الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نحن بحاجة لخطة فرض القانون على الفساد ؟

علاء الكاشف

2008 / 4 / 11
المجتمع المدني


الفساد كما هو معروف آفة مجتمعية عرفتها المجتمعات الإنسانية وعانت منها منذ ظهور الإنسان على وجه البسيطة وحتى يومنا هذا. وهي اليوم موجودة في كافة المجتمعات الغنية والفقيرة، المتطورة والنامية، القوية والضعيفة. فظهورها واستمرارها مرتبط برغبة الإنسان في الحصول على مكاسب مادية أو معنوية. ولذا فهو يلجأ إلى وسائل غير سوية للوصول لها، منها إقصاء من له أحقية فيها، ومنها أيضاً الحصول عليها عن طريق رشوة من بيده الأمر أو عن طريق آخر هو المحسوبية أو الواسطة عند ذوي الشأن كما يمكن للفساد إن يحدث عن طريق استغلال الوظيفة العامة من دون اللجوء إلى الرشوة وذلك بتعيين الأقارب ضمن منطق (المحسوبية والمنسوبية ) أو سرقة أموال الدولة مباشرةً.
ان من أهم الدوافع التي تؤدي الى الفساد هو غياب القيم الأخلاقية لدى بعض الأشخاص وهي من أهم وسائل الرقابة الذاتية للفرد أمام الله ثم المجتمع، بالإضافة الى غياب ثقافة المواطنة مما يدفعهم الى استغلال الوظيفة العامة التي يمارسنها وهذا ما ينعكس سلباً على إعادة الإعمار فالميزانية التي رصدت من قبل الحكومة العراقية لإعادة الاعمار في العراق وصلت الى 48 مليون دولار ولكنها من غير المتوقع ان تؤدي الحاجة المطلوبة في ظل الفساد المستشري في اجهزة الدولة المختلفة , وفي هذا الشأن يذكر ( وليد خالد ) الخبير في الشؤون الاقتصادية أن المشكلة لا تكمن في حجم الميزانية بل إذا ما تم إنفاقها بصورة صحيحة وبشكل يخلو من الفساد الإداري والمالي ويضيف ما الفائدة التي عادت على المواطنين من ميزانية العام الماضي التي كانت ضخمة هي الأخرى ؟ إقرار الميزانية ليس هو المشكلة بل أن المشكلة هي كم عراقياً سينتفع منها .
احد طلبة كلية الإدارة والاقتصاد أشار إلى ان ارتكاب أي مسؤول كبير تجاوزات قانونية ومالية وعدم معاقبته حسب الأصول القانونية والدستورية للدولة فإن ذلك سيشجع كل موظف في وزارات الدولة على ارتكاب تجاوزات مماثلة مما يؤدي إلى تراكم الفساد، وتصبح معالجته مسألة غاية في الصعوبة وهذا ما نعاني منه في الوقت الحاضر فأغلب المفسدين في وزارات الدولة سواء كان بدرجة وزير او أدنى منه يتم التغاضي عنه بحجة المصالحة الوطنية فتجده يعيث في الفساد دون محاسبة قانونية ,
انا في رأيي ان الفساد في العراق هو فساد قيمي نحن نقدر ونحترم الفاسدين لانهم الاغنياء ونضعهم في اعلى مراتب المجتمع وان الاصلاح يجب ان يتم بشكل تدريجي والمكافحة يجب ان تنجز بهدوء وخطوة خطوة .
احد أساتذة جامعة بغداد يعتقد أن الفساد له عدة أبعاد وعدة أشكال يمكن أن نقسمها إلى فساد سياسي يتمثل في الحكم الشمولي الفاسد، وفقدان الديمقراطية، وسيطرة نظام حكم الدولة على الاقتصاد وتفشي المحسوبية , وفساد مالي يمكن ملاحظته في الرشاوى والاختلاس وتخصيص الأراضي والمحاباة والمحسوبية في التعيينات الوظيفية وهناك نوع يسمى بالفساد الإداري ويتمثل عدم احترام أوقات ومواعيد العمل في الحضور والانصراف أو تمضية الوقت في استقبال الزوار، والامتناع عن أداء العمل أو التراخي والتكاسل وعدم تحمل المسؤولية ويمكن ان نضيف الفساد الاخلاقي أي أن يستغل الموظف مركزه الوظيفي لتحقيق مآربه الشخصية على حساب المصلحة العامة كل هذا الفساد من شأنه ان يهدر الأموال والثروات والوقت والطاقات ويعرقل أداء المسؤوليات وإنجاز الوظائف والخدمات، وبالتالي تشكل منظومة تخريب وإفساد تسبب مزيداً من التأخير في عملية البناء والتقدم ليس على المستوى الاقتصادي والمالي فقط ، بل في الحقل السياسي والاجتماعي والثقافي، ناهيك عن مؤسسات ودوائر الخدمات العامة ذات العلاقة المباشرة واليومية مع حياة الناس.
وحول عمل المفتشين العموميين وهيئة النزاهة يقول أن هذه الهيئات لا زالت تعمل بقوانين إدارة برايمر السابقة لحد الآن لم يشرع مجلس النواب قوانين تنظم عمل هذه الهيئات , وبرأيي ان الأمر 57 الذي يتعلق بالمفتشين العموميين وديوان الرقابة المالية والنزاهة الذي اصدرته سلطة الائتلاف المؤقتة من ارقى القوانين التي صدرت ولكنها لن تلق تطبيقاً كاملاً على ارض الواقع فهو وضِعَ ليكون المفتش العام سيفاً على الفساد والمفسدين في كل وزارة , ولكن هذا القانون يعاب عليه ان المفتشين العموميين موظفون لدى الوزراء والمفتش العام يقدم تقريره الى الوزير ومن غير الممكن ان ينتقد الوزير .
لماذا تعتبر ظاهرة الفساد الإداري قضية مهمة ..؟
لأنها شي يمس الاخلاق قبل ان تمس خسارة أموال او وظيفة ... فالفاسد يفسد من حوله الى ان يصبح المجمع بأسره فاسد واستشهد بقول الرصافي ( لا تربط الجرباء حول صحيحة خوفاً على الصحيحة تجرب )
السيد ( قيس كامل ) يقول إننا بحاجة إلى خطة لفرض القانون على مؤسسات الدولة وليس على الشارع ان الحاجة الى وجود القانون في دوائر الدولة من أهم الأمور , ذلك ان الفساد الإداري واحد من الأسباب الرئيسة للإرهاب عن طريق الرشاوى في تمرير المعاملات المزورة والتساهل في تطبيق القانون فضلا عن استنزاف أموال الدولة بأمور غير مهمة كل هذا من شأنه ان ينعكس سلباً على الشارع فتجد العاطلين عن العمل والمتسولين يجوبون الشوارع , ان الحاجة في الوقت الحاضر تتطلب تطبيق العدالة ومبدأ المساواة بين الجميع في المسار الاجتماعي والاقتصادي والاهم من هذا وضع آلية للتخلص من الفساد الإداري حتى نصل إلى قيادات كفوءة للمحافظة على المال العام .
وبناء على ما ذكر ينبغي التأكيد على ان الفساد في مؤسسة او وزارة معينة هو كالمرض الخبيث ينخر جسد الوزارة وعلى الوزير ان يشجع عمل المفتشين ولجان النزاهة .
ان ما نحتاج اليه هو النظر إلى معايير كفاءة وخبرة الفرد وحاجته المجتمعية. إن تطبيق مثل هذه المعايير السليمة قد يفسح المجال أمام كفاءات كثيرة من أبناء الوطن لكي تبرز وتبدع وتعمل بإخلاص. كذلك السماح بوجود مثل هذه المعايير يؤدي إلى ظهور طبقات اجتماعية جديدة جلها من المبدعين والتكنوقراط الذين يتميزون بالإبداع في كافة المجالات حين يرون أن الأفق أمامهم مفتوح، وأنه لا حدود يمكن أن تعيق طموحاتهم.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين