الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع الأبوي والحلقة المُفرّغة

رزان الحسيني
كاتبة ادبية وشعرية، ومترجمة.

2020 / 10 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


المجتمع الأبوي أو الرجولي أو البطريركي: وهو نظام اجتماعي ذو بنية سايكلوجية تقضي ثقافته بتسليم السيطرة والسُلطة للرجل في العائلة أو القبيلة, ويؤمن ابناء هذا المجتمع بتفوق الرجل بدنياً وعقلياً على المرأة وانخفاض مركزها نسبةً إليه, وهو نموذج لسلطة الرجال في وسط الأسرة والمجتمع وسلطة النساء خلال الأعراف والتقاليد, وتخضعُ الزوجة والإبنة أو الانثى بشكل عام لسلطة الأب او سيد العائلة خضوعا مطلقاً.
إن المجتمع الأبوي يظهر في التحديد لدى الرومان والعرب وبعض مناطق أفريقيا, حيث يعود أصله الى الطبيعة البدوية التي اتسمت بها شبه جزيرة العرب من قبائل هم بدو رُحّل, حملت تلك القبائل طابع التعصب القبائلي والتسلط الرجولي والانتماءات القبلية والطائفية من الأرياف الى مراكز المدن بسبب ضعف الدولة المركزية وسيطرة الحكم العشائري في العصر ما قبل الأسلام, فسادت تلك السلوكيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على المدينة بالرغم من تنكرّها بطابع عصري وهيمنت على العلاقات الإجتماعية والثقافية بشكل منظم غير قابل للتغير مع قابليته على الإستمرارية والمحافظة على العادات والتقاليد السائدة, فالمجتمع العربي هو أكثر المجتمعات المُصنفة أبوياً واشد تقليدية ومحاصرة للفرد والمرأة بشكل خاص وتهميشاً لها ولمركزها.
وبالرغم من إن الدين الإسلامي حاول تغيير هذا النمط من الأنظمة إلا إن النظام القبلي أستمر في محافظته على قيمهِ الإجتماعية التقليدية, وأستسلم المجتمع لها تماما بعد سقوط بغداد على يد هولاكو, مما تسبب في هيمنة النظام المحلي على المجتمع بصورة عامة والعائلة بصورة خاصة.

إن تأثير المجتمع على الافراد والاطفال الجدد لا يقتصر بالضرورة على المرأة فحسب بل يهيمن على الرجل او الطفل الذكر بالدرجة الأساس حيث يخضع الى مبادئ ومفاهيم أبوية تُزرع في داخله منذ طفولته بغض النظر عن درجة اقتناعه بها, فينمو ويكبر ليصبح النموذج المطلوب والمُحدد مُسبقاً له.. وهو أن يكون رجلاً مُتسلطاً قوياً لا يسمح لأي فرد او ظرف في التأثير على مظهره وهيبتهُ الشخصية، يشمل ذلك دوره كإبن ثم زوج الى أب حتى وأن كان مُضطرا عليه غير راضٍ به حيث إن القيود التي يفرضها المجتمع ونظرته ومعاييره عنه يجب أن يوفرها لنفسه ليحظى بالتقدير والاحترام وإلا سيرفض ويُهمش وتنال سمعته ما تنال من ضعف وإذلال.

أما تأثيره على المرأة فهو تأثير شامل يبدأ من الأم التي تُجبر على تربية أبنائها بما يقتضيه المجتمع والعادات والتقاليد بالإضافة الى خضوعها المطلق الى الزوج وتحمل شتى أنواع الأهانة والمواقف الحساسة دون أن تجد من تلجأ له وتحتمي به لأن الجميع ببساطة يشترك بالفكر نفسه وغالبا لا تفكر باللجوء الى أحد فبنظرها إن تلك الأمور طبيعية ومن واجب المرأة التحمل.
ثم يمتد تأثير الأم الى الإبنة الشابة التي تكبر تحت قيود اجتماعية خانقة لا تُمكنها من التصرف بحرية باللعب والتعليم وغيرها من القيود المفروضة على الجميع ولا مفر منها وهكذا فالحلقة مستمرة من الأم الى الإبنة التي ستصبح أم الى المرأة التي تقف بوجه من تريد التغيير فقط إرضاءً للمجتمع وهكذا, ولا يوجد نقطة بداية لتلك الحلقة فالجميع خاضع للقوانين والقواعد المؤذية.

وعلى الرغم من تطور المجتمع حاليا من تعليم المرأة حتى مراحل متقدمة الى إشغالها مراكزاً اجتماعية مرموقة الى استقلالها ماديا وتحرر نسبةً جيدة في الرجال من القيود الفكرية المفروضة, إلا إن تلك النسبة لا تمثل كل المجتمع لذلك لا نزال بحاجة الى التطور والوعي أكثر بحقوق الإنسان والمرأة والطفل والذي يتم فقط عبر القراءة والنقاش والتساؤل وندوات توعوية ومؤتمرات للحد من القيود الخانقة دون الخروج عن أخلاقيات المجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط