الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيل مدينتي الديوانية أيام الخير

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2019 / 8 / 16
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


جيل مدينتي الديوانية أيام الخير
نبيل الربيعي
عاش جيل الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضي في مدينة الديوانية حياة أكثر استقراراً وتسامحاً , على الرغم من الفقر والبساطة في المعيشة , والقناعة بما هو مقسوم , كانت الحياة بسيطة ومريحة وآمنة , أمّا الروابط العائلية فكانت متينة يسودها التعاون والتسامح والمودة والتضحية.
ففي زمن الخير كان الجار يتفقد أحوال جاره ويقدِّم له العون والمساعدة في أوقات الفرح والحزن , وهو لا يهدأ إذا علم أنَّ جاره مريض أو محتاج أو بحاجة إلى مساعدة , ويبذل في ذلك جهداً ليس يسيراً.
أما الموظف الحكومي عموماً نظيفاً ونزيهاً متعففاً عن أخذ درجة وظيفية دون كفاءة ومهنية عالية , وعفيفاً لا يمكن أن يمد يده لأخذ رشوة من أحد لأن ذلك عيب وحرام , فالراشي والمرتشي مصيرهما النار , وغالباً ما كان الموظف البسيط لا يملك داراً يسكنها , ويؤجر سكناً في مستوى راتبه الشهري.
أما الطبيب فهو إنسانياً ورؤوفاً مع مرضاه , هدفه الأساسي ليس جمع المال بقدر مساعدة المرضى على الشفاء . وكان من بين هؤلاء الدكتور محمود فريد , الذي كان يعالج كثيراً من المرضى الفقراء دون أن يأخذ منهم أجراً , وكان أحياناً يعطي المريض دواءً إذا ما كان متوفراً عنده أو يكتب على ظهر (وصفة المريض) إلى صيدلية العاملي أن يسجل الدواء على حسابه , وفي نهاية الشهر يتحاسب مع الصيدلي على مبلغ الديون في صفحة سجل الديون , لذلك كانت عيادته مملوءة دوماً بالمرضى والفقراء.
كان دور رجال الدين في الحياة العامة يرتبط بالمشكلات الدينية المرتبطة بالعبادات والمعاملات والشعائر والطقوس الدينية وحل المشكلات العائلية , ومساعدة الفقراء ورعاية الأرامل والأيتام والعجرة وغير ذلك بروح أخلاقية.
كان الشباب والطلاب يستغلون أوقات فراغهم للمطالعة وقراءة الصحف والمجلات على مختلف أنواعها , والمقاهي عبارة عن حلقات حوار ثقافية ومطاردات شعرية , على الرغم من الفقر الاجتماعي كان هناك استقرار نفسي نسبي وتكافل اجتماعي وتسامح ديني وسياسي , كانت القلوب مفتوحة للجار والأخ والصديق ليل نهار كذلك أبواب بيوتنا.
أما وسائل التسلية فهي قليلة , منها الراديو والكتاب والسينما , سجيتنا البساطة والطيبة والسلوك المدني المتحضر , نتقبل الآخر المختلف أدباً وفكراً , ونتبادل الزيارات ونتقاسم الأفراح والأحزان , قانعون ببساطة العيش , لذلك نحنّ إلى فترة منتصف القرن الماضي الجميلة ونتحسر عليها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية