الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرتزقة

بولات جان

2007 / 6 / 17
القضية الكردية


الملايين تُهدر على الحرب و الدولة غارقة حتى النهاية في الديون و باتت مرهونة لدى الدول الخارجية، الشعب ينوء من وطأة الغلاء و الجوع و جيش العاطلين عن العمل يتكاثر بسرعة الضوء و المجتمع يسير نحو الانحطاط و الغرائز البهيمية الفاشية تسعر في أحشاء النظام العسكريتاري و السياسة المدنية مرمية في حاويات الثكنات العسكرية و تجار الدماء يصفقون و يقهقهون من شدة الحبور مما حصلوا و يحصلوا على فوائد لا تعد و لا تحصى من وراء هذه الحرب التي يتسبب بها و ككل مرة الذهنية المتعفنة للحكام الأتراك الفاشيين... و المستفيد الوحيد من كل ذلك يبقى السماسرة و المرتزقة و المتاجرين بأرواح الشعوب...
لو كنتُ محل الحكام الأتراك كنتُ سأقول للاكراد: " خذوا حريتكم و كفوا بلائكم عنا..." حينها سيقرر الأكراد ما يريدون فعله و ستتجه الدولة التركية للاعتناء بحياة شعبها و رفاهيتهم دون الحاجة إلى تجميد كل الحقوق المدنية و الإنسانية و الديمقراطية بحجة سحق النضال الكردي...
و لكن هيهات ثم هيهات! فأين للحكام الأتراك بهذه البصيرة حتى يقدموا على فعلة عقلانية كهذه فيرتاحوا و يريحوا العالم من بلائهم. لكن الأمر ليس متعلقاً فقط بالعقلانية و البصيرة، حيث هنالك العديد من الجهات و الأطراف الطفيلية التي تتغذى على هذه الحرب الدائرة منذ عشرين سنة في كردستان. هذه الجهات منها الخارجية و منها الداخلية تنتفع من الحرب و يمكننا تسميتهم بتجار الحروب و سماسرة الدماء و الأرواح البشرية. هؤلاء لا يخسرون أي شيء لا بل يربحون كثيراً من وراء الحرب و عكسها أي في حال توقفت هذه الحرب سوف يفقدون الكثير من المنافع التي يحصلون عليها من تجارة الأسلحة و و ابتزاز الأموال للتغطية على القذرات التي ترتكبها العنجهية التركية في كردستان من مجازر و خروق بالأعراف و المواثيق الدولية.
هؤلاء المنتفعين ليسوا أتراكاً فحسب، منهم الأجانب و بعض الأطراف الإقليمية و كذلك الأطراف الكردية الخائنة. أريد ان أخصص مقالي هذا لهؤلاء الأكراد الخونة الذين يتاجرون بأرواح الشعب الكردي و يتطفلون على مقدرات الدولة التركية دون أن ترف لهم جفن من رؤية أم كردية تبكي على ولدها المستشهد في الجبال. فهؤلاء الخونة الكرد الذين لا يمتون بالروح الكردية و لا حتى الروح التركية بأية صلة باتوا كالديدان التي تتغذى على الدماء دون أن يكون لهم أية أهداف سياسية أو أيديولوجية أو وطنية.
نعرف جميعاً بأن العدو أو الأعداء يستخدمون هذا الأسلوب في كل الأماكن التي يستعمرونها. أي يسلحون جزء من الشعب الجاهل و يستخدمونهم ضد أبناء جلدتهم لإضعاف الطرفين و بذا يسهل عليهم إحكام القبضة على البلاد و سحق أي ثورة أو عصيان أو تطلعات للحرية. فصدام حسين أستخدم بعض الأكراد المتواطئين معه في الحرب ضد الشعب الكردي فكان الأكراد يسمون هؤلاء الخونة بـ(الجحاش) أي أولاد الحمير و كذلك استخدمت الدولة الايرانية في حربها ضد الثوار الكرد و نفس الشيء بالنسبة إلى الدولة التركية التي سعت و منذ عشرات السنين إلى استخدام الشعوب ضد بعضها البعض و ضد أنفسهم أيضاً.
الدولة التركية تصرف الملايين على هؤلاء المرتزقة أو حماة القرى الجهلة و المتخلفين كثيراً و تسلحهم كي تستخدمهم ضد المقاتلين الكرد من جهة و الحد من مد الروح الوطنية التي باتت كالنار في الهشيم بين الشعب الكردي مع ثورة حزب العمال الكردستاني.
أكثرية هؤلاء المرتزقة أميّون لا يعرفون القراءة و الكتابة و بعيدين كل البعد عن المدنية و الحضارة و التقدم الاجتماعي و الثقافي و حتى إنهم يجهلون اللغة التركية جملة و تفصيلاً و لكنهم و مع ذلك يقولون و باللغة الكردية " نحن لسنا أكراداً!" فيا للمهزلة!
هؤلاء المرتزقة يعبدون المصلحة فقط و ليست لهم أية عقيدة فكرية أو تجاه سياسي أو إيديولوجي و وقوفهم بجانب الجيش التركي نابع من العديد من الأسباب و لكن المصلحة الاقتصادية تطغى على أي شيء آخر.
عندما يقبل هؤلاء بحمل السلاح و الوقوف بجانب الدولة ضد المقاتلين الكرد بذلك يحصلون على العديد من الامتيازات كالسماح لهم من قِبل المخافر الحدودية للتجارة و ممارسة التهريب و كذلك استخدام الأسلحة التي في أيديهم في مناوشاتهم مع القرى و العشائر الأخرى و كذلك فهؤلاء المرتزقة يحصلون على رواتب عالية قد لا يحلم به أي موظف تركي في اسطنبول. ثم نعرف جميعاً بأنه تم إفراغ أكثر من خمسة آلاف قرية كردية من قِبل الدولة التركية إثر رفض سكانها لحمل السلاح ضد أبنائهم المحاربين بين صفوف الثورة الكردستانية، و قد تم تهجير سكان هذه القرى و استولى عليها المرتزقة و المتواطئين مع الجيش التركي. لذا فليس من مصلحة هؤلاء المرتزقة أن يحل السلام و يتوقف الحرب الدائرة في كردستان و تركيا لأنهم بذلك سيفقدون القناة التي تدر عليهم المال...
هنا أود أن أورد بعض الإحصائيات الرسمية الدقيقة و أحللها من منظور عام.
هنالك العديد من الأحزاب و الحركات و الجمعيات الفاشية التركية التي تحارب الشعب الكردي و الأحزاب التركية اليسارية طوعياً و كذلك هنالك الجيش التركي بكل تفرعاته و تشكيلاته المختلفة و بجانبهم هنالك ثمانين ألف(80،000) عنصر من المرتزقة الرسميين في تركيا و خاصة في المناطق الكردستانية. المتوسط الحسابي لراتب عنصر عادي من المرتزقة يعادل خمسمائة دولار أمريكي(500 $) شهرياً. طبعاً رؤساء المرتزقة و كبارهم يحصلون على مقادير أكبر بكثير مما يحصل عليه المرتزق العادي. و إن حسبنا هذا سوف يساوي (4000000 $) شهرياً و (48000000$) سنوياً و إن ضربنا هذا العدد بعشرين سنة فسوف ينتج معنا (960000000 $). هذا رقم مخيف جداً و لكن ليس الرقم الكامل. كوننا لم نحسب الأموال التي تصرف على تسليح هؤلاء و تأمين الذخيرة و الألبسة و العتاد و الرشاوى و المكافئات لهم. هذا ما عدا الأضرار الاجتماعية و الثقافية التي يتسبب به هؤلاء المرتزقة الجهلة.
الدولارات التي تصرف على هذا الجيش الجاهل من المرتزقة يعادل بناء الآلاف من المدارس و طبع الملايين من الكتب و فتح المئات من الطرق و ري مناطق بأكملها و الوصول بتركيا إلى قمة الرفاهية و السعادة. و لكن الحكومة و الجيش التركي يسرقان اللقمة من حلق الشعب التركي و يقدموها للمرتزقة فقط لكي يحاربوا حزب العمال الكردستاني و يخنقوا حلم الحرية الذي يحاربون لأجله. و لكن ما فشل في القيام به مئات الألوف من الجنود المدججين لن ينجح فيه هؤلاء المرتزقة أيضاً و الأكثر غرابة في الأمر بأن بعض من هؤلاء المرتزقة يقدمون الدعم للمقاتلين الكرد و حتى لا يتوانون عن تقديم أسلحتهم و ذخائرهم في الكثير من الحالات.
إذاً أية حماقة هذه التي تفيد في تعنت الحكام الأتراك في اللا حل و إدامة هذه الحرب التي لا تنفع إلا المرتزقة و سماسرة الحروب و تجار الدماء؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط