الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحزب والدين

سيف عطية
(Saif Ataya)

2013 / 10 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يتبادر في ذهني كل يوم العديد من الأسئلة التي مازلت أبحث عن جواب لها وامل أن أحصل على جواب مقنع وشافي ليعالج ما تؤول به قريحتي من إستنتاجات و تكهنات. بعضا من هذه الأسئلة هي هل الإسلام حزب أم دين؟ بما أنتج من أحزاب وتجمعات حزبية بإطار ديني ذات أهداف دنيوية ووضعية لأن الأحزاب السياسية لها أهدافها وشعاراتها ومبادؤها أيضاً في التغيير والبناء ودعم المسيرة التنموية بما تراها صالحة وواجبة ظمن مجتمع وبيئة وظروف معينين. والحزب حسب التعريف السائد له هو تجمع أفراد أو جماعات على أساس فكري وسياسي وثقافي وإجتماعي سعى للوصول الى السلطة لتطبيق تلك الأفكار والمبادئ. والحزب بالمعنى اللغوي هو تحزّب أي تجمع وإتحد وتنظم. وبهذا فإن الحزب هو تجمع مجموعة من الناس على أساس فكري لتنظيم أنفسهم من أجل هدف سياسي.

فما هو الدين إذن؟

لايوجد تعريف معين وصريح للدين بشكل عام، فلقد تعددت التعريفات والنظريات لتعريف الدين بشكل علمي واضح. هل هو تجمع أفراد من أجل فكرة أو إيمان معين؟ هذا إذا تعريف الحزب أليس كذلك؟ الدين بالمعنى اللغوي هو كلمة أساسها "دان" أي خضع وتذلل وكما هو معروف فإن التذلل والخضوع الى الخالق على أساس سلوك وأخلاق وممارسات معينة لتميز الأديان بعضها البعض من خلال سلوكيات وممارسات معينة كالصوم والصلاة وتقديم القرابين وما الى ذلك بغض النظر عن أي دين أو معتقد. الدين هو ليست بجديد فهو موجود منذ خلافة الإنسان على الأرض متبينة بوضوح في معتقدات وأديان السومريين والبابليين والأكديين والاشوريين والكلدانيين في وادي الرافدين والفراعنة في مصر في عصور ماقبل التأريخ. وتباينت العبادات على مبدأ الخالق حسب الفترة التأريخية. فتاريخياً تركزت الديانات والمععتقدات على شكل الخالق وكيف تبدوا هيأته وكيف يُعبَد. فهناك مثلا كانت آلهة عديدة تمثل الطبيعة أو صفات القوة مثل إله الجمال وإله الماء وإله النار وهكذا شكلا ووظيفةً. أما في المرحلة الشكلية للإله فقد تطورت الى الوحدانية في الديانات الإبراهيمية ومن ثم تطورت في العصور الحديثة الى الوجود وعدم الوجودوعلى أساس الإلحاد والإيمان وبين العلم والمعتقد الروحاني.
فالعلماء والفلاسفة المعاصرين يناقشون الدين على أساس علمي ومادي ملموس ومحسوس بإعتبارة مجموعة من التقاليد والأفكار والعادات والقيم والقصص الرمزية التي تبلورت وإستقرت على المبدأ الروحي والخوف من المجهول لفئة أو مجتمع معين. أما الأديان بتعددياتها فهي تشترك على الإيمان بالإله المسيطر المطلق وعلى الطقوس التعبدية والصلاة كعلاقة مشتركة تميز دين عن دين بل وحتى مجتمع عن آخر يؤمن بنفس الدين.

العلاقة بين الدين والحزب

نلاحظ مما سبق أن الدين والحزب يتقاسمان صفات مشتركة وهي الإيمان والعمل. الإيمان بإعتقاد معين سواء كان روحي أو علمي من أجل تحسين وتطوير الشخصية الإنسانية ليكون عضوا بناءً في المجتمع. أما العمل فهو من الجانب الحزبي العمل على بناء وتوجيه المجتمع من خلال مبادئ الحزب التأسيسية لتحقيق وتطبيق الأهداف والشعارات التي يؤمن بها. أما العمل في الدين فهو مبني على أساس تأدية الطقوس الدينية والصلاة والعطاء والمشاركة والفرائض التي يفرضها الدين في مجرى الحياة من المهد الى اللحد. ونلاحظ ان الدين والحزب هما مكتسبان إجتماعياً. فالحزب ممكن أن يقنع الشخص بمبادئه وارائه من خلال الأسرة والمدرسة والمجتمع ولكن هذا الإقتناع إراديا وليست جبريا. أما الدين فيكتسبه الفرد من الأسرة والمجتمع وراثيا وروحياً في أغلب الأحيان. فيولد المرء على سبيل المثال من عائلة مسلمة فيرث الإسلام ومن عائلة مسيحية فيرث المسيحية ومن عائلة يهودية فيرث اليهودية و من عائلة بوذية فيرث البوذية وهكذا. أما الحزب فهو غير وراثي وإنما إقناعي وملموس فالعائلة الواحدة ممكن أن تشمل الإشتراكي والشيوعي والإسلامي على سبيل المثال.

الإختلاف بين الدين والحزب

الفرق الكبير مابين الحزب والدين هو أن الحزب هو تجمع يؤمن بمبادئ وقيم وضعية ويكافح للحصول على السلطة من أجل الإصلاح والتطور بالطريقة والخطة التي يؤمن بها وهي قابلة للتغيير حسب الوقت والظرف لخدمة مجتمع معين في وقت معيّن. أما الدين فالقياس الروحي والإيمان الجذري بقيم الدين وإصوله وفقهه في العبادة والعلاقة الربانية السماوية بين الخالق والمخلوق. أما إذا خرج الدين عن هذا النطاق والمطالبة في السلطة فيخرج عن إطار الدين مواكباً مسيرة حزبية وليست دينية في الإتجاه الى الحكم والملموس الدنيوي بدلا من الإتجاه الى الطقوس والمشاعر الروحانية الربّانية. فإذا إختلف السعي والهدف إختلفت المسميات والمصطلحات ويخرج الدين من المفهوم والإيمان الروحاني الى المبتغى الدنيوي الإداري الحاكم وبالتالي يصل الى درجة الحزبية في هدف الوصول الى السلطة متخلياً عن الهدف الروحي في عبادة الخالق وفق مبادئ وشروط يستند عليها كل دين.

10/21/2013
سيف عطية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا


.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز




.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب


.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل




.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت