الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جنس الدواعش - 3

شابا أيوب شابا

2015 / 6 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


جنس الدواعش - ٣-;-
في الجزء الأول من مقالتي تحت عنوان جنس الدواعش، كنت قد إقترحت على اللغويين و إختصاصيي علم النفس تسمية الدواعش وكلّ من على شاكلتهم بكارهي الحياة (أي مجموعة من الجنس البشري تكره الحياة وتعشق الموت على أمل الظفر بالحوريات والغلمان في الجنة الموعودة). وينطلق هؤلاء من فهم خاص للنص القرآني، وقراءة حرفية له، ومن دون التمعن بالمكان والزمان والهدف الذي من أجله أتت هذه النصوص. إذْ جاءت في تسلسل منسجم مع تطور الأحداث وإشتداد الصراع بين تيارين عقائديين سادا في شبه جزيرة العرب في فترة ظهور الإسلام، وإنتهى هذا الصراع بأنتصار المسلمين على المشركين (الكفار) ودحرهم.
يوما بعد يوم تكشفْ هذه المجموعة من البشر، وعبر سلوكها المشين ووحشيتها وهمجيتها في إحتقارها لحياة البشر، وحقدها على التراث الإنساني والإرث الحضاري، عن شذوذ واضح في طباع وأخلاقيات الجنس البشري، حيث يتميّز البشر بإمتلاكهم العقل والنظر الى الأمور وفق المنطق السليم ، بالإضافة الى العاطفة، الصفة المميّزة عند الأنسان كأرقى كائن إجتماعي.
بين حين وآخر يتباهى الدواعش بعرض فيديوهات عن أفعال شنيعة إرتكبوها بأنفسهم، وهي تُعدْ في نظرهم بطولات، يكسبوا من ورائها أجراً عند رب العالمين، ومنها :
1 فيديو يُظهر ٢-;-١-;- أثيوبيا كانوا يعملون في ليبيا، قُطِعت رؤوس بعضهم بحد السيف وقُتل الآخرون رميا بالرصاص لا لجرمٍ إرتكبوه، وإنّما لمجرّد كونهم مسيحيين. فَعلوا هذا إنتقاماً من أذية الغرب للمسلمين حسب قولهم، وكأنّ هؤلاء الكادحين الذين قدموا إلى ليبيا طلباً للرزق هم صُنّاع السياسة الأمريكية والغربية.
2 فيديو آخر يظهر تفجير آثار نمرود بالكامل بحجة أنّ نمرود هذا كان ملكاً متجبراً، وأنّ شعبه كان يعبد هذه الأصنام، وهي كذبة مكشوفة، لاّن الاشوريين في هذه الفترة كانوا يعبدون آلهة خاصة بهم، وكان آشور كبير الآلهة، ولم يكن له تمثالٌ في القصر، وأمّا تماثيل الثيران المجنحة (لاماسو) فقد كانت في نظرهم مخلوقات تحمي القصور والمعابد، و تطرد الأرواح الشريرة، مما يعني أنّهم كانوا منحازين الى الأرواح الخيّرة ضِدّ الأرواح الشريرة، وهو أمرٌ إيجابي ينبغي أنْ يُحسبُ لَهمْ لا عليهم .
جاء في الموسوعة الحرة ويكيبيديا بهذا الخصوص ما يلي:
كان يُعتقد بأن الآشوريين القدماء قد عبدوا الثور المجنح، ولكن رُفضت هذه الاعتقادات من قبل علماء الآثار الآشورية ومنهم جون راسل، الذي ذكر أن اسم هذا الجني قد ورد في كتابات الملك الآشوري سنحاريب كما يلي :
"لقد جَلبتُ رجالا أسرى من المدن التي غزوتها وبنوا لي قصراً يقف على بوابته إثنان من لاماسو، وبهذا القول تم إلغاء هذه الفرضية المزعومة حيث أنه ليس من الممكن أن يكون الإله حارسا على بوابة قصر عبده. "
فلماذا دمّرتم الثيران المجنحة؟ وهي ترمز الى عظمة تلك الدولة التي تجمع بين الحكمة والقوة والمجد، كأساس للإدارة السليمة لشؤون البلاد والعباد. وهو إستنتاج عبقري توصل إليه أجدادنا قبل آلالاف السنين ومارسوه على أرض الواقع.
أَلمْ تكن فِعلتكم هذه تلبيةً لرغبة أسيادكم الصهاينة، إنتقاماً من بسط الملوك الآشوريين نفوذهم على اليهودية والسامرة، بسبب خبث الحكام اليهود آنذاك والدسائس التي قاموا بها ضد الدولة الآشورية؟ إنّي على شبه يقين بأَنكم، لو قُدّر لَكم إحتلال محافظة بابل، لدمّرتم بوابة عشتار، وكل آثار بابل، إنتقاماَ للملك العظيم نبوخذ نصر، لما يُسمّى بسبي اليهود.
ولداعش ومناصريها أسأل، ماذا ستضيف هذه الفعلة القبيحة في تحسين أحوال الناس المعيشية، الذين تتحكمون في مصائرهم؟
وكم هو مُعيب ومُخزٍ لنا نحن العراقيين أن نمسي بلا حكمة ولا قوّة بعد حضارة عمرها زهاء ستة آلالاف سنة، نتخاصم فيما بيننا لأرضاء الغريب، ويتحكم بنا الطامعون بثرواتنا وخيراتنا، ومن شِدة ضُعفِنا لم نَعدْ نقوى على محاربة عصابة من الإرهابيين لم يزد عددها على خمسة آلالاف شقي، مما دفع بحكومة العبادي الى التعبئة الجماهيرية ومد الأيادي الى العديد من الدول طلبا للسلاح الفعال لطرد هذه العصابة المجرمة.
وكُلّ هذه المصايب التي حلّت ببلادنا، وفتكت بشعبنا، وأصبحنا واحدة من أكثر دول العالم فشلاً، هي بسبب غياب الحِكمة والحِنكة السياسية التي تميّزَ بها الملوك القدامى والتي أَزلتمْ رَمْزَها، أضف الى ذلك طُغيان الجهل، وضعف الكفاءة والنزاهة، وإنعدام الضمير الأنساني لدى الكثير من الساسة المتنفذين، الذين يستحوذون على أموال الشعب بشتى الطرق، بما في ذلك أموال الأرامل واليتامى وهم بالملايين.
وإلاّ كيف تُعاني خزينة الدولة من عجز مالي، وتفرض سياسة التقشف على المواطنين ؟ وأين ذهبت مئات المليارات من دولارات النفط الذي بِيعَ بأسعار عالية جداً ولسنوات عديدة؟
3 فيديو ثالث يظهر الأعتداء على كنائس المسيحيين في الموصل والعبث في محتوياتها، وتكسير الصلبان وتماثيل السيدة العذراء والقديسين.
والسؤال الذي يتبادر في ذهن أي عاقل، ماذا ستضيف هذه الافعال المخدّ شة للذوق إلى رصيدكم، وإلى رصيد الإسلام؟
لم نقرأ ولم نسمع يوما أنّ نبي الإسلام محمداً ولا الصحابة قاموا بأزالة الآثار التاريخية، والدليل على ذلك ظلّت هذه التماثيل والأصنام وكل الآثار القديمة شامخة في كل من سورية والعراق ومصر وإيران وشمال أفريقيا حتى يومنا هذا، وظلّت الكنائس تقرع أجراسها على مر القرون، وظلّ المسلمون يَكِنّون فائق الإحترام للسيدة مريم العذراء والدة المسيح (عيسى)، ويُسمون بناتهم بإسمها.
نعم جرى إضطهاد شديد للمسيحيين في العراق في فترة الخليفة المتوكل، وفي زمن حكم خربندا وغازان المغوليين، لكنه لم يرقى أبداً الى مستوى الإضطهاد الذي تمارسونه اليوم ضد من يخالفكم الدين أو المذهب، كما لم يكن للعراقيين المعروفين في تسامُحهم ذنبٌ في تلك الإضطهادات.
إن صنع هذه الصلبان وتماثيل السيّدة العذراء أم المسيح، وإعادتها إلى أماكنها الأصلية هي عملية سهلة وسريعة، ولا تكلّف أصحابها كثيراًمن الجهد والمال، علما أن تكلفتها يجب أن تكون على عاتق الدولة، لاَّن الدولة قصَّرت في واجبها تجاه مواطنيها، سَواءُ في الحفاظ على أرواحهم أو ممتلكاتهم أو في الدفاع عن مقدساتهم.
لكن مَنْ الذي سيعيد إليكم إنسانيتكم، ويزيل عنكم العار الذي سيلاحقكم؟ فستدخلون كتب التاريخ كجنس شاذ عن البشر، جنس كارهي الحياة.
الدانمارك
03.06.2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 251-Al-Baqarah


.. 252-Al-Baqarah




.. 253-Al-Baqarah


.. 254-Al-Baqarah




.. 255-Al-Baqarah