الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في السؤال السوسيولوجي للهوية-1

علي وتوت

2007 / 5 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عراق واحد... عن أي جنون نتحدث ؟
(1)
د. علي وتوت
باحث أكاديمي في سوسيولوجيا السياسة
[email protected]

مدخل
ربما تبدو أسطر هذا المقال جنوناً آخر مضاف لما يشهده الواقع العراقي منذ أكثر من (86) ست وثمانين عاماً متتالية.... وأنا أعي أنها ستثير عدداً من ردود الفعل.. لكن هل يمكن لنـا لمرة أن نكون أكثر صدقاً وصراحةً مع أنفسنا.
إذ يبدو جلياً، وبكل مشاهد القتل والخراب المرعب والمجاني التي يشهدها الشارع العراقي... والتي مارسها ويمارسها بعض العراقيين ضد بعضهم الآخر... فضلاً عن حروب كبرى ثلاثة في عقدين من الزمن... وحرب يومية مستمرة منذ أربع سنوات تقريباً... هو أن ما كان سينتج (بل نتج) عن ذلك، مجتمعٌ مريض بآلاف العلل النفسية والاجتماعية... ومنها علة (الهوية).
لكن حرب الجميع على الجميع بتوصيف (هوبز) تبدو خارج إرادة العراقيين على الفهم، وأيضاً خارج إرادتهم في العيش المشترك على أرض العراق... ففي مرحلة اهتزاز شرعية الدولة الراحلة في ظل الأزمة الاجتماعية والسياسية للدكتاتورية ومن ثم انهيار الدولة بفعلِ الاحتلال، أصبح من السهل نكوص الجماعات الاجتماعية في العراق إلى هوياتٍ وانتماءات أولية (تقليدية).
فمنذ أربع سنوات تقريباً حين وطأت دبابات الاحتلال الأمريكية أرض بغداد... وطأت عراقاً (موحداً)... لكنه ليس (واحداً)... أدرك معظم العراقيين أن هناك عدداً متزايداً من الأسئلة المشكّكة بالهوية الواحدة للدولة الحديثة الراحلة، أولها يتعلق بماهية الهوية العراقية. فمن هو العراقي ؟ ومن هو ليس كذلك ؟
ولكن قبلاً يجب التساؤل عما تعنيه الهوية ؟ وما الذي يحدد شرطها ؟ وهل هي لغة أم ثقافة ؟ وبأي مفهوم للثقافة ؟ وهل أن الهوية مبنية على الأحادية أم إن محورها قائم على التعدد ؟ فإذا ما كان المرء وحيداً في الكون فهل يعقل أن تكون له هوية ؟ وما الذي يجعل انتماءً بشرياً منتجاً في حين لا يجعل الآخر كذلك ؟ وهل يمكن أن نسأل الآن: من نحن ؟ كما فعل سامويل هنتنغتون ذلك، أو أن نحاول معرفة ماهية هويتنا ؟ أم أن السؤال يبدو جنوناً هو الآخر ؟ وهل هناك فعلاً أزمة في الهوية ؟، أم أنها أزمة بأصل الاجتماع السياسي للعراقيين... أي أزمة وجود بالأصل... إذ هل شكلت التجمعات الاجتماعية العراقية – تقليدية أم حداثية- مجتمعاً موحداً ذات يومٍ في تاريخها ؟ هذه الأسئلة وغيرها مما سنحاول إجابته عبر أسطر مقالتنا هذه.
عليه فإن السؤال السوسيولوجي للهوية يستقي أهميته من دخول مفهوم الهوية بطريقةٍ مباشرة أو غير مباشرة في تحديد كمِّ مرعب من الإشكاليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي إنبنى أو لازال ينبني عليها الاجتماع السياسي القائم في حدود الجغرافيا السياسية للعراق الحديث. ففيما وراء التدهور الخطير في الوضع العراقي منذ السقوط المفزع لدولة النظام الشمولي السياسي السابق، والذي يعكسه بشكل واضح الملفان الأمني والاقتصادي، هناك في الحقيقة تدهور في واقع الاجتماع السياسي في عراق الدولة الراحلة على مرّ تاريخها، يتضمن الأسس التي قام عليها هذا الاجتماع وتلك التي نتجت عنه.
إن العودة إلى التاريخ بتصورات نمطية جاهزة Stereotypes (مثل إن العراق ذو الحضارة أو الحضارات التي تصل إلى ستة آلاف عام ... كان واحداً منذ البداية... أو ما إلى ذلك من تصورات) لاشك أنها تعبر عن خواء ثقافي وعجز في مواجهة الحاضر ومشكلاته. إن العراق اليوم يمر بأزمات.. بل بكوارث مرعبة ليس أقلها وجوده ككل.. وهوية أفراده وجماعاته... لذا ينبغي علينا مواجهتها بشجاعة.. فأين مجتمع العراق ذي الحضارة من كل ما يرتكب على أرضه من مجازر يومية مثلاً... أليس هذا تناقضاً جلياً في حد ذاته... هذا من جانب. ومن جانبٍ آخر فإن هذا التناقض يثير خيبةً أخرى تتمثل في جدوى البحث عن إجابات للسؤال السوسيولوجي عن الهوية في ظل تلك التصورات النمطية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة