الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة اغتيال الدغرني ... وظاهرة العنف السياسي للدولة

أحمد الخنبوبي

2007 / 5 / 20
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


يرى المفكر السياسي جيرت أن إقامة تمييز دقيق بين المفاهيم التي تتعلق بالعنف أي استخدام القوة على أسس مشروعة، واستخدام القوة على أسس غير مشروعة (الإرهاب) يرتبط أساسا بالتقييم الصحيح لأي من الأعمال المتسمة بالعنف، فكل استعمال مشروع للقوة من طرف الدولة لحفظ السلم والأمن هو عمل قانوني ومبرر أخلاقيا، أما أعمال العنف غير المشروعة فهي أعمال إرهابية وغير مبررة أخلاقيا ولا قانونيا.

لقد تعرض أحمد الدغرني الأمين العام للحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي يوم الخميس 28 شتنبر 2006 حسب بلاغ صحفي له تناقلته وسائل الإعلام لإسقاط سيارته من طرف شاحنتين في حافة على الطريق الرابطة بين مدينة الرباط وتمارة بشكل تبين له أنه مخطط له مسبقا، وتأكد منه من خلال معاملة رجال الدرك له كما صرح بأن سيارة كانت تترصد خطواته بشكل مثير منذ صعوده السيارة، هذه الحادثة لا يجب أن تمر كخبر صحفي وفقط من طرف بعض الأقلام الصحفية التي ما فتئت تناقش أمورا سياسية وعسكرية بدأت تضايق البعض، وكذا من طرف الفاعلين السياسيين الذين ما زالوا متشبثين بمبادئهم ومواقفهم السياسية التي لا تنطوي على التحيز والتملق.

إن التحليل السياسي لهذه الواقعة يقتضي تفحصها من زاوية سياقها التاريخي والسياسي الذي تميز بمضايقة بعض الفاعلين داخل الحزب الذي يترأسه الدغرني في عدة مدن. وكذا شخصية أحمد الدغرني كفاعل سياسي مغربي إضافة إلى حيثيات الحادثة في حد ذاتها، كما هو معروف فإن الأنظمة السياسية غير الديموقراطية تتحاشى دائما المواجهة المباشرة مع الخصوم السياسيين حيت تلجأ بداية إلى استمالتهم بالامتيازات والإغراءات المالية والإدارية قبل أن تلجأ إلى أساليب احتيالية لخلق الصدع داخل إطاراتهم السياسية ومحاولة التصفية بطرق غير مباشرة (حوادث الطرقات –دس السم- تحريض الأشخاص...).

إن تاريخ النظام السياسي المغربي مليء بمجموعة من حوادث الاغتيال والاختطاف الغامضة التي لم تكشف شفراتها إلى اليوم كحادثة اغتيال السياسي عمر بن جلون واختفاء المعارض السياسي المهدي بن بركة وحادثة السير التي أودت بحياة الجنرال العسكري الدليمي والموت المفاجئ لرائد مجموعة ناس الغيوان التي كانت تستميل التيار اليساري في فترة السبعينيات، وكذا حادثة موت المهدي المنضري الذي كان يخفي أسرارا عن القصر الملكي، وأخيرا وفاة حسن الزبيرى تاجر القصر الملكي بمخافر الشرطة بمراكش،و غيرها من الحوادث وبالتالي فإن حادثة الدغرني لا يستبعد أن تدخل في هذا الخضم، فالرجل ناشط سياسي منذ الستينات من القرن الماضي وفاعل سياسي أمازيغي من المؤسسين لمجلس التنسيق الوطني الذي دفع الدولة إلى إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية كما أن الدغرني معروف بمواقفه السياسية غير التقليدية من مجموعة من القضايا السياسية وهو صاحب كتاب البديل الأمازيغي الذي تطرق لمواضيع حساسة بالنسبة للدولة كالجيش، والمخابرات، اونا، الاستقلال الذاتي، مناجم الذهب بالمغرب، الملكية. وهو أيضا مؤسس الحزب الديموقراطي الأمازيغي المغربي الذي تعاملت معه وزارة الداخلية بنوع من الارتجالية والارتباك. وبنظرنا إلى الحزب في حد ذاته فإنه حزب يشكل سابقة سياسية في تاريخ الأحزاب بالمغرب، فقبوله بالنسبة للدولة يعني حتما وجود معارضة سياسية تتشكل في الأفق القريب تتبنى أمازيغية المغرب والعلمانية وانسحاب المغرب من تنظيمات القومية العربية والفدرالية وغيرها من المرتكزات المختلفة عن بنية الدولة المخزنية التقليدية أما منع الحزب فسيتحول من طرف الجناح الراديكالي داخل الحزب وداخل الحركة الأمازيغية إلى حصان حرب حيث يعتبرون ذلك اضطهادا للشعب الأمازيغي بالمغرب هذه المقولة لن تكون محمودة العواقب بالنسبة للدولة المغربية في علاقتها الخارجية التي أضحت تعاني من الخروقات المتتالية لحقوق الإنسان داخل المملكة، والوضع الحساس بمنطقة الصحراء من هنا إذن يتضح حجم التحدي الذي يشكله الحزب بالنسبة للدولة خصوصا وأن وزارة الداخلية تعتكف هذه الأيام باجتماعات مع مختلف الأحزاب السياسية لتوزيع كعكعة انتخابات 2007 ومرور هذا الاستحقاق بدون معارضة يمكن أن تلوث سمعة المغرب السياسية في الخارج التي تراهن عليها الدولة كثيرا أمام المنتظم الدولي .

مما سبق يمكن الوعي بمدى جدية رسالة الدغرني بخصوص محاولة اغتياله وعلى القضاء إن كان نزيها أن يباشر التحقيق في حيثيات هذه الواقعة. لقد أمر وكيل الملك الرباط بإجراء تحقيق في هذه الحادثة لكن السؤال المطروح هو إلى أي حد سيصل هذا التحقيق سيما ونحن نسمع عن قضائنا كل يوم يأمر بحفظ الملفات أو رفضها بدعوى عدم توفر الأدلة أو حتى تركها في رفوف المحاكم تنتظر أجلا غير مسمى خصوصا ادا كان موضوعها سياسيا أو حقوقيا.و إذا افترضنا أن قضاءنا تحلى بالنزاهة والجرأة ووصل إلى أن الدولة ممثلة في إحدى وزارتها أو إحدى أجهزتها الأمنية أو الاستخباراتية هي المسؤولة عن حادثة الدغرني، فإن ذلك سينضاف إلى خانة إرهاب الدولة المغربية لمواطنيها لأن الإرهاب في نهاية المطاف كما يرى الباحث صلاح الدين برحو هو تعبير عن وضعية سيكولوجية ذاتية قبل أن تكون مادية فقد شكل الإرهاب والعنف والاغتيال والتصفيات الجسدية الرد التلقائي لبعض الفئات الاجتماعية والسياسية على فئات أخرى لكن المجتمعات عرفت ظاهرة إرهاب الدولة لأن الإرهابيين ليسوا دائما متفقين على نفس المبادئ ولا تحكمهم نفس المرجعيات والأهداف السياسية لكن القاسم المشترك بينهم هو العنف الذي تلجأ إليه الدولة على رعاياها إذا أحست أنهم يهددون مصالح الفئة السائدة أو يطمعون في تقاسم السلطة معها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وقفة احتجاجية لأنصار الحزب الاشتراكي الإسباني تضامنا مع رئيس


.. مشاهد لمتظاهرين يحتجون بالأعلام والكوفية الفلسطينية في شوارع




.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد


.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي




.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |