الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكرة الكردية في الملعب التركي

بولات جان

2009 / 10 / 19
القضية الكردية



منذ فترة ليست بطويلة و موضوع حل القضية الكردية بالسبل الديمقراطية و السلمية تتقدم أجندة النقاشات في الرأي العام التركي و الكردستاني و الإقليمي. هذه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها أحد أطراف القضية و بالأخص الجانب الكردستاني على تقديم مقترحات للحل السلمي للقضية و إلقاء بعض الخطوات المعبّرة عن حسن النية، لكن في كل مرة كانت هذه المساعي الحميدة للجانب الكردستاني يصطدم بصخرة العنجهية و العناد التركي و الصمت الدولي حيالها. و كنا نرى إثر كل مرحلة شبه سلمية عودة أصوات الرصاص و النار إلى الحديث بلغتها الدامية.
و ربما كانت الظروف الدولية و الوضع الإقليمي و توازنات القوى غير مهيأة للسلام بين الكردستانيين و الأتراك. لذا فأن جميع مبادرات السلام التي قام بها الطرف الكردي بقيادة حزب العمال الكردستاني كانت تنتهي دون الوصول إلى النتيجة المرجوة منها. كلنا نعرف عدد المرات التي أعلن فيها الطرف الكردي عن وقف الحرب و طالب تركيا بالامتثال لذلك، و نعرف جميعاً التحولات الجذرية التي قام بها الجانب الكردي في إستراتيجيته و سياسته و تكتيكاته و لغته في النضال و الحرب و التعامل مع الطرف المقابل و كذلك إبداء الليونة و البحث عن نقطة وسط بين التطلعات الكردستانية القومية و الحقائق التاريخية و حساسيات الدولة و الشعب التركي.
و بحسب رأيّ ليس من الضير بشيء أن نستذكر باقتضاب بعضاً من الخطوات الكردستانية السلمية:
- الإعلان عن عدم وجود نية كردستانية للانفصال عن تركيا و المناداة بالعيش المشترك ضمن الجمهورية الديمقراطية التي تتألف من كردستان و تركيا.
- التمسك بنهج الدفاع المشروع و خفض المواجهة العسكرية و العمليات الكبيرة إلى أدنى مستوياتها و ذلك لعدم قطع خيوط الأمل في السلام. و التأكيد على عدم التهجم على الدولة و عدم الاصطدام معها إلا في حالات الدفاع المشروع عن الذات وعن القيم الوطنية للشعب الكردستاني.
- المحاولة الدائمة للتسييس و العمل في الساحة السياسية و المدنية للنضال لأجل الحقوق المشروعة للشعب الكردي.
- لأجل إظهار حسن النية قام الطرف الكردستاني سنة 1999 بإرسال مجموعتين للسلام إلى تركيا إحداها من الكوادر المقاتلة من الجبل و أخرى من الكوادر السياسيين من أوروبا. و نعرف جيداً بأن الدولة التركية اعتقلت كلى المجموعتين و حكمت عليهم بعقوبات أقلها عشر سنوات في السجن، و قد استشهد احد الكوادر ضمن السجن إثر التعذيب و المعاملة اللاإنسانية.
بالإضافة إلى العشرات من الخطوات الأخرى التي يعرفها الرأي العام على الرغم من تعامي بعض الأطراف أو تناسيها عن قصد أو القفز عليها.
الطرف الكردستاني و بعد عدة انتصارات عسكرية و في عدة مواقع، إلا انه عمل ككل مرة بمبدئه القائل" لو امتلكنا القدرة على محاربة العالم كله فلن نقدم على ذلك و إن تكتل العالم كله ضدنا و تهجموا علينا فسوف ندافع عن أنفسنا حتى النهاية"، لذا فأن الطرف الكردي أظهر نيته الحسنة مرة أخرى و لأجل مرور الانتخابات البلدية في تركيا و كردستان في أجواء سلمية فقد أعلن عن تجميد عملياته في ربيع هذا العام. و بعد الانتخابات و الفوز الكاسح الذي حققه الطرف الكردي في الانتخابات و كسب التعاطف الدولي، فقد قام بتمديد مرحلة تجميد العمليات لكي يفتح الطريق أمام الحوار السلمي لحل القضية الكردية.
و بالفعل فقد باتت جميع الأطراف بعد أن رؤوا قوة الكردستاني السياسية و العسكرية و التمثيلية، بمناقشة حل القضية الكردية، و كلما تعمقت النقاشات، خطى الجانب الكردستاني خطوات أفضل على طريق الحل. الجانب الكردي لم يكتفوا بالكلام، بل خطى الكثير من الخطوات و خير دليل على ذلك هو تجميد العمليات حتى هذه الساعة و عدم البدء بها فعلياً على الرغم من انتهاء المدة التي كان الجانب الكردستاني قد أعلن عنها.
