الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ٱلديمقراطية ٱلفيدرالية هى ٱلسبيل إلى ٱلمدينة!

سمير إبراهيم خليل حسن

2007 / 6 / 6
المجتمع المدني


تعقيبا على ما بدأ به ٱلأخ ٱلدكتور أحمد صبحى منصور من بيان للعلاقة ٱلوثيقة بين مفهوم ٱلديمقراطية وٱلدِّين عند ٱللّه وٱفتراق دين ٱلحقِّ عما يظنّ به ٱلمسلمون من دين فقد رأيت ٱلمشاركة فى ٱلمسألة بماۤ أملكه من علم وخبرة. وكنت فىۤ أعمال كثيرة عرضت ما فهمته عن تلك ٱلعلاقة. إلاۤ أنّ ٱلمسألة تحتاج إلى عمل من دون توقف وإلى مشاركة فى ٱلبحث وٱلنظر وٱلقول وصولا إلى فهم يجعلنا جميعا على سبيل ٱللّه ويمنعنا من ٱلخروج عنه. وبهذا ٱلمقال أتابع عملى مشاركا فى بيان تلك ٱلعلاقة بفعل ٱلمنهاج ٱلذىۤ أتبعه.
وعليه أرىۤ أن أضرب مثلا على مفهوم ٱلديمقراطية ٱلفيدراليّة من أجسامنا كما خلقها وسوّـٰها ٱللّه. حيث أنّ ملايين ٱلسُّور (ٱلخلايا) ٱلمختلفة تعيش فى جسم كلٍّ منَّا فى هيئة ديمقراطية فيدرالية تحمى وتحكم سلطتها ٱلمختارة بٱلخلق حقوق وخصوصية كلّ منها بما فى ذلك حقّ ٱلتكاثر.
فى تلك ٱلفيدرالية يعيش أهلها ٱلمختلفون فى سلام من دون طغوى تحرس حقوقهم وخصوصيتهم شرطة فيدرالية تتجوّل فى كلِّ مكان (ٱلكورتزول). ويأتىۤ إلى هذه ٱلفيدرالية مهاجرون يعيشون فى تلك ٱلفيدرالية بسلام بفعل قوّة ٱلرّقيب فيها. ومن هؤلآء ٱلمهاجرين ٱلفيروس وٱلجرثوم ٱلذين ينتظرون فرصة ليعتدوا على أمن ومكان تلك ٱلخصوصية. فإن فسق صاحب ٱلجسم عن وصية ٱللّه له "لا تكذب" وقال كذبا تتكاثر شرطة جسمه (ٱلكورتزول) ويسبب تكاثرها حالا يهدد أمنها وسلامها يسمّى "فرط ٱلاستتباب ٱلمناعى" ويجعل ٱلمعتدين من ٱلفيروس وٱلجرثوم تنطلق فى ٱعتدآئها على مكان وخصوصية بعض سوره (خلاياه) فتجعله مريضا يتألم ويهدده مرضه بٱلموت سريعا.
هذا ٱلمثل لا يشبهه مجتمع ٱلفطور community ٱلذى يعيش فيه لون واحد لا ٱختلاف بينهم ويتكاثر من دون تحكم فى حدود ومن دون حقوق شخصية. فٱلفطور بتكاثرها ٱلسرطانىّ تقتل نفسها بفعل عدوانها على غيرها وعلى نفسها.
أجسام ٱلأحيآء ذات ٱلسور ٱلمختلفة جميعها تحيا بتلك ٱلديمقراطية ٱلفيدرالية. وٱلإنسان وحده بما نفخ فيه من روح ٱللّه يملك ٱلقدرة على ٱلعلم بتلك ٱلديمقراطية ٱلفيدرالية وٱلعمل على حمايتها. وهو بوصوله إلى ٱلعلم بهذا ٱلحقِّ ٱلوجودىّ يسعى إلىۤ عيش مع غيره من ٱلناس يشبه عيش سور جسمه. وهو يعلم أنّ ذلك ٱلعيش لا يكون إلا بسلطة تحكم بميثاق يحمى ويحرس لكلِّ فرد فى ٱلمجتمع عيشه وشخصيته وحريته ومسئوليته وحدوده. ومن أجل ذلك يسعى مع أشخاص أحرار أخرين لإقامة مجتمع يشبه مجتمع سور جسمه ٱلفيدرالىّ ٱلديمقراطىّ. وبكمال بناۤء ذلك ٱلمجتمع ٱلمدينىّ يخلو سبيل ٱللّه من ٱلعثرات وتتسع أبواب ٱلعلم لمن يريده.
فإذا لم يدرىۤ أهل ذلك ٱلمجتمع ٱلديمقراطى ٱلفيدرالى بما يحدث فى حال "فرط ٱلاستتباب ٱلمناعى" فهم يفتحون ٱلباب لتخريب عيشهم بسبب زيادة تكاثر وتوسّع سلطة ٱلأمن بزعم خوف أمنى كما يحدث ٱليوم فى ٱلولايات ٱلمتحدة بفعل هجوم ٱلمرجفين عليها.
أمآ إذا كانوا يدرون فإن عودتهم إلى ٱلوصايا وطاعتها يوقف حال "فرط ٱلاستباب ٱلمناعىّ" ويعود لعيشهم سلامه.
قلت فى كتاب "أنبآء ٱلقرءان" أنّ كلمة "دين" جآءت فى ٱلقرءان كبديل أحسن لكلمة "ناموس" law. وقلت أنّ "ناموس ٱلحقِّ" substances lawهو سنّة ٱلفطرة ٱلتى تحكم كلّ شىء فى تكوينه وفى فعله ومنه تكوين ٱلبشر وفعله. وهو من بعد نفخ ٱلروح فيه وتطوره بفعل سؤاله ونظره يظهر له ناموس ٱلحقِّ ويعلم به. وبعلمه هذا يُسلم لسنّة ٱلفطرة ويخضع لها بإرادته كما يبين قول إبراهيم:
"إنّى وجّهت وجهى للّذى فطر ٱلسّمٰوٰتِ وٱلأرضَ حنيفًا وماۤ أنا من ٱلمشركين(79)" ٱلأنعام.
هذا لا يحدث إلا بسؤاله ونظره وإدراكه لمفهوم ٱلدين وسنّته. وبه يكون إسلامه بعلم ومسئولية شخصية فرديّة. فكلُّ فرد مسئول وله حدوده وحريته فى فهمه وفيما يقول وفيما يتخذ من مواقف فى عيشه "كلّ نفس بما كسبت رهينة" حيث لاۤ إكراه فى ٱلدِّين عند اللّه وهو دين ٱلحقِّ ذاتهsubstances law.
"إنّ ٱلدِّين عند ٱللّه ٱلإسلام"!
قول موجّه للذين يعلمون يحدّدُ لهم ٱلدِّينَ ٱلمقبول عند ٱللّه. وهؤلآء هم ٱلذين يوصلهم علمهم إلى فهم ٱلدين وٱلعلم بسنّته وٱلعمل على عيش يوافقه ولا يفسق عليه. وبفهمهم وعلمهم يوجهون أنفسهم إليه كماۤ أعلن وفعل إبراهيم.
هؤلآء يعلمون أنّ مفهوم ٱلديمقراطية ٱلفيدرالية فى عيشهم هو شرعة ٱلدين عند ٱللّه وسبيله. ويعلمون أنّ مثلَها ضربه بٱلأمس رسول ٱللّه فى سلطة ٱلمدينة ٱلتى حكمت تسع دول قبيليّة تركت لكلِّ قبيلة سبيلها وخصوصيتها ودينها (كتابى "ٱلصحيفة" وكتابى "ما هو سبيل ٱللّه؟" وكتابى "ٱلديمقراطية دين ٱلمؤمنين" ومقالات مختلفة). ويعلمون أنّ للمثل ٱليوم متابعة فى مفهوم ٱلديمقراطية ٱلفيدرالية وفى ٱلسلطة ٱلتى تتبع شرعة حقوق ٱلإنسان وتكفل للناس عيشا لاۤ إكراه فيه. وأنّ سلطة ٱلديمقراطية ٱلفيدرالية تطلب للفرد حرية ومسئولية شخصية وتحمى ذلك. ويعلمون أنّ هذا ما يطلبه ٱلدِّين عند ٱللّه. كما يعلمون أنّ سلطة ٱلإكراه وٱلتكفير عند مسلمين لدين يزعم هداية وصاية وولاية وكفالة وصيطرة على ٱلناس ويقتل ٱلخارجين عليه أنها سلطة دين شيطان أعمى عن ٱلحقِّ ودينه. ويعلمون أنها سلطة لا تقبل بحرية للفرد ولا بمسئولية شخصية عن قوله وعيشه وتمنع عنه ذلك وتطلب منه تأليه سلطتها وٱلمشاركة فى حربها ضد ٱلديمقراطية وضد ٱلمطالبين بها.
ويعلمون أنّ هذه ٱلسلطة تعلّم دين ٱلشيطان ليكون منهاج أتباعها. وتتخذ فى تعليمهاۤ أمثلة من أقوال وأعمال ٱلكفر وٱلطاغوت ٱلتاريخى. فتزعم بهاۤ أنّهاۤ أمثلة على مفهوم "ٱلإسلام". وبهذا ٱلزعم يطلق كهنوتها ٱلمنافق فتوى تبيح لمن يطلق عليهم بلغوه ٱسم "مجاهدين" من ٱلتابعين ٱلعابدين له (وهم "ٱلمرجفون فى ٱلمدينة" من ٱلمريضة قلوبهم) ٱلحرب ضد ٱلديمقراطية ٱلفيدرالية من دون أن يرقبوا فىۤ أهلها قوّة ولا ضعفا. فيندفعون لصناعة ٱلرجفات فى عيش ٱلناس ٱلأمنين يقتلون ويجرحون منهم من دون حساب. فيدفعون بأهل ٱلديمقراطية ٱلفيدرالية (وهم أهل مدينة) إلى مطاردتهم وقتلهم.
ويعلمون أنّ هؤلاۤء هم ٱلجاهلون بسبيل ٱللّه ودينه وهم ٱلكافرون لأنفسهم ولأتباعهم عن ٱلحقِّ ودينه.
فى ٱلدِّين عند ٱللّه أنّ ٱللّه واحد "أحد لم يلد ولم يولد" وأنّ ٱللّه "ليس كمثله شىء" "ولم يكن له كفوًا أحد". فهو قوة لا مثيل ولا كفو لقوته فى ٱلأشياۤء. وقد أعلن ٱللّه أنّه "جاعل فى ٱلأرض خليفة" يخلف بما نفخه فيه من روحه فى جميع أسماۤئه ٱلحسنى خلافة محدّدة بقوله له "وماۤ أوتيتم من ٱلعلم إلا قليلا".
بهذه ٱلخلافة للواحد ٱلأحد يكون ٱلخليفة واحدا لا جمع له ولا كفو. وبذلك يكون شخصا حرًّا Hercules يتميز عن غيره من ٱلأشخاص فلا يخضع لأمر إلا بمسئوليته ٱلمعرفية وٱلعلمية وٱلشرعية. وهو ٱلذى يعلم أنّ ٱلقوة ٱلوحيدة ٱلتى يختار ٱلخضوع لأمرها من دون غيرها هى قوّة دين ٱللّه وحده. وهي ما يظهر له من دين ٱلحقِّ بفعل سؤاله عنها ونظره بحثا فيها.
بهذه ٱلخلافة يعلم ٱلشخص ٱلحرّ ٱلمسئول (وهو ٱلذى يسأل وينظر ويعلم) أنّ ملايين ٱلناس على ٱختلاف ألوانهم وٱختلاف مفاهيمهم ومواقفهم يمكنهم ٱلعيش بسلام بوسيلة واحدة تشبه ٱلوسيلة ٱلتى تعيش بها سور جسمه ٱلمختلفة فى فيدرالية ديمقراطية تحمى خصوصية كلّ منها. ويعلم أنّ ٱلعدوان على تلك ٱلخصوصية تجعل من عيشه مهددا بٱلمرض وٱلألم وٱلموت كما يحدث لجسمه إن فسق وكذب وزنى وسرق وقتل فيسبب "فرط ٱستباب مناعىّ" فيه.
أما إن كان لا يعلم كما هو حال رجال ٱلكهنوت ومنهم كهنوت ٱلمسلمين لدين شيطان فيعمل بٱلتعاون مع قوى طاغوت جاهل بدين ٱللّه على ٱلفسق وإخضاع ٱلناس لإرادتهم وأراۤئهم من دون سؤال ولا نظر فى دين ٱلحقِّ. فهو لا يعلم بتلك ٱلفيدرالية ٱلديمقراطية فى جسمه. وبجهله وتخريصه يصنع ألهة تفسر وتفتى فى ٱلدين. ويرى فى كل مَن يفسّر أو يفتى من ٱلناس كافرا مأجورا لأهل ٱلديمقراطية ٱلفيدرالية. وهو بتكفيره وٱتهامه إنما يتهم بإتباع ٱلدين عند ٱللّه ٱلذى يطلب من ٱلناس ٱلسؤال وٱلنظر وٱلعلم وٱلمسئولية ٱلشخصية وٱلعيش مع ٱلناس وفق شرعة حقوق ٱلإنسان من دون إكراه لا لكافر ولا لمؤمن.
دين ٱلطاغوت يطلب من ٱلناس عبادته وٱلخضوع لتفسيره وما يزعم به من فتوى. ويطلب منهم أن يكونوا متماثلين من دون ٱختلاف كٱلفطور يتبعون دينه ٱلجاهل بٱلمدينة وعيشها ٱلديمقراطى ٱلفيدرالىّ. وبٱتباعه يسقط ٱلتابعون فى مفهوم ٱلشرك وٱلعيش ٱلاستبدادىّ community بفعل خضوعهم لمن هو بشر مثلهم أشركوه بأمر ٱللّه ٱلواحد ٱلأحد.
أهل ٱلديمقراطية ٱلفيدرالية هم ٱلذين ينادون بشرعة حقوق ٱلإنسان "لكم دينكم ولىَ دينِ". وهم ٱلذين يستنكرون ٱلعيش فى مجتمع ٱستبدادىّ وينفرون من ٱلخضوع لأية قوة فى ٱلمجتمع من دون إرادة ٱلفرد ومسئوليته ٱلحرّة.
أما كهنوت ٱلمسلمين فهم ٱلذين يطلبون إخضاع ٱلإنسان لسلطة طاغوت وجعله عبدا ذليلا يفعل ما يأمر به رجال دين "ٱلوسواس ٱلخناس" ٱلذين يدفعون بٱلناس إلى ٱلشرك وٱلخضوع لسلطة تعادى ٱللّه وتمنع ٱلإنسان من ٱلخلافة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر.. اللاجئون السودانيون يستقبلون عيد الأضحى في ظروف صعبة


.. قرار الجيش الإسرائيلي بشأن -الوقف التكتيكي -جاء بعد محادثات




.. شاهد: الآلاف يتظاهرون في تل أبيب مطالبين بعقد صفقة تبادل فور


.. مبادرة في يوم عرفة لحلق شعر ا?طفال غزة النازحين من الحرب الا




.. مع استمرار الحرب.. مسؤول كبير ببرنامج الأغذية العالمي يحذر م