الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد مدينة الفقراء

فرات مهدي الحلي

2008 / 11 / 26
كتابات ساخرة


هل تلخصت حياتنا بأَكًلَ و أُكِلَ؟!
ما نزلت يوما إلى بغداد إلا وصادفني في طريق ذهابي و إيابي عشرات من الشحاذين و الشحاذات , بمختلف الأعمار و الأشكال و الألوان , فمنهم الأعمى الضرير و منهم المعوق العليل و منهم السليم الرشيق , رجالا و نساءا و أطفالا , منتشرين على كرخ بغداد و رصافتها بصورة تكاد لا تخلو من التنظيم و الترتيب , ولا ادري أن كان ذاك بتنسيق مسبق أم انه من دواعي الصدفة , فهم على الجسور و أبواب الوزارات و الدوائر الحكومية و الجامعات و التقاطعات و قبيل السيطرات و وفي مرائب السيارات و على أبواب المساجد و الكنائس بل حتى في الطريق المؤدية إلى وزارة العمل و الشؤون الاجتماعية !! .
ولكل فقير منهم فقهٌ للمكان و سياسةٌ تؤلب مشاعر المارة مرة بالدعاء و مرة بالشكوى و البكاء , فلا تجد أمامك طريقا للانسلاخ من إنسانيتك أو دينك لتمر دون أن تجود بشيء مما في جيبك , و مع هذا تبقى على طول الطريق تراقب و تتأمل الكثير منهم دون مساعدة , فلا يكفي جيبك الصغير و إمكانياتك - مهما كنت – على أن تساعد كل أولئك المحتاجين , تاركا باب الشك في عدم مصداقيتهم مغلقا فلا ادري كيف يمكن أن يكون الحال المعاشي لأحدهم وهو بلا قدم أو بلا يد ؟ فمهما تبلغ بك الشكوك و تلوج في صدرك الحيرة للتفريق بين الفقير و المتفاقر تظل في نوع من الانكسار أمام تلك الوجوه المسمرة من شمس الصيف العراقي الحارق ومن الثياب الممزقة و الشعر المنفوش و الشفاه المصفرة و العيون التي تكاد تغلق في صحوة الإنسان .
وبعيدا عن الشحاذين و إلى جانبهم على نفس الرصيف تجد بائع خرق البازة , و قريبا منه ترى بائعي "الجرك" و "الموز" و " السكائر" و المناديل و الجرائد والخ ... ,و لو فكرت قليلا في دخل كل واحد منهم وبعملية حسابية احصائية بسيطة , ستجده لا يتجاوز ما يكفي لسد حاجته ليوم واحد او يقل , و حين تقترب أكثر من أولئك الكادحين تجد فيهم من فقد في غمار الحروب الهوجاء و السياسات الحمقاء لحكام هذا البلد السعيد بالزعماء و المناضلين في كل عهد و حكم , أبا أو أما أو أخا او أبنا و لربما قد فقد كل أفراد عائلته .
ولا ادري أن كان ظريف الأمة العراقية و زعيمها المام جلال يدري بأحوال الرعية أم انه لازال يفكر في الكاتب الذي سيساعده على كتابة مذكراته بعد أن تنتهي خلافته , عفوا , ولايته الثانية على العراق الفيدرالي الديمقراطي الموحد ؟! و لا اعلم ما هو دور وزارة العمل و الشؤون الاجتماعية في حماية أولئك الفقراء و المساكين مما يعيشون فيه من فقر وفاقة ؟ و على حد درايتي فان هنالك رواتب حددها مجلس الوزراء لأبناء هذه الطبقة و اذكر وصف قناة العراقية لتلك المبادرة الكريمة و الالتفاتة الميمونة من لدن فخامة رئيس الوزراء" بالمكرمة" و كأن سياديته قد تبرع من ماله الخاص , إما نصير الكادحين و اقصد الحزب الشيوعي العراقي فقد صار لا يؤمن بالاشتراكية ! فالرفاق في الحزب هم من شريحتين الأولى متكاسلة عن أداء الفرائض الإسلامية المرهقة و المملة رغم إيمانها بالروحانيات فقد وقع على هذه الشريحة من الرفاق الدعاية الدينية في الأعياد و الإحزان الإسلامية ! , أما الشريحة الثانية في تذهب إلى أكثر من التكاسل عن الفرائض و تحن روح رفاقها إلى الخمر و غيره و يقع على رأس الأخيرة صاحبنا حميد مجيد موسى الذي أصبح لا يملك من الشيوعية ألا بعض التصريحات الغريبة و" الفاشنز" أذا صح التعبير (مقتدى) وأخرها " مودة الرباط الأحمر" بين الشيوعيين .
قبل كتابة هذا المقال كان جل ما أخشاه أن تتخذ الحكومة أجراءتها الحازمة في عقاب هذه الفئات على فقرها و تمكينها لشخص مثلي على نقد سلوكيات التميز و التجويع للشعب العراقي و ما ينتشر من فساد إداري ومالي و لكني اتبعت المثل العراقي القائل " المبلل ميخاف من المطر " , و بقي ان اقول ان السؤال الذي طرحته في بداية المقال هو مقتبس من الكافر وليم موتور انج .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العالم الليلة | محامية ترمب تهاجم الممثلة الإباحية ستوري دان


.. نشرة الرابعة | السعودية.. مركز جديد للذكاء الاصطناعي لخدمة ا




.. كل الزوايا - د. محمود مسلم رئيس لجنة الثقافة والسياحة يتحدث


.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -شقو- في العرض الخاص بالفيلم..




.. أون سيت - هل ممكن نشوف إيمي معاك في فيلم رومانسي؟ .. شوف حسن