الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منظمات المجتمع المدني في العراق .. والدائرة المغلقه

حامد حمودي عباس

2013 / 7 / 27
المجتمع المدني


تحاول البعض من الاوساط الثقافية المحلية ، ومن خلال سعيها لخلق تحاور ترعاه العديد من وسائل الاعلام ، الربط بين مؤثرات التنمية الاجتماعية ، وما تقوم به بعض منظمات المجتمع المدني من خدمات للمواطن .. ويبدو بأن هذا المنحى من التوجه ، يجعل من الخدمات الخيرية المعروضة على شرائح لا تتعدى النسب الضئيلة من الفقراء ، كبديل عن سياسة التنمية الاقتصادية الشاملة .
ان الاعداد المتزايدة مما يسمى بمنظمات المجتمع المدني في بلادنا ، والتي غالبا ما تسعى لإشغال فراغات أحدثتها السياسات التنموية الفاشلة للحكومات المتعاقبة ، لم تتمكن من ايجاد الحلول البديلة عن تلك التي تخلقها مسارات التنمية الحقيقية ، والمرتكزة على أسس البناء الاقتصادي المتطور والرصين والذي يشمل كافة الجوانب الحياتية للمواطن .. وغالبا ما تكون تلك المنظمات المدنية هي انعكاس حي ومباشر لأحزاب أو جهات سياسية تسعى مخلصة أحيانا ، وعن خبث في أحيان أخرى ، لا يكسب الفرد المعدم من نتائج نشاطاتها غير القليل والمؤقت .
لقد سعت العديد من وسائل الاعلام المرئي ، وللأسف الشديد ، الى تسليط ابشع الاهانات بحق المواطن المعوز ، حين عرضته واسرته وابنائه ضمن برامج دعائية يومية ، وخاصة في شهر رمضان ، ومن خلال مسار ينم عن الفضيحة الاجتماعية ، مقابل ان يحظى بمبلغ مالي بخس وعدة قطع من الأثاث .
الأمر الذي يجعل من الضروري جدا ، التوجه الى وضع عقد اعلامي تتفق عليه جميع وسائل الاعلام وبكافة توجهاتها ، يتم بموجبه الاحجام عن عرض حالات أسرية لعراقيين ليس لهم ان يتلقوا هكذا حالات مهينة ، بالتأكيد سوف لن تحدث ، لو تم وضع صيغ جديدة وشاملة ، وجذرية ، تساهم في إرساء تنمية شاملة في البلاد .
لقد دعوت ، وآخرين ، وفي أكثر من مقال ، الى خلق جبهة موحدة أطرافها كافة القوى الوطنية المؤمنة بالقوانين المدنية ، حيث سيكون هذا وبالضرورة مدعاة لتوحد هذا العدد الكبير من منظمات المجتمع المدني ( المؤمنة بالمسار الديمقراطي وحقوق الانسان ) وعدم بقائها مشتتة في مواقع تجعلها ضعيفة الحضور والأداء ..
ليس من باب الاجتهاد الشخصي ، القول ، بأن الأمر يتعدى كونه أخلاقيا أكثر من كونه إلزاما تحدده ملامح الضرر الذي أصاب شرائح واسعة من الشعب العراقي ، جراء السياسات الاقتصادية الخاطئة والناقصة ، والتي تهدف فقط الى إثراء المتنفذين في السلطة وكبار التجار والمقاولين ، وزيادة اخضاع عموم الشعب تحت ضغط الفقر وتفشي الأمية ، والجهل بسبل المطالبة بحقوق المواطنة . . فالتحرك صوب انقاذ عائلة فقدت معيلها ودار سكناها ، وسارت بها الظروف المعاشية القاسية الى أن تسكن القبور مثلا ، لا يكمن في منحها هدية عابرة من جهة ميسورة الحال ، على أن يتم توظيف هذا الاجراء اعلاميا ، لتلبية متطلبات كسب سياسي أو دعائي ضيق الحدود .. وانما يجري ذلك بوضع الحلول الشاملة للمعضلة الاقتصادية والاجتماعية لعموم الشعب ..
وهذا بالضبط هو الحيز الذي يحكم عمل منظمات المجتمع المدني لو أرادت أن تظهر بمظهر المنحاز تماما الى صفوف الفقراء .
عليها أن تساهم وبشكل فعال في عملية التحريض الجماهيري للمطالبة بالحقوق بعد وضع السبل الكفيلة بالتعرف على هذه الحقوق ، ولا بأس حينها من أن تقوم بأداء مهمات خيرية جزئية لدعم الحالات الطارئة والشديدة الوقع والتأثير على أسر بعينها ، حين ترى أن ذلك ضروري للإنقاذ ودرء الخطر .
على منظمات المجتمع المدني ، أن تسعى جاهدة الى توظيف كامل طاقاتها ، لفضح جوانب التجني على حقوق الجماهير الفقيرة ، وأن لا تحيلها شروط الانتماء السياسي الى مجرد مراكز للدعاية الانتخابية المؤقتة ، ضمن دائرة مغلقة لا تبيح لها فرصة اكتساب ملامح العمل الجماهيري الخلاق .
عليها أن تدعو كافة الطاقات العلمية المعنية بالاقتصاد أن تضع الدراسات وعقد الندوات الدورية لمحاربة الفساد بكافة اشكاله ، وعليها ايضا أن تبرز ، وعبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة ومن خلال الصحف ، صيغ العمل الكفيلة بالضغط على صناع القرار لسن القوانين المنحازة الى جانب الطبقة المحتاجة من ابناء شعبنا ، وازاحة كافة التشريعات التي من شأنها تركيز الثروة بأيدي الفاسدين والاثرياء الجدد ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ان لم تكن ذئبا اكلتك الذئاب
فؤاده العراقيه ( 2013 / 8 / 1 - 14:47 )
صار الأنسان يا عزيزي ومن كثرة ما تلقاه من اسى وحيف لا يبالي لهذه الأهانات فهو يتلقى منها الكثير يوميا وبأشكال عديدة واينما وجد
المشكلة عميقة بجذورها , وسائل الأعلام تسعى لهؤلاء ليس لسواد عيونهم او لأن بذور الخير والرحمة طغت عليهم , ولكنها وهنا بيت القصيد هو عملهم للدعاية والأعلام فقط
وحتى منظمات المجتمع المدني هم اصحاب مصالح ودعاية
اقول اين فعل الأحزاب واين ذهب فعلهم ونشاطهم
صارت حياتنا اليوم تسير تحت شعار ان لم تكن ذئبا اكلتك اذئاب
مع التحية والسلام لك ولمقترحاتك البناءة

اخر الافلام

.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟


.. اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط




.. ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ا