الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لنبني حدائق ثقافية لأطفالنا

الطيب طهوري

2016 / 7 / 3
المجتمع المدني


نقاش فايسبوكي

كتبت على صفحتي في الفايسبوك :المواطنون في بلادنا ما إن يسكنوا حيا جديدا حتى يفكروا في بناء مسجد..يبحثون عن أفضل مكان في الحي ويطالبون المسؤولين بالسماح لهم ببناء مسجدهم فيه..لا يفكرون في بناء مركز صحي يذهب إليه مرضاهم وقت الحاجة..لا يفكرون في بناء مركز ثقافي يجمع أطفالهم في عطلهم وبعد خروجهم من الدراسة..لا يفكرون في بناء ملحق بلدي لاستخراج وثائقهم..تفكيرهم كله يوجهونه إلى بناء المسجد.. يتطوع بعضهم وينشئون لجنة لذلك..يبادرون إلى جمع المال لبنائه بعد أن يتأكدوا من موافقة المسؤولين على إعطائهم قطعة الأرض والتصريح بالبناء..يتطوعون أيضا للمشااركة في عملية البناء..من بنى مسجدا لله في الدنيا بنى الله له بيتا في الجنة، هكذا يقولون..الأغنياء منهم يبادرون إلى تحمل نفقات البناء على عاتقهم أحيانا..لا تكفيهم قصور الدنيا، يطمحون إلى نيل قصور الآخرة أيضا..فقراؤهم يحاولون نيل قصور الآخرة بأيديهم ، ولآجل ذلك يمارسون بأنفسهم فعل البناء..و..
هكذا لا نجد حيا في بلادنا يخلوا من مسجد..لا نجد قرية تخلوا منه أيضا..لكن آلاف المساجد تلك لا تغير فيهم شيئا، لا تحسن من وعيهم، لا تعلمهم النظام والنضال، لا تحسن أخلاقهم، لا تجعلهم يبدعون فكرا أو علما أوفنا....يبقون على نفس الوضعية التي هم عليها ، لا مبالاة بما يجري في واقعهم، كسل فكري يلازمهم، خيال يضمحل بشكل متواصل، ممارسة تدينية متكررة ومتشابهة على الدوام..إلخ..إلخ..
ماذا لو أنهم فكروا ،أول ما فكروا، في أبنائهم؟..ماذا لوعملوا على بناء حدائق ثقافية لهم يقضون فيها أوقات فراغهم بدل قضائها في الأزقة والشوارع..حدائق بمكتبات عامرة بمختلف الكتب التي تتناسب وسنهم، يغذون بها عقولهم ومشاعرهم ومخيلاتهم، ، فيها قاعات لممارسة مختلف الفنون حيث تبرز مواهبهم وترتقي بفعل التجربة والتدريب، فيها قاعات لممارسة مختلف الرياضات، فيها حدائق يكلفون هم أنفسهم بغرس حشائشها وورودها والاهتمام بها..إلخ..إلخ..ويشرف عليها كلها مختصون يتفاعلون مع أولئك الأطفال ويوجهونهم ويدربونهم ويحببون إليهم روح العمل الجماعي والنظام والانضباط والإحساس بالمسؤولية، ويأخذونهم في رحلات إلى مختلف ربوع وطنهم، ويطلعونهم على عادات وتقاليد الناس فيها..إلخ..إلخ..ماذا لو فعلوا ذلك؟..مؤكد أنهم سيساهمون بشكل كبير في بناء مواطن الغد، ذلك المواطن الذي نحن في أمس الحاجة إليه الآن..وحتما غدا..
ماذا لو استثمر رجال المال والأعمال عندنا في هذا العالم الطفولي؟..ماذا، وماذا؟..
للأسف الشديد، مواطنونا الرعايا ورجال المال والأعمال عندنا لا يخطر لهم ذلك ببال أبدا، أبدا..
علق االصديق كمال روابح: نعم ما قلته او ما تحلم به حلمنا كذلك لكن هل هذا يتناقض مع بناء المساجد؟ أبدا فالتقصير ليس في المسجد و انما في الناس ماذا فعلت دور الثقافة و دور الشباب بل حتى جامعاتنا في تربية الفرد و الرفع من مستواه العلمي و الثقافي و التربوي.عندنا قصور ثقافة و لا تنتج الا السخافة.اذن المشكلة ليست في المسجد يا سي الطيب و انما في رواد المساجد. حتى لو بنت الدولة كل ما ذكرت ستحول الى خراب وعندنا كثير من الامثلة عن ذلك و انت تعرفها.
كتبت ردا هلى تعليقه: أهلا كمال..ماذا يعني تهافت الناس في بلادنا على بناء المساجد فيما لا يفكرون أبدا في بناء ما يبعد أبناءهم عن تربية الشارع الاجتماعي الموبوء بكل ما هو سيء من السلوك: فوضى المرور – الغش – اللامبالاة – رمي الأوساخ في كل مكان – تيه الناس – عدم احترام وقت الدخول إلى مختلف المؤسسات – إلخ..إلخ..؟..ببساطة، لا يعني ذلك سوى أن هؤلاء الناس قد تخلوا عن مسؤولياتهم التربوية تجاه ابنائهم ..لا يعني أيضا سوى أنهم قد صاروا أنانيين لا هم لهم سوى ضمان جنة الآخرة لهم ( كما يعتقدون)..لماذا هم كذلك؟..لأنهم – وببساطة أيضا- قد فقدو الحس بالمسؤولية الاجتماعية، وغمرهم اليأس من إمكانية تغيير واقعهم نحو الأفضل، ويشعرون بالعجز التام في مواجهة أوضاعهم العامة المتردية، كما يشعر الكثير منهم بفقدانهم التمتع بخيرات الدنيا، لهذا لا يجدون أمامهم سوى الهروب إلى التدين المفرط واستعماله كوسيلة تضمن لهم ( هكذا يعتقدون) التمتع بخيرات الآخرة ونعمها وراحتها تعويضا لهم عن افتقادهم متع الدنيا وراحتها، وطبعا مكان العبادة المفضل جماعيا هو المسجد..في المسجد تكثر الأدعية المتعلقة بعالم الآخرة ..التدين بهذه الطريقة يجعل الناس ينتظرون عقاب الله لمن يتحكمون في حياتهم الجماعية العامة ويخدمون مصالحهم الخاصة كمسؤولين على حسابهم في تلك الآخرة، بدل أن ينظموا أنفسهم ويناضلوا جماعيا ضد ما يرونه من فساد يستشري في مجتمعهم..طبعا، هم عاجزون أساسا عن التنظيم والنضال ، لأنهم لا يمتلكون الوعي الذي يجعلهم يمارسونه..لماذا لا يمتلكون ذلك الوعي؟ ..لأنهم لا يقرأون الكتاب، لا يطلعون على مختلف المعارف البشرية وتجارب لآخرين في الحياة..عندما يفتقد المجتمع فعل المطالعة تجف عقول أفراده، تضمحل مشاعرهم الإنسانية، تموت فيهم ضمائرهم ، يصيرون هم أنفسهم قطيعا لا مباليا لا يعرف كيف يسير ولا إلى أين يسير، تصير الحياة مظلمة بالنسبة له، لا يبقى أمامه سوى السير في طريق الآخرة، والتدين المفرط هو تلك الطريق..لهذا تراهم يحرصون أكثر على بناء المساجد، بدل التفكير في بناء الإنسان..أنظمة الاستبداد في عالمنا العربي الإسلامي تسعد كثيرا كثيرا بذلك..التدين بهذه الطريقة يخدمها كثيرا، لأنه – ببساطة أيضا- تدين مغيب للعقول الواعية المسؤولة والضمائر الحية..رجال الدين وتنظيماتهم المختلفة يسعدون هم أيضا بذلك، لأن ذلك التدين يضمن لهم مكانتهم المميزة بين الناس..المخرج من كل ذلك في تصوري هو العمل مع النشء منذ نعومة أظافره ، هو الحرص على بنائه بتعويده على المطالعة وحب مختلف الفنون ،وتعويده على الانضباط والنظام وتحمل المسؤولية الفردية والجماعية..من هنا كانت دعوتي إلى توجه الناس إلى بناء ما سميته بالحدائق الثقافية في مختلف الأحياء والقرى..ربما نحقق بذلك الفعل ما عجزت عن تحقيقه مختلف المؤسسات التعليمية والثقافية في بلادنا..بناء الإنسان المواطن الواعي المسؤول الفاعل إيجابيا يبدأ من طفولته..قديما قيل: من شب على شيء شاب عليه..السؤال سيقى: هل تسمح أنظمة الاستبداد في بلداننا العربية الإسلامية بذلك؟..هل يسمح رجال الدين بذلك؟..هل يمكننا حماية تلك الحدائق في حالة قيامنا ببنائها من استغلال رجال الأنظمة ورجال الدين لها وتوجييها لخدمتهم..الأمر صعب ومعقد جدا..لكن تلك الحدائق بناء وتنظيما وتحكما هي وسيلتنا الأساسية لبناء المواطن الحقيقي الذي نحلم بوجوده في بلادنا....شكراا لك..
الصديق عبد الباسط نعمان كتب معلقا : بنت الدولة مئات المراكز والمكاتب والحدائق والقاعات الثقافية والترفيهية والرياضيةالمختلفة. والملاهي خباطو.....فمادا تغير؟ ثقافة فلكلورية مناسبتية بقرية...’؟..؟شباب ضايع عاطل عن كل فعل ايجابي لااعلم لمادا يكرهون المساجد وقد بناها الشعب يجدون فيها راحتهم واطمئنانهم فلماد ا تبخلونهم ...؟؟المساجد مؤسسات عبادية تعليمية هي اساس العمران لاادري هل تنتقد الكنائس والمعابد كما تنتقد المساجد ؟؟؟...ام هناك خوف المغلوب من الغالب .عند الشيخ عبد الرحمان بن خلدون .....المؤرخ..تحاليل ا نفعال ية كأن النا س من موقاديشو.مبعوثون..اما المساجد السلطانية فلها حديث اخر..كحديث الطريق السيار وآلخليفة وآل شكيب..
ردي عليه كان: أهلا عبد الباسط..قلتَ:( يجد الناس فيها ( المساجد) راحتهم واطمئنانهم)..راحتهم من ماذا واطمئنانهم على ماذا؟..طبعا راحتهم من تعبهم في حياة الفوضى في كل شيء ، واطمئنانهم على أنفسهم في عالم الآخرة ( عتقا من النار ونيلا لمكان ما في الجنة وتمتعا بالخيرات التي افتقدوها في دنياهم..كما يعتقدون)..هكذا إذن يستريحون ويطمئنون..و..أين واقعهم من كل ذلك؟..يُغيب الواقع هنا، لا تفكير في التنظيم والنضال لمواجهة فوضاه، لا تفكير في الأطفال الذين سينشأون ويتربون على تلك الفوضى، لا تفكير في مستقبلهم فيه..كل ذلك يغيب..المهم هو أن يستريحوا ويطمئنوا ( مؤقتا)، أقول مؤقتا، لأنهم سيخرجون من تلك المساجد إلى واقع الفوضى، وسيساهمون هم بدورهم فيها..هكذا هي حالهم..عندما أتحدث يا صديقي عن حالة ما، عن المساجد هنا، فأنا لا أتحدث من منطلق عاطفي ، كما تعتقد، لا أكره المساجد، كما تتصور، إنني أتحدث عن واقع أراه وأعايشه، ولست قادما إليه من عالم آخر..دعك يا صديقي من فكرة الغالب والمغلوب تلك..دعك من ، ومن..ما وُجه للكنائس والمعابد في الديانات الآخرى من نقد هو أضعاف أضعاف ما وُجه من نقد للمساجد في بلادنا العربية الإسلامية، ولا أعتقد، ولا تعتقد أيضا، أن الكنائس والمعابد تتواجد في البلدان غير المسلمة بنفس الكثافة التي تتواجد بها المساجد في بلادنا..لا أعتقد أيضا أن رجال الدين في تلك الكنائس والمعابد لهم نفس التأثير على ذهنيات الناس ومشاعرهم ومخيلاتهم مثلما هو تأثير الأئمة ورجال الدين عندنا..لا مجال للمقارنة بين الوضع الديني هناك والوضع الديني هنا أبدا، أبدا...الناس هناك يصطفون أمام المكتبات لشراء الكتب..عندنا تمتلئ الكتب في مكتباتنا القليلة بالغبار..يقرأها الغبار ..لا يقرأها البشر..شكرا لك
الصديق المفكر عبد القادر أنيس علق: يا سي الطيب، السؤال المناسب، في نظري، ليس (ماذا لو) بل لماذا لم يفعلوا هذا؟
لماذا يرى الناس في بناء المساجد غاية الغايات؟ لماذا يتكاثر الناس كالفئران وهم عاجزون عن توفير الحياة والتربية والبيئة اللائقة بهم؟ لماذا لا يحب الناس الشجرة؟ المرأة؟ النظام؟ احترام الآخر المختلف؟...
الدين أفيون الشعوب. وإن شعبا لم يتمكن من تجاوز شوية (معارف) جاء بها رجل منذ 14 قرنا، وقال لهم بأن الشمس تغرب في عين حمئة، وأن السماء عبارة عن سقف مرفوع وأن النجوم فوانيس معلقة تحت السماء الدنيا (هناك سبع سماوات!!!) إن شعبا بهذا العقم العقلي ميئوس من أمره.
كتبت معلقا على تعليقه: أهلا عبد القادر..فعلا، السؤال كما طرحتَه أنت تماما: لماذا لم يفعلوا هذا؟
لماذا يرى الناس في بناء المساجد غاية الغايات؟ لماذا يتكاثر الناس كالفئران وهم عاجزون عن توفير الحياة والتربية والبيئة اللائقة بهم؟ لماذا لا يحب الناس الشجرة؟ المرأة؟ النظام؟ احترام الآخر المختلف؟...فعلا أيضا، هذه هي الأسئلة الجوهرية التي لابد منها..
فعلا كذلك، صار التدين المفرط الذي نعيشه يلعب الدور الأساس في تغييب عقول الناس وجعل مشاعرهم تتعلق بعالم الآخرة، وتعميق العجز عن التنظيم والنضال في الواقع ضد فوضاه وما يملأ به نفوس الناس من يأس..ما يؤلم أكثر أننا لانرى أي منفذ للنجاة من هكذا واقع ونحن نشاهد زحف هذا التدين المفرط على عقول شبابنا ومشاعرهم ومخيلاتهم ، وترسخه في ذواتهم أكثر وتعميق إبعادهم عن الكتاب الحدائي والفكر االمختلف عموما...شكرا لك..
الصديق كمال خرشي كتب معلقا: وهل سيتغير الحال اذا استبدلنا مكان المسجد حديقة أو مكتبة أو أو أو..."
لماذا يجب أن يكون المسجد حاضرا في مثل هذه الأطروحات بشكله الإيجابي وتحييد النظرة السلبية ؟
ماذا لو تناولنا الموضوع مثلا على نحو: أن نطالب بإنشاء حدائق للأولاد داخل باحات المساجد،مكاتب علمية وثقافية تحرص على تنمية القدرات الذهنية لدى النشأ...إلخ...مع العلم بإمكانية ذلك...وهي تجربة طيبة، للعلم هناك بعض المساجد إنتهجتها فعلا.
ما ضرنا من أولئك المتخصصين الذين ذكرتهم لو زادوا مع ما لديهم من خبرات كذلك زادا من الثقافة المجتمعية التي تتبنى النظرة الإسلامية ؟
ألن يشكل ذلك فارقا بالنسبة لنا جميعا ؟ أم أن المشكل فقط في بناء المساجد ؟
أنا معك فيما ذهبت إليه...لكن برؤى ونظرة مختلفة.
ردي عليه كان: أهلا كمال..الحدائق التي أعنيها هي تلك الحدائق الثقافية التي تنفتح على مختلف الثقافات والفنون كالموسيقى والإبداع بمختلف أنواعه وممارسة الرياضة ..إلخ..كما أحبذ أن لا تكون مؤدلجة أو مسيرة من قبل المؤدلجين..شكرا جزيلا لك..
رد معلقا: ههههه مؤدلجة!!! آه يا عمي الطيب ...
نحن نريد أسلمة الجزائر وتنظرون اليها على أنها أدلجة وانتم تريدون انفتاحها بمفهومنا التغريبي ...لن نلتقي في نقطة تقاطع ما حيينا على هذا النحو :)
لمن يقول بقولك أقول: ينقصنا الوعي الكافي للسيطرة على مشاعرنا وأخلاقنا حتى نفتح على العالم الموبوء...الحضارة والتقدم والرقي ليست حديقة ثقافية لممارسة الدعارة على الملئ ويكفينا انحلالا...
تتحدثون عن الفنون والبلتد تعج بالمسارح ودور التمثيل
تتحدثون عن الموسيقى والبلاد ممتلئة بدور الموسيقى والملاهي
لا يكاد يوجد حي يخلو من ملعب
بل وصارت لها معاهد موسيقية واكادبميات رياضية ووووو كل هذا وتتحدثون عن الأدلجة !!!؟ الأسلام دين الدولة التي تعني الشعب دعنا من المثاليات وعش الواقع...الذي يريد الانسلاخ يمكنه ممارسة حريته في اطار ضيق بينه وبين نفسه كي يترك لغيره حريتهم يا استاذ طاهوري...
رددت عليه: مساء الخير كمال..
- تريدون أسلمة الجزائر..لا بأس..كل هذه المساجد ..كل هذا التدين المفرط العام والجزائر ليست متأسلمة؟..عجيب أمركم والله..ثم، ما هو الإسلام الذي تريدونه للجزائر: إسلام داعش أم الطالبان؟، السعودية أم باكستان؟..الفيس أم حماس؟..إسلام العباسيين أم الأمويين أم العثمانيين؟..إسلام الشيعة أم إسلام السنة؟..وقبل كل ذلك إسلام علي أم عثمان ؟..واقع الحال يقول بأن الإسلام في الواقع لا يمكن أن يكون إلا متعددا،لا يمكن أن يكون إلا فهوما..واقع الحال اليوم وعبر التاريخ يقول بأن فهم الأقوياء المتنفذين هو الذي يفرض نفسه دائما ويخضع الناس من ثمة لخدمة مصالح أولئك الأقوياء المتنفذين..دعك يا صديقي من المثاليات..تاريخ المسلمين هو تاريخ الصراع بين فرقهم ومذاهبهم وحكامهم ودويلاتهم هنا وهناك..تاريخهم هو توظيف الفقهاء لخدمة هذا الطرف لأنه الأقوى أو ذاك الطرف لأنه في طريق امتلاك القوة لأخذ مكان الطرف الأول في الحكم..وهكذا..في كل حي وفي كل قرية مسجد..هل صار الناس نزهاء، صادقين، لا يغشون ولا يكذبون ولا ينهبون المال العام ، ولا يرتشون ، ولا يزورون ،ولا يسبون ويشتمون من يخالفهم الرأي أو المعتقد؟..هل صار الناس يحترمون الوقت والعمل والآخر المختلف عنهم؟..إلخ..إلخ..نقيض ذلك هو ما يحدث في الواقع..إنه وسخ العقول ينعكس على الواقع في كل ما ذكرتَ من سلوكات سيئة..وطبعا، وسخ العقول ذاك لا يمكن أن يزول إلا بارتقاع مستوى الناس معرفيا وجماليا، ومن ثمة ضميريا..المطالعة هي الصابون الذي يزيل وسخ العقول ..المساجد أثبتت عجزها ، ولم تحقق شيئا من رفع مستوى وعي الناس وتحسين أذواقهم وإحياء ضمائرهم..ما نراه في الواقع أننا كلما تدينا أكثر ازددنا ممارسة للسلوكات السيئة..لماذا؟..في اليابان ، في كوريا الجنوبية، في السويد، في الدانمارك ..في..في..لا إسلام هناك..هناك نقيض ما عندنا من سلوكات..إنها االمعرفة يا صديقي..سميرأمين يقول: الشعب المتخلف يفهم دينه فهما متخلفا..فهم الدين فهما متقدما لا يتحقق إلا برفع وعي الناس، ببناء عقولهم معرفيا..من هنا، كانت دعوتي إلى بناء تلك الحدائق الثقافية..وقديما قيل: من شب على شيء شاب عليه..لنربي أبناءنا على حب المعرفة وتذوق الجمال واحترام النظام والنظافة والوقت والعمل و..قبل كل ذلك حب المطالعة..
- لست أدري لماذا تحرصون على اتهام من يخالفكم الرأي بالتغريبي؟..المعرفة نتاج كل البشر، ومن ينغلق على نفسه ويرفض الاطلاع على معرفة الآخرين المختلفين والتفاعل معها والاستفادة منها يحكم على نفسه حتما بالبقاء مراوحا في نفس المكان، فيما يتقدم الآخرون..العباسيون لم يتقدموا إلا بانفتاحهم على مختلف ثقافات الشعوب الأخرى ، وقبل ذلك على الحياة أساسا..لست أدري أيضا لماذا ترى في دعوتي إلى إنشاء الحدائق الثقافية لناشئتنا دعوة إلى الانحلال والدعارة؟..أمر مؤلم فعلا أن نتناقش بهذه الطريقة..
- ما يوجد في بلادنا من هياكل ثقافية لا تعدو أن تكون هياكل خالية على عروشها ويتحكم فيها ويسيرها من هم في خدمة السلطة ليس إلا ، وما تقدمه من أعمال قليل جدا جدا في مجتمع يتجاوز تعداد سكانه الـ 40 مليون نسمة...
علق على تعليقي: للإجابة عن سؤالك عن كون الجزائر متأسلمة أم لا فقد أجبتَ عنه بحد ذاتك في آخر تعليقك بقولك :"ويتحكم فيها ويسيرها من هم في خدمة السلطة ليس إلا " وهذا لأن جميع مفاصل وهياكل الدولة في يد شرذمة تقرر ماشاءت متى شاءت، يعني الخلل مهما كان فهو بين أيديهم صنيعة تفكيرهم وليس في المساجد ولا دور المساجد باحتساب الخطبة التي تأتي جاهزة من وزارة الشؤون... .
أما عن توريطنا في قضية داعش وووو ما اليه فليس لك الحق سي الطيب في الكيل بمكيالين فيما يخص المطلب والمذهب ولا ضير في أن نفصل الأشياء عن بعضها فالإسلام ليس داعشيا ولا طالبيا ولا سعوديا الإسلام شمولي ولست بحاجة لشرح ماهية الإسلام لأستاذ مثلك...
ويجب بكل الاحوال الفصل بين ما هو ثابت وما هو مختلف( فيه وليس عيبا أن نختلف على رأيك وليس كذلك عيبا أن يختلف المسلمون فيما بينهم على مستوى العلماء أو من سبقهم ويبقى امر العامة للعامة والخاصة للخاصة...
كما يجب الفصل بين الممارسات الثانوية وبين ما هو عقدي حين نناقش شيئا بمستوى الطرح الطي اوجدني هنا ، يذكر التاريخ وقائع عديدة لا حصر لها وما هو صحيح بالنسبة لك خاطئ بالنسبة لي والعكس وعليه يجب أن تبقي الامر فيما هو عليه محور طرحك من دور المسجد في التنشئة بالإيجاب أو السلب...
تحدثت عن دور الفقهاء وووو وما اليه وطريقتهم في التعاطي مع السلطة، وهنا يجب أن تلحظ مرة اخرى انك تتحدث عن ممارسات فردية لاشخاص بعينهم وهذا يحسب عليك، فلا يكاد يخلو زمان ولا مكان من اهل المصالح والجبناء ومن يبيعون اعراضهم ودينهم لاجل عرض دنيوي وما نحن عليه اليوم دليل وبرهان على هذا...
تقول:
"في كل حي وفي كل قرية مسجد..هل صار الناس نزهاء، صادقين، لا يغشون ولا يكذبون ولا ينهبون المال العام ، ولا يرتشون ، ولا يزورون ،ولا يسبون ويشتمون من يخالفهم الرأي أو المعتقد؟..هل صار الناس يحترمون الوقت والعمل والآخر المختلف عنهم؟..إلخ..إلخ..نقيض ذلك هو ما يحدث في الواقع..إنه وسخ العقول ينعكس على الواقع في كل ماذكرتَ من سلوكات سيئة..وطبعا، وسخ العقول ذاك لا يمكن أن يزول إلا بارتقاع عقول الناس معرفيا وجماليا، ومن ثمة ضميريا..المطالعة هي الصابون الذي يزيل وسخ العقول ..المساجد أثبتت عجزها ، ولم تحقق شيئا من رفع مستوى وعي الناس وتحسين أذواقهم وإحياء ضمائرهم.."
سأعطيك إشارة تدحض ما ذكرت...
في حالات عامة لا اتحدث عن حالات شاذة ، تجد أهل المساجد أهل صلاح...بعيدون عن الرسوة عن الزنى عن السرقة عن كل ما يمس أمن المجتمع أمنيا واقتصاديا وووو بل ولا يقطعون الاشجار ولا تمتد أيديهم بسوء للجمال الذي تبحث عنه، بل وتجدهم في الريادة فيما يختص بأعمال النظافة والتشجيير وووو وهذا ما اثبته الواقع من أعمال خير وما اليه...
ستذكر لي بعض الحالات الشاذة وللشاذ حكم خاص وعليه، فلا يجب أن نتهم شخصا أو نحمله وزر غيره.
تقول:
"من هنا،كانت دعوتي لنربي أبناءنا على حب المعرفة وتذوق الجمال واحترام النظام والنظافة والوقت والعمل و..قبل كل ذلك حب المطالعة."
وأنا قلت لك ما ما المانع أن يكون هذا كلّه داخل مؤسسة المسجد :) ؟ بوجود آليات ترفع بمستوى الفهم والطوق وتنمي العقول معرفيا وثقافيا ووو ما اليه...ومنه المصلحة العامة.
ثم لتعلم أنّني لم أتهمك بشيئ كي لا تصدر عليّ حكما من صميمك دون الحاجة اليه، ما ذكرت لك تنويها " تريدونها فمفهومنا التغريبي" أي أنّا ننظر الى الفكرة على هذا النحو ولك أن تفنّد...
ثم انتقلت فقلت لك كفانا انحلالا لما رأينا من الممارسات اللاأخلاقية لأشخاص أتحدث لأشخاص ولم نجد من يمنعهم على مستوى الحدائق العامة ودور السينما وووو وما تراه من انحلال اخلاقي نعيشه ولن تستطيع اشاحة وجهك عنه نتاج تحرر عقول قاصرة الفهم ...قلتُ أن الحضارة بنت الأخلاق والقيم ولا من سيجادل في هذا وربطت لك النقيض بالممارسات التي نراها ولسنا جميعا متهمون أخي الطيب...
ثم ذهبت الى مفهوم الانفتاح على الآخر واتهمتنا بالتقوقع من باب أننا خالفناك :) فما الفرق بيني وبينك اذا كنت لا تحب أن تتّهم؟
الإنفتاح بالنسبة لنا أو لي أقلّه، هو أن نعيش تحت مظلة الإسلام بكل ما له من واجبات ومنه ننفتح على الآخر الذي لا ننفك نرجع إليه شئنا أو أبينا بل وحتى الدين يحث على الانفتاح من طلب علم وتجارة وزواج ولم يحرمها الشارع الحكيم ...الا فيما يخص بعض الحالات لله فيها شؤون بسطها الفقهاء وحررها العقل بالمنطق...
أخيرا تحدثتَ عن أن الهياكل الموجودة فقلتَ:
"ما يوجد في بلادنا من هياكل ثقافية لا تعدو أن تكون هياكل خالية على عروشها ويتحكم فيها ويسيرها من هم في خدمة السلطة ليس إلا..."
وعليه أقول لك للمرة الثانية تلك معضلة المتسبب فيها هو ذاته من حال بيثن المسجد ودوره في الإنفتاح وممارسة الحياة الإجتماعية لبسط الرقيّ والتقدم والإزدهار وليس المسجد إلّا واحد من ضحايا النظام الفاسد الذي ما فتئ يتقدم خطوة حتّى أرجعنا بها عشرا...فلا تلم من هو ضحية يا أستاذ طاهوري..
ردي على تعليقه كان: مرحبا كمال..
1- نعم، لسنا مجتمعا ديمقراطيا..الأمر ليس غريبا على مجتمعنا العربي الإسلامي..تاريخ المسلمين في أغلبيته الساحقة تاريخ سلطة تفعل ما تشاء وكيفما تشاء..لم يُتح للناس فيه اختيار حكامهم بإرادتهم ومراقبتهم ومحاسبتهم..السلطة في الجزائر وفي غيرها من البلاد العربية الأخرى لم تخرج عن موروث السلطة في تاريخ المسلمين حيث كان الحاكم وأعوانه يهيمنون على خيرات الشعوب ويتصرفون فيها كما يشاؤون..هذا يعني أن السلطة في الجزائر بهذا المعنى هي سلطة مسلمين، سلطة مسلمة، شئنا أم أبينا..
2- دور المساجد هو وعظ الناس وإرشادهم..لماذا لم يحقق هذا الوعظ وذاك الإرشاد دورهما في جعل المصلين صالحين فعلا، لا يمارسون ماهو سيء من السلوكات التي ذكرت؟..هل منعتهم السلطة من أن يبتعدوا عن الكذب وعقلية الحوص والغش والتحايل..إلخ؟..هل منعتهم من القيام متطوعين جماعيا بتنظيف أحيائهم؟..هل منعتهم من احترام أوقات أعمالهم وأعمالهم نفسها؟..هل منعتهم من الابتعاد عن التبذير في رمضان..إلخ..إلخ؟..تريد من السلطة أن تتخلى عن تسيير المساجد والإشراف على تسييرها؟..لا بأس..هل فكرت في ماذا سيحدث إذ ذاك؟..ستشتعل الحرب العصوية والهراوية وربما البنادقية حتى بين مختلف الأحزاب والفرق الإسلامية..كل طرف يعمل بأتباعه على الاستحواذ على المسجد/ المساجد..حتما سيكون الفائز بالتحكم في المسجد/ المساجد الأقوى عددا وقوة ومالا..ستصير المساجد حلبات لتوظيف الإسلام سياسيا والتصارع باسمه..يقول طارق حجي في هذا الإطار: إذا دخل الدين السياسة كان العنف..من هذا المنطلق أفضل تحكم السلطة في تسيير المساجد على تركها هكذا يتحكم فيها من هب ودب لتصير بذلك وسيلة لخلق العداء بين الناس بدل توجيههم وتوحيدهم، رغم معارضتي الشديدة لتلك السلطة..لكن الواقع يفرض نفسه..
3- القرآن حمال أوجه..هكذا أقر علي بن أبي طالب..الإسلام في الواقع فهوم..ليس في مقدور أي كان أن يقول بأن داعش ليست إسلامية..أو أن الشيعة ليسوا مسلمين أو أن السعودية ليست مسلمة..
4- تحدثتُ عن عموم الناس لا عن أفراد ..عموم الجزائريين يلازمون المساجد في صلواتهم، وفي رمضان خاصة..يستمعون لدروس الأئمة ووعظهم وإرشادهم..ماذا نجد في الواقع؟..عموم الجزائريين يتميزون بما ذكرتُ من أخلاق وسلوكات سيئة وسلبية..لماذا لم يؤثر فيهم خطاب المسجد إيجابيا؟..بساطة ، لغة الوعظ وإرشاد لا تغير شيئا في أخلاق وسلوك الناس، لأنها لغة مبنية على مخاطبة العواطف وتجييشها وملئها بالخوف لا على بناء العقول الواعية المسؤولة التي تفهم واقعها وتمتلك القدرة على التنظيم والنضال..لغة العاطفة تعمق مجتمع القطيع لا مجتمع الأفراد المواطنين الواعين الذين يتحملون مسؤولياتهم..بناء العقول يحتاج إلى نشر المعرفة بجعل الناس يحبون المطالعة ويقرأون الآراء المختلفة المتعددة..بناء العقول يتحقق عندما تصير المطالعة غذاء يوميا لا فرق بينه وغذاء الأجساد..المجتمعات التي جعلت من الكتاب صديقا ملازما لمواطنيها ومن الفنون بمختلف أنواعها غذاء روحيا لهم هي التي أمكنها أن تحقق التقدم في شتى مجالات الحياة، وفي الأخلاق والسلوكات أساسا..المجتمعات التي حاربت المختلف فكرا ومعتقدا وأقصت الفنون وسفهتها بقيت تراوح في نفس مكان تخلفها..من هنا جاءت فكرة حدائق الأطفال الثقافية ، تلك الحدائق التي ينشأ فيها أطفالنا على حب الكتاب ومختلف الفنون..
5- يبدو أن المسلمين يزدادون انغلاقا أكثر في عصرنا هذا..الأمر منطقي، حيث العاجز عن التغيير واليائس منه لا يجد أمامه سوى الانكفاء على ذاته واجترار ما تركه الأسلاف، ولا يرى الآخر المختلف إلا غولا يتربص به للآنقضاض عليه،وحيث يصير الماضي هو ما يراه مستقبله، دون أي اعتبار للتغيرات التي حدثت وتحدث في العالم والتعقيدات الحياتية التي صار عليها واقع الناس اليوم، والتي تفرض على كل مجتمع ينشد الانخرط في العصر والحياة أن يكون أبناء حاضره هم الذين يفكرون بأنفسهم مستفيدين من تجارب ماضيهم وحاضرهم وتجارب الآخرين بماضيهم وحاضرهم أيضا ، باعتبارها جميعا تجارب بشرية لا بد من الاطلاع عليها والاستفادة منها لتقوية الوعي بالحاضر أكثر ومعرفة كيفية السير في دهاليزه للوصول إلى برالأمان وبناء المستقبل الأرقى والأنقى والمساهمة من ثمة مع الآخرين في بناء حاضر كل البشرية ومستقبلها..للأسف، عندما نرى في رأي المختلف عن رأينا دعوة إلى الانفتاح بالمفهوم التغريبي ،و( لن نلتقي في نقطة تقاطع ما حيينا على هذا النحو)، وعندما ننفي عن الآخرين إسلامهم كونهم لا يتفقون معنا في تصور الإسلام، وهم أنفسهم يرون فينا لا مسلمين بمفهومهم هم أيضا وتصورهم للإسلام، بدل أن نتواضع ونعترف بأننا نقدم فهما للإسلام كما يقدم المختلفون عنا فهومهم هم أيضا للإسلام، ونقر بأنها فهوم للإسلام وليست هي الإسلام ذاته، وننزع من ثمة القداسة عن تلك الفهوم ونتناقش لماذا هم يفهمون الإسلام هكذا ولماذا نحن نفهمه هكذا ، ونقبل النقد والاعتراض والدحض .إلخ، لا يمكننا أن نتقدم إلى الأمام..أبدا لا يمكننا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطينيون في الضفة يتظاهرون ضد الحرب الإسرائيلية على قطاع غز


.. الكاتب أحمد الحيلة: نتنياهو يسعى للتصعيد واستطاع تحييد ملف ا




.. أبو عبيدة: ملف الأسرى والتبادل بيد حكومة نتنياهو ونؤكد أن حا


.. انتقاد آخر من ترمب للمهاجرين: -يجلبون جينات سيئة إلى أميركا.




.. معاناة النازحين السودانيين بأوغندا