الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يمسك يد بابا ؟

نشأت المصري

2007 / 6 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


عندما أخرج مع أطفالي للتنزه , أجدهم يتصارعون ويتشاجرون متلهفون فيما بينهم , والهدف هنا .. من يمسك يد بابا ؟
وعندما أنام أجد من بينهم من يأتي أولا ليضع رأسه على زراعي, شعور عجيب بين الأبناء ولهفة غريبة وتكالب عجيب على محبة الأب .
في الحقيقة شعورهم هذا ذكرني بأيام طفولتي وشعرت أن أطفالي نسخة كوبي من طفولتي , حيث أنني كنت أشعر وأنا ممسك بيد أبي أنني لا أخاف شيء ولا أخاف الطريق ولا أخاف من عربات أو سيارات أو أخطار وإن دخل بي في النار وأنا ممسك بيده فلا أهاب النار , وإن دخل بي في البحر فلا أهاب الغرق ,,, شعور كامل وجميل بالأمان والطمأنينة .
وعندما أنام على صدره , أشعر بدفيء عجيب يسري في أوصالي , وسعادة تغمرني , ومن شدة هذا الإحساس كنت أغار من أخوتي لألا يأتي أحدهم وينتزع مني هذا الإحساس.
وعندما أفعل ما يغضبه فكنت أخاف النظر في عينيه , وأهاب أن أرفع وجهي في مجلسه , وأشعر أن الدنيا ضاقت بي لمجرد أنه أبدى مجرد إحساس بغضبه تجاهي, لهذا كنت أجاهد أن لا أفعل ما يغضبه مني , وأعمل على مرضاة وطاعة والدتي لألا تقول لبابا عني , ولست أنا وحدي ولكن جميع أخوتي لهم نفس الشعور , لهذا منزلنا كان واحة جميلة تزهر بالمحبة وسط صحراء قاحلة مملوءة أحقاد وكراهية.
وأننا نتعجب كثيرا عندما نجد تنازع السلطات بين الرجل وزوجته , فتأخذ المرآة دور الرجل في تربية أولاده مما يقتل هذا الإحساس الجميل تجاه الأب, أو أن الأب يترك دوره طواعية بالبحث عن المال , أو زوجة أخرى , أو سفر , أو هروب من تناحر أسري , أو في البحث عن ما يشبع نزواته من مخدرات وميسر وخمور, والضحية في النهاية ضياع شعور مولود في أبنائنا وهو مهابة الأب.
في الحقيقة فكرت أن يكون هناك أنانية طفولية موجودة في كل طفل أو ربما يكون مولود بها.
وبالرغم عن حنان الأم ومحبتها التي يتغنى بها الشعراء والكتاب ,لكن هذا التصارع تجاه الأب شيء ملفت للنظر.
لماذا الأب؟
ـ الرجل رأس الأسرة فهو منبع الأمان , ومنبع الاستقرار, بل هو ما يمسك بدفة سفينة الأسرة , فتجد الرجل المتدين ينضح بتدينه هذا على باقي أفراد الأسرة , والرجل الخواف تجد أن أسرته تهاب المجتمع والرجل الجريء والشجاع , والمثقف هكذا ....
ـ الرجل هو المدبر لشؤون الأسرة فتجد الأسرة متكلة اتكال كلي وجزئي عليه , لا أحد يقدر أن يتحمل هذه المسؤولية غيره طالما هو موجود, وإذا أختل هذا الميزان بأن يتولى أحد أخر سواه هذه المسؤولية , فهنا يحدث فقدان الأولاد للثقة والترابط الأسري .
ـ الرجل هو المدافع والحصن الحصين للأسرة في مفهوم الأبناء , حتى لو كان يكره الشجار والقتال , فهذه مسؤوليته ,وبحكمته يوضح لأبنائه طريق الحق الشيء الوحيد الذي يستحق الدفاع عنه.
ـ الرجل هو المشورة والرؤية السديدة لكل أفراد الأسرة أي هو عيون الأسرة المطلة على المجتمع الخارجي.
ومن كل هذا ونقاط أخرى كثيرة لا يسعفني تفكيري في سردها نجد أن الصحة المجتمعية لأي أسرة كامنة في اتجاهات ورغبات وميول الأب.
لهذا إذا حدث تشقق أو تصدع في علاقة الأب بأسرته فهنا يحث التنكر للأب والتفكك الأسري ونتيجته:
ـ يظهر في الساحة من يضع نفسه مكان الأب.
ـ يتولى أحد الأبناء هذا الدور مما يجعل الحقد والكراهية يجد طريقه لقلب الأسرة , ومن هنا يحدث التناحر بين الأخوة , حيث مقتل المحبة والسلام , لعدم وجود المدبر الحقيقي.
ـ أو أن الزوجة تجعل من نفسها أما وأبا في نفس الوقت , مما يزيد أعباء معيشتها , لتترك حياتها وتجند نفسها للأسرة , ومع كل ما تفعله فلا تجد الرضا , بل يقابلها الجميع بالنقد والتحدي .. لهذا يوصي الكتاب المقدس بالأيتام والأرامل لأن معرفة الله بطبائع البشر سبقت وأنبأت عن تجاوزات المجتمع تجاه هؤلاء اللذين فقدوا الأب رغم عنهم بقوله في رسالة يعقوب الرسول :
الديانة الطاهرة النقية عند الله الاب هي هذه افتقاد اليتامى و الارامل في ضيقتهم و حفظ الانسان نفسه بلا دنس من العالم (يع 1 : 27)
الأسرة هي وحدة بناء المجتمعات ,فهي وحدة بناء الكنيسة , ووحدة بناء الدولة , والكنائس وحدات بناء للكرازة , وهي جسد المسيح الذي هو الرأس, لهذا كل الشعور السابق وأكثر منه,و بأكثر نقاء وأكثر إيمان وثقة نشعره تجاه ربنا يسوع المسيح.
ومن هذا المنطلق هناك أباء اعتبارين متولون بالرعاية في مجالات مختلفة في داخل المجتمع.
فهناك أباء اعتبارين للحياة المدنية:
ـ رئيس الدولة بصفته وليس بشخصه .
ـ المحافظ
ـ رئيس مجلس المدينة
ـ الوزير
ـ مدير العمل
الكل يعمل جاهدا لنجاح ما أوكل إليه , ويعمل كما سبق ذكره في حماية الأفراد والدفاع عنهم, الكل يسهر الليالي بحثا عن رفاهية ما أوكل عليهم, وإذا أختل الميزان وعمل لحساب نفسه مستفيدا من منصبه فيكون سبب في خراب مجتمعه الموكل إليه.
وأيضا هناك أبوة اعتبارية رعوية للنواحي الروحية :
على مستوى الكنيسة
ـ البابا
ـ الأساقفة عن ايباروشياتهم .
ـ الكهنة كل فيما يخصه من خدمة داخل كنائسهم.
فهم لهم نفس الأبوة الاعتبارية بصفتهم وليس بشخصهم , فهؤلاء مسؤوليتهم أكبر من رب الأسرة , فهم بعملهم الدءوب يقربون الشعب للخالق , فمسؤوليتهم لا تتلاشى بهذه الحياة الزائلة بل تمتد للحياة الأخرى, فالحساب بقدر من نالوا الملكوت بسببهم , الحساب عمن توكلوا عنهم, وعن كل فرد ,عن كل أسرة ,عن كل طفل فيها , فلا تقاس إنجازات أحدهم بعدد الأبنية التي بناها بقدر ما يحاسب على عدد الهياكل البشرية التي أعددها لتكون لسكنى الروح القدس, حسابهم سيكون على مدى النجاح لفرض السلام والمحبة والوئام لمجتمع الكنيسة , حسابهم عن كل فرد تاه عن طريق الحق , حسابهم عن قوة كلمتهم في الدفاع عن الحق والعقيدة ومدى نجاح حوارهم بطريقة المسيح نفسه وديع ومتواضع القلب .
رعايتهم الحكيمة والمفروض أنها بدون مقابل تمنع كل من تسول له نفسه لخراب هذا الكيان الروحي أو يشوش عليه بأدعية ضد وحدته والتي تتمثل في جسد المسيح ,, ونحن نقول أن للمسيح جسد واحد لهذا الكرازة واحدة في وحدانية حتى لو اختلفت المسميات , لأن الكل متمسك بعضويته في جسد المسيح...
يستثنى من هذا أصحاب الهرطقات والبدع والذين يفندون المسيح بطريقتهم الخاصة .
وأيضا لباقي الأديان يوجد أبوة مع اختلاف المسمى وعليهم نفس الواجبات ولهم نفس الحقوق.
لهذا يا من اؤتمنتم على أبوة اعتبارية, نحن نحتاج لكم ولأبوتكم ونتصارع فيما بيننا من يمسك بيد أبيه , نتكالب على محبتكم , نتباهى بأقوالكم , نضعكم نبراس ومنارة أمام جميع المجتمعات الأخرى , نترجاكم, نناديكم , نتحاور معا ومعكم , ننتظر منكم الكثير .
ولا ندعوكم لحرب فيما بينكم!!
ندعوكم للتحاور أنتم مع بعضكم البعض ,يا من دعيتم لأبوة روحية أو أبوة مدنية, لتلبية رغبات طال المطالبة بها وهي :
السلام والمحبة والمواطنة والأمان
نشأت المصري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بالأرقام: عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان بعد اغتيال الاح


.. عبد الجليل الشرنوبي: كلما ارتقيت درجة في سلم الإخوان، اكتشفت




.. 81-Ali-Imran


.. 82-Ali-Imran




.. 83-Ali-Imran