الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا أفغانستان؟

ياسين المصري

2021 / 8 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في 15 من أغسطس 2021 سيطرت عصابة طالبان المتأسلمة على الأراضي الأفغانية بما فيها العاصمة كابل، وسرعان ما رأى العالم أجمع مشاهد صادمة لآلاف الأفغان المذعورين ينتمون إلى جميع الأطياف، منهم ممثلون وشخصيات إعلامية وكتاب وأساتذة جامعات وشباب ونساء يحملن أطفالا حديثى الولادة، وأشخاص ذوو إعاقة وآخرون، وهم يهرولون حول طائرة حربية أمريكية في فوضى عارمة ويحاولون دخولها أو التعلق بأهدابها في محاولة يائسة لمغادرة البلاد في مشهد مأساوي من طراز فريد، ولا مثيل في تاريخ الحماقة البشرية. الطائرة تحمل رقم 1109، وهو رقم له مغزى كبير إذ يشير إلى أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، الذي تم على أيدي عصابة القاعدة الكامنة في أفغانستان. ولأنها طائرة شحن لا تتسع سوى لـ134 راكبًا فقط، فقد تكدس بداخلها 640 شخصًا، عدا 183 طفلا كانوا في أحضان أمهاتهم،!، وكان لا بد أن يسقط كل من تعلَّق بأهدابها بين قتيل وجريح! وعثر فيما بعد على أشلاء بشرية في عدّة هبوط الطائرة بعد أن تشبّث بها عدد منهم!، كما رأينا صورًا ومقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر الأفغانيات وه يلقين بأطفالهن من فوق الأسلاك الشائكة على السياج المحيط بمطار كابل للجنود الأمريكيين المغادرين، لإنقاذهم من حركة طالبان، آملين حصولهم على مستقبل أفضل في الغرب. كما شاهدنا الإسراع في طلاء محلات التجميل وإغلاق الجامعات والمدارس وهرولة النساء لشراء البرقع مجددًا. ومازال التزاحم الفوضوي مستمرًا في المطار وسقوط القتلى والجرحى حتى كتابة هذا المقال، فيما يسعى آلاف الأفغان جاهدين أن يجدوا طائرة تقلهم إلى خارج البلاد. ومن ثم تتهيأ العديد من دول العالم لاستقبال موجات اللاجئين الأفغان الفارين من حكم طالبان!
ونقرأ أن تركيا المتأسلمة ”سنيًّا“ تسرّع في بناء جدار مع إيران المتأسلمة ”شيعيًّا“، يبلغ طوله 243 كيلومترا، مدعوما بأسلاك شائكة وخنادق، لوقف تدفق المهاجرين الأفغان بعد سيطرة طالبان على أفغانستان!
واليونان تكثف جهودها على الحدود مع تركيا عبر استكمال بناء سياج بطول 40 كيلومترا، وعبر تسيير دوريات، واستخدام أنظمة مراقبة جديدة عبر المناطيد، خوفا من تدفق محتمل للاجئين أفغان، في محاولة للوصول إلى أوروبا، بعد سيطرة طالبان على البلاد.
ما معنى هذا الخوف من طالبان؟ وما هي دوافعه؟
نحاول في هذا المقال تحليل الحدث واستشراف المستقبل، وما ستأول إليه الأوضاع في أفغانستان وما حولها، بعيدًا عما تتناوله وسائل الإعلام هنا وهناك، والاتهمات بهزيمة هذا الجانب وانتصار الجانب الآخر. نريد أن تلقي نظرة معمقة إلى الحدث وربطه بما يجري على الساحة الدولية بشأن الإسلاموية وعالمها الإجرامي منذ عقود من الزمن.
