الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشهيد عمر بن جلون رجل الاستراتجيات الكبرى و القضية الوطنية

مليكة طيطان

2020 / 12 / 20
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


الشهيد عمر ذات تاريخ إفراج من اعتقال استمر من شتنبر 1973 على خلفية اتهامه في أحداث مولاي بوعزة . و لأن القضاء برأ عمر الشهيد تم اختطافه إلى وجهة سرية حتى شهر غشت 1974 ...فترة كافية الدولة المغربية استجمعت همتها لإتمام استقلال سبق و منح لها ناقصا من رأس الوطن إلى أسفل الجسد حيث الاحتلال الاسباني , و تبعا لمرحلتين مختلفتين في الشرط الزماني أولا و الذاتي ثانيا . الشهيد عمر بنجلون أفرج عنه في ظروف بمثابة حقل ملغم , لم تسكنه الانتظارية أو ما شابه الابتزاز أو الانتقام كان عمر مدعو لكي يجسد موقف الوطنية التقدمية , شروط عديدة توفرت لعمر جندها في معركة الدفاع عن وحدة التراب المغربي . من المعتقل بعد الإفراج شد الرحال كمحامي متمرس إلى لاهاي حيث محكمة العدل الدولية توقع اللقاء المتسلسل لنقاش ملف القضية الوطنية و سؤال واحد طرحته الجمعية العامة للأمم المتحدة على محكمة العدل الدولية : هل الصحراء المغربية كانت عند احتلالها من طرف اسبانيا ( أرضا موتا ) لا تخضع لأية سيادة أم أنها كانت تحت سيادة الدولة المغربية ؟
الشهيد عمر بن جلون كخلاصة للوطنية المغربية و أحد أبنائها الأوفياء هو ثمرة العصر في تقدمه العلمي و التكنولوجي . تشبع عمر بتاريخ الوطنية المغربية . الجيل الذي فتح عينيه على أصداء جهاد عبد الكريم الخطابي قبل أن تحمله أصداء معركة المطالبة بالاستقلال , و حين بدأ عمر يكرح الفكر الاشتراكي و كمهندس عام و تطبيقي و مختص يصوغ أيضا مشروع المجتمع و الغايات إنسانية صرفة , كانت الوطنية و التقدمية تبدوان له ملتحمتين في الإشتراكية التجسيد الحي لهذا الاندماج . و انطلاقا من التجربة الشخصية للشهيد تمثل أمام ناظريه في هوشي منه و جان جوريس ...لهذه الغاية أقف لكي نتأمل في حجم الوطنية الحقة فطالما ردد الشهيد عمر : الاشتراكية لا تضحي بالوطن من أجل الطبقة و المجتمعات التي ولجت العهد الاشتراكي دخلته عبر بوابة الدفاع عن الوطن , بل كان يردد دائما : إننا اشتراكيون و لكننا أيضا وطنيون فنحن من الشعب و إليه . فالوطنية العميقة لدى عمر جعلته في مواجهة فكرية سياسية مع الاستعمار و مع حلفائه في المنطقة المغاربية بنفس الحجم في مواجهة المترددين و المتخاذلين بالداخل و مع الطفيليين اليساريين تلك الأفكار الطفيلية التي لا أثر لها في كتاب تاريخ الجهاد من أجل التحرير .
الشهيد لم ينتقم أو يبتز النظام الذي اعتقله ... ملف الوحدة الترابية ركع النظام و سلمه للأيادي النظيفة الوطنية بمعية رفيقه في الكفاح المجاهد عبد الرحمان اليوسفي المنفي قسرا آنذاك في الديار الفرنسية من هناك استنشق نسيم الوطنية فانخرط في الدفاع , يلتحم اللقاء و يتواصل الجهاد بصيغة المرافعات و متابعة النقاش و ردود أفعال العدو الكلاسكي الجزائر و كيف تتحرك بالمكشوف و ليس وراء الستار داخل ردهات المحكمة الدولية ...قوام رؤية الشهيد و هو يذوذ و يجادل ويوضح و يوطد أسس الموقف الوطني التقدمي يمكن تلخيصه في أن المعركة من أجل الوحدة الترابية يستحيل التخلي عنها أو القفز فوقها لاعتبارت تاكتيكية حزبية و لو أن الحركة خلفت معتقلين في المعتقلات السرية و العلنية و عشرات الشهداء , هو القائل حتى صارت قولا مأثورا في تعريف الوطنية : التقدمية الحقة هي التقدمية الوطنية التي لا تنحبس في المشاعر الشوفينية .
بنفس الحماس الوطني الذي وضع بموجبه الانتماء إلى الطبقة و الحركة و صراعها جعل منه لحظتها ثانويا أمام الصراع أو تناقض أساسي يفعل فيه الاستعمار المزدوج أساسا الاسباني و جارة لم يوجد في التاريخ و الجغرافية و مكنها المغرب من بناء دولة اسمها الجزائر حقيقة يفاجأ الرأي العام الدولي بفضل الشبكة العنكبوتية بها من تعبير ضمن شريط قديم سنة 1958للجينرال دكول : لم تكن هناك دولة اسمها الجزائر و فرنسا تضع يدها على أرض خلاء بدون سيادة تمكن منها العثمانيون بموجب واقع يؤكد على أن واقعها كان ثغورا للقراصنة تزعج الملاحة البحرية لا غير , هنا يصدق الكلام المأثور ( إذا أنت أكرمت الكريم ملكتته و إن أنت أكرمت اللئيم تمرد ), هنا أشير إلى شظايا بقايا الاستعمار الفرنسي و لا علاقة للشعب الطيب المسالم إخوة الجوار .
بنفس الحماس و ضمن رؤيتة الشهيد عمر المتجهة صوب المستقبل خصص لمسألة الديمقراطية و بناء العهد الجديد مجالا هاما معتبرا أن البناء الديمقراطي في معركة التحرير أذاة أساسية و محورية لانفجار الحماس . قد أسعفه تكوينه القانوني إلى جانب مؤهلات مهندس للتنظير و التطبيق من أعتى مدارس المهندسين بباريس أواسط الخمسينات , زملاء له في العلم و المعرفة تحملوا مسؤوليات رؤساء دول في أوربا و إفريقيا و سائر المعمور . نعم الشهيد وظف هذه المؤهلات في تفنيد مزاعم خصوم الوحدة الترابية بنفس المقياس وظفها لتأكيد الأهمية التي تحتلها الديمقراطية عندما يتعلق الأمر بالمواجهة و الصراع المفتعل و أطماع الاستعمار و الهيمنة بل تحديات التبعية و رسم سبل التخلف في المنطقة . هي معركة شمولية بطبيعة الحال .
عمر الشهيد بحجم وطن مأمول وظف قدراته العبقرية انطلاقا من الايمان الوطني و الايمان بحتمية المستقبل ... مستقبل التحرر و الاشتراكية و الديمقراطية , نزر يسير من الزمن يعد بالأيام و انطلاقة الشهيد في ترتيب المرافعات في مثل تاريخ يوم أمس 18 دجنبر 1975 امتدت إليه أيادي الغذر ضبط منها متلبسا أذوات ظلامية و سرقت روحه من أمام منزله كتمت أنفاس روح وطنية , و هذه مفارقة كيف تكون وطنيا تقدميا قبل أن يخرسك و إلى الأبد تنظيم العصابات عبر بوابة دين يراد له آنذاك أن يكون وهابيا تطور بالسلب هذا الزمن لكي يكون إسلاما سياسيا . في سياق التصفية نذكر بأن عمر كرجل الاستراتجيات الكبرى لهذا السبب تمت تصفيته بتنسيق مع أيادي خفية لم تحن بعد و طال الانتظار فرصة الإشارة إليها بكل جرأة وشجاعة .
عمر الشهيد الذي لبست فكره لأنني من الجيل الذي بدأت نضالها متيمة بمحاضراته و تنظيره ... سأرافقكم في نشر تحليله الملموس للواقع الملموس سواء تعلق الأمر بالقضية الوطنية باستكمال التحرير أو تركيزه على رؤياه المستقبلية حيث الرهان على البناء الديمقراطي لدولة حديثة تسودها الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و تكافؤ الفرص .

إن الشهيد عمر الذي سترافقونني من داخل هذه المقالات هو الضمير الحي و النداء . أتمنى سبر أغواربنات أفكاره لعله يفيد من يعاني من البؤس المعرفي و القضية الوطنية .
في ختم هذا التقديم سأستأنف رحلتي بمقالات تستدعي مني أن أردد : سلاما سلاما إلى الكفاءات و الأدمغة الإعلامية التي تركت لنا هذا الزاد من الحقيقة العمرية أرجع إليها متى سنحت الفرصة سلام يسري على مفكرين و فطاحلة في الصحافة كالراحلين محمد باهي و مصطفى القرشاوي , هذه صدقة جارية تركوها لنا مرتبة فهل من تركيبة بشرية تنتمي إلى الحركة الاتحادية تتعض بمثل هذه المواقف ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفريق متظاهرين في تل أبيب بالمياه واعتقال عدد منهم


.. حشد من المتظاهرين يسيرون في شوارع مدينة نيو هيفن بولاية كوني




.. أنصار الحزب الاشتراكي الإسباني وحلفاؤه بالحكومة يطالبون رئيس


.. Politics vs Religion - To Your Left: Palestine | فلسطين سياس




.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي