الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلم والعلمانية

عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .

2021 / 3 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


-1-
#_العلم_والعلمانية

كل المجتمعات التي دخلت الى عصر التقدم وحقوق الإنسان كانت مجتمعات علمانية، والعلمانية تقتضي فصل الدين عن الدولة و المغرب بحاجة إلى إقرار العلمانية. وعلى المجالس العلمية أن تغير اسمها إلى مجالس دينية لأنها تعنى بشؤون الدين الإسلامي وتهتم بالافتاء وغيره وبالتالي فهي ليست مجالس علمية بالمعنى الدقيق للعلم. بحيث يهتم العلم بالظواهر المادية (الطبيعية والاجتماعية)، بينما الدين يعنى بظواهر ما وراء الطبيعة (النفس، الروح، الله، ...)، أما المجالس العلمية الحقيقية فهي المجالس التي تعنى بالتجربة والتجريب، ويجب أن تزود بالمختبرات والدراسات والأبحاث وينبغي أن تضم الفيزيائيين والفلكيين والمهندسين والخبراء الذين يؤمنون بالعلم الوضعي لا الإفتاء. وبالتالي فنهضتنا الحضارية ترتبط بالعلم الوضعي باعتباره السبيل الوحيد لأي إقلاع حضاري.
-2-
#_أهمية_الفعل_النقابي
إن الحق في الانتماء إلى النقابة هو حق دستوري، وتقول الفقرة الأولى من الفصل الثامن من دستور 2011: (تساهم المنظمات النقابية للأُجراء، والغرف المهنية، والمنظمات المهنية للمشغلين، في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، وفي النهوض بها. ويتم تأسيسها وممارسة أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون)، أي أن مهمة النقابة تتمثل في الدفاع عن حقوق مصالح الطبقة العاملة، لكن الملفت في الكثير من القطاعات، هناك نفور من العمل النقابي، كيف يمكن تحصين المكتسبات وانتزاع امتيازات جديدة مع هذا النفور؟ إن النقابة هي أنا وأنت ونحن وهم، فلا غنى عنها بالنسبة للطبقة العاملة، فهي لم تنزل من السماء، بل بنت الأرض وفي قطاع التعليم أرى أنه ينبغي على الأساتذة أن يدخلوا إلى النقابات. هناك الآلاف المؤلفة من الأساتذة بدون إطار نقابي . بينما النقابات بقيت بدون شباب وبدون أطر. وتتشكل من مكتب صغير ليس له أي تأثير على المشهد التعليمي اللهم الطابع الدستوري والقانوني الذي تحمله النقابة. على هؤلاء الأساتذة الدخول إلى النقابات وتسييرها وتشكيل قوة الضغط من داخل منظمة دستورية والتظاهر السلمي بموجب الفصل 29 من الدستور للمطالبة بحقوقهم الكاملة. ليس فقط من أجل الادماج أو الترقية و سائر الحقوق الأخرى، بل من أجل تحصين المكتسبات وانتزاع أشياء جديدة، لأنه نلوم دوما النقابات كأنها كيان بعيد عن الأساتذة. النقابات هي الأساتذة والأساتذة هم النقابات. طالما أن الكثير من الأساتذة يحملون صورة سلبية على النقابات ولا يدخلون إليها. فلا شيء سيتغير . نعم التنسيقيات مهمة. لكن ماذا بعد تلبية المطالب المشروعة التي ترفعها هذه التنسيقيات ؟ ما مصير هذه الطاقات الواعية؟ إن تحصين الحقوق المشروعة للأساتذة مرهونة بالفعل النقابي الجاد من طرف القواعد النقابية التي تتشكل من الأساتذة الذين يفرضون قواعد اللعبة على البيروقراطية النقابية. يجب أن نؤمن دوما بأن النقابة هي أداة من أدوات الصراع الطبقي التي لا غنى عنها. وبالتالي فالمشكلة ليست في النقابات، بل في الأساتذة الذين باتوا اليوم أكثر من البارحة يخافون من الإضراب ومن الاعتصام ومن كل النضالات التي تعيد الكرامة إلى الأساتذة. وفضلوا الصمت. نحن المسؤولون عن التراجع الحاصل، بحيث أننا فئة ومتشرذمة ومتفككة. نعم أي نقابة مستعدة أن تعلن الإضراب. ولكن من يلتزم بهذا الإضراب؟ هذا هو السؤال !! لقد انتفى مبدأ الإلتزام.
-3-
