الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غبطة أبينا االبطريرك: حذارٍ من الوقوع في شرك الطائفية

شابا أيوب شابا

2016 / 11 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


غبطة أبينا االبطريرك: حذارٍ من الوقوع في شرك الطائفية

في الثالث من نوفمبر الحالي وبدعوة من غبطة البطريرك مار لويس ساكو جرى لقاء موسع لرؤوساء وممثلي الكنائس والفعاليات المسيحية العراقية. وحضر الاجتماع الذي عقد في مقر البطريركية الكلدانية ببلدة عنكاوا، كل من مار لويس ساكو بطريرك الكنيسة الكلدانية ومار كيوركيس صليوا بطريرك كنيسة المشرق الاشورية وعدد من اساقفة كنائس السريان الكاثوليك والارثوذكس والكلدان وممثل عن الكنيسة الشرقية القديمة، اضافة الى مشاركة عدد من النواب المسيحيين في البرلمانين الاتحادي وإقليم كوردستان ورؤوساء الأحزاب. وتضمن جدول اعماله المواضيع التي تخص الوجود المسيحي في محافظة نينوى ما بعد مرحلة داعش.
وأُشيرَ الى أنّ الاجتماع لم يخرج بأتفاق شامل لجميع النقاط المطروحة، ومن بينها توحيد التسمية والاكتفاء بتسمية "المكون المسيحي" في المرحلة الحالية، كونها حاليا بحسب البطريرك ساكو الأفضل، مع الحفاظ على هوية كل مكون لحين أستقرار الاوضاع، بعدها يمكن التوصل الى تسمية قومية متفق عليها.
وأقترح البطريرك ساكو في طرحه بتشكيل فريق من ذوي الانفتاح والخبرة والكفاءة كمرجعية للمكون المسيحي، تماشيا مع طرح رئيس التحالف الوطني عمار الحكيم لورقته المتعلقة بالعراق الجديد والذي طلب فيها وجود مرجعيات موحدة للمكونات لتلعب دورها بعد تحرير العراق من تنظيم داعش.
لا يا غبطة البطريرك الجليل الإحترام، إنه من الخطأ الفادح الإنجرار والسير وراء الأطروحات الطائفية التي يُسوقها الطائفيون من أمثال عمارالحكيم ورهطه، الذين يقسمون شعب العراق الى مكونات وطوائف دينية، لغايات في أنفسهم، تكمن في الهيمنة السياسية والإقتصادية والعقائدية على مقدرات العراقيين، لكونهم وحسب رؤيتهم يرون أنفسهم بأنهم يشكلون أغلبية عددية، وبالتالي لديهم الحق ان يستأثروا بالقرار السياسي العراقي ويديروا دفة الحكم وفق رؤيتهم الطائفية، وهم محصنين بقاعدة الأغلبية.
إن قبول هذه التسمية ولو مؤقتاً يعني الإنخراط في المشروع الطائفي، وتقوية لمواقف الطائفيين الذين بيدهم القرار السياسي، وليس من السهل تدارك مساوئه في المستقبل.
ألا تبصر يا غبطة البطريرك أن المحاصصة الطائفية التي جاء بها المحتل الأمريكي، وصفق لها ورقص على أنغامها الطائفيون من السنة والشيعة هي السبب في قتل وتهجير مئات الآلاف من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري، وتدمير مدنهم وقراهم على يد الدواعش وغيرهم، وهجرة الإخوة الصابئة المندائيون، والأيزيديون، والكأكائيون، ولم يسلم منها حتى إخوتنا من السنة والشيعة، حيث فاق عدد النازحين منهم مليونين ونصف، وعشرات الآلاف من القتلى والجرحى ؟
أن عدم التمكن من الإتفاق حالياً على تسمية قومية موحدة لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري، ليس مبرراً لقيام بفعل أسوأ، ألا وهو وصف شعبنا بهويته الدينية فقط، فمن الأفضل البقاء على هذه التسمية لحين الخروج من هذا المأزق.
نحن يا غبطة أبينا البطريرك لسنا فقط مسيحيين مشرقيين ومن رواد المسيحية الأوائل على أرض كوكبنا، والتي نفتخر بإنتمائنا إليها ونعتز برسالتها الدائمة في نشر المحبة والسلام والتعايش بين كل الأطياف، وإنما شعب يقيم على جغرافية إسمها قديماً بلاد ما بين النهرين وحالياً العراق، أي أننا آشوريون وكلديون وسريان عراقيون قبل أن نصبح مسيحيين، وبعبارة أخرى نحن شعب له جذور تاريخية وعرقية، ويجب أن يكون له تسمية قومية يسمى بها، كما هو الحال مع شركائنا في الوطن من العرب والكرد والتركمان والأرمن.
غبطة البطريرك تعلمون جيداً أن الدول الحديثة لا تُبنى على أساس التقسيمات الدينية أو الطائفية، وإنما على أساس المواطنة. فالصين لا تقول نحن دولة بوذية، والهند لا تقول نحن دولة هندوسية، وألمانيا لا تقول نحن دولة مسيحية، الكل يتكلم عن دولة ديمقراطية قائمة على المساواة بين الأعراق والإثنيات والأديان والمذاهب، وليس على أساس المرجعيات الدينية كما يريدها عمار الحكيم والمالكي وأتباعهم. فقط بعض الدول الإسلامية تسمي نفسها دولاً دينية، وهي في معظمها دول طايح حظها حسب تعبير العراقيين، دول مصدرة للعنف والإرهاب، وأصبحت عبئاً على البشرية. ونحن لن نقبل بتسمية "المكون المسيحي" حتى وإن كان مؤقتاً، لأن في ذلك ضرركبير على مستقبل شعبنا، و سنكون أكثرالخاسرين إنْ قبلنا بتقسيم نسيجنا الإجتماعي العراقي الى مكونات دينية.
إن مستقبل شعبنا هو في إقامة الدولة المدنية الديمقراطية. لا في دولة الطوائف والمكونات الدينية. وعلينا أن نصطف مع كل الساعين إلى إقامتها، لا مع من يحمل في عُبه مشروعاً إسلاميا.
هذه مجرد نصيحة لك غبطة البطريرك الجليل الإحترام ولكل المنشغلين معك بهموم شعبنا الثقيلة من رجال الدين وسياسيين وقادة أحزاب، أن لا تقعوا في شرك الطائفية المقيتة. وإني أتابع وأقدر عالياً جهودك الحثيثة في تجميع صفوف كل الفرقاء وتوحيد كلمتهم لضمان مستقبل أفضل لأبناء شعبنا.

شابا أيوب
الدنمارك
13 نوفمبر 2016








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا| ما أثر قانون -مكافحة الانفصالية الإسلامية- على المسلم


.. -السيد رئيسي قال أنه في حال استمرار الإبادة في غزة فإن على ا




.. 251-Al-Baqarah


.. 252-Al-Baqarah




.. 253-Al-Baqarah