الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأقلية ذات الصوت العالي و مأزق السلام - 1

ماجد حسانين

2005 / 3 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أشرت من قبل إلى التشابه بين الجماعات اليهودية المتطرفة (الصهيونية) و الجماعات الإسلامية المتطرفة (الصهيوإسلامية)- ( أسميها صهيوإسلامية لسببين الأول ليقيني أنهم بتطرفهم يخدمون الأهداف الصهيونية و الثاني لأني أريد أن أميز بينهم و بين الجماعات الإسلامية التي لا تدعو إلى العنف. فلا يتم التعميم )- و رأينا كيف أنها تتشابه جميعاً في أيديولوجية التعصب و التطرف و الهيمنة و في الأساليب و التنظيم ، بل ذهبت لأبعد من ذلك في توضيح إشتراكهم في الأهداف عن غير قصد.
الغريب أن الصهاينة اليهود منهم و الإسلاميين لا يمثلون إلا صوت الأقلية في مجتمعاتهم بل و على الصعيد العالمي ، فلماذا هم أعلى صوتاً مقارنةً بالأغلبية المسالمة المعتدلة التي ترفض التطرف و التعصب و الحروب و الصراعات؟
دعونا نحاول معاً الإجابة على ذلك التساؤل في نقاط تقارن بين التنظيمات المتطرفة من ناحية و التنظيمات المعتدلة - إن وجدت – من ناحية أخرى.
1- التنظيم الجيد و الإنتشار و التجنيد و التوسع.
تتميز التنظيمات المتطرفة بحسن التنظيم حيث تتبنى فى الغالب تشكيل تنظيمي هرمياً يضم في جوانبه كوادر مهنية من وظائف شتى و لكل مهمته التى يؤديها لصالح التنظيم. أماعلى الجانب الآخر فالأغلبية من المعتدلين ليسو منظمين و ليسوا مبالين و إن وجد تنظيم يمثل صوت معتدل فهو في الغالب يضم شرذمة من المثقفين أو الصحفيين أو العاملين في المجالات الفكرية و الثقافية ، و لذلك فإن تنظيماتهم تفتقر إلى كوادر مهنية متخصصة من مهندسن و تقنيين و عمال و فلاحين و تجار و غيرها من المهن التي تسهم بشكل كبير في العمل على تأسيس قواعد متينة لأي تنظيم من خلال التطوع بمجهوداتهم المهنية و خبراتهم لخدمة أهداف المنظمة.
تتميز التنظيمات المتطرفة بإمتلاك جهاز منظم يعمل على تجنيد الأعضاء الجدد و ذلك عن طريق إختراقهم و تخللهم في الطبقة الشعبية مما يسهل لهم عملية التجنيد لتوافر عنصر الثقة المسبقة ، مقارنة بالشرذمة المثقفة التي تدعو إلى الإعتدال فالعامة ينظرون إلى المثقف أو المفكر و كأنه من طينة أخرى و دائمى الشك و الريبة به و بدوافعه ، و المفكرين أنفسهم غالباً ما يفشلون في التواصل مع العامة و غالباً ما يصابون بالإحباط فيستسلمون لواقعهم بل و قد يبدأون في النظر بتعالي على الآخرين مما يكون له رد فعل أكثر سوءاً و هكذا يدور منظمي الصوت المعتدل في دوائر و متاهات.

2- توحيد التصورات (إستغلال الدين كأيديولوجية)
بعد مناقشة النقطة الأولى يتبادر إلى الذهن سؤال ، لماذا إستطاعت المنظمات المتطرفة النجاح في التنظيم بالرغم أنهم أقلية؟
من الأسباب الرئيسية لنجاح أي منظمة هو إتفاق المؤسسين و الأعضاء على التصورات و الأهداف و القيم التي بنيت عليها تلك المنظمة. و في الوقت التي تسعى مؤسسات و منظمات الصوت المعتدل إلى صياغة تلك الأهداف بعد مناقشات و إجتماعات و إختلافات في التصورات و إنقسامات و إنسحابات. حتى و إن إتفقوا فإنهم مازالو عليهم مهام محاولة توصيل الفكرة إلى الناس و الترويج لها و إقناعهم بها و محاولة نحتها بالأذهان لجذب أعضاء و ناشطين.
نجد على الجانب الآخر ان لدى مؤسسي و منظمي و أعضاء المنظمات المتطرفة المرتبطة بدين معين مهمة في غاية السهولة فلقد وحدوا تصوراتهم حول الدين و نجحوا في تطويع بعض التعاليم الدينية لتبدوا موائمة لأفكارهم و ذلك كان من شأنه إيجاد المناخ الملائم لبلورة سياسات تعد مقدسة و لا يمكن مناقشتها أو الجدل فيها من جانب الأعضاء أو المجندين ، و يعمل المتطرفين على صقل صورتهم في أعين و عقول البسطاء الناس بأنهم يمثلون المتدين المثالي الذي يحظى برضا الرب المطلق. فهم لا يحتاجون إلى دعاية فالناس - خاصة من أتباع الديانتين - أساساً مشبعة دينياً منذ الصغر و التغرير بهم من خلال قراءة بعض النصوص الدينية في غاية السهولة. حيث أن تلك النصوص معروفة لهم ، سمعو بها في أماكن أخرى و من أشخاص يثقون بهم ، و فوق ذلك كله فإن الكثير منها مقدس و ليست بكلام بشر.
ثم تأتي محاولاتهم لتفسير عدم إتباع الناس لهم كأنه خروج عن طاعة الله و عدم العمل بأوامرهم معصية!!
و السؤال الآن لماذا لم تنجح نخب المعتدلين في فعل الشئ نفسة و لي ذراع الدين ليستغل في ترويجهم لأفكارهم على أساس أنه يوفر أرضية سهلة؟
الإجابة عن ذلك السؤال تطول و قد تدخلنا في متاهات تستدعي البعض إلي إتهامي بمعاداة الأديان و لذلك فسوف أترك الإجابة لحكم القارئ المتبحر في الدين ليعطينا فكرة عن كمية النصوص التى تدعو إلى الحرب و القتال و العنف مع الآخرين أو الأغيار أو المخالفين للدين مقارنة مع آيات أو نصوص التسامح و الإعتدال. المقارن غير منصفة فللأسف فإن الصراع العقائدي متأصل فى النصوص و لذلك فمن السهل تطويعها لتخدم الجانب المتطرف أكثر من المعتدل.
و مع ذلك فإن هناك بعض المحاولات و خاصة من الجانب الحكومي - الذي ذاق مرارة التطرف - للتأكيد على قيم التسامح و قبول الآخرين ، و لكن ممثلوا الحكومات الدينين قد فقدوا مصداقيتهم للأسف بين جموع الشعوب و خاصة على الجانب العربي بسبب ممارسات الحكام و إضطهادهم لشعوبهم و فسادهم مما أفقدهم تلقائياً و اتباعهم أية مصداقية.


3- الأهداف (الصبغة الدينية و الوطنية و النزعات العرقية و العنصرية)
لا تعتمد الجماعات و المنظمات المتطرفة على إشعال الصراع الديني ديني و الديني لاديني فحسب بل و تتعداه لإستغلال الشعارات الوطنية و النعرات العرقية و النزعات العنصرية فنجد أن القاسم المشترك بين كل حركات اليمين المتطرف قامت على أحد تلك العناصر الأربعة إن لم يكن عليها جميعاً، فنجد أمماً تتحدث عن نقاء الدم و أخرى يطلقون على انفسهم الشعب المختار او خير شعوب الارض و الكارثة أن كلهم لديهم نصوص واضحة و براهين دامغة مما يستحيل معها النقاش ، و إن حاولت أن تقنع أحد الإسلاميين أن مقولة أننا خير أمة أخرجت للناس قد لا تستدعي بالضرورة أن علينا محاربتهم حتى يتبعوا ديننا؛ نظر إليك شذراَ و تركك و هو يلعنك أو يستغفر لك الله إن كان طيب القلب.

4- التمويل (هل يستطيع أن يقف أحد أمامهم؟)
لا تخلوا أي ديانة من التعاليم التي تدعوا إلى الوحدة و التعاون و إنفاق المال للصالح و الحد من الإسراف و التبذير و لكن من يقرر ذلك الصالح؟
لقد إتخذت الجماعات الدينية المتطرفة منهجاً لإبتزاز الأغنياء لدفع مبالغ مالية و دعمهم مادياً مقابل أن يتركوه بسلام إذا كان غير شديد الإيمان أو أن يغدقوا عليه بالدعاء و البركات إذا كان مؤمناً يعطي عن طيب خاطر. و الكثيرين يدفعون لهم لإتقاء شرهم كنوع من الأتاوة ، و في بعض الحالات شديدة التطرف يقوم أعضاء التنظيم بتحليل سرقة أموال من هم على غير دينهم و إستباحة ممتلكاتهم بل و دمائهم إذا ما أبدوا إعتراض.
إن قضية التمويل ليست أهم القضايا فتلك الجماعات - و على الرغم من ثرائها- تستطيع العمل و الإستمرار بأقل التكاليف و بتطوع أعضاءها المؤمنين تماماً بأهداف المنظمة و المستعدين لإعطاء النفيس و الغالي لنصرتها حيث في نصرتها نصرة للدين و ذلك العمل التطوعي يعطيهم شعور قوي بالرضاء الذاتي و النقاء خاصة لإيمانهم أن من سيلقون عليهم المديح ليسوا فقط أمرائهم و رابيهم بل و إلههم. فهم كمغسولي الدماغ منومين و تزداد الحالة سوءاً إن كان بعضهم على درجة عالية من الثقافة – غالباً دينية و أحياناً علمية - مما يجعلهم يعتقدون أنهم قد جمعوا الحقيقة كاملة بلا إنتقاص فلديهم العلم الرباني و العلم الإنساني الأرضي و هؤلاء للأسف ليس لهم شفاء أو ليس منهم رجاء.

5- الإستعداء و الإستضعاف ( دعوى الإضطهاد)
من الملاحظ أن معظم الحركات المتطرفة قد قامت في ظل الإضطهاد ، فالإضطهاد و التتفرقة و التضييق على الحريات يخلق حالم من الحنق الجماعي. ذلك الحنق الذي تستغله الحركات العنصرية لتحوله إلى آداة لخدمة أغراضها و التي قد تتسم بالنبل في عيون للمطالبين بها و المغالاة في عيون الآخرين. و إن خفت حدة ذلك الإضطهاد بدون تحقيق الأهداف كاملة ، يسعى قادة التنظيمات إلى إختلاقه بشتى الوسائل المباشرة و عير المباشرة ، و لكم هي فرحة قادة التنظيمات المتطرفة كبيرة حينما يقع عدوان على أتباعهم فيستغلونه أمثل إستغلال ، فتشتد حدة الصراخ و العواء و تنشط مجهودات التجنيد.
في الجزء الثاني سأتناول الإرهاب و التحالفات الإستراتيجية و التوغل و الإنخراط في مؤسسات المجتمع المدني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا


.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو




.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط