الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد الوثيقة الأساسية لتجمع اليسار الماركسي _ تيم

معتز حيسو

2007 / 5 / 23
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


تقديم:
يعتبر صدور الوثيقة التأسيسية لتجمع اليسار الماركسي في سوريا( تيم ) ، لحظة تحول أولية في العقل السياسي لبعض فصائل المعارضة السورية ، لكونها تمثل خطوة أولى في بداية تحول وتطور آليات العمل السياسي المعارض ، تحديداً لكون وثيقة التجمع تعبيراً عن حالة توافقية بين عدة أطراف سياسية يسارية ماركسية ، تدعي تجاوز حالة التذرر والانقسام والترهل وفقدان الهوية .... مما يستدعي نقداً معمقاً وشاملاً للتجربة السياسية لتيارات المعارضة بتلاوينها المختلفة .
وقد جاءت الوثيقة في أغلب محاورها ونقاطها الأساسية على غاية من الإيجابية والجدية عاكسة بذلك حس المسؤولية للمساهمين في إنجازها .
لقد حاول المشاركون في صياغة الوثيقة التأكيد على إبراز هوية اليسار الماركسي بشكل منسجم مع المنظومة الماركسية محاولين تجاوز التقديس النصي ، مؤكدين على أهمية الحوار الشامل والعميق ، مسترشدين بالمفاهيم الماركسية بما يتناسب مع الظروف الإجتماعية واللحظة التاريخية الملموسة معتمدين النقد والتطوير للمنظومة المعرفية الماركسية الخاضعة بدورها لقوانين التطور ذاتها التي اكتشفتها الماركسية .
من جانب آخر فإن الوثيقة حاولت وضع خطوط فاصلة وواضحة لمجمل القضايا الإجتماعية ، السياسية ، الاقتصادية ، النظرية ،باعتمادها آليات التحليل المعرفي القائم على ضبط المفاهيم المعرفية .
إن صدور الوثيقة يعبر عن الحاجة الموضوعية لتحالف يساري طال غيابه وتغييبه ، وبنفس الوقت تُعتبر رد موضوعي على الميل الشيوعي الليبرالي و تحول بعض الفصائل الشيوعية إلى أدوات سياسية تساهم موضوعياً في استمرار الوضع الراهن . ليكون تشكيل التجمع خطوة أولى في سياق الممارسة السياسية التحالفية ، مؤكداً بذلك على ضرورة وأهمية التنوع والتعدد في الخارطة السياسية المعارضة ،ومؤكداً في الوقت نفسه على ضرورة إبراز الهوية الماركسية لليسار ، ودوره الموضوعي في مواجهة النظام الرأسمالي المعولم وتجلياته الطرفية بآليات تترابط فيها مواجهة تنامي المد الإسلامي الأصولي التكفيري .
ومن الأهمية بمكان التأكيد على أهمية الوضوح في الوثيقة فيما يخص التحالفات السياسية بين الأطراف السياسية بناءً على الموقف من: التناقض مع المنظومة الرأسمالية من منظور قوى العمل ، رفض المشاريع الامبريالية ... رفض الصهيونية والاحتلال ، رفض الاستغلال ونهب الطبقات الشعبية ..،المعارضة السياسية الجذرية للاستبداد بكل أشكاله وتجلياته ، رفض التمييز القومي والديني والطائفي والجنسي والعرقي .
إن جميع ما أوردناه لايلغي بالتأكيد وجود بعض النقاط الخلافية التي تفترض منا تفنيدها وتوضيحها للوقوف عليها في سياق التأكيد على أهمية وضرورة ممارسة الحوار النقدي البناء للارتقاء في الفهم السياسي وآليات الممارسة السياسية للوصول إلى أشكال سياسية ترتقي إلى مصاف القوى التغييرية الديمقراطية القائمة على حرية الرأي وحرية الإنسان بوصفها قيمة مطلقة في سياق الممارسة السياسية الهادفة لبلورة مشروع مجتمعي مدخله التغيير السلمي الديمقراطي .
