الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوسلو لا تغيّر عادتها

حنان بكير

2011 / 7 / 31
المجتمع المدني


" بوقت قصير تحول الفردوس الى جحيم". بهذه البلاغة الموجزة، وصف رئيس وزراء النرويج، يانس ستولتنبرغ، الوضع بعد العمليتين الارهابيتين. أعلنها بلا إنفعال غريزي، بل بملامح حزن عميق، وذهول غير مصدق لما حصل.
لم يصدر أيّ اتهامات جزافا، ضد أي طرف، لا هو ولا أي حزب آخر من أحزاب اليسار أو اليمين. رغم الخوف والارتباك الذي أصابنا جميعا، نحن الأجانب"، من أن يكون أي طرف سلفي، قد قام بها. وقد تبنى تنظيم" أنصار الجهاد العالمي" مسؤوليته، رغم أن الاسم قد يكون وهميا.
وقد أعلن رئيس الوزراء، صراحة ومنذ اللحظات الأولى، "بأننا سنواجه الكراهية، بمزيد من الحرية وبمزيد من الديمقراطية وبمزيد من التسامح". لم تعلق الأحزاب النرويجية على اختلاف مشاربها، على الموضوع، لأن هناك رئيس وزراء تكلم بإسم الشعب النرويجي!
تحولت أوسلو في الأيام القليلة الماضية، الى كرنفال للزهور من مختلف الأنواع والألوان، من مختلف أطياف الشعب النرويجي، من كل الجنسيات والألوان، الأشقر والأسود والأسمر!
طوفان الزهور والمشاعل والشموع، كانت في مواجهة مع منجل الكراهية الذي حصد أطفالا وشبانا في عمر البراعم والزهور.. الورود التي ارتفعت بها الأيدي، شكلت حدائق معلقة في الهواء.. كان هذا الردّ الانساني، على كراهية التطرف الديني للإنسانية التي تؤمن بالانسان أولا وآخرا!!
مشهد آخر يظهر بشاعة الكراهية وتشويهها لكل جميل في الحياة.. جزيرة خضراء متوحدة مع بحرها وخضرة أشجارها وغناء طيورها، والأطفال الذين جاؤوها من كل صوب، يردد الفضاء صدى ضحكاتهم البريئة.. وحيث البحر يدغدغ أسماعهم بموجه الهادىء.. لكن منجل الكراهية، نثر الجثث البريئة في كل مكان.. بين الأشجار وعلى العشب وطفى بعضها متأرجحا فوق الماء!!
نعم هذا التناقض بين جمال الإنسانية والطبيعة التي وحدت الشباب من كل الأطياف والألوان في حياة تعبد مع الجمال، وبين قبح التعصب الديني!! قتل، تفجير، قسوة، إرهاب، كله بإسم الرب! لا فرق بين بن لادن وبين أندرس بيفيك.. الإجرام يوحّد المتطرفين من كل الأديان!!
لكن أوسلو، لم تذعن لإرهاب التطرف، وقابلته بالإصرار على المضي في التسامح والحرية والديمقراطية.. وهي لن تغيّر عادتها! ويوم طوفان الورود الذي غطى، كل ساحة وكل منعطف، وكل زاوية، والغناء العاطفي... بكينا يا أوسلو وعرفنا كم نحبك ونحبك ونحبك الى أبد الآبدين.. فقد علمتنا كم أن الإنسانية أرقى من التطرف، وأن التسامح أحلى من الإنتقام..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا انسانيتك وانسانيتهم
عدلي جندي ( 2011 / 8 / 1 - 17:32 )
الحب مهنة من يعرف قيمة الحياة وتلك الشعوب تقدس الانسان والانسان هو رب الحياة ودون الانسان ومشاعره تتحول الخليقة باكملها الي غاب والغابة لها قانونها الذي لايمكن ان يكون هو قانون الحقوق والمساواة شعرت بالرثاء احوال بلداننا ودمعة حزينة علي ارواح شهداء جنة الانسان


2 - نسخة منه للسيدة مكارم ابراهيم
سعيد عبد الاله ( 2011 / 8 / 1 - 23:52 )
مقال رائع وواقعي وبلا عقد....شكرا للكاتبة


3 - jkl
ادم عربي ( 2011 / 8 / 2 - 00:24 )
ما حصل في النرويج، يمكن ان يصنف طمن التطرف القومي او الديني


لكن هناك محفزات لهذه الظاهره ، النرويج بلد صغير جدا ،، استوعب اعداد هائله من اللاجئين في فترة زمنيه قصيره جدا ، مع ما ترافق من سلبيات قد تكون زعزعة البنيه الاجتماعيه النرويجيه , فالنرويج اولا واخيرا بلد قوميء, يختلف عن امريكا مثلا او استاليا القائمتان على تعدد الاعراق ، ومع هذا تدخل هذه الدول المهاجرين بحذر


4 - رد لعدلي الجندي
حنان بكير ( 2011 / 8 / 3 - 19:59 )
شكرا للتعليق.. ان الغضب والكراهية صفات بدائية سهلة، لكن تدريب النفس على الانضباط والتسامح ليس بالأمر اليسير.. في يوم تأبين الضحايا.. وطوفان الزهور بكيت حبا لأوسلو، وقهرا لأحوالنا، وتساءلت: هل سيأتي يوم نستطيع فيه بناء هذه الثقافة الانسانية وقيم المحبة والتسامح هذه؟؟ ليس على المدى المنظور على الاقل


5 - رد لآدم عربي
حنان بكير ( 2011 / 8 / 3 - 20:04 )
لا شك ان سلوكيات بعض المهاجرين وليس جميعهم، تشجع على ظهور التطرف القومي او العرقي في الغرب.. نعم ان الدول الاسكندنافية تتحمل عبئا ثقيلا من المهاجرين.. لكنهم لا يتخلون عن قيمهم الانسانية.. ويبقى التطرف موجودا في كل مكان.. ونحن المهاجرين لسنا اقل تطرفا لكنا لا نعترف بذلك.. تحياتي


6 - رد لسعيد عبد الاله
حنان بكير ( 2011 / 8 / 3 - 20:07 )
نحن نكتب ما نؤمن به وما نراه يتناسب مع مشاعرنا الانسانية.. تشكر للتعليق

اخر الافلام

.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي


.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية




.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق


.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري




.. عائلات الأسرى تقول إن على إسرائيل أن تختار إما عملية رفح أو