الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحسين بين الميثولوجيا والواقع ..

حسين الصالح

2012 / 11 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نريد ان نعرف هل الحسين بطلا اسلاميا ام رافيدينيا عراقيا ؟؟

تعتبر رحلة موت وقيام إله الذكورة تموز او ديموزي بنسخته السومرية وحزن عينانا او عشتار البابلية عليه من اروع واقدم صور المثولوجيا التراجيدية التي عرفها انسان وادي الرافدين الذي دأب على تخليدها من خلال العديد من النصوص الادبية والشعرية الرافيدينية لتصبح موروثا يكتسبه الانسان بالولادة ويتربى على تقديسه واقامة طقوسه .. ولعل هذا الحزن الجماعي الذي مارسه الانسان العراقي القديم كان له الاثر الواضح في اكساء قشرة المجتمع الرافيديني بطابع حزين لم يفارقه عبر الاف السنين والتي انعكست بصورة واضحة على ادبه وموسيقاه وشعره حتى ان الذائقة الطربية للانسان العراقي باتت اسيرة الحزن والرثائيات التراجيدية .
فشارع الموكب البابلي بات مسرحا لطقوس بكائية كان يمارسها المجتمع البابلي سنويا حزنا على تموزهم.
ولعل الصدفة قد لعبت دورها بعد الاف السنين عندما اخرجت الحسين ابن علي من شبه جزيرة العرب لينتهي به الحال ثائرا مغدورا في ارض الحزن الرافيدينية , فالانسان العراقي المهجن قد وجد ضالته في تلك الماساة التراجيدية الكبيرة ليفرغ فيها ارثه التموزي الذي تناقله في اللاوعي واكتسبه من محيطه وارثه الثقافي .. ولعل هذا يفسر التناقض الشاسع بين مايتناقله الشيعة في ادبياتهم عن الحسين وابيه وفضلهما وحكمتهما وزهدهما في الحياة وعن سلوكياتهم وسياسات شيوخهم ومراجعهم ..
فعلي هو العالم والفارس الالهي المسدد الخطى والحسين هو بذرة الثورة التي لن تهدأ خصوصا انهما معصومان عن الخطيئة بقدرة الهية (وهذا بحد ذاته يسقط اي صفة بشرية ممكن ان تميزهما عن البشر) فعندما يولد الانسان معصوما عندها ستكون العملية اشبه بطفرة في شفرة الدي ان اي لهذا الشخص , بحيث تمكنه هذه الشفرة من كبح جماح شروره البشرية وعدم ممارسة الخطئية رغم قدرته عليها **كما يصفها الارث الشيعي**, ولكن هذه بحد ذاتها مغالطة كبيرة لان المعصوم في هذه الحالة ليس بشريا وانما هو اشبه بفكرة انصاف الالهة التي سادت في تراث الشعوب السحيقة ..
فلو كانت العصمة صفة مكتسبة لاختلف الامر لكن الامر اليوم يدور حول نسل محمد الاثنى عشري او الثلاثة عشري بعد التحديثات الشيعية الجديدة, بحيث ان العباس ابن علي رغم تضحيته ورغم ماتناقله التراث الشيعي عن فضله وزهده لم يكن معصوما فقط لانه لايمتلك الدم الملكي الذي يمكنه من نيل هذا الشرف ..
في واقع الحال فان عملية التعصيم هذه قد سلبت حقا شرعيا لاصحابها بكونهم بشريين خطائين وان اعمالهم وسيرتهم المضيئة هي مايميزهم عن البشر رغم تساوييهم مع الاخرين في الفضل والقيمة البشرية , اي ان اعمالهم لم تكن بسبب التسديد الالهي دونما ادراكهم للحكمة الالهية التي اراداها الرب للبشر وبهذه الطريقة ستتاح فرصة للعامة ان يتشبهوا بصفات المعصوم والسير على هداه ويتجاوزون شماعة العصمة التي يفسرون من خلالها تناقضهم مع سيرة ابطالهم الشعبيون . ((رغم انني لا أأمن بفكرة المثل الاعلى وان (كل) انسان هو قيمة بشرية نادرة بحد ذاته لكنني اريد ان احاكي الفكر الجمعي وموروثه))
فالمتتبع لسيرة المعصومين وسياسة الشيعة وسلوكياتهم بعامتهم وخواصهم يجد تناقض واضح بينهما فالامر اشبه بايدلوجي اشتراكي يمارس الراسمالية في حكمه !!! ولحد هذه اللحظة لم نشهد دولة شيعية واحدة تتشبه بالحسين بقدر تشبهها بيزيد فلا الفاطميون ولا الصفويون والدول الشيعية الحديثة مثل ايران وجزء من العراق اليوم يمتون لصلة بالحسين الذي يصفونه في ادبياتهم .
ولعل فكرة المدرسة الشيعية التي تحصر الخلافة بالمعصوم وتمتنع (ظاهريا) عن السياسة بانتظار المنقذ المنتظر الذي سيقيم العدل هي احدى كبريات المشاكل التي خلقت شعور دونيا وسلبيا داخل الانسان بعدم قدرته على اقامة العدل او الترقي بسلوكياته بدون دور الرب وتسديده .
فنجد ان ثورة الحسين افرغت من محتواها الانساني والدليل ان الثائرين تحت راياته قد قولبوا الثورة باطار قبلي وخلطوا بين (( الثورة )) و ((الثأر)) , لذلك نرى ان سياساتهم عبارة عن عملية اثبات وجود قبلي في ظل الاقصاء العنيف الذي مارسه الاخر ضدهم , وهم هنا بدون وعي يحاكون الفكر المخالف ويجارونه رغم يقيني ان الاثنين ينتميان لمعسكر واحد ..
فالحسين اليوم بات رمزا رافيدينيا اكثر من كونه معصوما اسلاميا, فهو ضالة العراقي الذي بحث عنها منذ الاف السنين لتفريغ عذاباته واهاته بطريقته الوجدانية والعصمة كانت ضرورة لاكمال الصورة الشعرية ومحاكاة فكرة الوحي الذي جاء بها جده النبي محمد .. لان الالهة وانصافها كانت ومازالت تلعب الدور الاكبر في دورة حياة الانسان عامة والرافيديني خاصة.
ولو كانت نهاية المسيح في العراق لوجدنا مرثيات وبكائيات ولا اروع كان سيخلدها التاريخ .. فوحدها الشعوب التراجيدية القادرة على خلق هذا الكم الهائل من الاحاسيس وتطويعها لتجنيد البشر تحت مسميات انصاف الالهة والمعصومين واخيرا المسددين الخطى ..
هذه دعوة لمن يبكي الحسين ان يراجع نفسه ويبحث عن الحسين في داخله قبل ان يسرق من هذا الثائر ثورته !! فالحسين رمزا للنفس البشرية الفاضلة التي افترض الكثير من الفلاسفة القدماء وجودها في داخل كل انسان .. انها دعوة لانقاذ الحسين من روزوخون انصاف الالهة وقوى ماوراء الطبيعة واعادة حقه (البشري) الذي سلبه اياه كل من ورثته بالنسل ومن يدعون اتباعه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah