الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديكتاتور الحقير!

ياسين المصري

2020 / 6 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قد يثير عنوان المقال تساؤلا عمَّا إذا كان هناك ديكتاتور عظيم وآخر حقير؟ وأن هناك ديكتاتورًا عادلًا كما يزعم ويتمنى المتأسلمون على نمط مفبرك لعمر بن الخطاب، أم أن الديكتاتور ظالم بطبعه وحقيرٌ ومنحطٌّ في سلوكه على طول الخط؟
الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يصاب بداء الديكتاتورية، لذلك من الممكن أن نلتقي بأشخاص ديكتاتوريين في البيت والمدرسة والجامعة وأماكن العمل والأماكن العامة. ولكن أخطر الديكتاتوريين على وجه الأرض ذلك الذي يتاح له أنَّ يحكم أو يتحكم في مجموعة من الناس العاملين في مجال ما، أو في دولة يعمل على إخضاعها بكل مؤسساتها ومواردها لسيطرته.
قد تترجم كلمة ديكتاتور (Dictator) إلى مستبد أو طاغية في لغة العربان، ولكن أرسطو الذي طور مصطلح الاستبداد وربط بينه وبين الطغيان، قال إنهما وسيلتان لحكم الرعايا كما لو كانوا من العبيد، فالمستبد لا يعني بشيء سوى خضوع رعاياه له، لأنهم في نظره قطيع من العبيد، بينما الطاغية هو من يغتصب السلطة مستعينًا بمجموعة من المرتزقة والجلاوزة (رجال البلاط أو الحاشية)، فيطغى بهم على رعاياه وينغمس معهم في إشباع شهوة القهر وسفك الدماء والقبض على المعارضين وتلفيق التهم لهم، وسجنهم أو قتلهم دونما اكتراث بقانون أو عرف.
الديكتاتور مستبد وطاغية في نفس الوقت، فهو الحاكم الذي يتعامل مع المواطنين جميعًا وبلا استثناء كعبيد، ويتحتم عليهم الخضوع التام لإرادته، ولذلك يسيء أستخدام السلطة، ويعمد إلى شل عمل الدستور والقوانين وتجريدهما من الفعالية. والسعي إلى تعليق الانتخابات أو تزويرها، وتعليق الحريات المدنية، والتمادي في أعلان حالة الطوارىء، والحكم بمراسيم أو قرارات تصدر منه شخصيًا، وقمع المعارضين السياسيين دون الإلتزام بسطوة الدستور أو سيادة القانون، إضافة إلى عدم الاعتراف بالتعددية الحزبية، أو المعارضة السلمية، وإيمانه العميق بعبادتة الشخصية والتملق المفرط له عبر مبدأ الرعاية الإلهية.
الديكتاتور شخصية غنية بالمتناقضات التي تستهوي الكثيرين بالحديث عنها، وتحبذ العقل وتدعو إلى المعرفة والعلم، فتثري العلوم النفسية والفلسفية والاجتماعية والأدبية بفيض من الدراسات والفنون، إنها شخصية مسليَّة بحق. وعندما ألف ومثَّل الكوميدي شارل شابلن فيلمًا بعنوان: ”الديكتوار العظيم The Great Dictator“ عام 1940 ساخرًا وهاجيًا فيه لأدولف هتلر والنازية في ألمانيا لم يكن يقصد أنه ديكتاتور عظيم بالفعل، بل أخذ العنوان مما كان سائدًا عنه آنذاك في ألمانيا وخارجها، خاصة وأن كل ديكتاتور ينحدر عادة من السفلة والرعاع، يعتبر نفسه عظيمًا (مصابًا بجنون العظمة ”ميغالومانيا“) منذ ولادته ولم تأتِ به ولَّادة من قبل، وأنه هبة من السماء. بل ويعتقد بوجه عام في أعماق نفسه أنه لم يأت من السماء فحسب، بل هو السماء والأرض وما بينهما، هو الإله الواحد الأحد القادر على كل شخص، ولذلك يجب أن يسبح بحمده كل من في السماء والأرض وما بينهما!
في مقالٍ بعنوان: ”هل يمكن أن تصبح دكتاتورا“ منشور على العنوان التالي:
https://www.livescience.com/12843-dictator.html
نجد تحليلًا نفسيًّا لشخصية «الديكتاتور»، يصف فيه علماء النفس الشخصيات الديكتاتورية المشهورة، أمثال: «جوزيف ستالين»، بأنهم يتسمون بشخصيةٍ نرجسية تعاني من جنون العظمة. ويشيرون إلى أن السلطة تصنع حاجزًا نفسيًا بين شخصيتة المستبدة والبيئة الاجتماعية المحيطه به، فيصعب عليه قراءة الواقع والمشاعر الإنسانية للآخرين. كما أن القوة التي يمتلكها تجعله أكثر اندفاعًا وتهوُّرًا؛ إذ تخلق لديه وهمًا يطلق عليه «وهم السيطرة»، يعمل على تضخيم الأمور في رأسه، مما ينتج عن ذلك بيئة مثالية للاستبداد والقهر.
الديكتاتور يعاني في المقام الأول من عقدة الشعور بالنقص كنتيجة حتمية للحرمان والفقر والجهل، ممَّا يجعله يبحث عن تعويض في منطقة اللاشعور، فيسبح في فضاء الخيال بوصف نفسه بما ليس فيها من أجل الإستمتاع بلذة الوهم. وهو أيضًا شخصية سايكوباثية مفترسة تستخدم كافة الأساليب والطرق في تسخير الآخرين والسيطرة عليهم، تفتقد الشفقة والرحمة وتستأنس بمعاناة الآخرين. ومن أجل تحقيق ما يسعى اليه، يستخدم دائمًا الأساليب الملتوية والخداع اللفظي وإظهار نفسه بما ليس فيها من أجل التمويه ومن ثم الإنقضاض على خصومه، فهو يعتقد أن الجميع خصوم له ويريدون النيل منه عبر حياكة مؤامرات خفية ضده، ولديه شعور دائم بالتهديد من قبل أعداء يحيطون به في داخل البلاد وخارجها، وإن لم يكونوا موجودين في الواقع يقوم بإيجادهم في مخيلته، لذلك يكون حذر جداً، وغير متسامح أبداً، وقلق وحساس وسريع الاتهام للآخرين بالكذب والتآمر عليه وخصوصا لمن يخالفه الرأي أو يختلف معه في العمل. ولذلك يكون اعتماده الكلي في ممارساته السياسية على أهل الثقة والولاء مع الاحتقار الشديد لأهل العلم والمعرفة.
إنه يعيش في عالم من النرجسية الشديدة، متقوقعًا على مجده الذي لا يوجد إلَّا في مخيلته هو، منفصلًا تمامًا عن الواقع، ولديه وعي زائف بذاته فتبدو له أفعاله بأنها جميعها عظيمة ولخدمة الوطن والمواطنين، ولكن البعض لا يدركون هذا، فهو لن يهد من أحبب ولكن الله يهدي من يشاء. كما أنه على وعي كامل وإدراك تام بما يفعله ويقوم به الجلاوزة، وهم ديكتاتوريون آقزام يلتفون حوله، لأنه المحرك الوحيد لكل تصرفاتهم، وأنهم ما كانوا ليصبحوا دُمًا بين يديه مالم يتماهوا معه وينخرطوا بكل قواهم في منظومته.
هذه النرجسية المتضخمة يختبئ خلفها إحساساً بالضآلة والخوف، يحاول الدكتاتور دائما كبتهما في نفسه، وكلما اشتد ضغط المكبوت في نفسه، يأمر جلاوزته بتنظيم الفعاليات العامة التي تمجده، كإجراء وقائي، أو يعمد إلى المزيد من عمليات التدميرية والقتل خارج القانون خوفًا من إزاحته أو زواله. يقول فرويد في كتابه "قلق في الحضارة": « كلما ازداد خوف الطاغية من فنائه كلما ازدادت دوافعه التدميرية ظهوراً وزاد معها التدابير والاجراءات الوقائية للحيلولة دونها».
لقد ابتليت دول كثيرة في العالم بديكتاتور واحد أو اثنين في تاريخها، ولكنها تعافت بعد ذلك، وعملت جاهدة على خلق آليات سياسية واجتماعية وثقافية من شأنها الحيلولة دون ظهور ديكتاتور من جديد، والعمل المنهجي لمنع أي ديكتاتور من الوصول إلى السلطة فيها، بينما دول العربان والمتأسلمين فقد ابتليت بحكام ديكتاتوريين على مدي تاريخها! والسبب في ذلك أنها خضعت لقرون عديدة على ثقافة ديكتاتورية عامة وشاملة تلتزم بالطابع الديني الخالص، ومن ثم تفرِّخ باستمرار ديكتاتورًا يسلم مفاتيح الطغيان والاستبداد إلى ديكتاتور آخر قبل موته أو قتله أو الانقلاب عليه، فأصبح لتاريخها نسق أو منظومة لها مسارها الديكتاتوري الخاص بها، يمكن تسميتها بِـ”التاريخ الديكتاتوري“، وهي منظومة قد تشتد وتحتد وطأتها في وقت ما وقد تخف في وقت آخر، وقد تبدو واضحة في دولة ما، وقد لا تبدو واضحة في دولة أخرى، ولكنها مستدامة ولها مؤسساتها ومراكز أبحاثها وفيض من رجالها على كافة المستويات الذين يحملون لواءها ويدافعون عنها، ويطورون من أساليبها كي تواكب العصر وتتفق مع الزمن، وتعمل قدر المستطاع على تحويل الأفعال السلبية والشاذة إلى جزءٍ لا بتجزَّأ من صيرورة المجتمع، ومن ثم يحركون تاريخ مجتمعاتهم في اتجاه مغاير للطبيعة البشرية التي يتسن جزء منها بحب الخير والعدل والمساواة والتسامح فيما بينهم.
إن من شأن الإصرار على فرض الثقافة الإسلاموية الديكتاتورية أن تجعل من كل متأسلم ديكتاتورًا صغيرًا أو كبيرًا في أي مكان يتواجد فيه مع الآخرين. فالديكتاتورية المتأسلمة لها طبيعة إزدواجية خاصة، إذ تجمع بين الفاشية السياسة والفاشية الدينية، ممَّا يظهر بوضوح في نفسيته من خلل وما في نواياه من شرور، خاصة إذا أتيح له أن يتعامل مع الآخرين أو يحكمهم أو يتحكم عليهم، فيتحول على الفور إلى وحش يلتهم الجميع حتى لو كان الوطن نفسه، فهو في جوهره "سايكوباتي" يميل إلى السادية خاصة في لحظات الغضب والانفعال حيث يسقط عنه قناع التعقل والتهذيب والحكمة والشجاعة والأخلاق والصبر والإرادة والعدل والشهامة والنخوة والذكاء والحسّ المرهف والانتباه الشديد والاستعداد للتضحية. يتحول إلى آلة فولاذية صماء تجمع حولها مجموعة من الجلاوزة الفاشلين والمنافقين أصحاب المطامع الذين يسعون بلا ضمير لتحقيق مصالحهم الشخصية وحدها.
ومثلما لا يكون الديكتاتور عظيمًا، لا يمكن أيضًا ان يكون عادلا بأي حال من الأحوال، فالعدل لا ينسجم إطلاقًا مع النهج الديكتاتوري.
هذه المنظومة الديكتاتورية المتأصلة والراسخة في ثقافة العربان الإسلاموية تمنعهم من التمتع بحقوقهم المستحقة، وتؤسس لنسق أو منظومة من السلوك السلبي الذي يعتمد أساساً على خصائص الإنتهازية والإنتقام والوصولية النفاق والتزلف والتذلل وانسداد الأفق والانتماءات الضيقة وجلد الذات وتبخيسها والأنانية والفردية التي أصبحت المعيار الأساسي للوصول إلى النجاح في كل الأنظمة الحاكمة والمتحكمة.
ومع استمرار تلك المنظومة الحقيرة، تتكاثف الحقارة بأجلى معانيها في المجتمع برمته، وتصبح من المسلمات اليومية للمواطنين ومن ثم تعمل على صياغة شعوب مشوهة بنيويًا فاقدة للأخلاق والصفات الإنسانية، يتولى قيادتها ديكتاتور تتركز في شخصه كل بنود الحقارة وانحطاط الأخلاق والتجرد من المشاعر الإنسانية، فليس هناك مكاناً لشريف أو مخلص في دولة الديكتاتور الإسلاموي، إذ يرزح المواطنون تحت خط الفقر والعوز والكبت، وتحت وطأة الرهاب من القتل والملاحقة والاعتداء والنفي.
إن حكام المنطقة متأسلمون بالوراثة، ويتسمون بالجهل والعجز وفقدان الشرعية، ويجدون في ثقافتهم الشوفينية المضمون والنرجسية الهدف حماية لهم وإكسابهم شرعية لا يستحقونها، وتبريرًا لبقائهم في السلطة حتى الموت أو القتل.
ولذلك يعمل الدكتاتور المتأسلم ضمن منظومة ديكتاتورية دائمة الحقارة، تتكاثف حقارته وتجردها باطراد كل يوم، حتى تصل إلى أعلى درجاتها، فيتفنن مع جلاوزته في ابتكار أساليب لا تخطر على ذهن بشر في حقارتها للتعامل مع خصومه السياسيين ومع ذلك يبدو للجميع وكأنه الإله أو رجل الاقدار الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه. إنها إذن عملية مستمرة ومطردة لتجسيد الأوهام لأنه أجبن وأجهل وأعجز من أن يواجه الحقائق بشجاعة ومقدرة علمية.
الديكتاتور المتأسلم الحقير هو من يسمح للحقائق المدمرة أن تتفاقم وتتمدد كالسرطان في المجتمع خوفًا من مواجهتها، أو بهدف إذلال وقهر المواطنين.
الديكتاتور المتأسلم الحقير هو الذي يعرض تأسلمه علانية، فيحرص على وجود زبيبة (الصلاة) على جبهته، ويستعمل باستمرار الشعارات الدينية، ويتظاهر بالتقوى والورع، فيؤدي فريضة الصلاة، ولو لمرة واحدة أمام وسائل الإعلام، ولكن الأهم من الصلاة هو آداء فريضة الحج الوثنية لأنها عملية إعلامية استعراضية، وتمحي الذنوب جميعها ليعود إلى جبروته كما ولدته أمه، ولكي يعاود ممارسة الذنوب والموبقات جميعها من جديد حتى يحج من جديد. فهو لا يظهر علانية إلَّا ليكذب على مواطنية، خاصة وأن كذبه له طعم آخر لديهم يختلف عن كذب جلاوزته ووسائل الإعلام الخاضعة لسيطرته.
الديكتاتور بوجه عام لا يمكنه ممارسة ديكتاتوريته إلَّا من خلال مجموعة منتقاة من الشخصيات الذين يثق (مؤقتًا) في نواياهم وهم رجال البلاط أو الحاشية أو الجلاوزة. الكاتب السوري ممدوح عدوان (1941 - 2004)، يرى في كتابه الرائع ”حيونة الإنسان“ أن شخصية «رجل البلاط أو الحاشية» تستحق الدراسة، إذ أن هذا الرجل ما عليه سوى أن يكون كما وصف شكسبير «أحدهم» في مسرحية «هاملت»، يطيع ويوافق مولاه دون تفكير، وفي نفس الوقت، يعرف أن مولاه يحتقره، كما يحتقر الناس جميعًا، إلا أنه رغم ذلك لا يتوقف عن طاعته وخدمته.
ويشير عدوان إلى أن رجل الحاشية عندما يُسْأل بعد سقوط الحكم، عمَّا سببه من أذى للناس، نجد عنده دائمًا إجابة واحدة على مر العصور؛ إذ يلقي بمسؤولية أفعاله على من هم أعلى منه شأنًا، وفي تلك الحالة يكون هو الحاكم نفسه، متذرعًا بأنه مجرد منفذ للأوامر. يقول عدوان أن أولئك ممن استنفدوا خدمتهم في ظل الطغيان ومارسوا القتل والنهب والسلب والتعذيب، ينفذون الأوامر فعلًا؛ إلا أن هذا لا يمنع حقيقة كونهم يتمتعون بقوة ذاتية، ويخدمون مصالحهم الشخصية الخاصة بالنظام وسلطته. وذلك بحسب قول :«الحاشية تتسلح بسطوة النظام وبالسطوة التي يمنحها لها النظام لتتملص من أي وازع أخلاقي ليحققوا مكاسبهم ويحموا مصالحهم، وتلك الحماية لا تتم إلا بإكمال خدمة النظام على أتم وجه». فالحاشية لا تحقق مصالحها إلا بإتمام خدمة النظام على أكمل وجه، وهو ما يعني التجاوزات القانونية والاستهتار وقهر المعارضة وتجاوز مصالح الشعوب وإسكات كل أصوات الاحتجاج وتحويل الأشخاص إلى قطيع. وفي الوقتِ ذاته، تريد الحاشية أن توهم الناس أنها تخدمهم وتخدم مصالحهم.
(ممدوح عدوان - حيونة الإنسان، دار عدوان للطبع والنشر ج، دمشق ط 1، 2007).
إن رجل الحاشية لديه قدرة كبيرة على تغيير رأيه من النقيض إلى النقيض لنيل رضا سلطانه، إذ يرتبط اسمه دائمًا باحتراف التملق والتعبيرات الإنشائية التي لا تقول في النهاية شيئًا مفيدًا. ويرجع ذلك إلى ضعف الإحساس بالذات، هو الأمر الذي يدفعهم إلى الترويج لذواتهم كثيرًا في مجال عملهم من أجل الفوز باستحسان رئيسهم. 
ولأن الديكتاتور المتأسلم حقير ومعصومة عن الخطأ، فإذا حصل خلل ما أو تفشى الفساد وانتشرت الجريمة والرشوة فهذه مسؤولية جلاوزته الذين لا يسمعون نصائحه ولا يطبقون توجيهاته بتعبير الملفقين والدجالين والمنتفعين: "هو كويس بس اللي حواليه فاسدين". وفي الحالات القصوى من الحقارة والانحطاط يحمِّل شعبه مسؤولية فشله هو، على أساس أنه لا يخطئ ولا يأتيه الباطل قط، لذلك فإن الآخرين هم السبب في كل شيء!
الديكتاتور المتأسلم الحقير يستغل الجانب الأناني لدي البشر، فيعمل ما في وسعة على انشغال المواطنين بحياتهم الخاصة، وأن يجعلوا أنفسهم سعداء ومستمتعين بما يتاح لهم من ضرورات العيش، ولا يلتفتون إلى الأعمال الحقيرة التي يمارسها، مالم يستطيعوا التحمس لها أو الافتتان بها وتشجيعها.
الديكتاتور المتأسلم الحقير هو الذي يعمل عكس ما يقول، ويستعمل لذلك الشعارات والحكم الدينية في المقام الأول والكلمات الرنانة المتداولة على ألسنة العوام لخداع البسطاء والسذج وذوي العاهات، فيقول مثلًا: إرفع رأسك يا أخي فقد مضى عهد الاستبداد، وما أن يرفع رأسه قليلًا يتم قطعها، وهو الذي يدغدغ مشاعر العوام.
وهو وحده الذي يستحوذ على السلطة بكاملها ويمارسها تبعًا لهواه، ويتمتع بنشوة القهر والسيطرة والبطش واللعب بالعقول.
وهو الذي ينثر بذور الكراهية والفُرْقة بين طوائف المجتمع وفئاته المختلفة، ويميز إحداها على الأخرى في الرواتب أو المناصب أو الحماية والرعاية أو غير ذلك. وهو الذي يبدد عائدات الدولة في مشاريع الهيبة والمنجهة التي لا تعود على الشعب بفائدة.
وهو لا يعمل حساب لمستقبله أو مستقبل وطنه، الحاضر يطغى على وجدانه المريض فيعمي عينيه عن الرؤية المستقبلية، كل ما يهمه هو ما يحققه الآن وقبل فوات الأوان لنفسه ولأسرته وجلاوزته المقربين، مهما كان الثمن، وقد يعتقد أن باب الهروب من بلده مفتوح له ولأسرته والقادرين من أتباعه!
من المؤكد أن التخلص من آثار حكم الديكتاتور الحقير على شعبه يكون أصعب بكثير من إسقاط الديكتاتور نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-


.. صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها




.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24