الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التقدم سبب أزمة الفكر والمجتمع الديني

ابراهيم سليمان

2007 / 5 / 26
المجتمع المدني


كان مجتمعنا يعيش هانئا لا يعرف للصراع الفكري سوى لون واحد هو الصراع على السلطة , ابن يقتل والده أو أخ يقتل أخيه ليستولي على العرش أو الأمارة أو قائد يخون العهد ويقفز إلى أريكة السلطة , وكل هذه الأزمات المتشابهة تدور في نطاق ضيق من العواصم بل ربما داخل القصور , وتنتهي بسفك الدماء بأسرع ما يمكن , أما المواطن فهو في جنته أو في جهالته الجهلاء مستعبد ومستغل وهو راضي ومقتنع بأنه عبد ذليل يسمع فيطيع هكذا عاش أبائه وأجداده من قبله وهذه سنة الحياة كما يظن ! ربما يفلت من هذا النظام الشرقي الصارم بعض المحظوظين من رجال الدين و القضاة أو المثقفين والشعراء الذين يعيشون على هوامش القصور وفي ظلال السلطان وهم يعتنقون فكرا واحدا في المجمل مليء بالغيبيات والأساطير والجن والرؤى والأحلام وصراعهم صراع نفاق و تذلل من اجل الشهوات .
هذا كان بالأمس أما اليوم فإن استمرار تقدم الفكر الإنساني القادم من الخارج بعيدا عن فكرة الدين هو السبب الرئيسي لأزمات الفكر الديني المشاهدة اليوم .. فبعد تلك الحياة الهانئة في عصور الجهل والأمية يواجه رجال الدين اليوم تحديا حقيقيا سببه التقدم والتطور بل أن مجرد دخول جهاز جديد إلى حياتنا يربك هذا الفكر ويضعه في مهب الريح وخير مثال جهاز جوال الكاميرا ! والبلوتوث وقبله الدش وقبله التلفزيون بل العاب الأطفال دع عنك التقدم الطبي وهندسة الجينات والاستنساخ والخلايا الجذعيه , فكل تقدم وتطور علمي مهما كان هو كارثة للفكر الديني و هو مزيد من المسائل والمصاعب الجديدة . التقدم يطرح تحديات على كل الأصعدة علمية و سياسيه و اجتماعيه و اقتصاديه و تجاريه و تربويه فمن قضايا التربية ومشاكل الأجيال الجديدة التي تعيش تناقض ما يقال وما يفعل , إلى الحياة ألاقتصاديه المؤرقة باللهث وراء سراب الحلال والحرام في عالم المال المعقد والمتشابك .. إلى قضايا السلوك والأخلاق والعنف والجنس . .
هل سيستمر الدين في القيام بدوره كضابط اجتماعي وأخلاقي وسبيل لقمع نوازع الشر والبدائية في المجتمعات الدينية كما في السابق .. أم أن دور الدين سيتقلص كما هو حادث بهدوء وتجاهل وستقوم القوانين والنظم المدنية والهيئات والمؤسسات الحديثة بحل المشاكل المتكاثرة بعيدا عن حرفية الدين ؟ المشاهد والمحسوس أن دور الدين يتقلص يوما بعد يوم ليفسح المجال لإنتاج الفكر الإنساني الحديث أن يقوم بمهمة تنظيم وترتيب الحياة اليومية للجماهير .. وبينما يلهث الدينيين وراء الفكر الإنساني ليتبنوه ويوافقوا عليه ويدعوا انه ينسجم مع الدين وأحيانا أن هذا بالضبط ما يطلبه الدين .. مثل فكرة الحريات والمجتمع المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان .. بينما يقوموا بذلك تجد الفكر الإنساني يسير في حريته نحو التقدم ولا يبالي بما يقوله أصحاب النظرة الدينية التابعة .. لان الفكر الإنساني يتعامل مع الإنسان أولا وأخيرا .. يهتم بالإنسان الماثل أمامه ويبسط يده ليساعده بمطلق المساعدة .. بلا تعالي ولا ترفع ولا احتقار .. وما يشهده العالم الاسلامي من انفجارات ومذابح سببها تلك التحديات التي يفشل الدين في استيعابها فيلجأ الى التفجير والقتل وكأنه انتحار لذلك الفكر القديم المنغلق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو


.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين




.. السودان.. طوابير من النازحين في انتظار المساعدات بولاية القض


.. آلاف الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بعقد صفقة تبا




.. مجلس الحرب الإسرائيلي يجتمع لدراسة رد حماس على مقترح صفقة تب