الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة ..الهة سرق الرجال عرشها بالخديعة

بركات محي الدين

2007 / 6 / 7
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


لن تستعيد المرأة ملكاً عفت عليه القرون وبنت عليه رمال الدهر كثباناً من نكران الجميل, ملك بدأت تفقده عندما انقلبت المجتمعات الشرقية والغربية على تأريخها الرعوي والزراعي الذي لازم بدايات تسجيلها في النادي البشري , وتحولت إلى تكتلات بطولية تسعى إلى نشر المجد والسطوة لمؤسسات غاشمة سُميت إمارات أو دول أو إمبراطوريات , في المجتمعات الرعوية والزراعية كانت الأنثى قيمة ارض- سماوية مركزية لدى الأسرة والمجتمع , فجسدها المكور كان يحتضن بذرة الحياة العزيزة , حتى شاع بين الكثير من تلك المجتمعات عبادة العضو التناسلي الأنثوي , ولم يكن من باب الصدفة إن معظم آلهة العالم القديم كنّ من الإناث أمثال عشتار وأخواتها ولم يكن صدفة أيضا أن اللات ومناة والعزى والغرانيق العلى المذكورات في القرآن كنّ كذلك , يداها أيضا كانتا تبذران الغلة في رحم آخر هو رحم الأرض أمنا الكبرى لتنتج لنا براً يأكل منه أطفالها وزوجها الرجل الذي كان كسولا ولم يكن بمثل هذه الهمة والأهمية التي هو عليها اليوم ,
غير أن تلك الآلهة مع طيبتها لم تكن محتاطة جداً في إدارتها للأرض فنجم عن سوء توزيعها للثروة أن احتاجت المرأة المسالمة الرقيقة إلى غطريس يسلب لها قوتها وقوت عيالها من بعض الجيران الذين لازالت أراضيهم محل عناية الآلهة , فأنتهز عنترة ورفاقه الصعاليك الماهرين في السلب والقتال هذه الحاجة ليملوا شروطهم الغير النزيهة عليها فقبلت بذلك وتخلت عن ارثها المجيد في القيادة والتدبير مقابل حياة أسرتها , وكان أول عمل خبيث قام به هذا المتفرعن هو تذكير الآلهة , ومع ذلك فأنه لم ينجح كلياً في هذه الحيلة فبقيت إلهات الحب والجمال والخصب والنماء إناثا لأنه كان مضطراً لذلك خوفا من الجدب والوحشة أيضا , وبقيت براءة اختراعه منحصرة بالذكور من آلهة الحرب والقتل ( البطولة)
, ولكن النتائج المترتبة على هذا التلاعب والانتهاز كانت بمثابة عار وضلالة , ففي مجتمع رجولي كان يسعى إلى إنشاء الدول واحتلال الأراضي الجديدة وتطويب السفّاحين كان من الطبيعي أن يُنظر فيه للمرأة كفرّاخة تحتضن بيوض الرجل وتنشئ له الجنود الاقوياء , يقول مسيو تروبلونغ عن نساء الإغريق (( كانت المرأة السيئة الحظ التي لا تضع في إسبارطة ولداً صالحا قويا تُقتل ))
ويقول(( كانت المرأة الولود تُؤخذ من زوجها بطريقة العارية لتلد للوطن أولادا من رجل آخر ))
, ولم يكن هذا حال المرأة لدى الإغريق فقط , فقد كان جميع المشرعين في الأمم الغابرة أجلافا و قساةً عليها فهي لدى الهندوس (( أسوأ من المصير المقَّدر والريح والموت والسم والأفاعي والنار )) وهي في التوراة (( امرُّ من الموت / سفر الجامعة )) وان (( الصالح أمام الله ينجو منها )) وهي في جميع الأديان الشعبية أصل الغواية الأولى وسبب الخروج من الجنة ,والمثل الصيني يقول (( أنصت لزوجتك ولا تصدقها )) والمثل الروسي يقول (( لا تجد في كل عشر نسوة غير روح واحدة )) والمثل الايطالي يترنم (( المهماز للفرس الجواد والفرس الجموح . والعصا للمرأة الصالحة والمرأة الطالحة )) وتقول شريعة منو الهندية (( تخضع المرأة في طفولتها لأبيها وفي شبابها لزوجها وفي تأيِّمها لأبنائها إذا كان لها أبناء , وإلا فإنها تخضع لأقرباء بعلها )) , ولقد ورث العرب قدراً كبيرا من هذه الثقافة الرجولية الشنيعة فكان شائعاً بينهم أن يلقي الرجل بردائه على أرملة أبيه فيطأها ويتمتع بها كشيء من ارثه إلى أن جاء الإسلام وحرّم ذلك , وشاع بين بعض قبائلهم وأد البنات حتى جاء محمد (ص) فشنّع عليهم هذا العمل الجبان , فقد رأى قيس رئيس بني تميم محمدا وهو يضع احدى بناته على ركبتيه ويشمُّها فقال له : من هذه الشاة التي تشمُّها , قال : ابنتي , قال قيس : والله كان لي بنات كثير , فوأدتهن من غير أن أشم واحدة منهن , فصرخ محمد (ص) بوجهه : ويل لك يظهر إن الله نزع الرحمة من قلبك , فلا تعرف أطيب النعم التي منَّ الله بها على الإنسان ،
وقد أُثير لغط كبير على مسالة القوامة الرجولية المذكورة في القرآن , لكن حقيقتها إن القوامة لم تكن ولاية للرجل على المرأة كما فهمها الكثير من الفقهاء ورتبوا عليها الكثير من أحكامهم الخاطئة فيما بعد , وإنما كانت ضريبة مالية وانفاقية أُلزم بها الرجل لقاء ما يتمتع به من نصيب أوفر من نصيب المرأة عند توزيع الإرث , ولهذا فان إعطاء تلك القيمومة للرجل دون المرأة كان رأفة بها وتخفيفاً عن كاهلها وتمكينا لها من الاحتفاظ بملكيتها المالية وتنميتها دون أن تكون ملزمة بالإنفاق منها ((ولا تتمنوا ما فضّل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ... )) النساء32 ,, فالرجال قائمون بالإنفاق على النساء ومتعهدون بذلك أمام الله والمجتمع بسبب تفضيل الله لهم عليهن بالعطاء لا بشيء آخر (( الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ... )) النساء 34 ,, ويجب التنبيه إلى إن نصيب المرأة ليس دائما اقل من نصيب الرجل إلا في حالة الإخوان الذكور والإناث ,, ومع إن الإسلام يعتبر من أول الأديان التي أكرمت المرأة وأعادت إليها حقوقها المسلوبة إلا أن المرء لا يعدم أن يجد بعض القسوة لدى المسلمين في نظرتهم إليها كاعتبار النساء نواقص الإيمان والعقول أو أنهن خلقن من ضلع اعوج أو كقولهم (( اياك وشرارهن وكن على حذر من خيارهن )) أو مئات القصص الباطلة عن مكرهن والتي كانت ناجمة عن تجارب شخصية غير سارة لبعض الرجال مع بعض النساء ، لأننا لم نسمع من محمد(ص) شخصياً مثل هذا الذم والتبرم لأنه كان على الأغلب يمضي اوقاتاً طيبةً مع نسائه الكثر ولا يجد راحة من أعباء الرسالة إلا في بيوتهن , وكان أول صدر رحَّب به في بداية تنبئه هو صدر امرأة , فلا عجب أن ترى أبي القاسم (ص) يجعل الجنة الغالية التي يموت من اجلها الرجال تحت أقدامهن الرقيقة ,, والتصنيف البائس للمرأة على كل حال لم يكن ناجماً عن التقيد بمضامين القرآن الحقيقية وإنما هو ناجم على الأغلب من تعسُّف الفقهاء أو التعوّد على أعراف وتقاليد مكتسبة غريبة عن الأمة أو الجمود على أعراف بالية تعتبر بنظر الأشخاص جزء من الهوية القومية وان كانت صريحة في مناقضتها للدين , فالغيرة الفائقة لدى الرجل على نسائه وعزلهن وراء الأستار في عصر الحريم لم تكن بنفس الحدة التي كانت عليها في صدر الإسلام وأيام الفتوحات الأولى عندما كانت المرأة رفيقة للرجل في ساحة القتال أو جليسة معه في المسجد أو النادي لتستمع إلى خطب الرسول أو تتشاور مع المسلمين في الأمور العامة , ولعلنا نذكر جيدا إحداثا مهمة في تاريخ الدولة الإسلامية كان أبطالها من النساء كعائشة وفاطمة وزينب والخنساء وأمهات الخلفاء, ويكفي أن نعرف إن أول شهيد في الإسلام كان امرأة وهي سُميّة , ومثلما كانت المرأة محوراً للسلم فأنها كانت قطباً للحرب والشجاعة إن أرادت, مثل هند زوجة أبي سفيان التي حملت من الأنفة والإقدام ما لا يحمله أي رجل مهزوم دخل عليه عدوه في عقر داره عندما خاطبها الرسول (ص) يوم فتح مكة : من ؟ هند آكلة الكبود ؟ فردت عليه بصلف وشمم عربي : انبيٌ وحقود , وهو امرٌ لايطيقه أشجع المستخنثين من قادتنا العرب في الوقت الراهن !! إن دور المرأة الفطري في الأمومة والرعاية لم يخرجها ابداً عن دورها الحيوي في بناء الحياة أو التخطيط لها , وغالبا ماكانت مشاركتها فيه أكثر نزاهة من مشاركة الرجل الغشوم , فقد كانت سيرة الملكات النساء اقرب للشرف والرأفة من سيرة الملوك الرجال , ولعل أول مثال منقول إلينا عن الديمقراطية في الحكم كان مثالا ضربته امرأة عندما تعرضت هي وشعبها للتهديد من قبل ملك جبار سخرت له السماء قوى الأنس والجن فطلبت من شعبها مشاركتها في الرأي والمشورة و(( قالت ياايها الملؤا أفتوني في أمري ماكنت قاطعةً امرا حتى تشهدون )) النمل 32 , فيما بدا الملك المغرور بسلطانه متعالياً و غاضباً على كل فرد من إفراد رعيته حتى وان كان هدهداً مسكيناً غاب عن التعداد الصباحي اليومي فتوعده الملك ( لاعذبنه عذابا شديداً أو لاذبحنه ) النمل 21 ، وكان الاختلاف كبيرا بين خطابها الحضاري المترع بالمودة واللطف والحكمة فهي تعرف الحقيقة الكبرى فقد ( قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون . واني مرسلة إليهم بهدية ) النمل 35 , فلا زالت هذه المخلوقة تعتقد إن التوادد والتهادي والحوار يمكن أن يحل أية مشكلة , ولكنها كانت واهمة فلقد جاءها جواب العنجهية والسطوة سريعاً ( ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون ) النمل 37 , وأخيرا اضطرت هذه المرأة المحبة لشعبها أن تذهب إلى بلاط الملك بنفسها للتفاوض معه والوقوف على مطالبه , وهناك تم الاستحواذ على ملكها ببعض الِحَيل ( قال نكِّروا لها عرشها ) النمل 41 ,, وباستظهار الزخرف والبهرجة واستخدام بعض الخدع البصرية كشفت عن مفاتنها أمام الملأ ( قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجّة وكشفت عن ساقيها )) النمل44 , والى اليوم لا زال الرجال يسخِّرون ادواتهم العتيقة لسلب لب ذلك المخلوق الحسن النوايا وإدخال الدهشة على قلبه ومن ثم الاستحواذ على أشيائه الخاصة , فيا لعار أُناس لا يجيدون سوى الخداع والوقيعة , ولا يحسنون غير لغة البطش ...

بركات محي الدين
مفكر وباحث عراقي
[email protected]










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. (12-05-2024)- في يوم التمريض العالمي.. كلارا ممرضة وصديقة تع


.. تفاعلكم | القبض على تيك توكر شهيرة لتورطها في قضية اغتصاب ال




.. مجلس المرأة لحزب PYD يؤكد السياسة دون المرأة سياسة حرب


.. الصحفية حبيبة العبيدي




.. انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للسينما الأفريقية بحضور نسوي