الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التغيير بين السيرة والسلوك

رياض محمد سعيد
(Riyadh M. S.)

2017 / 7 / 22
المجتمع المدني


التغيير بين السيرة والسلوك
لم تمت ... ولم تنقرض النفس العراقية الابية الكريمة
النفس الطيبة الباحثة عن الخير للاخرين والبعيدة عن الانانية
لكن ومع الاسف هذه الطيبة انحسرت وبقيت محصورة عند البسطاء الذين يعرفون مخافة الله تعالى في كل خطوة يخطوها ويسعون الى بسيط رزقهم من الصباح الى المساء ، الذين يعرفون ان الله فرض عليهم الصلوات خمس اوقات في اليوم ليذكرهم بالابتعاد عن المعاصي ويشكرون الله على قوت يومهم ونعمته عليهم في العيش للعبادة و الشكر و فعل الخير.
نسأل الله ان يحفظ عراقنا و عراقيتنا الطيبة ويزيل عنا عراقنا المريض بالطائفية و الطمع وحب الاستحواذ و التسلط .
انتشر في نيسان من هذا العام (2017) فيديو لقناة فضائية لبرنامج رمضاني يصور الشارع العراقي وما فيه من رجال و نساء بسطاء ، ليقدم لهم هدية رمضانية تعينهم على العيش ولو لأيام قليلة في شهر رمضان .. شاءت الصدفة ان يلتقو برجل بسيط (حمال) يدفع بعربة نقل البضائع من و الى محلات التجار في قلب بغداد بين شارعي الجمهورية والكفاح .. حاوره مقدم البرنامج قليلا عن سيرته الشخصية وعرض عليه انه قد تم اختيارك لتقدم له القناة الفضائية مساعدة مالية للتخفيف عن كاهله في العمل لشهر رمضان ... سبحان الله .. في تلك اللحظة توقف الرجل وتوجه الى مقدم البرنامج وقال له لا .. لا اريد المساعدة لنفسي أفضل ان تذهب المساعدة الى من هو اكثر حاجة مني .. واقترح لهم ان يبحثو عن من هو اكثر حاجة الى هذه المساعدة ودلهم الى امرأة كبيرة في السن وتعيش وحيدة في احد الدور القديمة الصغيرة .. وعجز مقدم البرنامج من ان يعبر عن مشاعره لموقف هذا الرجل النبيل الذي آثر ان تذهب المساعدة الى الحجية الوحدانية والتي هي اكثر حاجة منه . وتوجه كادر البرنامج الى المرأة ، ووجدوها تعيش بوقارها في خرابة لما كان في يوما ما يسمى بيت للسكن ، بيت صغير بالكاد تسميه بيت ، وبعد ان تحدث معها مقدم البرنامج وعرض عليها ان كادر القناة يرغب في مساعدتها عندها جاءت المفاجئة ، لقد رفضت ايضا وقالت ابحثو عن من هو اكثر حاجة مني ، وقالت ان لديها قوت يومها ، الح مقدم البرنامج وعرض عليها اثاث كسرير لتنام عليه و خزنة للملابس الا انها اصرت مرة ثانية وقالت ان لديها قريولة (سرير من الحديد) وعندها ما يكفيها من اثاث ووسائل العيش بمساعدة الجيران و شباب المنطقة التي تسكن فيها.
بكى مقدم البرنامج وبكى كل كادر القناة المرافق معه للبرنامج ، بكى لنظافة النفوس بين البسطاء .. والايثار الذي اظهروه بلا تزويق او تجميل ، وذكرونا بمواقفهم هذه ما كنا نقرأه عن سيرة و سلوك العرب وشيم الرجولة و الفروسية والشهامة .
الله عليك يا عراقي بمعدنك الاصيل النقي و النظيف ، مع الاسف غابت هذه الصفات عند العراقيين واصبحنا نجدها في مهملات الطرق و البيوت ولن تجدها عند العراقيين الذين سنحت لهم الاقدار و الفرص ان تمتليء بطونهم بالمال الحرام من السياسيين و مدعي الديانة المزيفة و ذوي الولاءات المزدوجة الذين باعو انفسهم و ضمائرهم بالدولارات ليخدمو مستعبديهم على حساب ابناء الشعب و الوطن .
لكننا نتسائل لماذ تغيرت الصفة الغالبة للشعب الى الفساد ولماذا غابت او انحسرت الاخلاق الحميدة والصدق و الامانة ، هل الشعب العراقي تغير.
يتسائل كثيرون وهم متفاجئون عن ما حصل ويحصل في العراق ومن شعب العراق. فلو نظرنا الى الاوضاع والمتغيرات من الناحية السياسية فأننا قد نحاول ان مبررا لنتقبل هذه الظواهر الغريبة ذلك لأن عالم السياسة عالم متغير ويتعامل السياسيون فيه وفق المتغيرات والمسببات وبما يتحكم بمصالحهم الشخصية والوطنية بأختلاف ولائاتهم ، اذن قد تكون السلوكيات الفاسدة هي امر طاريء و وقتي ولن يزيح او يلغي الطيبة العراقية الاصيلة . لكننا قد نتفاجأ اذا ما تناولنا الظواهر من النواحي الاجتماعية وما يرافقها من سلوك رديء واخلاق وطموح غير مشروع اضافة الى الفطرة والصفات الطبيعية الغالبة في المجتمع . اذ يعرف من تبقى من جيل الخمسينات والاربعينات وما بعدهم ممن وعي وشاهد وعايش السلوك الاجتماعي الذي يتميز به العراقيين تلك الايام ، كان الناس يتسابقون لفعل الخير .. وكانت اخلاقياتهم نابعة من الصدق والامانة والاخلاص ويترجمها الافراد بشكل يومي في اعمالهم ووظائفهم وعلاقاتهم ... لا نقول ان الخلافات او الجرائم معدومة لكنها كانت محدودة جدا بشكل يتناقله الناس بعجب اذا ما حصلت جريمة او خلافات تصل الى المحاكم .. قبل عقود قليلة من السنين ، كان الناس يعرفون حقوقهم وحدودهم ويعرفون واجباتهم ويحترمون القانون دون ان يخوضو في تفسيراته ومبرراته لان السلوك السوي والاخلاقي كانت من البديهيات التي يتعامل بها الافراد ويتناقلوها بالتوجيه والتربيه والارشاد والتعليم . فعندما تحصل حالة او ظاهرة في الشارع من الامور اليومية البسيطة يهب كل من تواجد في تلك اللحظة لتقديم المساعدة دون ان يطلب احد منه ذلك وبلا مقابل .. وترى الطيبة والتعاطف الصادق في عيون الناس وتشعر بالامان عندما تحدثهم ويدلوك ويقدمو لك النصح اذا ما سألتهم. والكثير الكثير مما يتصف به الناس شكلا وفعلا . مع الاسف ذلك الحال انحسر كثيرا في مجتمعنا اليوم حتى بات من النوادر و الغرائب. ولكننا نعود ونقول عسى ان الحال الذي نحن فيه ليس الا ظاهرة مؤقتة او غمامة ستزول ويعود العراقيين الى طبيعتهم التي ملئت الارض والتاريخ بقصصها واخبارها والتي يتداولها الناس كل يوم كمضرب للامثال في كل ما هو يدعو الى الفخر و الاعتزاز على عكس ما نحن فيه اليوم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #شاهد نائب فرنسي يهاجم ماكرون بسبب رفض اعتقال نتنياهو!


.. صحيفة ليبيراسيون الفرنسية: الإنسانية تحتاج أكثر من أي وقت مض




.. Campaigning for Disability Rights in South Korea


.. محمد مبخوت.. أكاديمي كفيف ينشئ ويدير مؤسسة تعليمية وتدريبية




.. استهداف إسرائيلي لسيارة في بلدة عقابا واعتقال شبان بمحيط مست