قراءة نقدية للوثيقة :
-----------------
يبدأ التجمع في بيانه المرفق للوثيقة بالنداء الموجه لكافة الشيوعيين واليساريين والمناضلين ... إن هذا النداء بقدر ما يحمل من إيجابية ومرونة وانفتاح على الآخر ، فأنه يعبّر في مضمونه عن دعوة عائمة وضبابية وملتبسة ، ذلك لكون بعض قوى اليسار الشيوعي الكلاسيكي التي تدعي تمثيل الفئات الشعبية المهمشة ومصالحهم الطبقية يتموضعون في الحقل السياسي النقيض لموقعهم الطبقي ، مما يضعهم في حقل التناقض الطبقي مع التجمع الماركسي ، إضافة إلى وجود بعض التشكيلات السياسية ذات الميل الليبرالي والتي تتناقض منهجياً مع التوجهات السياسية والنظرية للتجمع الماركسي . إن التناقض المنهجي والسياسي بين التشكيلات السياسية الراهنة يفترض من التجمع الوضوح المنهجي في الخطاب السياسي الموجه إلى الأطراف الأخرى .
ويترابط هذا مع التأكيد على التقدم خطوة أولى في آليات العمل السياسي القائم على فهم سياسي جديد يقوم على تعزيز الحوار والتعامل بين الأطراف المعبرة عن مصالح الفئات الشعبية وهذا بحد ذاته يشكل خطوة أولى في سياق تجاوز العقل السياسي الحزبوي الضيق والمنغلق على ذاته .
ــ جاء في البيان بأن التجمع كان رداً على حالة التذرر والانقسام .... يكمن في هذا الفهم إشكالية منهجية ، لأن الفكر السياسي والممارسة السياسية لقوى اليسار تحديداً ليس رداً على واقعة محددة وملموسة بقدر ما هو تعبيراً عن مشروع اجتماعي نظري وسياسي نقيض للنظام الرأسمالي وتجلياته الطرفية والنظم الاستبدادية.. ، وبنفس الوقت يعبّر عن برنامج سياسي وفكر نظري بديل للمنظومة الرأسمالية المتفاوتة في تطورها وتجلياتها ،والتي تفترض تباين وتفاوت أداء قوى اليسار، لكن يجمعها دائماً العمل السياسي للوصول إلى مجتمعات إنسانية يسودها المساواة والعدالة والحريات السياسية .... بمعنى أنه لا يخضع في الممارسة السياسية للفعل ورد الفعل .
ــــ جاء في الصفحة الثالثة من البيان ( إن انطلاق حركة (تيم ) ... ، وإصرارها على وحدة العمل رغم تباينات في الفهم النظري والسياسي ، وتمكنها من وضع تصور لبنية تنظيمية مرنة وقابلة للتطور .... ) . بالمقارنة فأن ما ورد يتناقض مع البندين الثاني والرابع من الهيكلية التنظيمية للتجمع ، لكونهما يؤكدان وبشكل مباشر على المركزية التنظيمية بشكلها المتنافي والمتناقض مع جوهر الممارسة السياسية الديمقراطية .
ـــ بقدر ما تؤكد الوثيقة والبيان على ضرورة تفعيل الحوار وتعميقه ، وعلى بناء و تفعيل وتطوير التحالفات السياسية من منظور طبقي ، فإن التناقض يقوم بشكل واضح في آليات عمل بعض أطراف التجمع ، وتحديداً بكونه هو من يشترط عدم وجود الأطراف الموقعة على الوثيقة في تجمعات سياسية أخرى تتناقض مع ما جاء في الوثيقة ، فأن بعض الأطراف الموقعة على الوثيقة مشاركون ومساهمون بشكل أساسي في تجمعات سياسية تتنافى إذا لم نقل تتناقض منهجياً مع الوثيقة ، وهذا بحد ذاته يحتاج إلى إجابات موضوعية خارج السياق البراغماتي للممارسة السياسية .
وملاحظتنا هذه رداً على تفاقم البراغماتية السياسية عند بعض الأطراف ،والتي تعبر في الوقت نفسه عن تضخم في الأنا الشخصية ، وهذا يدلل على عدم تجاوز بعض إشكاليات العمل السياسي الرائجة حتى اللحظة ، ويخالف بنفس الوقت ويناقض ما جاء في الوثيقة . إضافة إلى أن هاجس التوحيد كان واضحاً في الوثيقة ، وهذا يعبر عن خلل منهجي في العمل السياسي ، بينما كان من المفترض العمل على التنسيق بين الفعاليات السياسية المختلفة للوصول إلى تحالفات وتكتلات سياسية تقوم على الاتفاق على برنامج الحد الأدنى القائم على تحديد المهمة المركزية والمحورية للعمل السياسي في اللحظة الراهنة ، هذا إضافة إلى أن التجمع ما زال يحمل العقلية الوصائية وعقلية الطليعة التي تفترض أنها هي من يقود الشعب .
ــ وينتهي البيان بالتأكيد على الترفع عن العصبيات التنظيمية ... وتجاوز أمراض الماضي .. وهذا بحد ذاته يعتبر تقدماً ملموساً في الفهم السياسي و نتمنى أن يكون مترابطاً مع ممارسة سياسية متجاوزة لعقد الماضي وأمراضه والتي ما زالت حتى اللحظة مهيمنة على آليات الممارسة السياسية .
ـــ ورد في مقدمة الوثيقة بأن الرأسمالية الراهنة تعمل على تكييف نفسها وفق معطيات القرن الواحد والعشرين ، وهذا لايخالف الواقع الراهن لسيرورة الرأسمالية الراهنة نسبياً ، لكنه يترافق مع آليات إعادة تكييف كونية معولمة بما يتناسب ويلاءم آليات تطور الرأسمالية عموماً وميول رأس المال المالي خصوصاً بكونه أحد تجليات الرأسمالية في سيرورة تطورها الراهنة المتخذة سمة التمييل (المضاربة والاستثمار في أسواق المال والبورصة ...) والمترافقة مع تزايد حدة التكتلات بين الشركات العابرة للقومية والمتعددة الجنسية ،مما يقود إلى زيادة حدة تحكمها في الاقتصاد العالمي وتهميش دور الدولة وتحويلها إلى شرطي معولم لحماية استثماراتها، إضافة إلى أن الشركات المذكورة تعمق حدة الاحتكار و التفاوت الاجتماعي و معدلات الاستقطاب على المستوى الكوني .
ـــ ( بسبب فشل الأحزاب القومية والاشتراكية والديمقراطية في تحقيق أهدافها ....تشهد المنطقة بروز موجة إسلامية بتيارات مختلفة ..... ) .
في حقيقة الأمر فشلت النظم السياسية القومية الشمولية في تحقيق أهدافها التنموية و الديمقراطية ، لكن من الضروري التنويه إلى أن أسباب المد الإسلامي عموماً والأصولي بأشكاله التكفيرية خصوصاً لا يتعلق بفشل مشروع الأحزاب القومية فقط بل يرتبط بأشكال الممارسة السياسية للأنظمة القومية والتي كان من نتائجها تغييب قوى اليسار عموماً والداعية للتغيير الديمقراطي خصوصاً ، مما قاد إلى خلل في ساحة الممارسة السياسية التي بقيت نسبياً حكراً على بعض القوى السياسية المرتبطة بتحالفات سياسية مع الأنظمة المسيطرة ،ونشاط الإسلاميين المسيس والموظف بأشكال ومستويات وغايات مختلفة ومتنوعة ، ويترابط ما ذكرناه مع التوجه الدولي لمواجهة الأصوليات الدينية محوّلة بذلك الحروب الدائرة إلى حروب (حضارية) شعارها الدعائي والمعلن الديمقراطية في مواجهة الإرهاب الأصولي ، لتتقاطع في لحظة تاريخية واحدة مفاعيل الاستبداد الطرفي مع مشاريع الهيمنة الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، مولدة ًبذلك أزمات اجتماعية متنامية ومركبة يغيّب جانبها الطبقي لتتجلى بأشكال إثنية عشائرية طائفية .... نتيجة غياب دور مؤسسات الدولة ( التنموي ــ الديمقراطي ) وتغييب دور الأحزاب العلمانية والمؤسسات المدنية .
ــ ( إن هذه الظروف العالمية والإقليمية والمحلية ـ خاصة مع ظهور مواجهات الموجة الليبرالية وتراجعها وفقدان مصداقيتها .... يجب أن تحفز قوى اليسار في سوريا لتشكيل حركات سياسية ....) .
يستوقفنا في هذه الفقرة بأن تشكيل اليسار هو نتاج رد فعل لما يحصل في الواقع وليس نتاجاً موضوعياً لسياق تطور تاريخي اجتماعي موضوعي يفترضه التناقض البنيوي التاريخي بين النظام الرأسمالي المعولم ،وبين تشكيلات اليسار وقواها السياسية بمستوياتها وتجلياتها المختلفة .... بكونها تعبيراً موضوعيا ًعن التناقضات الإجتماعية والسياسية ، و تعبيراً موضوعياً عن مشروع اجتماعي نقيض للرأسمالية في كافة مراحل تطورها وميولها المختلفة .
ــ بالترابط مع النداء الموجه إلى كافة الشيوعيين والماركسيين والوطنيين في سوريا فإن الوثيقة تعلن بأن التجمع ليس موجهاً ضد أحد بل تدعوا كافة الأطراف للحوار .
إن هذا بحد ذاته يعتبر بشكل عام خطوة متقدمة في آليات الممارسة السياسية لقوى المعارضة ؟ لكن السؤال يكمن في علاقة التجمع مع (أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية ) لكون بعض المشاركين فيها تنظيمات شيوعية تدّعي التناقض مع المنظومة الرأسمالية ، وفي مقدمتها الحزب الشيوعي السوري ( خالد بكداش ) وغالبية أفراد وقيادات هذا التنظيم يخوّنون ويكفّرون بشكل مطلق كل من هو خارج تنظيمه وخارج الجبهة ... وهذه التنظيمات يربطها تحالف طبقي ترتهن جراءه لقرارات الحزب الحاكم لتقوم بالدور الوظيفي الموكل إليها ، وبالتالي نتساءل عن جدوى هذا النداء وعن آليات التعامل مع هذه القوى .
ــ المستوى النظري : جاءت الوثيقة مؤكدة الكثير من النقاط الإيجابية في النظرية الماركسية ، ومحاولة التأكيد على أنها عملت وتعمل على تجاوز بعض الإشكاليات المعرفية في النص الماركسي ، والأهم هو ربط الاشتراكية بالديمقراطية ، والتأكيد على أن الماركسية ليس تقليداً جامداً أو نصاً مقدساً بل نصوصاً متجددة ومتطورة والتجدد والتطور من سماتها ....
واللافت في هذا الجانب هو الإقرار بأن الماركسية فكر تاريخي نسبي مشروط بزمان ومكان محددان ، وإقرار التجمع بالخلاف بين أطرافه والتأكيد على أن المرحلة الراهنة ذات مهام وطنية ديمقراطية ،
ــ التأكيد على أهمية وضرورة الحوار في الكثير من مواقع الوثيقة .
ــ دعم الجهود الفكرية والثقافية الديمقراطية ، وتأييد نضال جميع الشعوب المضطهدة .
ــ المستوى العالمي : ما جاء في هذا الجانب يعبر عن رؤية منهجية ، ومشروع استراتيجي ، لكن بنفس الوقت يعكس التناقض الحقيقي بين الحجم الموضوعي والذاتي للتجمع ومدى تمثيله الإجتماعي ، وحجم المهام التي يتبناها والتي تحتاج إلى جهود أحزاب سياسية وتجمعات مدنية ضخمة ومتجذرة بواقعها الإجتماعي ، إضافة إلى تشكيلات سياسية ومدنية على المستوى الدولي وجهود شعوب منظمة للوقوف في مواجهة انعكاسات النظام الرأسمالي الراهن ....، و ليس تشكيل بحجم التجمع الماركسي السوري ،وهذا بطبيعة الحال لا يجب أن يقلل من أهمية التجمع وأهمية المهام التي يحاول تحملها ... لكن في الممارسة السياسية يجب الانطلاق من الخاص إلى العام وفق آليات عمل سياسي ومعرفي تقوم على الربط الجدلي بين الخاص والعام ،وعلى تحديد المهام المرحلية والإستراتيجية وفق تحليل منهجي وموضوعي .
-------------------------------------------------
المستوى الوطني :
1ــ المستوى السياسي : في النقطة الثالثة يطرح التجمع بأن حل القضية الكردية يتجلى من خلال حل ديمقراطي في سوريا ضمن إطار وحدة الوطن السوري ويحترم ما تقره الماركسية في هذا الصدد من الناحية المبدئية .
بتقديرنا إن المسألة الكردية تحتاج إلى تحديد أكبر ، وإحالة معالجة القضية الكردية كما جاء في الوثيقة إلى الماركسية ، يعبر عن حجم التناقض الكبير بين الأطراف المشاركة ، ويعكس حجم الإشكالية في آليات علاج المسألة الكردية ، وبنفس الوقت يعكس إشكالية عدم تجاوز النص الماركسي بكونه مرجعاً لحل الإشكاليات الراهنة ، رغم إدراكنا ومعرفتنا بأن النص الماركسي بهذه المسألة من الصعب الركون إليه . بينما كان من الأفضل تناول المسألة الكردية وبحث إمكانيات تجاوزها من خلال منظور ديمقراطي يعطي الأكراد حقهم في تقرير مصيرهم على أساس حرية الإنسان وحقوق المواطنة التي يتساوى فيها كافة المواطنين بغض النظر عن جنسهم وعرقهم وقوميتهم ومذهبهم ... مع الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ، ومؤكدين بذلك على تضامن وتحالف كافة المواطنين في سوريا بغض النظر عن انتمائهم للخروج من الإشكاليات والأزمات الراهنة من خلال ممارسة سياسية سلمية وديمقراطية تقطع مع الاستبداد بكافة أشكاله وأدواته السياسية . وأخيراً يجب التأكيد على حق الشعب الكردي وتمثيلاته السياسية والمدنية في المشاركة الفعلية لإيجاد الحل العادل لكافة إشكالاتهم وأزماتهم التاريخية والراهنة .
ـــ ومن القضايا الأساسية التي أبرزتها الوثيقة في الجانب السياسي هو التأكيد على الحوار والتلاقي مع كافة القوى الوطنية . وتؤكد الوثيقة على أن الالتقاء مرهون بالموقف من قضايا أساسية ، في مقدمتها المسألة الديمقراطية والوطنية والالتزام بالمصالح الطبقية للطبقات الشعبية .
ب ــ الصعيد الاقتصادي والاجتماعي :

تعتبر النقطة الخامسة ( محاربة كافة أشكال الفساد ...وتشجيع العملية الإنتاجية في كل الحقول بغض النظر عن مالكيها ( قطاع دولة أو قطاع خاص ) على غاية من الأهمية وتحديداً لأنها تنم عن قراءة موضوعية لآليات وأشكال وإمكانيات التطور والميول الاقتصادية الموضوعية ، إضافة إلى أنها تدلل على تجاوز إشكاليات بعض المفكرين والتشكيلات السياسية ذات العقلية الدوغمائية والأصولية اللينينية ( الستالينية ) في موقفها من القطاع الخاص ، وهذا يعتبر بشكل أو بأخر قطعاً معرفياً مع أشكال الوعي والتفكير الستاليني المحمل بالنزعة التقديسية للنص الشيوعي الكلاسيكي . وبنفس الوقت تعتبر هذه النقطة عودة لآليات فهم ماركس الموضوعي للتطور الاقتصادي ، وآليات تفكير لينين المرتبطة بسياسة النيب ... بعد إخفاقه في انجاز (الشيوعية) قبل إنجاز المهام الديمقراطية .
ــ وهنا يمكن أن نطرح تساؤلاً مشروعاً : ألا تمثل رؤية التجمع لمشاركة القطاع الخاص، إشكالية منهجية ؟؟. ذلك لكون بعض المشاركين في الوثيقة يرون بأن القطاع الخاص لا يخدم تطوير المشروع التنموي ، بل يساهم بفعل مشاركته الاقتصادية الهامشية في تسريع اندماج الاقتصاد الوطني بالاقتصاد العالمي مما يقود إلى إشكاليات وأزمات اقتصادية ؟؟. وبالتالي ألا يشكل ميل التجمع هذا تقارباً مع الميل اليسار الليبرالي الذي يقف منه التجمع موقفاً نقيضاً ، وبناءً علية كيف يمكن أن يبرر من ساهم في إنضاج الوثيقة هذا الموقف موضوعياً ، وبشكل واضح ودقيق .
---------------------------------------------------------
المستوى التنظيمي :
ـــ ورد في الفقرة الثانية ( يتم ترشيح أي مستقل يوافق على الوثيقة ... في القيادة المركزية من فصيلين موقعين على الوثيقة التأسيسية ، وينال موافقة باقي الفصائل ...... )
تشكل هذه النقطة إعاقة حقيقية لآليات عمل التجمع كونها تحدد دخول أطراف جديدة إلى التجمع على قاعدة الإجماع وليس على قاعدة الأغلبية ، وبنفس الوقت يتنافى مع ما تطرحه الوثيقة في تأكيدها على التلاقي مع الأطراف الوطنية والماركسية في سوريا ، وبنفس الوقت تتنافى مع الديمقراطية التنظيمية وتنحو باتجاه تعزيز المركزية التي قادت كثيراً من التجارب السياسية إلى البيروقراطية الحزبية .
ـــ في الفقرة الثالثة تم تحديد نسبة المستقلين في القيادة المركزية بنسبة 25% من الأصوات .
ــ هل تساهم هذه الفقرة في دعم وتطوير وتوسيع عمل التجمع ؟ من الملاحظ بأن المستقلين يشكلون الغالبية الساحقة بالنسبة للناشطين السياسيين في سوريا لأسباب باتت واضحة ومعروفة تتعلق بجانب منها بإشكاليات الأحزاب السياسية وقياداتها ، وعليه فإن الكثير من المستقلين ... يرفضون العمل السياسي في الأطر والأشكال السياسية الراهنة ، وبناءً عليه فإن تحديد نسبة المستقلين كما ورد في الوثيقة تعتبر إشكالية ومصدر إعاقة لتطوير وتوسيع المشاركة السياسية وتتنافى بنفس الوقت مع دعوات توسيع الحوار وتعميق وتطوير العمل السياسي المنظم .
ـــ في الفقرة الرابعة ( يتم قبول أي فصيل يوافق على الوثيقة .. إذا نال الأغلبية المطلقة للأصوات في القيادة المركزية .. ) وهذه النقطة أيضاً تتناقض وآليات العمل السياسي الذي يفترض أن يقوم على الديمقراطية والأطر السياسية المنفتحة .
ــ تعتبر النقطة الثامنة والتي تقول بإصدار مجلة فكرية يسارية .... خطوة هامة وضرورية لما تحمله من إمكانيات نشر الفكر اليساري ، وتحديداً بعد غياب غالبية المجلات اليسارية المختصة ، ويفترض أن تعمل هذه المجلة على القطع المعرفي مع التعقيدات والتقييدات والإجراءات البيروقراطية والروتينية المعيقة التي تحد من فاعلية الحوار الحر والمنفتح والذي يفترض بل يجب أن تكون متجاوزةً للأطر التنظيمية الضيقة والعقلية السياسية الحزبوية المغلقة ، لتساهم في تشكيل وعي نظري وسياسي وفكري جديد يقوم على نقد ونقض مسلمات وبداهات العقل السياسي الراهن للعمل على تجاوز سيطرة العقل الماضوي والأصولية المعرفية بكافة مدارسها ومستوياتها و أشكالها.
ـــ ( تؤخذ القرارات في القيادة المركزية بالتوافق ، وهي ملزمة لمن يوقع عليها ، ويحق لمن لا يوافق على أي قرار عدم المشاركة في تنفيذه دون المساس بأي من حقوقه ... ) . تعتبر هذه الفقرة تجسيداً للممارسة السياسية الديمقراطية ، لكنها تتعارض مع بعض النقاط الواردة في الوثيقة ( 1-2..) والتي تساهم في تكريس المركزية التي من الممكن أن تقود إلى ممارسات بيروقراطية وبالتالي يفترض أن يتم العمل على تجاوز هذه النقاط درءاً من الوقوع في التكتل والانغلاق ،وهذه النقاط تتناقض مع الدعوات المؤكدة على ضرورة الحوار.
----------------------------------
ختاماً نرى أنه من الضروري تثمين ودعم التجمع من خلال تثبيت النقاط الإيجابية والعمل من خلال تفعيل الحوار النقدي الحر و المنفتح لبحث و تجاوز بعض النقاط الإشكالية ، وبتقديرنا يمكن أن تكون المجلة النظرية هي ساحة الممارسة النظرية النقدية للارتقاء بهذه التجربة وبتجارب أخرى ، لتكون مجالاً حراً ومنفتحاً لتأكيد حرية الفكر والإبداع .
وأيضاً يجب التأكيد على ضرورة استمرار وتطور وارتقاء التجمع الماركسي لكونه يشكل حالة سياسية جديدة تحاول إعادة نسغ الحياة إلى اليسار السوري الذي يمثل مشروعاً اجتماعياً نقيضاً للمشروع الرأسمالي المعولم وتجلياته الطرفية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله: قصفنا 9 مواقع إسرائيلية وهاجمنا بسرب من المسيرات م


.. أعمال شغب في باريس خلال مناظرة مناهضة لليمين المتطرف




.. احتجاجات -الحريديم- تتحول إلى أعمال عنف في القدس


.. نتنياهو سيعلن خلال أيام نهاية عملية رفح.. ووزير الدفاع يقول:




.. ترقب للجولة الثانية من الانتخابات بين بزشكيان وجليلي| #غرفة_