الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بطلة من بلادي الشهيدة الخالدة رسمية جبر الوزني (أم لينا )

خالد حسين سلطان

2013 / 5 / 23
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


بمناسبة العيد التاسع والسبعين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي المجيد اقمت معرضا لصور شهداء الحزب في شارع المتنبي وبالهواء الطلق قرب تمثال الشاعر المتنبي يوم الجمعة المصادف 29ـ3ـ2013، وذلك من خلال ما تجمع لدي من صور للشهداء من ارشيفي الخاص وما زودني به الاصدقاء والمعارف وما ينشر في وسائل الاعلام المختلفة، حيث قمت بتكبيرها بحجم واحد وكبسها بطريقة بسيطة وبمجهود فردي وعرضها بطريقة متواضعة، بلغ عدد الصور تقريباً 250 صورة، وقدمت اعتذاراً لعوائل الشهداء الذين لم نحصل على صورهم وكتبت كذلك ( الشيوعي لم يطنب في تمجيد التضحية او تقديسها بافتعال ولكن في وقتها يقدمها هادئاً مطمئناً ). لاقى المعرض استحسان وارتياح كل من حضر اليه او سمع به وقرأ عنه ووقف البعض طويلا اما الصور وسالت الدموع من البعض بصمت ومنهم من اجهش بالبكاء وعرض البعض الكثير من الملاحظات والتوجيهات وخصوصا حول كتابة نبذة موجزة حول كل شهيد للتعريف به وعتاب من البعض الآخر لعدم نشر صور شهداءهم رغم تزويد الحزب بها، جرى ذلك دون اهتمام الحزب واعلامه بالمعرض لسبب او آخر ما عدا اشارة بسيطة وخجولة في جريدة (طريق الشعب) وبمجهود شخصي من احد الاصدقاء المخلصين، في حين كتبت احدى الصحف البغدادية ( الصباح الجديد ) مقالاً عن الموضوع مع صورة في اليوم التالي للمعرض بعد لقاء مندوبهم بي .
بعد المعرض وصلتني العديد من صور الشهداء والمواضيع والملاحظات وتواصلت وبكل اعتزاز مع ذوي الشهداء واصدقائهم وما كتبوا، أستوقفتني احدى الصور والموضوع المرفق معها كثيراً وهي صورة الشهيدة الخالدة رسمية جبر وما كتبه زوجها السيد محمد النهر وابنتها السيدة لينا النهر، لذلك سوف اترك القارئ الكريم مع ما كتب .
قبل حوالي الاربع سنوات طلبت من ابي ان يكتب موضوع عن امي، يصفها لمن لا يعرفها وكذكرى لمن عرفها ولأحفادها. وليس هناك احد في هذه الدنيا اعرف منه بوالدتي - أم لينا.
طلبت منه وصفها كما كانت. مناضلة فدت العراق والحزب الشيوعي بحياتها وأمومتها وكل ما تملك .
ورحب ابي بالطلب وكتب الموضوع وسلمني اياه حينها.. ولكن طبع المسودة اخذ من الوقت ما اخذ .. فالموضوع للآخرين على الورق هو وشم السنين على الوريد .. وشم مرسوم بالدم والدمع والقهر. عجباً كيف يسترد الانسان حياته بعد تدميرها .. عجباً كم طعنة خنجر مسموم وجرح نزف استحملناه .. عجباً اذا كانت مجرد طباعة مسودة بمكانها ان تقلب يومك رأساً على عقب وتيقظ وحش الذكريات النائم .. ويطلب منك ان تعيش الحياة الطبيعية.. كيف؟ ولكن نرجع ونقول لما لا ؟ بحبنا للعراق وتاريخنا الشريف مرفوعين الرأس نقف. لم نخذله يوماً. ولن نخذله ابداً.
الشهيدة ام لينا (رسميه جبر الوزني)
من الكوادر المتقدمة في الحزب الشيوعي العراقي وعنصر قيادي في الحركة النسوية العراقية من خلال عملها في قيادة رابطة المرأة العراقية.
من عائله عراقية كادحه, ولدت عام 1949. تخرجت من دار المعلمات وعملت في مجال التعليم الابتدائي. مديرة مدرسه ابتدائية من صفين في ريف كربلاء, بنيت من القصب وبدون اي مرافق ملحقه بها. ومن خلال هذا الواقع ومعايشتها لواقع الطالبات وعوائلهن في الريف بدأ نشاطها الجماهيري ليقودها ذلك ومن خلال علاقتها ببعض العناصر والعوائل الشيوعية الى الحزب الشيوعي العراقي, فأنتظمت في الحزب عام 1972 وقد عرفت بعد ذلك بمبادئها وجهاديتها في مختلف الظروف. حيث قادت منظمة الحزب النسائية في المحافظة وكانت عضو في اللجنة المحلية للحزب التي كانت تقود العمل الحزبي في المحافظة. وقد تميزت الشهيدة بعملها الديمقراطي والجماهيري وعملت على اعادة تشكيل فرع رابطة المرأة العراقية في محافظة كربلاء في المدينة والريف. وكانت ترفد الصحف بتقارير عكست واقع ومعاناة ومطالب النسوة في الاماكن التي عملت فيها. مما اهلها ان تصبح في الهيئة العليا التي كانت تقود رابطة المرأة في عموم العراق.

تزوجت عام 1974 من رفيقها محمد النهر وكان يعمل حينها في المنظمة الحزبية. وفي عام 1975 رزقا بابنتهم الوحيدة لينا والتي شكلت قصة حياتها نموذجاً لمآسي ومعاناة اطفال وعوائل المناضلين الشيوعيين والوطنيين. ونتيجة لنشاط ام لينا المتواصل والدؤوب بدأت اجهزة البعث المختلفة حملة التضيق عليها خاصه بعد ان ساهمت في المؤتمر الوطني الثالث للحزب الشيوعي العراقي عام 1976. وفي المدرسة وبتحريض من مكتب المعلمين التابع لحزب البعث طلبت مديرة المدرسة ان تلقي ام لينا كلمة الاسبوع (والتي خصصت لمدح انقلاب شباط الاسود) غير انها رفضت ذلك واحيلت الى لجنه تحقيقيه عوقبت على اثرها ونقلت الى التعليم بمدينة الرمادي. وبعد مدة قصيرة تركت التعليم وتفرغت للعمل الحزبي في محافظة كربلاء.
وفي عام 1977 ارسلها الحزب وزوجها للدراسة في ( معهد العلوم الاجتماعية ) في موسكو لمدة سنتين, حيث تركوا ابنتهم لينا عند اجدادها في كربلاء. وعندما تفاقمت مضايقات ومطاردات البعث الحاكم للشيوعيين والديمقراطيين وتحوّل الى هجوم عام على كل ما هو تقدمي في البلاد, لم يتمكنا من الرجوع الى العراق. فبقيا في سوريا, وهناك ساهمت الرفيقة ام لينا في اعادة تشكيل المنظمة الحزبية وتأسيس فرع رابطة المرأة العراقية في سوريا وساهمت في اعمال مؤتمر الرابطة الرابع الذي عقد في بيروت والذي جدد انتخابها للهيئة القيادية للرابطة, وفي تلك الفترة كان التوجه العام للحزب ومناضليه هو التوجه الى كردستان وحمل السلاح ضد النظام الصدامي الفاشي. ولهذا انخرطت ام لينا في دورة للتدريب على مختلف الاسلحة وتعلم فنون حرب الانصار, وبعدها توجهت الى كردستان مع زوجها واثنتان من اخواتها في منتصف عام 1981, وبرغم ظروف حرب الانصار الصعبة وامكانيات النظام الفاشي وامكانيات الحزب الشحيحة في البداية الا ان ام لينا استطاعت تحمل كل ذلك وقطعت اراضي كردستان العراق مشياً على الاقدام مع سلاحها وحاجاتها البسيطة من زاخو في دهوك لغايه منطقة قرداغ في السليمانية لتعود من جديد من السليمانية الى دهوك بنفس الظروف. غير ان الهاجس الحزبي والنسائي بقي في ذهنها ولهذا ارسلها الحزب للعمل الحزبي في بغداد والفرات الاوسط وفي ظروف الهمجية الفاشية للنظام وتحطيم التنظيمات الحزبية الشيوعية وقوى المعارضة. وفي ظروف خارقة التعقيد بقيت ام لينا في تلك المناطق لتنجز مهامها وتعود الى كردستان بجهودها الخاصة. وانخرطت بالعمل الانصاري من جديد لتعود لبغداد والفرات الاوسط مرة اخرى عام 1984 الى ان تمكنت اجهزة الامن الفاشية من القاء القبض عليها وعلى رفيقاتها لتتعرض الى ابشع انواع التعذيب لكسر ارادتها, غير انهم فشلوا وقد تحدتهم بكل كبرياء مما اضطرهم الى احالتها ورفيقاتها الى محكمة صورية حيث حكم عليها وعلى احدى رفيقاتها المناضلة ام سعد بالإعدام شنقاً.

ونقلوا الى سجن الرشاد حيث لاقين مختلف المضايقات الى يوم تنفيذ حكم الاعدام, عندما تقدمت الجميع ام لينا وهتفت باسم الحزب الشيوعي العراقي وحياة الشعب العراقي والموت للجلادين. ودفنت الشهيدة ام لينا سراً لحين سقوط النظام الفاشي والتعرف على رفاتها الطاهر في احدى المقابر في بغداد .
لقد عاشت الشهيدة ام لينا ظروفاً صعبة وقاسية, غير ان جرحها الكبير ومعاناتها الدائمة حتى في الظروف الطبيعية هي فراقها لابنتها العزيزة لينا. لقد حرمتها ظروف الارهاب الفاشية من العيش مع ابنتها, فحين سفرها الى موسكو عام 1977 كان عمر لينا سنتان واربعة اشهر ولم تلتقي بها الا في دمشق 1979- 1980 لتعيش البنت ظروف الحرمان من الوالدين, وقد حانت احدى الصدف النادرة والبالغة المأساوية ان تشاهد الشهيدة ام لينا طفلتها عام 1982 عند اختفائها في بيت اخوها في كربلاء, فقد كانت تشاهد لينا وهي تلعب في ساحة البيت من دون ان تظهر لها نفسها, وذلك بسبب الجو البوليسي الذي فرضه النظام البعثي، وملاحقته حتى الاطفال للإبلاغ عن كل شيء في بيوتهم. وبدافع عاطفه الامومة التي لا تقاوم وضعت احدى المرات اللثام على وجهها والتقت بها في البيت وتحدثت معها, غير ان لينا وبحكم من دافع غريب حاولت رفع اللثام عن وجه امها, ولم تتمكن بسبب حذر والدتها. فأي فلم يمكن ان يسجل مثل هذا الموقف وعمق المعاناة الإنسانية لهذا اللقاء..
وكأن مأساة لينا وحرمانها وظروف العائلة المهددة يومياً بزيارات الأمن وتعرضاتهم لا تكفي. ففي احد الايام وفي المدرسة الابتدائية, ارسلت بطلبها مديرة المدرسة, لا لشيء يخص المدرسة, بل لتخبرها بخبر اعدام والدتها بطلب من منظمة البعث الفاشي. فألى اي حد وصلت الخسة والاجرام بان تخبر بنت في الابتدائية بخبر اعدام والدتها....
وتدور عجلة الحياة ويسقط النظام الفاشي ويقف المجرمون بقفص الاتهام ويمجد الشعب العراقي شهداءه وابنائهم وليفسح الحديث عن كل هذه الظروف والمعاناة . اما لينا فتلتقي بوالدها في السويد بداية عام 1993 وبعدها تتزوج وتنجب ولدين هدير واثير, تتحدث لهم عن جدتهم البطلة وعن العراق وتلقنهم حكايات اطفال العراق واناشيده .
لينا النهر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاتح مايو 2024 في أفق الحروب الأهلية القادمة


.. اعتداء واعتقالات لطلاب متظاهرين في جامعة نيو مكسيكو




.. مواجهات بين الشرطة الأميركية وطلاب متظاهرين تضامناً مع غزة ب


.. Colonialist Myths - To Your Left: Palestine | أوهام الاستعما




.. تفريق متظاهرين في تل أبيب بالمياه واعتقال عدد منهم