الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نساء بلا وجوه

عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)

2012 / 1 / 8
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


في سياق الحملة الانتخابية لحزب النور السلفي كانت لافتات الحزب تضع صور المرشحين دون صور المرشحات، وبدلا من صورتها كانت توضع وردة. وقبل سنوات أقامت إحدى الجمعيات الإسلامية في مدينة نابلس في الضفة الغربية حفل زفاف جماعي لم يكن كغيره من الحفلات، فقد غابت عنه النساء تماما، ولا أتحدث هنا عن عرس غير مختلط تُفصل فيه النساء عن الرجال، بل عن عرس غابت عنه العروس واكتفت أو أُجبرت على الاكتفاء بمشاهدة عرسها مسجلا على أقراص مدمجة !! أي أن العروس لم يُحذف اسمها من بطاقة الدعوة كالعادة بل حُرمت من حضور عرسها !

وفي مشهد آخر أرادت مدرسة إسلامية خاصة أن تهنيء طلبتها المتفوقين في التوجيهي بإعلانات تظهر صورهم ومعدلاتهم، إلا أن صور الطالبات لم تظهر أبدا واكتفت المدرسة بإظهار علاماتهن !! وبين الفينة والأخرى تظهر على الصحف إعلانات تنعى وفاة والدة فلان أو شقيقته دون ذكر اسمها على الإطلاق ! وبعض الرجال يتحاشون أن يعرف الآخرون أسماء أمهاتهم وعندما يضطر أحدهم إلى ذكر زوجته فهو يتجنب لفظ اسمها وبدلا من ذلك يستخدم مصطلحات أخرى !

القاسم المشترك بين كل هذه الظاهرات هو إزدراء المرأة والتعامل معها ككائن أدنى درجة وأقل حظا في السلم الاجتماعي، فإذا كان البعض ينطلق في هذه الممارسات متأثرا ببعض الموروثات الشعبية السلبية فيخجل أن يعرف أحدٌ اسم أمه أو زوجته .. فإن المشكلة الحقيقية تكمن في بعض الجمعيات والمدارس الإسلامية التي تنطلق من رؤيتها الخاصة للمرأة، ومن تأويلاتها المشوهة لنصوص مقدسة دأبت أن تحتمي بها.

الحقيقة أن هذه السلوكيات جزء من آليات تسويق الخطاب الديني للإسلام السياسي، الذي يريد تكريس صورة نمطية للمرأة، من خلالها سيفرض على المجتمع قوانينه الخاصة ورؤيته الأيديولوجية، ويريد أيضا اختزال موضوع المرأة برمته بشكلها وحجابها وأن يسلبها شخصيتها وكينونتها، ليطبع صورتها في الثقافة الشعبية الإسلاموية على أنها نعجة في غابة من الذئاب ! هذا ليس احتقارا للمرأة وحدها بل هو قبل ذلك احتقار للإنسان نفسه الذي يجعل منه مجرد كائن جنسي متوحش بلا عواطف وبلا عقل.

فكيف سينتخب الناس امرأة لا يعرفون شكلها، ويجهلون صورتها ؟ وأي دين هذا الذي يحرم على الفتاة أن تحضر يوم زفافها وتشارك إلى جانب عريسها ؟ وأي دين يحرم على المرأة أن تظهر وجهها ؟ أو أن تخرج للحياة العامة أو تقود سيارة مثلاً .. أو حتى أن يُذكر اسمها ؟! كما لو أن وجهها عورة وصوتها عورة واسمها عورة .. وبالتالي فإن وجودها بحد ذاته هو عورة ينبغي إخفاؤه بأي طريقة وبأسرع وقت.

وعندما تُحرم المرأة وجهها واسمها، ماذا يتبقى من آدميتها ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من أرحامهن توهب الحياة...
نايـــــــــــــــــــا ( 2012 / 1 / 8 - 14:00 )
لن تستعيد المرأة مكانتها الحقيقية في المجتمعات المتزمتة، ما لم تدرك سر وجودها... بمعنى أن تدرك أنها حلقة أساسية من حلقات الوجود الإنساني، وبأنه من رحمها تولد الحياة، ويتكاثر البشر، وبأنه لولا قدرة الإنجاب التي تمتلكنها بفضل تكوينها العضوي الذي وهبته لها الطبيعة فجعلتها متفوقة على الرجل في هذه النقطة بالذات : بقدرة الحمل والانجاب، حيث تخرج الحياة من صلبها، وبأنه لولاها لأنقرض الإنسان عن هذه الأرض، فالنطفة بلا رحم لا تنجب إنسان... يجب أن تدرك أنها هي من أعطت هذا السلفي المتزمت الحياة، وبأنها السبب في مكانتها الخانعة لأنها رضيت الاستسلام لسيطرته وقبلت بتعسفه وإحطاطه من مكانتها... فهي من ربّته وأرضعته حتى جعلت منه هذا الرجل، وباستطاعتها أن تملك زمام القرار لو أرادت... هنا يتبادر إلى ذهني سؤال: هل يخشى هؤلاء السلفيون من قدرة المرأة على الإنجاب فيحيلون هذه المَلَكة إلى الإله اللامرئي الغيبي القادر على كل شيء وكأنه هو من يهب الحياة وليس التركيب العضوي للمرأة والرجل؟ بأن الله هو من وضع في رحمها الجنين ولا دخل للعملية الجنسية التي تجمع جسدين وقلبين لتخلق من علاقتهما الإنسانية جنينا ً؟


2 - العزيز عبد الغني سلامه
عبد الرضا حمد جاسم ( 2012 / 1 / 8 - 14:32 )
صديقي الكريم
وهل اخفى ابن عبد الله اسم وصورة خديجه وحليمة السعديه او فاطمه وزينب
وحفصه او عائشه او اسماء
لك تقديري على ما تطرح ايها الكريم


3 - جرم من أساء الى النساء
رشيد تونسي ( 2012 / 1 / 8 - 19:53 )
تحياتي الخالصة للكاتب عبد الغاني سلامة
من عجائب القدر أن يتعرف الرجل على قطة جاره فيقول هذه قطة جارنا فلان و تلك لجارنا فلتان و لا يستطيع تحديد هوية إمرأة مسكينة وضعت داخل كيس أسود و الذي يدعونه النقاب الاسلامي باعتبارها عورة و صوتها عورة و جسدها عورة أيوجد إهانة أكبر من هذه في حق انسان يحرم من ما تتمتع به الحيوانات و الجمادات فالكل ممكن أن يرى إلا المرأة فلا يحق رأيتها للغرباء على حد تعبير المسلمين. عزائي و مواساتي للمرأة المسلمة على ما جناه عليها دينها.


4 - المرأة سر الحياة
عبد الغني سلامه ( 2012 / 1 / 9 - 07:13 )
الأخت الكريمة نايا
شكرا على تعليقك القيم وفي الحقيقة أن ما تفضلت به صحيح تماما، وعلى المرأة أن تدرك مكانتها وأن تتوقف عن كونها العدو الأول للمرأة بسبب سذاجتها أو جهلها في بعض الأحيان
تقبلي مودتي

الأخ المحترم رشيد
كل الشكر والاحترام لما تفضلت به، وأعتقد أن المجتمعات المغلقة المتخلفة التي تغلف جهلها بالدين وتزين عهرها بمظاهر دينية زائفة هي المجتمعات التي تتعامل مع المرأة كمتعة جسدية يتم استدعائها عند الحاجة وبعد ذلك هي عورة يجب إخفاؤها وتغييبها وربما قتلها
تقبل مودتي

العزيز الصديق عبد الرضا
المشكلة أن المسلمين انتقائيين في تعاملهم مع الدين فلا يأخذون عن النبي إلا ما يرونه متماشيا مع مصالحهم ويرفضون أي شيء آخر حتى لو كان من صلب الدين
تقبل مودتي واحترامي أيها الصديق الرائع

اخر الافلام

.. امرا?ة ثمانينية كورية تشارك في مسابقة ملكة جمال الكون الكوري


.. عازفة على أوتار الأمل




.. دراسة مغربية حديثة ترصد أثار زلزال الحوز على الحقوق الاقتصاد


.. الناشطة الحقوقية عضو فيدرالية رابط حقوق النساء بجهة درعة تاف




.. المحامية وعضوة فيدرالية رابطة حقوق النساء فتيحة اشتاتو