في خريف 2019 ، ذهب بالصدفة إلى الكلية لحضور إحدى الندوات هناك المتعلقة بسوسيولوجيا النوع، كان قد غادر ضجيج البيضاء المفعم بالأنشطة والذكريات وانتقل إلى الريف السليماني الفارغ من كل معاني الحياة. كان يبحث عن رفيقة درب، وها قد بدت له جالسة في مقدمة المدرج. ما إن رآها حتى احمرت وجنتاه. غادر أدراج الكلية وبقيت مترسخة في خوالجه وأفكاره إلى أن رآها مرة أخرى في محطة القطار وهو في طريقه إلى البيضاء لحضور ندوة حول المرأة. بدت له من بعيد ولم يجرؤ على الحديث معها. تبادل معها الرسائل والقصائد المتبلة بمعاني المودة والحب عبر وسائل التواصل الاجتماعي. مرت أيام والتقاها بالقرب من محطة القطار، أهداها مجموعة من الكتب وتبادلا رسائل المعاني والغرام. كانت فتاة من الريف وهي أول فتاة يتعرف عليها من هذه المنطقة. منذ طفولته تعلم أن يحترم هذه المنطقة وتاريخها. لقد قرأ كثيرا عن معركة أنوال التي جرت سنة 1921، وأحداث 58، و84. كان قد تعاطف مع كل المطالب التي نادى بها سكان الريف في 2017. كان يحلم دوما بلقاء شخص من هذه المنطقة، وها قد التقى واحدة من هؤلاء السكان التي كانت تحدثه دوما عن زلزال الحسيمة، وعن اللغة الريفية، وعن عادات وتقاليد السكان المحليين، كما أهدته كتابا عن تاريخ المنطقة. لقد شعر في ذلك اليوم بنشوة كبيرة وأحس بسعادة غامرة. كان يريد أن يكسب ثقتها دوما، وأن تزيل كل التمثلات الخاطئة عن مفهوم الرجل،كان يريد أن يدخل في معها مثاقفة حقيقية. بيد أنها كانت دوما خائفة ومتوجسة منه ومن المستقبل. مع الأسف كانت ضحية تمثلاتها، وفي الواقع كان يريد أن يظل معها دوما في مسار الحياة. وحتى لو ارتكبت عدة أخطاء في سيرورة عاطفية واعدة، لقد تمثلت بعض الأخطاء في عدم الوفاء بالمواعيد. لقد كان يولي قدسية كبيرة للمواعيد، لكن هذا هو الإنسان، لا يمكن أن يكون مثل كرونوس. يبقى تاريخه تاريخ أخطاء مثل تاريخ العلم كما قال الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار. من ذا الذي يتذكر تلك الشجرة وتلك النملة اللتان كانتا تتبادلان الرسائل في عز الكورونا؟ من كان يتوقع افتراقهما؟ لقد كانت النملة ترافقه إلى الرباط وفي الغابات وإلى المكتبات. هل مازالت الشجرة حية ؟ أم أماتتها التمثلات الخاطئة ؟ لا داعي للجواب عن هذا السؤال، لأنه سؤال من الماضي. ذلك الماضي الذي كان مفعما بالتوجس والخوف من الآخر. ذلك الماضي الذي كان متبلا بعدم الثقة، كأن الآخر مخيف وغريب بلغة جوليا كريستيفا. بيد أن الغريب ليس ذلك الغريب البراني القادم من بعيد، من أراضي الشاوية، بل إن الغريب كان باطنيا يستغور دواخل الفتاة الريفية التي بقيت متخندقة حول ذاتها، ولم تستطع الارتماء في حضن الغير، ربما بسبب التقاليد والأعراف، ربما بسبب تجربة سابقة، ربما بسبب خوف من الآخر. إلا أن الآخر لم يتورع يوما في أن يقذف نفسه في حضن الآخر. كان متحمسا لكل لقاء وكان مقبلا على كل دعوة وعلى كل سفر أو رحلة أو نقاش. كان يريد أن يتعرف كثيرا على هذا الآخر. وكان يقبل به وإن كان يختلف عنه معرفة ومذهبا واتجاها. لم يكن هاجسه جسديا عابرا بالأساس، كان هاجسه حياتيا بالمرة. كان يريد من الآخر أن يقبله كما هو وأن يثق فيه بكل حماس وبلا خوف ولا وجل. كان يريد من الآخر أن يقف معه دوما في السراء والضراء، كان يريد من الآخر أن يزيل معه كل الحدود حتى يكسب ثقته كاملة. بيد أن الآخر بقي متمترسا حول ذاته، كان قليل الكلام، قليل الضحك، يسأل عن المستقبل ولم يغرس أسس الحاضر. إذا لم نتملك الحاضر، كيف يمكن الرهان على المستقبل؟ ولئن لم نثق في الحاضر كيف يمكن الثقة في المستقبل ؟ وإذا لم يغرس الشجرة اليوم ونعتني بها طول العام، فبأي معنى ننتظر الثمار؟ أيها الصوت البعيد، أيها الجسد الجميل الثاوي بين الجبال و أيها الفكر اللامع. أتمنى ألا يضيع خيطك ويتيه بعيدا عن خيطي بسبب صمتك الجنائزي. فخيوط الحب تتقوى في مباهج الحياة و في الثقة بين المحبين. من ذا الذي يسمع هذا الكلام؟ لقد تلاشت كل الخيوط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج


.. 101-Al-Baqarah




.. 93- Al-Baqarah


.. 94- Al-Baqarah




.. 95-Al-Baqarah