***
الثابت أن جميع المتأسلمين في كافة بقاع الأرض يريدون تطبيق الشريعة الإسلاموية الحقيقية التى طبقها نبيهم الكريم وخلفاؤه الراشدون، ويرون أن الديمقراطية والعلمانية والحرية والحداثة، بل والكرامة الإنسانية ما هي إلَّا بضاعة الكفرة والمشركين، ولكن ما ان يتحقق تطبيق تلك الشريعة في بلادهم، حتى يلوذون بالفرار منها إلى بلاد الكفرة والمشركين!. ولكي نتعرف على هذا السلوك الشيزوفريني الحاد، يجب أن نرجع إلى التاريخ لنعرف أين وكيف نشأت هذه الأيديولوجية الفاشية، والتي ما أن تطبق أو يطبق حتى جزءٌ منها، يهرب الجميع، إما إلى نفسه أو إلى غير لإنقاذ حياته!
التاريخ الرسمي المفبرك يقول لنا أن موقعة «نهاوند» عام 21هـ (642م) في عهد عمر بن الخطاب، والتي وُصِفَت بفتح الفتوح، نظرًا لنتائجها الحاسمة في القضاء على الدولة الفارسية الساسانية بشكلٍ مُبرَم، وفتحها الأبواب على مصراعيها أمام ”الجيوش الإسلاموية“ لاقتحام أقاليم عدة إلى الشرق في أعماق بلاد فارس وما وراءَها، ومنها أبرز المناطق التي كانت تشكل أفغانستان تاريخيًا، وهي: خراسان وسجستان. وانه بناء على هذا التزييف يمكن اعتبار هذه الموقعة هي الغزو العسكري الوحيد في تاريخ تلك المناطق الصلبة، الذي تمكَّن من تثبيت أهدافه وترسيخ أفكره فيها وفي نفوس شعوبها، وهي كما هو معروف تاريخيًا كانت ولا تزال طاردة لغزوات كافة الإمبراطوريات الكبرى، من إنجلترا والاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة الأمريكية.
ومع ذلك يذكر هذا التاريخ المفبرك أن بعض أجزاء من تلك المناطق تمردت في أكثر من مرة ضد الفاتحين المتأسلمين في عصر الدولة الأموية، لاسيَّما إبان الفتنة الكبرى عاميْ 36 و37هـ، والاقتتال بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان المستقل بالحكم دمشق آنذاك.
بينما الحقيقة التي لا يعرف الغالبية العظمى من المتأسلمين - ولا يودون معرفتها - أن ديانتهم نبعت أساسا من هذه المنطقة الفارسية تحديدًا، إذ هرب إليها العباسيون من حكم الأمويين، ثم عادوا إلى العراق في عام 132هـ (751م)، وأبادوا الأمويين عن بكرة أبيهم، وكان بصحبتهم مجموعة من المشايخ جميعهم من هناك، ليفبركوا لهم، خلال الخمسين عام الأولى من حكمهم، الديانة الإسلاموية السائدة في العالم السني الآن، ويكتبوا لها تاريخًا بأثر رجعي، ويسطروا آلاف الأحاديث لنبي مزعوم بعد ما يقرب من مائتي عام على وفاته، منهم:
الطبري 839 - 923م)، الملقَّب بإمام المفسرين، ولد بآمُل عاصمة إقليم طبرستان.
البخاري (810 - 870 م)، ولد في بخارى إحدى مدن أوزبكستان حالياً.
مسلم (822م - 875م)، ولد في بنيسابور بأعلى الزمجار في شمال شرق أفغانستان الحالية.
إبن ماجه ولد في قزوين (824م - 886م)
إبن داوود الأزدي السجستاني المشهور بأبي داود، ولد (817م - 202 هـ 817م - 202 هـ) في سجستان، وهي منطقة تقع معظمها في أفغانستان وأجزاء منها في باكستان و إيران.
التلمذي (824م - 892م)، ولد في ترمذ وهي مدينة جنوب أوزبكستان وكانت سابقًا موصولة مع مدينة هرات الأفغانية،
النسائي (829 - 915)، ولد في نساء تركمستان
أنظر المزيد في كتابي: ”الإسلام جاء من بلاد الفرس، رؤية معمَّقة لرواية ملفَّقة“ على الرابط التالي
https://www.4shared.com/web/preview/pdf/gbkhNw0Oee?
الكتاب نشر أيضًا في حلقات على هذا الموقع المتميِّز.
***
إذا أراد المرء أن يهدم أو يغير في أيديولوجية من نوع ما، يجب عليه أن يبدأ بالمنبع، لأن منبعها هو الرصيد الدائم الذي يمدُّها بالزخم اللازم لبقائها، هذا ما حدث مع النازية والفاشية والشيوعية وغيرها. الساسة الأمريكان وغير الأمريكان وجميع المؤسسات البحثية والعلمية المتخصصة في أمريكا وغيرها يعرفون هذا جيدًا، ويعرفون تاريخ الإسلاموية الحقيقي، ويعرفون أيضًا مدى الغباء الذي سببته هذه الديانة المؤدلجة فاشيًا لمعتنقيها، ومدي سيطرتها علي عقولهم وقلوبهم. وعندما أرادوا إنهاء الاحتلال السوفيتي لأفغانستان في عام 1979، حثوا العربان على ذلك بإسم الدين، فهرول العربان كعادتهم، دون انتظار أو تروِّي، إلى تأسيس عصابة ”القاعدة“ بزعامة اليمني المتسعود أسامة بن لادن، وأمدوها بأموال النفط والسلاح الأمريكي. تحالفت القاعدة مع عصابة طالبان التي تأسست في باكستان من طلاب الشريعة الإسلاموية، ولما فرغوا من طرد السوفيتي في عام 1989، لم يعد للعصابتين أهمية سياسية لدي أسيادهم الأمريكان، الذين كانوا على يقين بأنهما سوف تستمران في الجهاد كبند أساسي من بنود الديانة، وأن جهادهم لن يقتصر على الدولة التي يقيمون فيها، بل أن هدفهم الأوسع والأشمل هو العالم المتأسلم بما فيه بلاد العربان نفسها. ومع أن الأمريكان انقلبوا على عملائهم فور انتهاء مهمتهم، فقد ظلت طالبان تحكم أفغانستان حتى عام 2001، بدعم من باكستان وموافقة ضمنية من الولايات المتحدة وتمويل مالي من مملكة آل سعود وتجارة المخدرات. وفي خلال فترة حكمها فرضت المنهج الإسلاموي الحقيقي، حظروا الألعاب والموسيقى والصور والتليفزيون... ومنعوا النساء من العمل وأغلقوا مدارس تعليم البنات، وعمدوا إلى قطع أيدي السارقين وإعدام القتلة والمثليين علنا ورجم الزانيات بالحجارة حتى الموت، وفي عام 2001 فجّروا تمثالين بوذيين عملاقين في باميان (وسط)، وقاموا بممارسات إجرامية أخرى، مما استدعى تنديدا عالميًا واسع النطاق. وفي نفس الوقت استقطبت الأراضي الخاضعة لسيطرتهم أعداد كبيرة من الجهاديين من مختلف أنحاء العالم، وتحوّلت إلى معسكرات تدريب لهم، مما حمل القوات الأمريكية وحلفاؤها في الناتو بدعم إقليمي على إخراجهم من السلطة في نوفمبر 2001، عقب هجمات القاعدة في 11.9.2001 على الأراضي الأمريكية، فقد أطلقت واشنطن وشركاؤها في الحلف عملية عسكرية واسعة النطاق بعد رفض عصابة طالبان تسليم أسامة بن لادن. استسلمت العصابة وفر قادتها مع قادة القاعدة إلى جنوب البلاد وشرقها وإلى باكستان، وفي غضون ذلك نشأ تنظيم إجرامي موازي، هو الفرع الأفغاني لتنظيم الدولة الإسلامية (الدواعش) المنافس لطالبان، وتبنى سلسلة اعتداءات دموية، وتمدد التنظيم ليشمل دول عديدة في الشرق الأوسط.
إقرأ تاريخ طالبان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/طالبان
***
الآن انسحب الأمريكان بناء على مباحثات أجريت مع طالبان برعاية قطرية، فانهار الجيش الأفغاني على الفور وسيطرت طالبان على جميع أسلحته الأمريكية. الأمريكان يعرفون كيف ومتى يقدمون ومتى وكيف ينسحبون، وليس من الموضوعية في شيء الادعاء بأنهم يخسرون بدخولهم إلى الدول الفاشلة والغبية أو ينجون بانسحابهم منها، وأن تدخلهم في شؤونها وشن حربًا عليها لم يكن سوى هباءً وعبثًا سياسيًا. إن هذا التدخل، ثم الانسحاب ما هو إلَّا عنصر أساسي ضمن عناصر السياسة المتبعة لدولة إمبريالية كبرى، بهدف جعل الدولة الفاشلة دولة ناجحة تبعًا لمفهومها الرأسمالي، وفي نفس الوقت تضع جيشها المحترِف أمام تحديات جديدة تزيد من خبراته القتالية والتدميرية، وتُجري تجارب ميدانية على أسلحتها للعمل على تطويرها، ويتعرف مفكريها أكثر على طبيعة الشعوب الأخرى خاصة المتخلفة. وتسحب جنودها من هناك بعدما يتعرَّف الغالبية العظمى من شعوبها على معنى الحرية والتقدم والحداثة في الفكر والعمل، وتعرف أن هذا الانسحاب سوف يحدث فراغًا سياسيًا كبيرًا وردة فعل عنيفة، يعاني منها شعبها، وقد يستغيث بها مرة أخرى لنجدته من غباء بني جلدته! الأمريكان يلتزمون في تعاملهم مع الدول الغبية بسياسة براجماتية خالصة، ويعرفون أنه من المتعذر عليهم وعلى غيرهم تغيير الأوضاع فيها، طالما لا يجدون مساعدة على ذلك من شعوبهما، ومهما حاولوا، لن يستطيعوا صُنْع "شيءٍ" من "لا شيء". لن يستطيعوا مساعدة من لا يُريدن أن يُساعِدوا أنفسهم، شعوب لاتعي حقيقة أنَّ هناك من يحاول انتشالها من واقع بؤسها المُزْمِن، وتتخاذل في التفاعل معه، فكيف إذا كانت تعتقد أنه مهما قدّم، إنما يتعمّد الإضرار بها، ونقلها من واقعها الذي تراه جميلا، إلى واقع معاكس؟، لذلك يترك الغرب المتحضر الأوضاع تسير في مجراها، فيعتلي حكمها مجموعات من البلداء، لتعاني الشعوب من بلادتهم وجهلهم، ومن ثم قد تنقلب عليهم في يوم ما. إن خوض حروب «الدول الفاشلة» ليست قضية خاسرة بالضرورة، الخاسرون هم البلداء الذين ينتظرون على قارعة الطريق وليست لديهم النية أو الإمكانية لفعل أي شيء!.
مرت عشرون سنة على أفغانستان بدون طالبان، وفي غياب قبضة الفاشية الإسلاموية، تعرفت خلالها الأجيال المختلفة على معنى الحرية والكرامة الإنسانية والانفتاح على الآخرين. وفجأة انسحب الراعي، وسيطرت الذئاب مرة أخرى على الرعية، عادت طالبان للسيطرة على مهد الإسلاموية. الذئاب لا تعرف الاستقرار ولا تنعم بوجوده، لن تكتفي بأفغانستان، حيث ان العباسيين لم يكتفوا بها، وسوف يحاولون - وقد ينجحوا - في الاستيلاء على دول أخرى مجاورة وخاصة في الجنوب الغربي منهم، ويا حبذا لو وصوا إلى المغرب في أقصى الشمال الغربي لأفريقيا. سوف يحاولون بشتى الطرق للسيطرة على عالم العربان التعساء. في احدى لقاءات مراسل قناة الجزيرة أحمد زيدان مع أحد قادة طالبان أكد هذا الأخير ان الحركة لن تكتفي بتحرير افغانستان فقط ... بل تسعى الى استرجاع الاندلس وعودتها لحظيرة الاسلام، وسوف تجد مناصرين كثر لها في كافة بلدان المتأسلمين، سوف تجد دعمًا مباشرًا من الدواعش والنصرة وأجناد بيت المقدس وشباب الصومال وبوكو حرام ....
البراجماتية الأمريكية تحتم أن يتعامل الأمريكان بواقعية مع الشيء ونقيضة، فإذا كانت الحكومات وشعوبها غير قادرة على تغيير الشيء، يتركونه حتى يتحقق نقيضة، بل يساعدون على تحقيق هذا النقيض، ويبدأون التعامل معه!، إنهم يعرفون أنَّ مشاكل أفغانستان لن تنتهي باعتلاء طالبان الحكم في البلاد، بل تبدأ للتو، فلديهم قناعة كلية بماهيَّة الإسلاموية الحقيقية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها، إذ أنها قبل أن تكون حركة تحرير، أو مجرد تيار سياسي، تحمل الأيديولوجيا التي نفذت مرارا من قبل وقابلة للتنفيذ في كل زمان ومكان!، هي عودة الأمل الذي سوف يبعث الحياة من جدد في سائر العصابات الإسلاموية في بقاع عالم العربان التعيس، بما فيها تلك التي تختلف مع طالبان في مضامين وحيثيات الأيديولوجية، ولكنها لا تختلف معها في بنية الوعي الأصولي بها!
إن الظروف تتهيأ تدريجيًا لحدوث حرب أهلية في أفغانستان، بين عصابتين إسلامويتين تختلفان وتتنافسان معًا على السلطة والنفوذ والسيادة في بنية الوعي الأصولي للدين، هما الحكام الإسلامويين الجدد (عصابة طالبان) وميليشيات تنظيم “الدولة الإسلاموية” (عصابة داعش) الإرهابية المعادية لطالبان، والتي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم الأخير قرب مطار كابل والذي راح ضحيته أكثر من مئة شخص بما فيه 13 أمريكيًا. كانوا يبذلون جهودًا مكثفة لإخراج الأفغان من البلاد، ويظهر هذا الهجوم أن تنظيم “الدولة” يمكن أن يضرب حتى العاصمة، وأن طالبان لا تسيطر بالكامل على كافة أنحاء البلاد.
سمي "تنظيم الدولة الإسلامية - ولاية خراسان"، على اسم قديم كان يطلق على المنطقة الممتدة من شمال غرب أفغانستان وأجزاء من جنوب تركمانستان، إضافة لمقاطعة خراسان الحالية في إيران. وظهر لأول مرة في شرق أفغانستان أواخر عام 2014 وذاع صيته سريعاً بفضل عملياته الدموية المروعة، كما يقول تقرير لوكالة رويترز.
https://www.csis.org/programs/transnational-threats-project/past-projects/terrorism-backgrounders/islamic-state-khorasan
ويتميَّز التنظيم عن غيره بعنف أكبر بكثير، وعبوره للحدود الدولية بهدف الهيمنة الإسلاموية على العالم، وقيامه بهجمات دامية في جميع أنحاء العالم. لذلك من المرجح أن تتحول الأراضي الأفغانية إلى مزرعة للإرهاب الإسلاموي، وحاضنة وحامية لفلول المطاردين بتهم الإرهاب. وإذا انتهت طالبان فسوف تبقى داعش وإذا انتهت داعش فسوف تنشأ عصابات أخرى، الديانة تولد وترعرع عصابات باستمرار، والعصابات تنشأ وسوف يستمر نشوؤها من أفغانستان، لأنها نابعة عن ثقافة ووعي ـ في معظم أرجاء العالم الإسلامي، والعالم الثالث على وجه العموم.
تقول عصابة طالبان إن حكومتها الجديدة لن تلجأ إلى العنف كما كان عليه الحال خلال الفترة السابقة التي أمسك مقاتلوها خلالها بزمام السلطة في أفغانستان، كما قالت إنها ستسمح للنساء بالعمل والدراسة ”ضمن حدود الشريعة الإسلاموية“. الحقيقة أن أي عاقل في هذا العالم لا يستطيع فهم عدم اللجوء إلى العنف وهو محدد أساسي في نفس الشريعة، وأن نبيهم الكريم وخلفاءه الراشدين والتابعين إلى يوم الدين إستعملوه بأقصى ما يكون في حياتهم ضد المناوئين لهم، ولذلك لا يمكن اقتناع أي شخص بأن مواقف طالبان ستتغير، ولا ينبغي لأحد أن يظن أن طالبان ستتبع طريقة مسالمة هذه المرة أو أنها لن تضطهد النساء.
لن يستطيع أحد كسر صلابة المنطقة، وتغيير ”العوالم الإسلاموية“ المتكلسة ما لم تتغيّر ـ تغييرا جذريا ـ منظومةَ الأفكار الإسلاموية التي تقتات عليها هذه ”العوالم“ المنسوجة خيوطها والراسخة بنودها في عقول ملايين المتأسلمين على امتداد العالم. فقد ثبت يقينًا أنه لن يُجْدي بشيء قتل ”أسامة بن لادن“ ولا ”الملا عمر“ ولا ”أبو بكر البغدادي“ ولا ”الزرقاوي“ ولا ”الظواهري“ ولا ”القرضاوي“...إلخ؛ ما لم يتم قتل أهم رموز المنظومة بداية بالطبري والبخاري ومسلم وابن ماجة وغيرهم في عقر دارهم. وكما جاءت أفكارهم من هناك فيجب أن تنتهي أو تتغيير هناك أيضًا!، أما العربان فعليهم بحكم بلادَتِهم إما أن يهرولوا إلى التغيير الفوضوي أو ينتظروا حتى يجرفهم التيار القادم من هناك، مثلما جرفهم من قبل!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فتش عن الجذور والمنبع
عامر سليم ( 2021 / 8 / 30 - 04:25 )
(( فقد ثبت يقينًا أنه لن يُجْدي بشيء قتل ”أسامة بن لادن“ ولا ”الملا عمر“ ولا ”أبو بكر البغدادي“ ولا ”الزرقاوي“ ولا ”الظواهري“ ولا ”القرضاوي“...إلخ؛ ما لم يتم قتل أهم رموز المنظومة ))

تقول الطبيبه والروائيه والشاعره والصحفيه البنغاليه - تسليمه نسرين - : -جذور الاصوليه هو الدين وعلينا بمعالجة الجذور وليس قطع الاصوليه لانها ستنمو مجدداً بكل سهوله-.

I dont find any difference between Islam and Islamic fundamentalists. I believe religion is the root, and from the root fundamentalism grows as a poisonous stem. If we remove fundamentalism and keep religion, then one day´-or-another fundamentalism will grow again. I need to say that because some liberals always defend Islam and blame fundamentalists for creating problems. But Islam itself oppresses women. Islam itself doesnt permit democracy and it violates human rights.

وهذا بالضبط ما يؤكده ويتفق معه السيد الكاتب في مقاله الموضوعي والدقيق:
(( وإذا انتهت طالبان فسوف تبقى داعش وإذا انتهت داعش فسوف تنشأ عصابات أخرى، الديانة تولد وترعرع..))


2 - والخطوة الاولى جعل الدين قضيه شخصيه والتعليم علمية
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2021 / 8 / 30 - 14:39 )
جعل الدين قضيه شخصيه والتعليم مبني -كبلدان الغرب الراقي على اسس علمية تربوية نفسية ومعلومات من العلم العصري الصحيح-هذا الامران الفباء بداية العصرنه مدعومة ببناء الاقتصاد العصري التصنيع وتحديث الزراعه بموازاة انشاء البنى التحتيه الاجتماعية والمادية المتوازيه-هذا هو طريق التحديث المجرب بدونه تبقى القضايا معلقه وفي عالم التمنيات تحيات خاصه للكاتب وللزميل عامر -لندخل عالم الخير بعيدا عن عفوانات الدين وخصوصا الاسلامي


3 - حاجة تحير
عدلي جندي ( 2021 / 8 / 30 - 17:10 )
شكرا استاذ ياسين المصري ع المعلومات القيمة والمجهود والمقال ورابط كتابك
لكن ماجة تحير
هو بحكم ما كتبته الإسلام صناعة مشتركة ما بين إمبراطورية فارس وما يسمي قديما بأرض المغول (أعتقد منغوليا) وو وو ولكن نجد حديثا تمكنت جماعات إخوان نجد فيما يسمي بالوهابين وأخوان مصر بتوع حسن البنا (الساعاتي) بالمشاركة مع مؤسسة الأزهر (بالطبع الغي ر شريف) وعصابات السلف ولفيف من المجرمين من وضع لمسات حداثية (حتي لو كانت ظلامية ) ولكنها بالمفهوم الديني الإسلاموي يسمي تجديد علي وزن تنجيد القطن لو حد لسه فاكر المرتبة القطن العتيقة لتنظيفها يتم عملية غربلة لفصل ما تعلق بها وإعدة حشوه مرة أخري أهو التجديد حاجة كده زي تنجيد
المهم حاجة آخر لخبطة هو مين أصلا صاحب الليلة فيما ذكرته وما تذكره المؤسسات الاسلاموية؟
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=567440
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=397575
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=431819
مرسل قليل من حواديت الدواعش مع التحية


4 - العالم ملوث بمليار طالباني
محمد بن زكري ( 2021 / 8 / 31 - 11:48 )
طالبان لن تتغير ، و داعش لن تتغير ، و كل مشتقات الأيديولوجيا الإسلامية (و لا أريد أن أتحايل لأسميها الإسلاموية) ، غير قابلة للتغير . فهذه الأيديولوجيا عندما تتسلل إلى العقل ، تستوطنه و تجرفه و تسرطنه ؛ فيتحول حامله إلى مسخ سايكوباثي ، منزوع الإنسانية ، ممنوع من التفكير خارج الثابت من أيديولوجيا الغزو و السبي و النهب و كراهية الآخر و الإبادات الجماعية و الثقافية ، كما طبقها دواعش القرن السابع الذين يسمونهم (السلف الصالح) . و الحقيقة هي أن كل من يحمل بذرة هذه الأيديولوجيا الإلغائية ، هو مشروع طالباني أو مشروع داعشي . و لو كان المسلمون بقوة أميركا أو بقوة الصين ، لما ترددوا لحظة في أن يفرضوا على البشرية شريعتهم الدموية الإلغائية المعادية لقيم الحضارة و حقوق الإنسان .
شكرا للأستاذ الكاتب على المقال ، كما كل إسهاماته التنويرية . و شكرا على رابط الكتاب .


5 - تعليق على تعليق الأستاذ محمد زكري
ياسين المصري ( 2021 / 8 / 31 - 12:05 )
عزيزي الأستاذ محمد بن زكري
اشكرا على تعليقك الرقيق والمفيد، واسمح لي بتوضيح
الصفة (إسلاموية) التي أستعملها وأصر على استعمالها دائما ليست تحايلا، بل عن قناعة بأننا لسنا مسلمين بل متأسلمين أي وجدنا أنفسنا على ما نحن عليه ولذلك فالدياك في نظري ليست إسلام بل أسلمة بالوراثة وعليه تكون إسلاموية هذا الموضوع وضحته بالتفصيل في مقال سابق
لك مني كل التقدير والاحترام