أما الجانب بالتركي فقد اكتفى بالتصريحات المتناقضة. فمرة يتحدث فيها أردوغان عن دموع الأمهات و يذرف دموع التماسيح في اجتماع مجلس حزبه و يشدد على ضرورة إنهاء الحرب و الموت، و من ثم يصادق على المذكرة التي تخول الجيش بغزو جنوب كردستان و محاربة الأكراد. يتحدث أردوغان و أركان حزبه عن السلام و نرى جنوده و بوليسه يتهجم على الأطفال و يقتل الطفلة البريئة جيلان في آمد، يتحدث أردوغان عن الأخوة و التعايش السلمي و نراه يتحالف مع الدول الإقليمية ضد الحركة الكردستانية و يتمادى في مخططات التصفية و الإبادة، نرى أردوغان يذرف الدموع الكذّابة على أطفال غزة و يمثل تمثيلية (معاداة إسرائيل) لكنه يتعامى عن المئات من الأطفال الكرد المسجونين في الزنزانات التركية فقط لأنهم رفعوا أصابعهم و رسموا إشارات النصر في الهواء أو رددوا شعارات كردية.
الجانب الكردي يقدم على الخطوات واحدة تلو الأخرى و يكتفي الجانب التركي بالتصريحات و الكلام المعسول. و الجانب الكردستاني اليوم يخطو خطوة جديدة و يرمي هدفاً في المرمى التركي.
أعلن الجانب الكردستاني و بناءً على توجيهات القائد أوجلان بأنه سيرسل هيئات سلمية إلى تركيا. إحدى الهيئتين من مخيم مخمور للاجئين السياسيين و الهيئة الأخرى من الكوادر المقاتلة من جبال قنديل.
الهيئات قد انطلقت اليوم و لم تصل إلى الحدود حتى لحظة كتابتي لهذا المقال. الجانب الكردستاني سيجتاز الحدود و يعبّر عن نيتهم السلمية للعالم و لتركيا و يقولون: " هذه خطوتنا فما هي خطوتكم؟"
الجانب الكردي يرمي بكرته إلى الملعب التركي و سنرى كيف سيرد اللاعب التركي على الكرة الكردية في الساحة التركية.
سوف يظهر الموقف التركي في عدة محاور و نذكر منها:
أولاً: استقبال كلى الهيئتين بشكلٍ يليق برسل السلام. و عدم توجيه أية كلمة جارحة أو تعامل سيء معهم.
ثانياً: فتح المجال لكلى الهيئتين بممارسة دورهما السلمي للتسريع من الحل الديمقراطي، مثل عقد المؤتمرات الصحفية و التجوال بين المؤسسات و المراكز المهمة للتعبير عن وجهة النظر الكردستانية في الحل و السلام.
ثالثاً: إطلاق صراح كل المعتقلين السياسيين الذي اعتقلوا بسبب آرائهم و توجهاتهم الفكرية.
رابعاً: إطلاق صراح كل الأطفال (الأحداث) المعتقلين في السجون التركية.
خامساً: التخلي عن لغة الإقصاء و التهديد و ترديد الجمل الكلاسيكية من قبيل(سنحاربهم حتى قتل آخر فرد منهم).
سادساً: و هي الخطوة الأهم، على الدولة التركية الرد بالمثل على النية و الخطوة السلمية التي أقدم ويقدم عليها الجانب الكردستاني بقيادة حزب العمال الكردستاني و حزب المجتمع الديمقراطي، و أفضل إظهار لحسن النية هو إعلان تركيا عن تجميد الحملات العسكرية التي تستهدف قوات الكريلا التي في حالة الدفاع المشروع.
في حال قيام تركيا بخطو هذه الخطوات، سيفتح الطريق على مصراعيه للحل السلمي و الديمقراطي للقضية الكردية وستتوقف وصول التوابيت إلى تركيا و كردستان و ستجف دموع الأمهات و الثكالى.
الخطوة التي أقدم عليها حزب العمال الكردستاني في إرسال هيئة السلام إلى تركيا، تعد خطوة جريئة و جسورة و تاريخية. و تعبر عن حسن النية و عن الرؤية الكردية للسلام و الأخوة و نبذ الحرب و الموت. أنها خطوة حكيمة و في محلها و إعلان للعالم عمن يريد السلام و ستظهر خلال يومين إن كان الطرف الآخر يريد السلام أم الحرب؟
القائد أوجلان و حزب العمال الكردستاني قد رمى كرة موفقة إلى المرمى التركي و باتت الكرة الكردية في الساحة التركية. لنرى همتك يا أردوغان...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مندوب فلسطين يتهم إسرائيل بـ -التطهير العرقي-


.. -تكايا الطعام-.. ملجأ النازحين في غزة الأخير لسد جوعهم




.. برنامج الأغذية العالمي يحذر من تفشي الجوع في قطاع غزة


.. تحقيق لمنظمة العفو الدولية يثبت أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعي




.. Israel-s Genocide Against Palestinians in Gaza Revealed Thro