الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم احتلت النساء مكة (2)

ماجد حسانين

2004 / 12 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كانت الحدوتة القصيرة عن نبوة سوزان بلاك ، و قيادتها لجيش من النساء قامت به باحتلال مكة المكرمة ، مجرد ملخص للصدمة التى ستواجه العالم الاسلامي في المستقبل. فمن هي سوزان بلاك؟

سوزان شابة ذات شخصية منطوية في العشرينات من العمر، توفي ابواها في حادث سيارة عندما كانت في الخامسة من عمرها و قد قام برعايتها جدها الثري. كان الجد يدير العديد من مراكز التسوق فى مدينة " لونجمونت" كولورادو - الولايات المتحدة الامريكية ، و قد جمع الكثير من المال و الاحترام من أهل المدينة حتى انه صار عضواً فى مجلس الحكم المحلي و مرشحاً لمجلس النواب. بعد الحادث الذي راح ضحيته ابنه و زوجة الابن ، تألم الجد كثيراً لحال حفيدته الصغيرة فأسرف فى تدليلها و لم يبخل عليها بشئ. بل و انه لم يمانع عندما تركت دراستها في سن صغيرة حتى و انها الآن قد نسيت الكتابة و لم تقرأ فى حياتها كتاباً. على الرغم من تدليل جدها لها ؛ لم تقع سوزان كغيرها من الفتيات فى براثن العادات السيئة المنتشرة تلك الايام في مجتمعها مثل التدخين و شرب الكحوليات او تناول المخدرات و الانكفاء على الجنس! لم يكن لها أصدقاء من الذكور ربما لاعتقادها بقدسية الجسد و انتظارها للشخص المناسب و الجدير بمشاركتها تلك القدسية. لقد كانت الفتاة شخصية غير عادية في مجتمعها ، و كانت مثلاً يضربه الآباء لبناتهم و ابنائهم فى الاحترام و سمو الاخلاق ، فزاد ذلك من انطوائها و عزلتها عن أقرانها. قبل أن تبدأ سوزان بمساعدة جدها فى تجارته قبل عامين كانت تقضي وقتها فى الذهاب الى الاسواق و الاستماع الى الناس و مشكلاتهم. لم تكن تتكلم كثيراً و لكنها كانت حسنة الانصات و على الرغم من صغر سنها و عدم اكمالها دراستها فلقد كانت دائماً محقة في آرائها و اقتراحاتها لحل المشكلات التي تدور بين أهل البلدة الصغيرة. بلا شك لقد كان الناس يظهرون الكثير من الاحترام لجدها و لكن لم يكن ذلك هو السبب الرئيسي. لقد كانت سوزان شخصية منعزلة شديدة الانطواء ، و رغم صغر عمرها و ضحالة ثقافتها الا انها لم تكن من الجهلة. لقد تعلمت الفتاة الكثير فقط لقربها من جدها الثري المثقف و لقد كانت تتسم بقوة الملاحظة و الذاكرة و القدرة على و صف الاشياء. لقد ولدت سوزان بالموهبة اللازمة لكى تصبح مبدعة ، اديبة ، او شاعرة. و لكن تلك الموهبة لم تكن كافية حيث ان القراءة و الكتابة كانا من العوامل الاساسية المفقودة لتنمية تلك الموهبة. لقد حرصت الفتاة على حضور صالونات المثقفين - التي كان يحضرها جدها و يستضيفها أحياناً - للاستماع الى الشعر و القصة. لم تكن سوزان متدينة بل انها لم تذهب للكنيسة سوى مرات قليلة لتأدية واجبات اجتماعية بحتة. لقد آمنت بكل الأديان على أساس أنها حق طبيعي للانسان ، و ان الانسان لابد أن يجد لنفسه مفراً و حائط يحتمي به عندما تضيق به الحياة فلا يسعى الى الانتحار. كان الدين بالنسبة لها هو ذلك الحائط ، و لقد اعجبتها الأديان السماوية ، فرأت فى اليهودية ديناً يدعو الى العدل و الوقوف فى وجه الظلم و رأت فى المسيحية التسامح و حب الآخرين و فى الاسلام المساواة و الرحمة.. و للاسف لم تر من أتباع تلك الديانات أياً من الصفات المذكورة الا فى أضيق الحدود و فقط تجاه اتباع الديانة الواحدة و ليس الآخرين. أحزنها أن تعدد الديانات لم يوفر للانسان الأمان الكامل اذ بدا اتباع كل ديانة محاربة الآخرين و محاولة القضاء عليهم ، و بدلاً من ان يكون الدين الحائط الذي نحتمي به ، اصبح الحائط الذي يجذب اكبر قدر من الهجمات و المصائب. و بدلاً من أن يكون المرسى الذي يرفأ اليه الناس في كربهم ، لتجنيبهم قتل النفس ، أصبح بالعكس ، المرسى الذي يستغله الناس فى شن الهجوم على غيرهم من البشر ، و أصبح أتباع بعض الديانات يقتلون أنفسهم بإسم الدين. لقد هالها ما ساد العالم من اضطرابات بسبب الاديان فحاولت الابتعاد عنها ، و لكنها لم تتوقف لحظة عن الايمان بوجود قوة هائله مسئولة عن خلقنا جميعاً ، فلا يعقل أن هذا الكون أتى من فراغ. آمنت سوزان أن هناك رب و لكنها تعبت من محاولة البحث عنه ، و قررت في ذاتها ان تتوقف عن البحث ، و انه اذا كان هناك فعلاً اله فلسوف تتجلى لها عظمته آوناً أو عاجلاً ، و أن ما عليها فقط إلا الانتظار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah