الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهوية اليزيدية في مواجهة التطرف الديني تحديات متواصلة

عالية بايزيد اسماعيل

2007 / 5 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



في ظل تنامي المد الديني الإسلامي المتشدد المتمثل بما يسمى بالدولة الإسلامية يتعرض أبناء الديانة اليزيدية لأبشع حملة إجرامية من العناصر الظلامية التي تقدم أبشع صورة واخطر تشويه للدين الإسلامي والتي كانت حصيلتها تلك المجزرة المروعة التي حصدت 24 عاملا يزيديا من بعشيقة أعقبها مقتل 2 من خيرة الشباب العاملين في جهاز الشرطة في الشيخان على أيدي كتائب فرق الموت العزرائيلية خلفت ورائهم يتامى وأرامل يتجرعون الحسرات وما سبقها من هياج وتطرف إرهابي هستيري ضد الحرمات والممتلكات اليزيدية في أحداث الشيخان , واليوم يخرج علينا أنصار الدولة الإسلامية بفتاوى تحلل الدم اليزيدي أينما كان إلا إذا اسلم أو دفع جزية مقدارها (250 ) ألف دينار شهريا لكل عائلة تريد البقاء في مقر سكناها وإلا فان عليها ترك المنزل بما فيها من أثاث منقولة وغير منقولة باعتبارها غنائم حرب , و هذا ما حصل فعلا حيث تمت مصادرة العشرات من البيوت في مدينة الموصل والاستيلاء على ( سرقة ) غنائم الكفار !! هكذا أصبحنا الآن ، بعد أن رفضوا تغيير دينهم ودين آبائهم وأجدادهم , هذه الممارسات التي لم نشهد له مثيلا من قبل حصلت تحت راية الجهاد وباسم الدين , الجهاد ضد من , هل هو ضد الآمنين العزل في بيوتهم من النساء والأطفال المسالمين مع جميع الأديان , أم الجهاد ضد العمال المساكين والشابين المغدورين الباحثين عن لقمة عيشهم الذين قتلوا غدرا في الموصل على أيدي ملثمين يتلذذون بإطلاق النار على الضحايا وهم يكبرون باسم الله , أم الجهاد ضد الطلبة الساعين إلى بناء مستقبلهم العلمي والامتحانات شارفت على البدء ولا يعرف مصيرهم لحد ألان وزملاؤهم يواظبون على الدوام ويتهيئون لأداء الامتحانات النهائية , أهذا هو الجهاد الذي وضع مصيرنا ومصير أبنائنا تحت رحمة الأحزاب الدينية المتطرفة , حتى بات المسلم بهذه التصرفات اللامسؤولة يمثل الإرهاب والعنف باجلى صورها وهنا استذكر أراء الكتاب المستشرقين وأبرزهم ريتشارد بوليت الأستاذ في جامعة كولومبيا الذي قال أن الإسلام استهل بالسيف وانتشر بالسيف وان أعمال العنف التي قام بها عدد من المسلمين هي نماذج لحضارة إرهابية متعصبة لايمكن تحملها أو التعامل معها بشكل عقلاني (فؤاد جرجيس ـ الأمريكيون والإسلام السياسي ـمجلة المستقبل البيروتية عدد ـ217 ـ1997 ) . وهنا نصل إلى جوهر القضية , فما عاد هذا الوطن يتحملنا بعد أن كنا نشهد تعايشا سلميا بين جميع المكونات المختلفة حيث لم يكن هناك اختلاف بين مسلم ومسيحي ويزيدي سوى بالاعتقاد الديني , فيما عدا ذلك فان عاداتنا وتقاليدنا الاجتماعية , همومنا وأحزاننا واحدة , أفراحنا ومسراتنا مشتركة لأننا نحمل هوية وطنية واحدة , كل منا يعتز بتاريخه المشرف وأن وجودنا على هذا الأرض جزء لايتجزا من تاريخ العراق منذ العهود البابلية والسومرية السحيقة في القدم وحتى الآن . انه لعار كبير على السلطة التي لاتستطيع كبح جماح الطائفية البغيضة وتركته قنبلة موقوتة تهدد وحدة وامن شعبه حتى باتت الأقليات الدينية هدفا للجماعات الإرهابية , عار على السلطة التي لايمكنها حماية مواطنيها وهم يتعرضون للاستغلال والابتزاز والاضطهاد وهي مكتوفة الأيدي , عار على مجلس النواب الذين يمثلون كافة العراقيين بكل مكوناته المختلفة وهم لايملكون منع هذه الممارسات ولا حتى إدانتها .
إن فرض الإسلام بالقوة على اليزيدية ومن قبلهم على المسيحيين والصابئين أو تهديدهم إنما يتعارض مع مبادئ الشريعة الإسلامية نفسها لان الذين يغالون في تفسير تعاليم الشريعة الإسلامية إلى حد التحريف ويخرجونها من مقاصدها الحقيقية إنما يسيئون هم أنفسهم بذلك إلى الشريعة , فقد ورد في مقالة لأحد المتشددين ويدعو( خباب بن مروان الحمد قوله: أن دين الإسلام هو دين الحق وما عداه من الأديان هي أديان ضلالة وكفر لاتنفع معتنقها يوم القيامة ), أهذه هي إذن هي ثقافتهم الدينية التي لازالت تعيش عقلية القرون الظلامية ويرمون غيرهم بصفات هي الصق بهم وأولى بهم ,ومن يكون ومن منحه ذلك الحق حتى يكفر الأديان الأخرى , وكي لا اخلط الأوراق مع بعضها أقول إن الدين الإسلامي براء من هذه الأفعال المشينة لان الأديان دائما تتضمن تعاليم سمحة وقيم روحية تنأى عن النوازع الشريرة والمقاصد الإرهابية , إلا إن العلة تكمن في الأشخاص وأسلوب فهمهم وتطبيقهم لتعليم الشريعة الإسلامية والتي كثيرا ما اختلفت وتبدلت وتناسخت خلال المراحل التاريخية , فنحن لانختلف من الناحية النظرية مع المبادئ الايجابية في الشريعة التي تحث على التسامح والمحبة والعدل لكننا نختلف مع الكثيرين حول صيغ تطبيق هذه المبادئ من الناحية العملية وعلى ارض الواقع من خلال الممارسات المتزمتة من قبل المتشددين من أمثال أنصار الدولة أو الإمارة الإسلامية المتطرفة في الموصل وتنظيم القاعدة السيئة الصيت وبقية الميليشيات المرتبطة بجهات أجنبية والذي يخالفون تعاليم الإسلام من خلال الصيغ العملية لتطبيق هذه المبادئ والنماذج التي ظهرت على ارض الواقع من المتشددين والتكفيريين بما لاينسجم وروح الإسلام وتعاليمه . وأرجو أن لا أتجاوز الخطوط الحمراء لأقول إن الذين ينفذون هذه المؤامرات والجرائم الإرهابية اغلبهم من العاطلين والناقمين على الحياة المعيشية الصعبة والشاعرين باليأس من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والعاجزين عن مسايرة الركب الحضاري والذين يسهل إغرائهم لقاء ألفي دولار للجهاد بأنفسهم عن طريق القتل والعنف وزرع العبوات والانتحار بتفجير أنفسهم كي يكتب لهم الخلود ودخول الجنة ممن يستهويهم الجهاد المستند إلى العقيدة الدينية حيث يكفي أن ينتقوا الآيات والأحاديث الداعية إلى استخدام القوة حتى يندفعوا بكل قناعة لأعمال العنف والإرهاب من قبل (قاتلوا الذين لايؤمنون بالله ورسوله إلى أن يدفعوا الجزية حتى إذا كانوا من أهل الكتاب... ـ التوبة 9 ـ 29 ) و( انفروا خفافا وثقالا بأموالكم وأنفسكم وقاتلوا في سبيل الله ...ـ التوبة 29ـ 41 ) و(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون أو يقتلون... ـالتوبة 19 ـ111 ) و( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم أو ينفوا في الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب اليم ... المائدة ـ 35 ) . إن هذه الآيات إذا ما أخذت بمعزل عن الآيات الأخرى المكملة لها والداعية إلى الرحمة من قبل (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر ... ـالغاشية ) و (ما على الرسول إلا البلاغ ... المائدة ) و( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ... ـ يونس 99 ) و( لااكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ... البقرة 256 ) و( وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا... الفرقان 56 ) هذه الآيات التي تدعو إلى التمسك بالقيم الروحية دون أن تفرض الدين على احد الذي لايفرض بالقوة والسيف , أما تلك الآيات التي تدعو إلى العنف فان أخذت بمعزل عن هذه الآيات المتسامحة فإنها تؤدي إلى انتزاع الجانب الإنساني من الإسلام والى إضعافه لان الأصل في الأديان هي الرحمة والاستثناء فيه هو القوة والعنف ان التعالي الديني الذي يصل إلى حد التفرقة العنصرية ذات الملامح القبيحة التي تجعل من القوة معيارا للتقييم إنما يتناقض مع روح الدين الإسلامي وإن نظرة التعصب هذه من قبل التيارات الإسلامية فبالإضافة إلى أنها ليست متفقة مع بعضها وفق الشعارات التي تطرحها والتي تختلف بحسب الاجتهادات فإنها منقسمة ومختلفة مع بعضها والدعوة إلى اسلمة أتباع الديانات الأخرى في حال صحة فرضيتها ترى على أي مذهب سيسلمون فان اعتنقوا المذهب السني تعرضوا للقتل على يد الشيعة وان اعتنقوا المذهب الشيعي حاربهم أهل السنة فعلى أي مذهب يريدونهم أن يسلموا ؟ . وبعد كل ذلك ألا يعون ؟ ..
فهذه إذن صرخة استغاثة للضمير الإنساني ضد الهجمة الإرهابية التي يتعرض لها اليزيديون وباقي المكونات الدينية الأخرى فكأن الواقع الذي نعيشه حاليا لايكفينا والذي يتصف بالتشتت والضياع حتى يخرجوا علينا بفتاواهم كي نلتزم بها والأولى أن يلتزموا هم بها أولا قبل تصديرها للآخرين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج