الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغيير في منظور عبد السلام ياسين

زكرياء الفاضل

2012 / 2 / 20
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نشر موقع جماعة العدل والإحسان مقتطفا من كتاب شيخها ياسين يتعلق بمفهومهم للتغيير في بنيان المجتمع وإعادة هيكلة الدولة. وإذا كنا لا نختلف معهم في ما يخص التغيير وإعادة بناء الدولة المغربية، فإننا لا نشاطرهم الآفاق المتوخاة لمجتمعنا من خلال استراتيجيتهم الرامية إلى إخراج الجماهير المناضلة من جور وظلمة النظام المخزني للإيقاع بها في ظلامية الدغمائية العقائدية ومكائد محاكم التفتيش. ذلك لبينونة فهمنا للدولة والمجتمع الديمقراطي عن ما تدعي له الجماعة على لسان مرشدها. فنهجنا التغيير السلمي، ما لم يفرض علينا النظام المخزني أسلوبا آخرا، وبناء المجتمع المدني ودولة القانون، حيث تسود حقوق الإنسان والمواطن، ويشيع مبدأ تعددية الفكر واحترام الاختلاف في الرأي.
يقول الأستاذ عبد السلام ياسين مرشد الجماعة: "ليست طموحاتنا محدودة بموعد انتخابي أو تناوب على السلطة، لأننا نعلم أنّ تغيير حكومة أو دستور معيّن لا يكفل إلاّ بحل أزمة عرضية إن كفل وهيهات! ولا يستطيع إلا تهوية الجو السياسي ريثما يدفع تآكل النظام فرقة أو حزبا معيّنا إلى الانسحاب في مستراح المعارضة الحزبية ليلمّع صورته."
قد لا نختلف مع الأستاذ مرشد الجماعة فيما ذهب إليه من كون تغيير حكومة أو دستور لا يؤدي إلى تحقيق طموحات الجماهير المناضلة، وقد نتفق معه في كون بعض الأحزاب اختارت منتزه المعارضة طمعا في إحياء ماض لن يعود، لكن ما لا نتقاسمه مع الشيخ هو ما أخفته الكلمات وكشفته المعاني المشفرة بين السطور. فعندما يقول أنّ طموح الجماعة ليس محدودا بالتناوب على السلطة، فإنه يقصي كليا النظام الديمقراطي من حياة المجتمع ليستبدله بنظام شمولي دغمائي لا مكان فيه للاختلاف واحترام الرأي الآخر. وهذا يظهر جليا حينما يضيف:"إن تغيير وجهة المجتمع الذي ننشده لا يمكن أن يقتصر على سياسة موسمية هدفها التناوب على السلطة أو إصلاحات قصيرة المدى ينفذها تنواب ديمقراطي حقيقي أو توافقي مزيف.."
ليس من الضروري أن تكون عالم نفس مختصا لتكتشف إصراره على رفضه لمبدأ التناوب على السلطة الديمقراطي، الذي يلغي احتكار السلطة من طرف طبقة أو طائفة أو جماعة أو حزب دون باقي مكونات المجموعة البشرية. فالأستاذ عبد السلام ياسين ينشد غير ذاك، لكنه لا يجرأ على الإفصاح عن حلمه الحقيقي، الذي لا يتحقق إلاّ من خلال سلطة شمولية دغمائية مبنية على تكفير المعارضة وإقصاء فكر الآخر. لكن رغم هروب الأستاذ مريد الجماعة من الإفصاح عن فكره وهدفه بصراحة، فإنّ نواياه الحقيقية تخترق من وقت لآخر عتمة أسلوبه وضبابية مفرداته كما سيتضح من خلال تعبيره الآتي:"أفقنا التغيير العميق.." وسيتضح قصده بعمق التغيير من خلال ما يلي:"إن نظرتنا غير محدودة بنطاق الدولة القومية..، لأنّ غايتنا .. هي توحيد الشعوب الإسلامية في كيان واحد".
إذا شيخ جماعة العدل والإحسان لا يهمه التغيير الديمقراطي، ولا تحقيق مجتمع العدالة الاجتماعية، ولا حرية التعبير، بل إحياء الخلافة من الخليج إلى المحيط أي دولة الفقهاء وديكتاتورية رجال الدين، التي لا تختلف عن محاكم التفتيش في شيء. فهذا الكيان التاريخي عرف بإقصاء الرأي المخالف واحتكار السلطة والتشريع والفتوى وهيمنة الفرد على المجتمع.
إن الدولة التي يطمح لها شيخ جماعة العدل والإحسان لا تختلف ف بنيانها عن النظام المخزني إلآ في مخيلة أصحابها، لأنها هرمية الشكل تماما كبنية الجماعة الداخلية، حيث يقف على رأس هرمها الشيخ فحاشيته .. وهكذا إلى أن نصل لقاعدة الجماعة. بينما نحن نسعى لبناء دولة تنبذ الشكل الهرمي للسلطة، ونحلم بمجتمع خال من صراع الطبقات ويسوده التعاون الاقتصادي والثقافي بين المدينة والقرية، ويصوغ سياسته الفلاح والعامل والمثقف والموظف وكل فئات الشعب دون استثناء. لأننا لا نؤمن بالفكر البرجوازي لمفهوم الدولة الذي يجعلها جهازا وكيانا فوق المجتمع ، والإسلاميون هم برجوازيو الفكر والطموحات والانتماء خاصة القيادات (برجوازية صغيرة ومتوسطة). نحن نؤمن بكون الدولة نتاج المجتمع الطبقي كصراع بين مكوناته على وسائل الإنتاج والثروات، لذلك هي قائمة ما قام في المجتمع صراع الطبقات، وزائلة بزوال هذا الصراع. وهذا يدفعنا لاعتبار دولة الشعب مرحلة تمهيدية للانتقال إلى مجتمع يغيب فيه الصراع الطبقي.
في الوقت الذي يركز الفكر الأصولي على تآخي الطبقات، مثله مثل الفكر الاشتراكي الإصلاحي، وذلك من خلال الرحمة والشفقة والصدقة ومحبة فعل الخير أي من خلال عواطف مرتبطة بدرجة إيمان الفرد ومدا حسن تربيته، نسعى نحن إلى تقنين حقوق المواطن في العيش الكريم عبر دستور يحتوي على مواد وبنود تنص على إجبارية التعليم (إلى غاية الثانوية العامة-البكالوريا) والعمل والتطبيب وحرية التعبير والتجمع وتوزيع الثروات بالعدل..، مما سيوفّر العيش بكرامة لكل مواطن ولن يجعله يحتاج إلى صدقة أي كان.
إن فصل "التغيير" من كتاب "الإسلام والحداثة" لمرشد الجماعة عبد السلام ياسين يظهر التوافق مع التنظيمات الأصولية المتطرفة من حيث الاستراتيجية، ونتمنى أن تكون جماعة ياسين على خلاف معها من حيث التكتيك، الرامية إلى إحياء دولة الخلافة. وهذا خيار يقصي بوضوح باقي القوميات لصالح القومية العربية تحت قناع الدين. ربما أعضاء الجماعة يجهلون حركة الشعوبية، التي ثارت في وجه الخلافة مطالبة بحقوقها الثقافية والقومية عموما.

إن اختلافنا مع الأستاذ عبد السلام ياسين لا ينحصر فقط في مفهوم التغيير، بل يتعداه إلى مفاهيم أخرى كالديمقراطية والبديل الذي يطرحه لها ونعني الشورى، لكن هذا موضوع آخر سنرجع له في وقت لاحق مستقبلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا تنسوا الموقع اسمه الحوار المتمدن
زكرياء الفاضل ( 2012 / 2 / 22 - 14:22 )
إن جماعة العدل والإحسان تنظيم سياسي له وزنه على الساحة المغربية ولا يمكن تجاهلها. قد لا نتفق معها في فكرها، لكن من غير اللائق الشتم والتهجم عليها على الأقل لأننا نعتبر نفسنا متحضرين.
إن الأستاذ عبد السلام ياسين تربى وترعرع في وسط ديني وصوفي وتشبع بفكره ولا يمكن محاسبته على ذلك، لأن الإنسان ابن محيطه. كما أن جماعته لحد الآن لم تكفر أحدا بل تحاول محاورة الآخرين. فلماذا سندخل في عداوة مباشرة معها ما دامت لم تعلن عن عدائها لنا؟ لها مواقف سياسية غير مفهومة وهذا ننتقده في حدود اللياقة واللباقة.
إن الإيمان بتعددية الفكر يظهر من خلال التعامل مع الآخر، لا عبر رفع شعاره.
تحياتي

اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد