الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واجبات العالم تجاه الكُرد

بولات جان

2019 / 1 / 19
القضية الكردية


واجبات رفقاء السلاح
نحنُ كشعب كُردي في سوريا (روجافا) عانينا كثيراً من ظلم و اضطهاد سلطة البعث الشوفينية على مدى عقود، تم انكار هويتنا القومية و الوطنية كشعب قائم بذاته، تم طردنا من قرانا و إسكان العرب محلنا، تم تجريد مئات الآلاف منا من الجنسية السورية و اصبحنا غرباء و أجانب في بيوتنا و قرانا، تم منع لغتنا الكردية و منع الأغاني و الثقافة و الملابس الكردية، تم معاقبتنا و سجننا و قتلنا لأبسط الأسباب، و فُرضت علينا الهوية العربية و اللغة و الثقافة العربية غصباً عنا، و كل من أعترض على ذلك تم تهديده، و سجنه لسنوات طويلة أو دفعه للهجرة و الهرب من الوطن إلى الخارج.
لم نتخلص من سياسات البعث الشوفينية و القمعية حتى تعرضنا للهجمات المتلاحقة من قِبل العشرات من الفصائل الاسلامية التابعة لما يُسمى (الجيش الحر) و الفصائل الجهادية و الإرهابية من أحرار الشام إلى جبهة النصرة إلى داعش و غيرها من مجموعات متطرفة. هذه المجموعات كانت مدفوعة من دول خارجية و انطلاقاً من عقلياتها الشوفينية و العنصرية و الدينية المتطرفة، فأتهمتنا تارة بإن الكُرد (انفصاليين) و(ملحدين) و(مرتدين) و(عملاء للغرب)، و تارة أخرى بأننا (أعداء الثورة و حلفاء للبعث). المجموعات التي كانت تزعم بأنها (فصائل ثورية) و(جيش حر) و (تسعى إلى الحرية و تحارب الأسد و النظام) لكنها تركت الأسد و النظام و بدلاً من أن تتوجه إلى العاصمة و تسقط النظام و تنصر الثورة، فهي تركت جبهاتها و توجهت بأوامر من الدولة التركية و بدعمها و عبر ارضي التركية و توجهت إلى محاربة الكرد في سريكانية (2012-2013)، و ارتكتب المجازر و هجرت الكُرد في ريف حلب الشرقي(بلدتي تل عران و تل حاصل الكرديتين 2013)، و طردت الكرد و فجرت بيوتهم و نهبت ممتلكاتهم في كري سبي (تل ابيض 2013)، و حاصرت الحارات الكردية في مركز حلب (شيخ مقصود و الأشرفية و السكن الشبابي طيلة ثلاث سنوات) و استخدمت التهجير و القصف العشوائي بمدافع جهنم و غازات كللور، و طردت الكرد من الرقة سنة 2013، و هاجمت على المدن الكردية في رميلان و قامشلو و الحسكة و تل تمر و ديريك.

لكننا لم نقف ساكتين، شكلنا وحداتنا و دافعنا عن مناطقنا و تحالفنا مع باقي الشعوب التي نعيش سوياً في المنطقة من عربٍ و سريان و أرمن و غيرهم و حافظنا بشكلٍ أو آخر على مناطقنا في ظل الدمار و النار التي التهمت باقي مناطق سوريا.

أظهرنا جسارة كبيرة و شجاعة في محاربة المجموعات الدينية المتشددة و الفصائل الإرهابية و خاصة تنظيمي القاعدة و داعش و أثبتنا قدراتنا العسكرية و تمكننا من التصدي لهم و انقاذ الآلاف من الأيزيديين (من كُرد سنجار في كردستان العراق) من مجازر داعش و تصدينا لللإرهابيين في كوباني. شجاعة مقاتلينا و عقليتنا الحرة و المتفتحة و تنظيمنا القوي و انضباطنا العسكري كلها اثارت اهتمام العالم و دفعت الكثير من الشخصيات و المنظمات و الحكومات للتواصل معنا و حدوث تقارب بيننا و بين التحالف الدولي الذي قدّم لنا الدعم الجوي و من ثم الاستشاري و العسكري على الأرض لنكون شركاء في محاربة أخطر و أكثر التنظيمات وحشية و ارهاباً في العالم و تمكننا سوياً من الحاق الضربات الموجعة للتنظيم الارهابي و افشلنا كل الحسابات التي كانت بعض الجهات و الدول الاقليمية تأملها من هذا التنظيم.

في حربنا طيلة سبع سنوات في وجه التنظيمات الإرهابية و الفصائل المتشددة قدمنا على ما يربو من (8000) ثمانية آلاف شهيد من كُرد و عرب و سريان و غيرهم. ثمانية آلاف شهيد لكي نحمي مناطقنا و نحمي العالم و البشرية و نخلصها من آفة الإرهاب العالمي، ثمانية آلاف شهيد لكي ينعم مكونات المنطقة بالسلام و الامان و الطمأنينة، ثمانية آلاف شهيد لكي تقرع نواقيس الكنائس و تتلى الصوات في الأديرة و المساجد، لكي يتعلم الكردي و السرياني لغتهم الأم و يتعرفوا على ثقافتهم و تاريخهم الممنوع و المخفي. ثمانية آلاف شهيد لكي ينعم العالم، و مدن أوروبا و أمريكا بالسلام و يتخلصوا من الخوف من أن يفجر إرهابي مجنون حافلة أو يدهس المحتفلين في ميدان أو يطلق الرصاص العشوائي على الركاب في الميترو، لكي لا يتكرر حوادث مدينة نيس و شارلي أبدو و مجرزة باريس الفرنسية و مانشيستر البريطانية و ميترو مالبيك و مطار بروكسل البلجيكي و هجمات 11 أيلول و تفجيرات بوسطن في أمريكا... نحنُ حاربنا و ضحينا بالنيابة عن العالم و نجحنا فيما فشلتْ الجيوش و الدول و الحكومات القيام به.

اليوم، و بعد كل الآلام و المآسي التي عانا منها شعبنا و باقي المكونات في المنطقة منها، و بعد خوضنا لحربٍ وحشية طيلة سبع سنوات، و بعد آلاف الشهداء و الجرحى و النازحين، يحق لنا أن نحصل على حريتنا، و تحترمنا المنظمات الدولية و الدول الكبيرة و القوى العالمية و تحترم خياراتنا و ترد الجميل لنا عِرفاناً لما فعلناه لأجل كل العالم.

يقع على عاتق العالم مسؤولية رد الجميل للشعب الكردي و باقي مكونات المنطقة. الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، التحالف الدولي، الولايات المتحدة الأمريكية اليوم مُطالبة باحترام تضحيات الشعب الكردي و القوات العسكرية التي حاربت الارهاب و انقذت العالم. فنحنُ اصدقاء و حلفاء و شركاء فعليين و أساسيين في الحالف الدولي الذي حارب و يحارب الارهاب العالمي المتمثل بداعش، كما أننا رفاق سلاح لكل من حارب إرهاب داعش. و هنالك قيم و مبادئ أخلاقية بين رفاق السلاح الذين يحاربون في الخندق الواحد، فليس من الاخلاقي ليس من العقل أن يتخلى عنك رفيق سلاحك أثناء المعركة و يكشف ظهرك للعدون بل للأعداء الذين يريضون الانقضاض عليك في أول فرصة سانحة. رفقاء السلاح الحقيقيين لا يتركون الخندق أثناء المعركة و لا ينسحبون قبل تأكيد الانتصار الحتمي و النهائي على العدو و قبل تأكيد الحفاظ على كل ما تم تحقيقه من انتصارات و مكاسب على الأرض. و ليس من الزكاء و العقلانية تسليم كل هذه المكتسبات و النتائج على طبق من ذهب إلى دول و جهات تمارس الارهاب و تدعم المنظمات الارهابية المتطرفة و تسعى إلى احتلال المنطقة و تدميرها كما فعلت في عفرين و غيرها من المناطق.

مع العلم داعش لم تنتهي بعد و هي ليست عبارة عن مجموعة عسكرية مسلحة، بل هي أيدولوجيا و فكر و عقيدة قابلة للتقلص و التمدد في الوقت المناسب، كما أن الإرهاب ليس داعش فقط، بل هنالك العشرات من التنظيمات و الفصائل المتطرفة من القاعدة و غيرها تنشط في المنطقة. كما أن الخطر مازال يحدّق بالكُرد و باقي المكونات و خاصة المسيحيين و الأيزيديين، فحتى لو اختفى خطر داعش فإن خطر الاحتلال التركي مع الفصائل الدينية المتطرفة يشكل خطراً وجودياً على الأرمن و السريان و الايزيديين الذين يعانون جميعاً من خطر الإبادة و التطهير العرقي. خاصة و إن معظم المسيحيين و الأيزيديين و بعض الكُرد هم بالأساس كانوا قد فرّوا من المجازر التركية بحقهم و هربوا إلى الشمال السوري. كما أن المخطط الأيراني و الميليشيات الشيعية المتطرفة تشكل بدورها خطراً على العرب السنة و على الكرد عموماً و على السلم العالمي و الاقليمي.

هذا الشعب يستحق الحرية، يستحق أن يعيش بكرامته، يستحق أن يمارس ثقافته و حياته، يستحق الاعتراف و الحماية الدولية، يستحق أن لا يُترك مُجدداً تحت رحمة الوحوش و الحيوانات الضارية التي تهدده و تكشر عن أنيابه و تحشد بقايا الإرهابيين على حدود مدنه بهدف الانتقام منه و القضاء عليه، و بذلك سيكونوا قد انتقموا من الناس و الأبطال الذين حاربوا بالنيابة عن العالم. بعدها لن يكون هنالك قوة في الشرق الأوسط كلها مستعدة للتصدي لأي تنظيم إرهابي جديد قد يظهر من البراري و غرف المخابرات بعد سنوات قليلة.

نحنُ اليوم نتطلع إلى رفقاء سلاحنا أن نكونوا أوفياء و صادقين لكل ما قدمناه من تضحيات و ما حققناه سوياً من انتصارات و نجاحات تاريخية. من واجب رفقاء السلاح أن لا يتخلوا أن أصدقائهم و أن لا يديروا لهم ظهورهم و أن يضمنوا لهم و لعائلاتهم و شعبهم و أرضهم الحرية و الحماية و الاعتراف الدولي. حينها فقط سيكون رفقاء السلاح قد أثبتوا وفائهم و صدقهم و عدالتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عائلات الأسرى الإسرائيليين يتظاهرون في تل أبيب ويطالبون بالإ


.. States must intensify their efforts to combat climate change




.. شبكات | اعتقال وفصل موظفين من غوغل احتجوا على مشروع نيمبوس م


.. لحظة اعتقال شيف سوري في تركيا




.. محمود عباس يرفض طلبا أميركيا بالتراجع عن تصويت عضوية فلسطين