الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك العربي على مقياس الثورة الفرنسية ..!!

حاتم بريكات

2014 / 9 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


المنطقة العربية اليوم بدأت بدفع ضريبة باهظة ، جاءت بعد قرون من الجدليات العقيمة و تقديس الأشخاص و خصام مع الأرض (بمعنى الوطن ) أمام انتماءات الدين و العرق , ففكرة الوطن لا تروق للعربي حتى لو أبدى عكس ذلك , فمردود هذه العلاقة يعود إلى فكرة الألفة مع الأرض بمعناها التجريدي من خلال السكن الثابت و ليس البيت المتنقل المرتبط بالعلاقة المصالحية مع الأرض ( الماء و الكلأ ) بحيث يفارق العربي أرضه لمجرد زوال عوامل الحياة , على عكس الغربي الذي بنا بيته الحجري الثابت مؤسساً لعلاقة وطيدة مع الأرض بعيداً عن المصالحية .
عزز حالة فقد معنى الوطن المذكورة آنفا , أحادية الحضور للمؤسسة الدينية التي طرحت نفسها كمخلص وحيد لمأزق (الضعف) لأبناء المنطقة ، من خلال حالة (خلوّ) الانتماءات لتصبح هي كل شيء لكل من يطلب التغيير سيما أن المقياس كان التوسع الجغرافي فقط ، دون النظر الى المنتج الحضاري الرديء لهذه المنطقة .
الضريبة المذكورة أعلاه قد تصل إلى آلاف القتلى والكثير من التدخلات من قبل الآخر وشعور عام بالظلم و بخيبة الأمل ، و قد تكون مصحوبة بتغيير عدة أنظمة سياسية لكل دولة و التغيير هنا عرَض و ليس نتيجة.
اليوم ليدنا دوافع قوية للتقدم نحو التحضر لا أتحدث عن مدة زمنية مضبوطة و أعني كلمة دوافع بدقة , لذلك سأحاول أن استخدم أداة قياس معروفة وهي الثورة الفرنسية كحدث اعتقد ان الاشتقاق منه سيكون مفيداً نوعا ما .
الفرنسيون استمروا في حالة الثورة و الحراك لمدة 10 سنوات تقريباً حتى حققوا دولتهم الحالية ،قياسا عليه فقد يحتاج العرب إلى أضعاف هذه المدة أو أكثر و هذا من الناحية الزمنية فقط نظرا لوجود مثبطات سوف احاول نقاشها خلال هذا النص, أما من الناحية الإجرائية فالثورة الفرنسية ترافقت مع (تجميد حاسم) لمؤسسة الكهنوت بدأ من المدارس و الجامعات و المؤسسات التقدمية الشعبية ، كما انتعشت تلك الثورة بأكسجين ثورة علمية موازية أجهضت كل أحلام الكاهن في العودة إلى السلطة ، وأعادت الأمور إلى حالة النقد الاجتماعي و البعد عن المسلمات .
ولأهمية الدور الذي تلعبه المؤسسة الدينية في الحالتين العربية و الاوروبية فيتوجب البحث في ذات المؤسستين من الداخل , فمؤسسة الكاهن الغربية كانت تستهدف المادة والسلطة ولكنها لم تتورط بماضيها ؛ نظراً لأن فكرة ( تدويل الدين ) هي فكرة عربية بامتياز فالإدارة عند الغربية تفاعلية واقعية مع التأكيد على بطلانها كمؤسسة , و التأكيد على أنها هي السياسي و الكاهن في نفس الوقت , أما العربية فهي بالإضافة الى ماديتها تملك إصرارا غريباً على استحضار الماضي عندما يكون الحديث عن إدارة الدولة التي يدور كل الحديث عنها اليوم , و تعمد هذه المؤسسة الى أسلوب (النمذجة) والذي يعتمد كلياً على النقل الحرفي الدقيق لنموذج سبق له النجاح بغض النظر عن تغير الظروف المعاصرة لمحاولة التغيير , كما وأن هذه المؤسسة لم تحكم لوحدها بل تشاركت مع السياسي في قمع العلم و النهضة الاجتماعية , بالتالي أًصبح هذا القمع مضاعفاً بالنسبة لنظيره الذي ظهر في اوروبا ، إذن هذا الحراك (موجود) هيكليا حتى اليوم و هو شيء جيد و لكنه يجلس في انتظار من يُؤمن بفكرة التضحية كخطوة أولى لكف يد الكاهن و السياسي و مساعدة الظهير العلمي على أخذ دوره.
لذلك سيكون من الصعب على الكثيرين أن يطلقوا تسمية (ربيع عربي) على تلك (التظاهرات) التي انتشرت على خارطة المنطقة العربية بل قد نتفق على تسميتها بداية متواضعة لطريق طويل يهدف الى التغيير , عزز هذه النظرية (سهولة تدخل الغرب) و الذي اثبت أن هذا الحدث ما زال في مراحله الاولى , الدعم الغربي تحول الى كاشف لمدى عمق الحالة حيث وقف وراء القوى الراديكالية محاولا فرض السيطرة على المنطقة.
اذن هناك تناظر قد يدعو الى التفاؤل بين الثورة الفرنسية و (بوادر الثورة العربية) , فالتفاضل يتعلق بالتثبيط وليس الالغاء , اذن الثورة مستمرة غالباً و لكن ما نحتاجه اليوم الاستمرار في وضع جميع التابوهات على الطاولة للنقاش ؛ الدين , الانظمة السياسية , و البنية الاجتماعية , و نركز على دمج للمؤسسة العلمية في جميع عمليات النقد و التحرك الشعبي و صناعة القرار فيكفي العلم أنه الجهة الوحيدة الذي لم تمسسه اهواء البشر .
اتماماً لعملية المقارنة أقول اسفاً أن التشابه في وجود الظلم و الديكتاتورية في الحالتين هو مصدر أمل صوب تغيير قد يكون حتى لو اضطررنا الى اهمال الفرق بين 1789 و 2011 ..!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج


.. 101-Al-Baqarah




.. 93- Al-Baqarah


.. 94- Al-Baqarah




.. 95-Al-Baqarah