الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طقوس المداد الآتي

عبد الغاني عارف

2005 / 12 / 9
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


إلى غسان كنفاني في ذكرى اغتياله... والخزان ما يزال يبتلع الرجال بالصدأ والخيانة ...
*************
تستفيق... أيهذا الآتي من بعيد، تلملم بقايا ذاكرتك الجريحة.. من خصب السؤال أتيت ونحوه ما تزال تسرع الخطو.. نحو الوراء لا تلتفت، فلحظات الأنس القديم تعفنت وحتى حكايا الحب التي حملتها في القلب ، توزعها في الدروب بشغف الأطفال ، يهددها الزمن بالتلاشي. لم يبق غير الغبار تذره في أعين البسطاء دواليب الزمن القاسي، فينامون لحظة ناسين ومتناسين قساوة الانتظار... أنت منهم وكلكم تنتظرون... عاما بعد عام تنتظرون... موتا بعد موت تقفون... ساعة بعد ساعة تتطلعون نحو أفق غارق في الذي يأتي ولا يأتي ويجب أن يأتي. ومع ذلك تصر الأعين التي انطفأ فيه بريق الشهوة الأولى على أن تحدق في الظلام عله ينبجس قرص ضوء مفاجئ...
متعبا تستفيق، وعلى الدرب المزروع بالشوك والشظايا ونداءات رجال لا يعرفون كيف يدقون خزانات العواصم المشلولة بوحدانية الفصول..... نأتيك من أبواب" الفوضى " المشرعة .. نلم معك جراحنا، فهي رائحة التراب تجمع بيننا ... وتلك المسافات التي يمتد فيه وشم انخراطنا في طقوس الفرح المؤجل: عنواننا المؤقت . نأتيك من كل الجهات باسم ما تيبس في أحداقنا من رذاذ طفولة تهرب في الأكياس .... نقرأ في الطرقات تهاليل أوجاعنا التي لا تنتهي .... وبين الرصيف والرصيف نسائل معك قهرا ما ألفناه، نسائلك عن الصباحات البعيدة.. وعندما يشتد علينا وقع السؤال، يكون لكل منا طقسه الذي يحكي ... . وهذا التعب طقسك يا أنت الذي لم تفكر يوما في خيانة ولادتك، فاقتحمت زمنك وسط جوع المخيمات ، بنشيد معمد بالدم وأحلام المقهورين ... .. ... نسائلك : لم هذا التعب يا أنت الذي " رأيت أناسا كثيرين يبكون، رأيت دموعا لا حصر لها ، دموع الخيبة واليأس والقنوط والسقوط ، الحزن والمأساة والتصدع، رأيت دموع الوجد والتوسل ، الرفض الكسيح والغضب المهيض الجناح، دموع الندم والتعب ، الاشتياق والجوع والحب .."؟؟ , لم هذا التعب وأزمنة الآخرين حولك تنشر الرضى بالأطنان... ؟ وحدك تبني مجد السخط وتقيم إمبراطوريات الرفض لأزمنة الخصاء المعلبة.. لم هذا التعب يا أنت الذي من دمك تدفع الجزية لتسافر من الحلم إلى الحلم ، ومن الحلم إلى القهر تعود ؟... ترابط بفرسان عشقك عند أسوار مدن تصر على الانتماء لتربتها، وتلك حكايتك الأخرى، وذلك طقسك الآخر ... ... " هم أحبتي، أراجع وجوههم فصلا قصلا، فتشدني نحو أسمائهم المكسوة بألم الذكرى لحظات يتعبني البحث عن لون لها، هي أحزاننا - يقول حزنك - تلك التي كنا نمتشقها بكل ما نملك من القدرة على الفرح , نطوف بها أزقة مدن تتنكر لهواجسنا لنزداد نحن حبا لها ... يتامى كنا سوى من ذلك العشق الذي ما علمنا كيف نفجر صقيعه ربيعا فينا , وفيه قرأنا ملامح أو لئك الذين اختاروا درب الدم والعذاب ليغرسوا بذرة الحب الكبير، فرحلوا وما نبت غير الصبار "...
هو المداد المسكون بوجع الأرض اختيارك الأخير إذن ، منه تنتفض القبضات والصرخات والدقات، وأنت العالم في سيرورة استشهادك أن " هذه الدقات هي صوت الصمت، وأن الصمت لا يكون بلا صوت، وإلا لما كان ولا صار بالوسع أن يحس على هذه الصورة الفريدة المفعمة بالغربة والوحشة والمجهول " ,.... هو مدادك يحتشد أمام جلال دمك اليانع لتتأمل السواعد ترفع قبضاتها معلنة رفض إيقاعات الطاعة، مبشرة بشمس أرض يتساوى إشراقها بين الأصوات المبحوحة.
وأنت تستفيق ، تلملم بقايا ذاكرتك الجريحة الشاهدة ، تتحسس حافة جرحك، داميا تجده ، فتقرر الرحيل .....
وها أنت ، كما عهدناك دوما، تستفيق فينا أكثر توهجا وإشراقا، فسبحان جرحك في الصبح ، سبحانه في المساء ... سبحان جرحك في كل الفصول ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب


.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا




.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في


.. الشرطة تمنع متظاهرين من الوصول إلى تقسيم في تركيا.. ما القصة




.. الشرطة الفرنسية تطلق غازاً مسيلاً للدموع على متظاهرين متضامن