الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا انا علماني وصوفي ،أرفض الدولة الدينية؟؟

ميرغنى ابشر

2021 / 4 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في المجتمعات الجاهلة والتي كان يتسيدها العقل الداخلي للجماعة ،كانت الأحكام المُنظِمة للمجتمع تتولّد عن شّرعة هذا العقل الداخلي، ومخرجاته الساذجة الصلبة صحريّة المنشأ. يدخل على المرأة الرهط من الرجال فتختار لمولودها ما يعجبها منهم أباً، تقتل البنت عاراً بلا جريرة ، ويطوف الناس عراة بالبيت الحرام،وتستمد القوة بالنُصرة من عند مكانة القبيلة، والقوي بالصرعة. لذا كانت هكذا جماعة في حوجة (حرجة) لظهور العقل الخارجي لينظم حياة المجتمع وفقاً لقيم تعزز مساواة النوع، وعدالة الأحكام وتحقق إنسانية الإنسان، وتحرره من بشريات قرون الظلام .
وهذا ما حدث بنبؤة الأنبياء عليهم السلام، وتبني المجتمعات لليهودية والمسيحية والإسلام لشرعة العقل الخارجي ،والذي أسس لمنظومة القوانيين الدولية الحاضرة، بعد أن أنتقل هذا العقل الخارجي، وحل محل العقل الداخلي القديم للجماعات الجاهلة ، ونزع عن نفسه رداء القداسة الذي كان ضرورياً وقتئذٍ وحتماً مقضيا من أجل أن يفوز بطاعة العقل البادي القديم . ومن هنا فقط يجب الا نقيس النسبي ونحكِّمهُ على قواعد العقل الخارجي القديم (المطلق)، والتي لا تتناسب وحداثة المجتمعات العصرية. إذ أن الإحتكام بما أنزل الله قد اُنجز ، واضحى العقل الداخلي للإنسانية.
وما أبدعه العقل الفقهي من قياس ،وإجماع وفقه مقاصد ومصلحة جماعة غبّ ذلك، لضروري سكت عنه العقل الخارجي وقت نزوله، يكشف بسطوع تام جديد المجتمع وتطوره .كما ويكشف هذا الإجتهاد الفقهي عن النظرة السطحية لله،إذ تجعل منه مباشرة جاهلاً بما هو قادم في مستقبل البشرية من موضوعات تتطلب أحكامأً لم يجدوها في كتابه، ومن هنا تأتي صوفيتي، (التي ترفض أن تضع لله حداً ، وتعتقله فقط داخل نص وظيفي).أن إكتمال التنزيل يؤكد على نضج الإنسانية وتجدد عقلها الداخلي، وإكتمال اركانه ليكون عقلها النسبي هو وحده مناط الحاكمية.لهذا (ليس في صوفيتي فرق بين الكائن الإنساني) وبين العقل الخارجي ، ولكنه أيضاً فرق لطيف يحفظ لله تعاليه في إطلاقه ،وتجليه الناسوتي في قوانينه وسننه ، التي يمسك بها الإنسان بعاقلته وقلبه، من أجل عمارة الأرض . فعلى سبيل المثال إذا كانت مساحة الدولة محدودة، وكذلك مواردها التي تتناسب وعدد معين من السكان، يمكنني(كحاكم) أن أفرض قوانين تشجع على تحديد النسل ،وفقاً لاحكام النسبي ، هذه القوانين يمكن أن تواجه برفض (ثوري) في إطار الدولة التي تُحكّم المطلق (الله/العقل الخارجي القديم) في قضاياها النسبية ، وبالتالي تخرج حتى على فهم العقل الخارجي القديم للدين، الذي تؤكد مقاصد شريعته على المصلحة العامة فوق كل إعتبار.
إذن فالعلمانية هي عرض القضايا النسبية على الأحكام العقلية النسبية ، وليست فصل للدين عن الدولة ، لن ذلك غير ممكن فلسفياً، ولا موضوعياً، اذ يمكن أن يكون الحاكم وغيره من اصحاب النفوذ في الدولة العلمانية ، أكثر واعمق تديناً من زعماء الطوائف الدينية حتى،كما أن محاكم الاحول الشخصية ،وغيرها من الاحكام تحترم وتتقيد بمذاهب القوم الدينية بالأساس، والتي لا تتعارض مع المبادي العامة لحقوق الإنسان. في مقابل ذلك نجد الأُوصولية التي تنادي بعرض النسبي على المطلق، وبذلك تغمض عينيها عن التعدد العرقي والثقافي ،وتجعل فقط من الأكثرية الإيدولوجية سيدة تنفي الآخر . وهي بذلك تريد أن تعتقلنا في القرن الثالث عشر ،في عهد ابن تيمية، إذ ان عصر النبؤة المحمدية، كان عصر تنوير، وتثبيت لقواعد العقل الخارجي في محل العقل الداخلي الجاهل . واستطاع أن يحقق في فترة وجيزة تبني الجماعة البدوية للمفاهيم الإنسانية الكلية، والتي أصبحت لاحقاً العقل الداخلي للمجتماعات المعاصرة، بعد أن تحررت من رداء القداسة المطلق، وتبناها ميثاق حقوق الإنسان الدولي، الذي ينطوي مضمونه (في معظمه )على تطوير التشريع الديني . وهو ما عجز عن إستعابه الإسلام السياسي المعاصر، وجماعة الهوس الديني. أموية الصيغة من الإسلام السلطاني، الذي لا يتناسب وإنسانية القرن الحادي والعشرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاهنات في الكنيسة الكاثوليكية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الدكتور قطب سانو يوضح في سؤال مباشر أسباب فوضى الدعاوى في ال




.. تعمير- هل العمارة الإسلامية تصميم محدد أم مفهوم؟ .. المعماري


.. تعمير- معماري/ عصام صفي الدين يوضح متى ظهر وازدهر فن العمارة




.. تعمير- د. عصام صفي الدين يوضح معنى العمارة ومتى بدأ فن العما