الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية الفكر بين البيروني ودافينشي

عدنان عاكف

2011 / 12 / 22
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



كان السيد الغارس حكيم قد علق يوم أمس على مقالتي المنشورة على موقع الحوار المتمدن“ قوموا انظروا كيف تزول الجبال “ بالنص التالي الذي يحمل سؤاله الرئيسي واعتبرته السؤال الجوهري الذي ينبغي ان تتمحور حوله كتابات مثقفينا في مجال التراث والنقد الديني. قد تساهم المقالة التالية في البحث عن الجواب المطلوب. وفي ما يلي نص تعليق السيد الفارس
“ كل الشكر للسيد الكاتب على هذا البحث القيم ولكن لدي سؤال هل كانت الدولة الدينية الاسلامية تسمح لهؤلاء العلماء والباحثين بنشر ابحاثهم بين الناس وتشجعهم على عمل هكذا ابحاث ام انها كانت اجتهادات وابحاث فردية تقتصر على اصحابها وممنوع تداولها بين الناس لان الكنيسية لم تمنع غاليلو من البحث او كتابة مايشاء الا بعد ان اصبح يطرح على الناس ما توصل اليه ولك الشكر
" في الهند كان البيروني سجين لدى السلطان، غير انه كان يتمتع بحرية تامة للتعبير عن رأيه بشأن طبيعة المستحثات ومنشأها . في حين ان ليوناردو دافينشي، الذي عاش بعد مرور500 عام، ، والذي عرف بعبقري عصره، كان يتمتع برعاية البابا وحضوته، وباهتمام القائمين على الكنيسة في ايطاليا. ولكن أمنه الشخصي كان يتوقف على مدى ولاءه للأرثوذكسية الرسمية . لقد كانت خلاصة ما توصل اليه بشأن المستحثات وأصلها تعتبر من الهرطقة. ولذلك تردد في الإعلان عنها على الملأ خوفا من العواقب التي تنتظره. وقد كان بالفعل، سيتعرض الى عواقب وخيمة فيما لو انه جازف وأفصح عما كان يخبئه في دفتر ملاحظاته ".
أعدت قراءة هذه الفقرة عدة ومرات. فقرة قصيرة ومختصرة مخفية بين صفحات كتاب لجيولوجي أمريكي مجهول، في الوسط العلمي، استطاعت ان تكشف عن حقيقة أخفتها ( أو حتى تجاهلتها ) مئات الكتب وآلاف المقالات " العلمية "، التي صدرت في الغرب حول " تاريخ علوم الأرض ". فقرة قصيرة لكنها اشتملت على تقييم موضوعي ودقيق لموقفين متناقضين من العقل ومن حرية الفكر والإبداع، في حضارتين مختلفتين ومتباعدتين. والكتاب يعود لجيولوجي أمريكي ، توفي قبل ان يكمله ، فعملت زوجته الجيولوجية، على كتابة ما تبقى منه ليصدر عام 1983، يحمل الكتاب عنوان مثير : " انها بدأت من الحجارة ". والمؤلف هو هنري فاول، يتحدث عن تطور معارف الإنسان عن الكرة الأرضية عبر التاريخ، منذ ان أخذ ابن آدم بين يديه قطعة من الحجارة، كان قد داس عليها بقدمه فسال منها الدم فراح يتفحص لونها وحوافها، ثم اختارها ليجعل منها فيما بعد سكينا وفأسا. انها رحلة طويلة مع مغامرة العقل البشري وعذاباته وخيباته وانجازاته، واكتشافاته بشأن الكرة الأرضية التي كشفت عن وجهها الجميل أحيانا، والمخيف المرعب في أحيان أخرى. وكذلك عن باطنها وأسرارها وكنوزها، وعن تاريخها الطويل، الذي يمتد لأكثر من أربعة آلاف مليون سنة . انها رحلة شاقة وطويلة امتزج فيها الاسطوري مع الواقعي والخرافة مع العلم ، وعرفت الكثير من الصراعات الفكرية بين ما هو علمي وما هو ديني، وامتزجت الملاحظة والتجربة مع الخيال، الذي لولاه لما تقدمت معارفنا عن أمنا الأرض خطوة واحدة.. .
والذي أدهشني في الأمر ليس ما ورد فيها بشأن موقف كل من البيروني ودافينشي من المستحثات ومدلولاتها الجيولوجية. فقد سبق لي ان كتبت عن رأي العالمين الكبيرين أكثر من مرة، وكانت الأولى قد نشرت في سبعينات القرن الماضي في جريدة" الفكر الجديد " الأسبوعية،التي كانت تصدر عن الحزب الشيوعي العراقي، وكانت بعنوان " مفهوم الزمن الجيولوجي عند البيروني ".وقد نشرت في نهاية عام 1978 أو في مطلع العام التالي. كانت الأوضاع السياسية آنذاك في غاية السوء بسبب الهجمة البوليسية التي شنها النظام ضد الشيوعيين والديمقراطيين. أتذكر كيف ان أحد الأصدقاء عاتبني بقوة بعد اطلاعه على المقالة قائلا: لا يفعل فعلتك إلا مجنون. فان لم تعاقب بتهمة الشيوعية فسوف تعاقب بتهمة الإلحاد، وعليك ان تختار.....
الذي أدهشني شيء آخر : اذا كانت أراء البيروني بشأن المستحثات وماضي الأرض قد وصلت الى هذا الجيولوجي ، وهو ليس من المتخصصين بفلسفة العلم وتاريخه، ناهيك عن كونه ليس من المستشرقين الذين اهتموا بكتابات البيروني، فلماذا يا ترى جرى التغاضي عنها من قبل كل من كتب في تاريخ العلم ،
على أية حال، هذا سؤال نتركه للمستقبل، ولا نريد ان يبعدنا عن موضوعنا الأساسي، الذي بدأنا الحديث عنه في مقالة سابقة، وهو ان البعض من مثقفينا يؤكدون على ان حرية الفكر والتعددية الفكرية، في مجال الثقافة والفلسفة والعلم والأدب، والاعتراف بالحقيقة النسبية، هي من سمات الحضارة الغربية فقط وكيف ان هذه الأمور غريبة عن الثقافة العربية، ماضيا وحاضرا، بل يذهب البعض أبعد من الحاضر ليشمل المستقبل أيضا.
ارتأيت ان أبدأ الحديث بهذه الفقرة لأنها تتضمن مقاربة ذكية، وتحمل بين طياتها الكثير من المعاني المهمة للموضوع الذي نحن بصدده. انها تبين كيف ان بعض الغربيين الموضوعيين يقرون ويعترفون ان حرية الفكر والتعبير لم تبدأ في الغرب، وليست سمة متأصلة في دماء الغربيين وحدهم، بل هي ظاهرة ثقافية فكرية عالمية لا تعرف الحدود، ويمكن ان تنشأ وتتطور في أي مكان اذا توفرت لها البيئة الملائمة. ويمكن على العكس ان تذبل وتموت فيما لو تغيرت تلك البيئة الى نقيضها. وها هو جيولوجي غربي يقول لنا بان حرية الفكر قد عرفها الشرقيون أيضا عندما سنحت الظروف التاريخية بذلك. والشيء المهم الثاني ان حرية الفكر في العالم الغربي وكما هي عليه اليوم لم تكن حالة مميزة للغرب منذ بداية التاريخ، بل سبقتها مراحل طويلة ساد فيها الفكر الواحد، والذي لم يسمح لأي فكر مغاير بالظهور، ألا وهو الفكر الرسمي للكنيسة. ومن المؤسف ان هذه الحقيقة غالبا ما تغيب عن بعض مثقفينا، أما النقطة المهمة الثالثة فتتلخص في ان الحالة الفكرية والثقافية المزرية التي تعاني منها مجتمعاتنا حاليا ليست قدر لا يمكن تجاوزه، وقد يكون الماضي البعيد أكثر اشراقا من وضعنا الحالي في مجال حرية الفكر والتعبير...
والآن ما هو موضوع المستحثات، الذي تباينت بصدده المواقف في الحضارتين ؟ الإجابة على هذا السؤال تتطلب الولوج في دهاليز علم الجيولوجيا، وأنا بصراحة لا أريد ولوجه، لأنه سيبعدنا عن موضوعنا. لكننا، في نفس الوقت، لا نستطيع ان نتقدم في حديثنا إلا بالتعرف عليه، حتى ولو بشكل سريع. : المستحثات وفق العلم المعاصر هي بقايا الكائنات الحية ( نباتات وحيوانات ) القديمة المتحجرة التي يعثر عليها في الطبقات الصخرية. والاعتراف بذلك يعني الإقرار بأصلها العضوي. وهذا يعني ان وجود بقايا أسماك قديمة أو حيوانات بحرية مدفونة في أعماق الأرض في الصحراء بعيدا عن الساحل، أو في الطبقات الصخرية المتكشفة في أعالي الجبال تدل على ان هذه المواقع كانت في يوم ما قاع للبحر، .
وهكذا يمكن القول ان المستحثات هي الكتابة المسمارية التي دونتها الطبيعة على الصخور ، مثلما دون انسان بلاد الرافدين القديمة تاريخه وحضارته على ألواح الطين في زمن مضى. مع فارق مهم، وهو ان الماضي في حالة ألواح الطين يقدر ببضعة آلاف سنة، بينما في حالة المستحثات فانه يقدر بعشرات ومئات الملايين من السنين. .
هذا ما يقوله علم الجيولوجيا اليوم. وهذا ما توصل اليه أبو الريحان البيروني في مطلع الألفية الثانية. ولم يجد البيروني أية موانع فكرية وعقبات دينية في التوصل الى رأيه ونشره والتعبير عنه في أكثر من مؤلف. ومن هذه المتحجرات استنتج ان بادية العرب كانت بحرا، وان أرض مصر كانت بحرا في ما مضى.. وان هذا الماضي بعيد عن يومنا هذا، وقد يكون قد حصل قبل خلق البشر، وحصل في زمن لا يعرف قدره بالسنين إلا الله.
بعد نحو قرون خمسة جاء الفنان الكبير دافينشي وتوصل الى نفس النتيجة التي توصل اليها البيروني من قبله، لكنه تردد في الإفصاح عن رأيه خوفا من ان يتهم بالهرطقة والتبشير بتعاليم تخالف تعاليم الكنيسة. ولكن لماذا سيواجه بمثل هذه التهمة ؟ السبب يكمن في المعتقدات اليهودية والمسيحية بشأن خلق العالم وتاريخ الأرض.. من المعروف ان قصة الخليقة في التوراة وردت بالتفصيل، حيث جرى الحديث عن التسلسل الزمني لخلق الأرض والسماء والحيوانات والنباتات، وغيرها. والإقرار بالأصل العضوي للمستحثات يعني الإقرار بوجود كائنات حية قبل تكوين الصخور وخلق اليابسة. وهذا مخالف للتعاليم الدينية التي تنص على ان النباتات والكائنات الحية المختلفة خلقت بعد خلق الماء والأرض، وان الأرض خلقت في يوم واحد، وانها لم تتغير منذ يوم الخليقة وحتى يومنا هذا. والمشكلة الثانية هي ان الاعتراف بالأصل العضوي يعني مخالفة رأي الكنيسة الرسمي بشأن عمر الأرض وتاريخها، والذي حدد وفق حسابات رجال الدين المسيحيين بالأيام لا بل حتى بالساعات، بناء على تسلسل خلق العالم وبناء على أعمار الرسل والأنبياء منذ سيدنا آدم وحتى مولد المسيح. وهكذا أصبح عمر الأرض وفق هذه العقيدة لا يزيد عن 7000 سنة، فيما اعتبرته تقديرات آخرى نحو 6000 سنة. ولنترك الجيولوجي الأمريكي – المسيحي – يبين لنا جوهر المشكلة كما ورد نصا في كتابه :
" لقد كان الكتاب المقدس صريحا في تأكيده على ان الرب فصل الأرض والبحر في اليوم الثالث وخلق جميع الطيور والحيوانات المائية في اليوم الخامس. لذا فان الأصداف التي يعثر عليها فوق اليابسة لا يمكن ان تكون بقايا الحيوانات البحرية السابقة. ان جوهر ما ورد في الكتاب المقدس غير خاضع للتعديل...".

كان على دافينشي ان يخفي النتيجة التي توصل اليها عن زملائه وعن الجميع. وبالفعل بقيت مخفية في أوراق ملزمته الجيولوجية التي يعتقد انها فقدت، أو ربما تعمد إخفاءها بدقة متناهية، بحيث انها لم تكتشف إلا في القرن التاسع عشر. بمعنى ان أراء دافينشي الجيولوجية لم تكتشف إلا بعد موته بنحو ثلاثة قرون... لذا فان كل ما كتبه في المواضيع المتعلقة بالأر ض والصخور والمياه الجوفية ليس له أية أهمية من الناحية التاريخية لتطور علوم الأرض.
علينا هنا ان نشير الى ان التعاليم اليهودية والمسيحية عن خلق الأرض وعمرها لم تكن بعيدة عن المسلمين. غالبية المسلمين الذين تناولوا موضوع خلق العالم وتطرقوا الى عمر الأرض قد أخذوا بالرأي الذي ساد في الأوساط اليهودية والمسيحية. . والاختلاف بين قصة الخليقة في الانجيل والتوراة من جهة وما ورد في القرآن ان القصة المسيحية اليهودية أوردت تفاصيل عملية الخلق والتسلسل الزمني لعمليات خلق الماء والأرض والسماء والأحياء، إضافة الى أعمار الرسل والأنبياء. في حين ان مثل تلك التفاصيل لم تتطرق اليها قصة الخلق في القرآن. ولو عدنا الى كتب التراث ( قصص الأنبياء، كتاب التأريخ للطبري وابن الأثير والمسعودي، الخ... ) سنجد انهم حددوا عمر الأرض بنحو ستة أو سبعة آلاف سنة أيضا. وقد أخذوا بنفس مفهومهم بشأن أيام الخلق الستة، أي أخذوا بالتفسير الحرفي لكلمة " يوم " واعتبروها الفترة الزمنية الممتدة بين طلوع الشمس وبين غروبها. وليس من الصعب على المتتبع المتأني ان يعثر على تأثير المعتقدات المسيحية واليهودية.
لماذا شذ البعض، ومنهم أبو الريحان البيروني ( ويمكن الإشارة الى رأي اخوان الصفاو ابن سينا أيضا، وحتى بعض علماء التفسير الذين لم يأخذوا بالمعنى الحرفي لمفهوم كلمة “ اليوم “، كل ما في الأمر ان هؤلاء سلكوا طريقا آخر، مخالف تماما للطريق الذي سلكه الآخرون. لقد لجأ هؤلاء الى الطبيعة وظواهرها الملحوظة، ودرسوها بتمعن وفكروا في مدلولاتها، فوجدوا ان الأخذ بالمعنى الدارج لكلمة " يوم " لا يتوافق مع ما بين أيديهم من معطيات... كل شيء يؤكد على انه أمام عمليات طبيعية بطيئة ، وتتطلب فترات زمنية طويلة جدا، ولا يمكن ان تحدث خلال يوم طبيعي واحد من أيامنا. وبعد ان استقر على رأيه هذا راح يبحث في كلام الله عله يعثر على ما يدعم رأيه.. وقد عثر البيروني بالفعل، واستشهد به . لقد رفض الرأي الذي اعتبر اليوم هو الفترة الزمنية المحصورة بين طلوع الشمس وغروبها، وأخذ بمفهوم اليوم الذي يعني حقبة أو فترة زمنية محددة أو غير محددة لا يعرف أمدها إلا الله. وقد نطق القرآن الكريم – كما يقول البيروني – بان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون. وفي موضع آخر في يوم مقداره خمسين ألف سنة...
وهكذا، نجد ان البيروني الذي كان يتعامل مع ظواهر وأسئلة تتعلق بالطبيعة وجد ان الطبيعة وحدها القادرة على تقديم الأجوبة على تلك الأسئلة، ومن ثم بحث في النص الديني فوجد ان تفسيراته لا تتعارض معه. في حين نجد ان الآخرين سلكوا الطريق المعاكس، انطلقوا من النص الحرفي الديني واعتمدوه لتفسير الطبيعة، وبذلك شوهوا الدين وحصلوا على علم مزيف. وهذا الواقع المعكوس هو المسؤول عن جميع المعارك التي خاضتها الكنيسة ضد ممثلي العلم في العصور الوسطى وفي عصر النهضة. واعتقد ان موقف الكنيسة من غاليلو ودارون وغيرهما يندرج في هذا الإطار. وهذا الموقف ذاته الذي يتخذه السلفيون في البلاد العربية والإسلامية اليوم في معارضتهم للكثير من منجزات العلم في عصرنا الراهن... وهذا الوضع المشوه هو الذي يقف وراء الوباء " العلمي " الذي استشرى في البلاد العربية منذ سبعينات القرن الماضي، والمعروف باسم " الاعجاز العلمي في القرآن.” أين هو موقع د. كامل النجار بين هؤلاء؟
...
بقيت هناك نقطة مهمة لا بد من توضيحها. قد يبدو للبعض وهو يقرأ مقارنة المؤلف الأمريكي هنري فاول بين حرية البيروني الأسير لدى السلطان في التعبير عن رأيه، وخوف دافينشي، المدلل من قبل السلطة والكنيسة، من البوح برأيه، ان ذلك السلطان كان يؤمن بحرية الفكر والتفكير. الحقيقة كانت على نقيض ذلك تماما، لقد كان موقف ذلك السلطان " الإسلامي " من حرية الفكر لا يختلف عن موقف زملائه من " المسيحيين " الذين أبدعوا محاكم التفتيش في أوربا وسلطوها على رقاب كل من كان يسعى الى بصيص نور من المعرفة. فالسلطان الذي يدور عنه الحديث هو محمود الغزنوي ، والذي كان أبعد ما يكون عن التسامح والتحرر الفكري، بل كان رمز للقسوة والتعصب، والعدو اللدود للفكر والثقافة، بالرغم من كونه قد أحاط نفسه بعدد كبير من العلماء والأدباء. وقد ترك المؤرخون شهادات مرعبة عن ممارساته ضد خصومه، وكيف كان يتعامل مع من لا يتفق معه في المذهب والملة. والتهمة الجاهزة لديه ولدى أعوانه هي التشيع والإلحاد والعلاقة بالقرامطة. وذكر بعض المؤرخين كيف كان يعلق من يخالفه الرأي من العلماء على غصون الأشجار ويولع النار في كتبهم التي يضعها تحت تلك الأشجار. ومن بين مكتبات بلاد الري المشهورة التي أحرقها كانت مكتبة الصاحب بن عباد، التي، حسب شهادة علي بن زيد البيهقي، كانت تحتوي على الكثير من الكتب التي قدرت بما يحمل على 400 بعير...
بالرغم من ذلك لم يجد البيروني، كما يقول هنري فاول، ما يمنعه من التعبير عن رأيه، الذي خالف فيه الغالبية من المفسرين ، الذين كانوا قد أخذوا بالتفسير الحرفي لأيام الخلق. المسألة هنا تتعلق باستقلالية العلم النسبية عن المؤسسة الرسمية والدينية آنذاك، وكذلك الحرية النسبية التي كان يتمتع بها علماء الطبيعة للتعبير عن أفكارهم ومعتقداتهم، والتي لم يكن يتمتع بها علماء أوربا حتى قبل بضعة قرون. ولو عدنا الى تاريخ العلوم الطبيعية سنجد ان المؤسسة الدينية في الإسلام لم تتدخل في أمور تتعلق بعلوم الطبيعة، بل تركت المجال للعلماء المتخصصين في الموضوع. وقد سبق لنا ان بينا في مقالات سابقة كيف ان غالبية علماء الإسلام ( وفي مقدمتهم ابن حزم وفخر الدين الرازي والغزالي ) قدتركوا لعلماء طبيعة حرية التعبير عن آراءهم، لا بل اعتبروهم القدوة التي ينبغي ان تتبع. فأخذوا بفكرة كروية الأرض، بعد ان تبناها معظم علماء الفلك والجغرافيا المسلمين، واعتبروا رأيهم هو المعتمد، ما دام لا يوجد في كتاب الله ما يعارض ذلك. مع العلم ان ظواهر الأشياء ( وجه الأرض المنبسط الممدود ) والتفسير الحرفي لبعض الآيات القرآنية التي تتحدث عن شكل الأرض كان لصالح فكرة الأرض المنبسطة وليس الكروية. ويكفينا هنا ان نتوقف عند رأي الإمام الغزالي. الذي يهمنا هنا ليس المادة العلمية المطروحة للنقاش، بقدر ما يهمنا المنهج الذي اعتمده الغزالي في التعاطي مع المعلومات العلمية في عصره، وهو موقف حري بنا جميع ان نتوقف عنده ونتأمله ، ولنحاول ان نقارن موقفه مع موقف الكثير من رجال الدين الكبار في عصرنا. يقول الغزالي في معرض حديثه عن الكسوف والخسوف وعن شكل الأرض :
" وهذا الفن لسنا نخوض في إبطاله إذ لا يتعلق به غرض، ومن ظن أن المناظرة في إبطال هذا من الدين، فقد جنى على الدين وضعف أمره، فأن هذه الأمور تقوم عليها براهين هندسية حسابية، لا يبقى معها ريبة، فمن يطلع عليها، ويتحقق أدلتها، حتى يخبر بسببها عن وقت الكسوف، وقدرهما، ومدة بقائهما إلى الانجلاء، إذ قيل له: إن هذا على خلاف الشرع، لم يسترب فيه وإنما يستريب في الشرع، وضرر الشرع ممن ينصره لا بطريقة، أكثر من ضرره ممن يطعن فيه بطريقة، وهو كما قيل: عدو عاقل خير من صديق جاهل "....
الغزالي من البداية يضع القارئ أمام حقيقة مهمة، وهي أن الموضوع الذي هو بصدده (كروية الأرض وكسوف الشمس و القمر ) ليس من اختصاصه كرجل دين
لو تمعنا مليا في موضوعنا سنجد ان الفرق الجوهري بين موقف البيروني من أصل المستحثات، وموقف علماء أوربا ليس اختلاف في جوهر التعاليم الدينية الواردة في الكتاب المقدس والقرآن، بشأن عملية خلق العالم وماضي الأرض والموقف منها، بل اختلاف أساسي في المنهجية وأسلوب البحث والتعامل مع الظواهر الطبيعية. البيروني درس الأرض كما هي في الطبيعة، .
على النقيض من ذلك سار علماء أوربا. اذا كان البيروني بدأ بقراءة الطبيعة، فان علماء أوربا بدءوا بقراءة التوراة والإنجيل، وأخذوا بالترجمة الحرفية لما ورد في قصة الخليقة، وحاولوا على أساس ذلك إيجاد تفسيرا للظواهر الطبيعية. وعند تعاملوا مع المستحثات قادتهم الى مأزق دينيقادهم بدوره الى مأزق فكري، لم يجدوا من هذا المأزق مخرجا إلا من خلال تشويه الدين والطبيعة معا. رفضوا المنشأ العضوي وابتدعوا تفسيرات عجيبة غريبة ومضحكة. فقال البعض انها عبارة عن بدع الطبيعة، وقال الآخر انها من صنع الشيطان، وسماها الآخر انها من " لعب الطبيعة " تلهو بها. وجدسر بالذكر ان المنشأ العضوي لم يعترف به في الوسط الجيولوجي في أوربا إلا قي القرن الثامن عشر...
هنا أيضا لا تهمنا المستحثات وأصلها، ولا تهمنا الجيولوجيا كلها، حتى وان كانت هي التي تمد العالم بالنفط وجميع الثروات الطبيعية. المهم هنا هي حرية الفكر، ومدى تأثير القوالب الجامدة على ابداع ذلك الفكر. . .
وجدير بالذكر ان عبقري عصر النهضة لم يكن يبالغ في مخاوفه من العواقب التي يمكن ان تجابهه فيما لو أقدم على الإفصاح عن رأيه. وقصة عالم الطبيعة الكبير بوفون ( القرن الثامن عشر ) مع رجال الدين خير دليل على ذلك. كان بوفون قد توصل الى ان عمر الأرض ليس سبعة آلاف سنة، كما يعتقد، بل ما لا يقل عن سبعين ألف سنة. عندها ثارت حمية رجال الدين واستعرت نار الغضب، ووجهت اليه تهمة الهرطقة والإلحاد. وفي نهاية المطاف أجبروه على التخلي عن رأيه أمام جمع غفير من الناس وفي أكبر ميادين باريس، حيث أعلن انه كان على " ضلال "..
لنتذكر مرة أخرى مقولة العالم الأوربي المعاصر : " من الماضي نأخذ النار وليس الرماد "... وهذا ما فعله الأوربيون بالفعل. ومرة أخرى تشير مراجعتنا المتأنية للتراث بأن السلف قد ترك لنا الكثير من جمر الغضا الذي ما زال يتقد تحت الرماد، لكنا لم نأخذ منه سوى الرماد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بدون تعليق ؟
شامل عبد العزيز ( 2011 / 12 / 23 - 08:03 )
كان لابن رشد فضل كبير على روجر بيكون الفيلسوف الشهير؛ فقد استفاد هذا الأخير من مؤلفاته وحيًا، واستنزل من حكمته إلهامًا، وذكره في كتابه اللاتيني (أبوس ماجوس)، وأثنى عليه وعلى مواهبه وسعة علمه، فقال: «إنه فيلسوف متين متعمق، صحَّح كثيرًا من أغلاط الفكر الإنساني، وأضاف إلى ثمرات العقول ثروة لا يُستغنى عنها بسواها، وأدرك كثيرًا مما لم يكن قبله معلومًا لأحد، وأزال الغموض عن كثير من الكتب التي تناولها ببحثه».

وأمَّا توماس الأكويني الذي أصبح قديسًا؛ لأنه كان أعظم لاهوتي في كنائس الغرب، وأكبر فلاسفة القرون الوسطى، فقد سطع نجمه وعلا بكتابه إجمال اللاهوت (سوماتيولوجيا)، وقد ذكر توماس أسباب اتصاله بالأفكار الدنيوية، ودلَّ على أن الفضل في وضع كتابه شكلاً ومادة يعود إلى طريقة ابن رشد وفلسفته.


2 - بدون تعليق ؟
شامل عبد العزيز ( 2011 / 12 / 23 - 08:05 )
ابن رشد .. أشهر علماء الموحدين على أن فيلسوف قرطبة - ابن رشد - لم يسلم من ألسنة رجال الكنيسة ؛ فقد ذَمُّوه بكل شفة ولسان، وطعنوا عليه أقبح طعن؛ فقد قال عنه بترارك: «إنه ذلك الكلب الكلِب الذي هاجه غيظ ممقوت؛ فأخذ ينبح على سيده ومولاه المسيح والديانة الكاثوليكية». وأما دانتي فقد جعله في هدوء ووقار يتبوَّأ مقعده في الجحيم جزاء له على كفره واعتزاله[ ].

ومن ثناء العلماء عليه ما نقله الذهبي عن ابن أبي أصيبعة من قوله: كان أوحد في الفقه والخلاف، وبرع في الطب ، وقول الذهبي نفسه: «وكان يُفزع إلى فتياه في الطب، كما يُفزع إلى فتياه في الفقه، مع وفور العربية، وقيل: كان يحفظ ديوان أبي تمام والمتنبي ].


3 - نصيحة بالمقلوب من أخ صغير ؟
شامل عبد العزيز ( 2011 / 12 / 23 - 08:17 )
تحياتي دكتور
أصحاب الشريط الأزرق أنتَ لا تعرفهم ؟
الذين يقراءون بالبصر لا بالبصيرة ؟
يجب أن تلغي جذورك وتاريخك وتنكر كل صلة لك ؟
يجب أن تكون تابع تُردد ما يقولونه أصحاب الشريط الأزرق وبعكسه فالويل والثبور - ملحداً أو شيوعياً كما قال صاحبك ؟
هناك حكمة تقول :
إرضاء جميع الناس بداية الفشل ,, ويقول علي بن أبي طالب
الحق لم يبقِ ليّ صديق ؟
ثقافة أهل الشريط الأزرق يحتاجون لكتابات ثقافية من نوع اخر مثل مظاهرات القائد الضرورة - بالروح بالدم ؟
ألم ترى أننا في حالة نكوص دوماً
دعني أغوص في جلد الذات أو شرّ البلية ما يضحك
أنا اعرف أن الإنسان دائماً يكبر ويتعلم عدا أصحاب الشريط الأزرق دوما إلى الوراء مثل : بول البعير - لا ادري ما هو السبب ؟
هل تعرف لماذا ؟ انا لا اعرف ؟
يبدو أنك تتحمل جلدات اكثر مما توقعتُ
ولكن معليش كل شيء في حبك يهون كما تقول الأغنية وأنت تحب حرية الفكر لذا عليك أن تتحمل وهذه هي الضريبة
أما التطبيل والتصفيق فهو كالزبد
خالص الاحترام
معذرتي


4 - كسبت اليوم شاعر
عدنان عاكف ( 2011 / 12 / 23 - 10:16 )
الأخ العزيز شامل
قلتها لك يوم أمس بأن هناك الكثير من الحروف التي تنتظر النقاط. وها أنت وضعت الكثير منها. لم أكن أعرف انك شاعر أيضا. وبانتظار ان أتعلم منك المزيد عن أصحاب الشريط الأزرق
مع التحيات


5 - اهلا
فادي يوسف الجبلي ( 2011 / 12 / 23 - 10:53 )
سعدت برؤية اسمك يزين الحوار المتمدن من جديد
الدكتور عدنان اهلا بك
وقد يكون لي عودة الى مقالتك


6 - شاهد ما شفش حاجة:
نادر قريط ( 2011 / 12 / 23 - 13:11 )

الصديق الدكتور عدنان تحية طيبة:
قرأت بمتعة موضوعيك ، لأنني أهتم بغزارة اللغة وجماليتها ناهيك عن محتواها، وأجد سلاسة وطراوة فيما تكتب .. لكنك فتحت موضوعا عويصا للغاية يصعب تداركه بعجالة.. ومن حيث أنني لم أقرأ موضوع الطبيب كامل النجارأقول على سبيل الحدس بأنكما تتقاطعان في نقطة مهمة وهي أن الرجل يتحدث عن العلم من منظور القرآن وكتب السلف الفقهية والكلامية وأنت تتحدث عن العلم في منظور الحضارة العربية الإسلامية، وهذا فرق نوعي .. الأول ينظر من زاوية ويعتبرها نظرة الإسلام ، وأنت تنظر من بلاط محمود الغزنوي وتعتبرها تخص الإسلام وفي الأمرين لبس كبير

السؤال هل الإسلام أو المسيحية أنتجت حضارة (بمعنى ثقافة) بالتأكيد لا .. فما يُسمى علماء المسلمين هم إمتداد للتراث المعرفي القديم الذي يمتد من بابل واليونان ومدارس النساطرة واليعاقبة واليهود في جند يسابور وعين تمر وانطاكية ومئات غيرها بين مصر وفارس والشام .. ونتاج للتواصل المعرفي مع العالم القديم وترجماته. فالإسلام كعلوم إلهية وكلامية لم يزد لحنين خرذلة


7 - تابع
نادر قريط ( 2011 / 12 / 23 - 13:15 )
وكذلك المسيحية نفس الشيئ .. فقد كان أحد أهم عقول البشرية اسحق نيوتن مسيحيا يؤمن بحرفية خلق العالم في سته أيام (أي 6000سنة عمر الكون) فهل هو نتاج حضارة مسيحية؟ . نعم ولا ؟ إنه نتاجها بقدر ما هو نتاج للتراكم المعرفي للبشرية؟
فلولا الصفر الذي جاء به العرب ونظام : آحاد عشرات مئات، لما كان ممكنا تطور الحساب والرياضيات. من هنا لا مجال لإنكار دور العرب كحملة لموروث العالم القديم ..لكن تديين العلم بإسلامي ومسيحي هو خلل مفهومي كبير، فعندما يكون نيوتن مسيحيا أو البيروني مسلما لا يعني أن الأديان (لاهوت ميتافيزقيا كلام طقوس) هي سبب إزدهار العلم، لسبب بسيط جدا يغيب عن معظم الناس الذين يعتقدون أن الأديان هي التي تنتج الحضارة ... على العكس تماما: إن الأديان والعلوم والفنون هي منتجات للشعوب .. أي أن الإسلام لم يخلق ما يُسمى: الحضارة العربية الإسلامية بل هو مُنتج ثقافتها مع أحر الأمنيات.
وآسف للإختصار أو للإسهاب؟


8 - القط يحب خناقة
عدنان عاكف ( 2011 / 12 / 23 - 16:26 )
الأخ مادي المحترم
قد لا تصدق بأني افتقدت اسمك كثير خلال نفس الفترة التي غاب فيها اسمي من قائمة الحوار المتمدن؟ بحيث اني بدأت أشك في انك لا تكتب ولا تعلق إلا اذا استفزك اسم عدنان عاكف. لذا يبدو لي انك مدين لي بما لا يقل عن عشرة دولار عن كل تعليق وعشرين عن كل مقالة تكتبها. ويبدو انك خناقي الذي أحب حرشاته اللاذعة كما أحبت العجوز الطيبة - ميزي - حرشة الأولاد ولم تعد قادرة عن الاستغناء عنها
مع أول حرشة قادمة سأخبرك بالتفصيل قصة ميزي
مع التحيات


9 - الشريط الازرق
Najib Toma ( 2011 / 12 / 23 - 17:18 )
الاستاذ الفاضل نادر قريط
ملاحظاتك نزلت ماي بارد على كلبي
شكرا على التوضيح وازالة الاشكال ٠٠هذا ما حاولت توضيحه بالضبط ل د٠ عدنان عاكف في مقاله الرائع ٠٠قوموا انظروا كيف تزول الجبال٠٠
انا صعقث من المسبات الثقافية الراقية للاستاذ الفاضل شامل عبد العزيز في تعليقه ٣
ثقافة اهل الشريط الازرق٠٠٠اصحاب الشريط الازرق مثل بول البعير٠٠و٠٠و
وزاد الطين بلة رد د٠ عدنان ٤
لا اعرف ان كانت هذه هي الثقافة والحوار الواجب التعاطي معهما٠٠شكرا الاستاذالعزيز شامل وشكرا للدكتور الفاضل٠


10 - ساعدني لأشوف حاجة
عدنان عاكف ( 2011 / 12 / 23 - 18:01 )
الصديق العزيز نادر
أنت تأسف للإختصار أو اللإسهاب. وانا أقول لك حبذا لو اختصرت التعليق كي تُسهب في الأيام القليلة القادمة بمقالة دسمة تساعدني أن أرى حاجة، لقد أمضيت سنين وسنين وانا أحاول ان أرى حاجة وخوفي ان أفقد القدرة على الرؤيا كليا قبل ان أرى أي حاجة.
انت يا صديقي تحملني فوق طاقتي لأن ما ورد في تعقيبك يتطلب وقفة جادة، أنا عاجز عن القيام بها إلا بعد تأمل وتهيئة لما ينبغي قوله. وأعتقد انك تدرك السبب أفضل مني وقد أشرت اليه بوضوح، وهو ان الموضوع المطروح معقد وإشكالي لكنه قد يكون من أهم المواضيع وأكثرها الحاحا. اسمح لي ببعض النقاط التي ربما تصلح ان تكون من العوامل المحغزة لك لاتحافنا بمادة دسمة في المستقبل القريب
1- النقاش الدائر يندرج غي ما يعرف في باب تاريخ العلم والحضارة. وهذا علم قائم بذاته ولم يعد مجرد مجال للكتابة لذا أعتقد بانه لا يحق لكاتب هاو مثلي ان يبتدع مصطلحات لوصف هذا العلم أو ذاك وفق مزاجي ورغبتي. على الكاتب أحيانا ان يتمسك بالتسمية السائدة بين المختصين حتى لو انه يأنف منها.. لست من ابتدع مصطلح العلم العربي أو العلم الإسلامي أو العربي الإسلامي يتبع


11 - ساعدني لأشوف حاجة
عدنان عاكف ( 2011 / 12 / 23 - 18:19 )
يتبع
2- العلم العربي الإسلامي والحضارة العربية الإسلامية من المصطلحات المركبة التي على ما أظن قد ابتدعها المستشرقون وعلى ما أتذكر ان المستشرق الايطالي الدوميلي قد أعار هذا المصطلح في الفصل الأول من كتابه - تاريخ العلم العربي - أمية كبيرة. وقد أعجبني أكثر من التسميات الأخرى مثل العلم العربي والعلم الإسلامي.. هذه التسمية لا علاقة لها على الاطلاق بالجانب الديني ولا يجمعها جامع مع العلوم الإسلامية التي يروج لها في غصرنا. وهي في نفسها لا تحمل أي طابع قومي لكونها تحمل الصفة العربية. نقول العلم العربي ونقصد به ليس الطابع الفومي العربي بل العلم الذي كتب باللغة العربية من قبل المسلمين وغير المسلمين من يهود ونصارى. أما الشطر الثاني من الصفة - الإسلامي _ فيقصد به العلم الذي انتجه العلماء المسلمون من مختلف القوميات . وفي هذا الاطار فان الحديث يدور عن العلماء الذين انتجوا . العلم في الفلك والطب والكيمياء ولا علاقة لهذه التسمية بعلماء الدين


12 - ساعدني لأشوف حاجة
عدنان عاكف ( 2011 / 12 / 23 - 18:52 )
يتبع
3 - أتفق معك وبلا تحفظ ان الإسلام و المسيحية كعقائد دينية لم ينتجا علما أو معرفة. لكن هذا لا يعني ان موقف المسيحيين والمسلمين كان متشابها. ففي الوقت الذي حرمت الكنيسة على المسيحيين قراءة الكتب القديمة طالب نبي المسلمين أتباعه بطلب العلم حتى لو كان في الصين. ولا أقول هذا الكلام من باب التباهي أمام المسيحيين بموقف نبي المسلمين من العلم بل أقوله ليسمعه المسلمون الذين يتباهون بموقف الأجداد لكنهم أبعد ما يكونون عن العلم الذي طالبهم به نبيهم
4- أتفق مع تشخيصك للفرق بين موقفي وموقف د. النجار من الإسلام. لكنه ليس الفارق الوحيد وليس الفارق الأساسي أيضا.النجار لا يرى سوى اسلام واحد وهو الإسلام الذي يروق له كما يبدو ويروج له في جميع مقالاته، وهو نفس الإسلام الذي يروج له الإسلاميون بكل تلاوينهم ويحاولون جرنا اليه. وقد دعوته صادقا أكثر من مرة أن ينظر الى الإسلام الثاني الذي تراه أنت ويراه كل من يحاول ان يرى في الماضي جمرات النار ليمسك بها بدل الرماد الذي يمسك به النجار
5 - نعم ان الحضارة التي نشأت في العصر الوسيط في بلاد الإسلم هي نتاج معرفي وثقافي ساهمت به مختلف الأقوام والديانات


13 - ساعدني لأشوف حاجة
عدنان عاكف ( 2011 / 12 / 23 - 19:21 )
يتبع
6 - النقطة الأخيرة أجد نفسي مجبر على ان أتفق معك مرة أخرى بشأن الطابع الأممي ( قوميا ودينيا ) للحضارة التي نحن بصددها ( بدأت أتوجس خوفا من تسميتها بالاسم ).فأرجو منك بالمقابل ان تتفق معي انهناك وبسبب هذا الطابع الأممي للمصادر والمنابع، ان يحصر دور العرب فالنقل والترجمة. لنتفق أيضا ان محاولات كهذه لا تتفق مع منطق تطور العلم والمعرفة الفكر والعلم والحضارة لا تنشأ في فراغ بل لا بد من ظروف موضوعية تاريخية وسياسية اجتماعية واقتصادية ملائمة. وكما ان الحضارة هي وليدة الظروف المشار اليها فان هذه الطروف يؤثر على هذه الحضارة في اتجاه تطورها وازدهارها، أو على العكس في اتجاه تراجعها وانحسارها. لذلك فان محاولة البعض لتفسير الفكر والعلم في العالم العربي بتأثير العوامل الخارجية لا يتفق مع منطق تطور العلم. ومن الجانب الآخر فان محاولة نفي هذه العوامل الخارية لا يستقيم أيضا مع الواقع. ان الواقع يؤكد على ان تأثير أية حضارة على حضارة أخرى يتطلب ان تكون الظروف5 الموضوعية ملائمة لتقبل الأفكار الجديدة. عندها فقط يأتي التلاقح ثمارة على شكل أفكار جديدة لنولد منها حضارة جديدة


14 - رد الكاتب على المعلقين واجب أخلاقي سيد عاكف
الحكيم البابلي ( 2011 / 12 / 24 - 03:43 )
زميلنا د . عدنان عاكف
أرسلتُ على مقالك السابق 3 تعليقات لم يكن فيها أية إساءة أو شخصنة ، محاولاً فتح باب الحوار بيننا ، كذلك رحبتُ بعودتك للحوار المتمدن
لكنك أهملتَ الجواب على كل تعليقاتي عمداً ، محاولاً تهميشي ربما ، والحق إنك أسأتَ لشخصك ، ولم تُهمش غير كيانك سيدي العزيز
وكنتُ متعجباً جداً حول صمت السادة د. كامل النجار ، والسيد عبد الخالق أنيس بسبب صمتهم وعدم التعليق أو الرد على مقالك السابق الذي نشَرتَهُ لنقدهم ونقد أفكارهم ، ولكني اليوم عرفتُ سبب صمتهم ، فالظاهر هم يعرفوك أكثر مما أعرفك أنا ، ولهذا فضلوا الصمت على تضييع وقتهم معاك ومع عجرفتك التي لا أجد داعي أو وازع لها سوى كونها إمتداداً لعجرفة ( أغلب ) العرب المسلمين ، ربما بسبب تصديقهم لنكتة إنهم (( خيرُ أمة أُخرجت للناس )) ربما
وصدقني أخي الكريم أتمنى لو كُنتُ على خطأ ، كوني أكتب في الحوار المتمدن منذ أكثر من سنتين ، ولم يحدث لحد اللحظة إنني أهملتُ الإجابة على أحد من المعلقين على مقالاتي ، حتى حين يتم شتمي ومحاولة مسخ كياني وشخصيتي ككاتب وفرد وإنسان
أنت حر في قراراتك وسلوكك ، ولكن للأخلاقيات حساب هنا
تحياتي دكتورنا


15 - نعم ! ينبغي ان تبقى للأخلاقيات حساب في كل مكا
عدنان عاكف ( 2011 / 12 / 24 - 08:00 )
الزميل الأستاذ الحكيم البابلي
حاولت ان أرد على تعليقك على المقال السابق لكني لم أوفق لأسباب لا حاجة لتضييع وقت القراء بها. تمنيت ان أرد لك التحية بأفضل من تحيتك، كما يأمرنا بذلك الإسلام.
لست أدري من هو المتعجرف منا ؟ أنت سمحت لنفسك ان تفكر ومن ثم تتحدث باسم د. النجار والسيد عبد القادر أنيس، ووصلت بك العجرفة ان تنصب من نفسك مدافع أمين عن حضارة بلاد الرافدين لمجرد ان لقبك هو البابلي. منذ عشرات السنين وانا أفتخر بكوني من ورثة حضارة وثقافة بلاد الرافدين، وكما نص عليه النظام الداخلي للحزب الذي انتمي اليه. ترجمت كتاب عن الحياة الروحية في بابل، وكتاب آخر عن الطوفان العالمي، وكان نصيب بابل وأهلها حصة كبيرة منه، وهناك العديد من المقالات المنشورة عن الحساة السياسية والاجتماعية في بابل. ومنذ عقدين من الزمن ترقد في مكتبي أكثر من 400صفحة من كتاب - العبودية في بابل - تنتضر من يمد يد العون لنشرها. فما الذي فعلته أنت لبابل أيها البابلي؟
من يتحدث عن الأخلاقيات لا ينبغي ان يسيء للناس لمجرد ان احد منهم أساء اليه. ما دخل العرب المسلمين ان كنت أسأت اليك بسبب عجرفتي؟ أما الذي يصف النبي - أي نبي _ بالمجرم


16 - نعم ! ينبغي ان تبقى للأخلاقيات حساب في كل مكا
عدنان عاكف ( 2011 / 12 / 24 - 08:34 )
عليه ان ينسى والى الأبد كلمة اسمها أخلاقيات
تبقى هناك ما يتعلق بالموقف من السيد عبد القادر أنيس، ومحاولتك للمرة الثانية ان تظهرني بمن يحاول ان يسيء اليه. لا أنكر ان نقاط الخلاف بيني وبين السيد أنيس كثيرة ولكني أعربت أكثر من مرة عن تقديري واحترامي لهذا الزميل. كيف لي ان أسيء له في المقالة الأخيرة ان كنت قد أهديتها له؟ لقد ذكرت بوضوح ان تعليقه كان استثناء بين التعليقات، ويكاد يكون الوحيد الذي أغنى مقالة النجار
في النهاية أقدم للسيد البابلي هذه الفقرة من مقالة سابقة، أعتقد انها تحول كل ما ذكره عن موقفي الناكر للجميل من الحضارة البابلية الى مجرد لغو:
فقد كان اليونانيون وخلال بناء حضارتهم قد فتحوا مكاتب لاستيراد العلوم والثقافة. وكان العراقيون القدامى من بين الأوائل الذين فتحوا مكاتب لتصدير علومهم وفنونهم الى اليونان والى بلدان الشرق بأسره. وليس هناك شك في ان الكثير من الإنجازات العلمية والحضارية في مختلف العلوم ( الفلك، الجغرافيا، الطب، الهندسة، الرياضيات،... الخ. ) قد تم استيرادها من بلاد بابل ومن مصر القديمة. ومن أرض الرافدين انطلقت الملاحم الشعرية الأولى وما تتضمنه من معارف وأساط


17 - أنت حمال أوجه يا دكتور عاكف ، # 1
الحكيم البابلي ( 2011 / 12 / 24 - 23:25 )
السيد عدنان عاكف
الإسلام علم تابعيه إدعاء الأمور التي ليست فيهِ أو فيهم ، علمهم التناقض في كل الحياتيات ، علمهم وبمرونة ومخاتلة كيف يكونوا -حمال أوجه- ، بالضبط كما وصف الإمام علي القرأن
لِذا فعندما تقول بأن الإسلام علم المسلمين -رد التحية بأحسن منها- ، فأما تكون غشيم أو كاذب ، لأن الإسلام علم رد التحية بأحسن منها للمسلم على المسلم ، وليس للمسلم على المختلف دينياً ، لا بل الإسلام شدد على المسلم أن لا يُبادر المسيحي واليهودي بالسلام ، وأن يُقاطعهم في كل الأمور الحياتية ، وأن يُضايقهم حين يصادفهم في الطرق ، إضافة لكل التعاليم الإرهابية الأخرى كقتل المختلف والتي هي حلال وحقوق في (حمال الأوجه) هذا
ثم تقول لي أن أنسى كلمة (أخلاقيات) لأني أصف النبي بالمجرم !! وهنا أسألك : ماذا يُسمى القاتل في اللغة العربية ، والذي يأمر بالقتل والنهب والإغتصاب وإنتهاك الأعراض وقطع الرؤوس ومضاجعة الأطفال والدعارة -الحلال- ؟ هل يُسموه نبي أم مجرم يا دكتور ؟
كل المسلمين يعرفون حقيقة نبيهم ، لكنهم يُغلِسون ويتسترون من خلال المقولة العراقية .. -مُركتنة على زياكنة- . كل العالم يعرف وأهل الميت لا يعرفون
يتبع


18 - أنت حمال أوجه يا دكتور عاكف ، # 2
الحكيم البابلي ( 2011 / 12 / 25 - 04:54 )
ثم تقول لي : (ما دخل العرب المسلمين إن كنتُ أسأتُ إليك بسبب عجرفتي) ؟
وها أنت تتشاطر وتتهمني بالتعميم كما فعلت مع السيد النجار ، رغم إني سبقتُ وصفي للعرب المسلمين بكلمة ( أغلب ) تحاشياً لتهمة التعميم
أما عن أخر سهم في جعبتك في سؤالك لي : ( وماذا قدمت أنتَ لبابل أيها البابلي ) ؟
فأرى أن سؤالك خارج عن حدود المنطق والواقع ، يعني هل تريد أن أقدم لك لائحة بما قدمتُ لوطني يا دكتور ؟ ، وهل نحنُ في حفلة تقييم يتخللها تعليق الأوسمة على الصدور ؟
ومع هذا أقول لك بأنني قدمتُ لوطني العراق وليس لبابل كل ما يُمكن أن يُقدمه ولد بار لأمه ، على أقل تقدير لم أقم بخيانة هذا الوطن المسكين ، ولم أتعاون مع الذئاب والكلاب في سبيل تجريحه أكثر
وبنفس الوقت أعرف بأنك ولد بار آخر ، وخلافي معك لن يدعوني للسقوط أخلاقياً وإتهامك ب اللا وطنية ، فأنت قدمتَ الكثير أيضاً ، ربما أكثر مني ، كونك اكبر مني عشرين سنة ، وصدقني أنا فخور بما قدمتهُ انت ، وأعرف إننا ربما نلتقي هنا فقط ، في كوننا عراقيين أصلاء لم ولن نخدش هذا الوطن ، لِذا أقول للكل دائماً : طز في الدين ، الوطن أثمن
عيد ميلاد سعيد وسنة مباركة لك ولكل العالم


19 - تحياتي
ابو ازهر الشامي ( 2022 / 7 / 20 - 13:04 )
-
لِذا فعندما تقول بأن الإسلام علم المسلمين -رد التحية بأحسن منها- ، فأما تكون غشيم أو كاذب ، لأن الإسلام علم رد التحية بأحسن منها للمسلم على المسلم ، وليس للمسلم على المختلف دينياً ، لا بل الإسلام شدد على المسلم أن لا يُبادر المسيحي واليهودي بالسلام ، وأن يُقاطعهم في كل الأمور الحياتية ، وأن يُضايقهم حين يصادفهم في الطرق ، إضافة لكل التعاليم الإرهابية الأخرى كقتل المختلف والتي هي حلال وحقوق في (حمال الأوجه) هذا
-
النص القراني
قال برد التحية باحسن منها فقط
ثانيا
النص الذي قال بحرمة رد التحية واضرارهم الى اضيق
الطرق
هو حديث احاد ظني الثبوت يعارض القران اصلا
هنا تياران
تيار عقلاني يرد الحديث
وتيار حديثي يشكل معظم المسلمين للاسف
يؤمن به ويعتبره مقيد للنص القراني
النص القراني في أصله لم يتجاوز القول
اذا حييتم فردوا التحية بما أفضل منها فقط
بدون تحديد
مسلم او مسيحي
اذن تعميم كلامك على كل المسلمين غير سليم
يمكن معظمهم سليم
تحياتي

اخر الافلام

.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز


.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست




.. متظاهرون في الأردن يهتفون للناطق باسم كتائب القسام


.. دمار واسع جراء القصف الإسرائيلي المكثف على بيت لاهيا




.. قوات الاحتلال تقصف منزلا لعائلة البحابصة شرقي مدينة رفح