكمن الموقف السافل الآخر في كلام بانكالوس، حيث يبين في جملته "الملاك الذي بجانب المسيح" عِلْمَه اليقين بأن مآلي النهائي هو الإبادة لا محال. وبموتي وأنا في حوزة تركيا، كانت سياسة "قتل الكلب بالكلب" (أو كما يقال تأليب الكلاب على بعضها) ستجد مفعولها على نحو مُكَمَّل. فبقدر ما تقتل الكلاب بعضها، ستكون سياستها هي الرابحة في النهاية. يشير هذا الموقف بكل سطوع إلى أن المساندة المقدَّمة كانت تهدف إلى مصالح تكتيكية على وجه التمام، وأنها خالية من أي جانب إنساني ولو بمثقال ذرّة. كل الخسابات دُبِّرَتْ ونُظِّمَتْ على أساس دخولي في مقاومة عمياء لتنتهي المسألة بموتي. حتى في الجرائد الصادرة في أثينا نُشِرَت مقالات تُشِيدُ بأنه تم تعداد الأيام الباقية على مماتي .

إن بُعد شخصيتي عن المواقف والنزعات القومية الكلاسيكية، وعدم انفتاحها على الشدة العمياء؛ لعب دوراً بارزاً في أن يحسبوا الحساب للتلاعب بالقضية الكردية كما يشاؤون بفتح الطريق وإفساح المجال أمام النزعة القومية الكردية البدائية. والكل يعرف أن بعض الزعماء القوميين الكرد أتوا إلى أثينا على عقب تسليمي مباشرة وفي نفس اليوم. فكل الحسابات والمخططات قد رُتِّبَتْ على أساس انتهاء المؤامرة والخيانة بموتي. وناهيكم عن الجانب القانوني، لم يؤخذ أي جانب إنساني بعين الاعتبار في هذا الموقف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Thailand: How online violence and Pegasus spyware is used to


.. مداخلة القائم بأعمال مدير مكتب إعلام الأونروا في غزة حول تطو




.. العربية ترصد الاحتجاجات أمام جامعة السوربون بعد فض اعتصام مع


.. إسرائيليون يتظاهرون أمام منزل بيني غانتس لإتمام صفقة تبادل ا




.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط استمرار القصف على المنطقة