الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الطائفية ، كيف يٌمكن أن يكون ذلك طبيعياً؟
محمد قاسم علي
كاتب و رسام
(Syd A. Dilbat)
2021 / 10 / 30
المجتمع المدني
كنت شاهداً على هذه الحادثة ، حدث وأن كنت في المرحلة الإعدادية ، في أيام إستثنائية ، عصيبة كانت ، أيام مجنونة. في الساحة التي تقع في وسط المدرسة و هي عبارة عن ساحة ل لعب كرة السلة حيث كانت السلال معلقة ، كٌلٌ على حدى متقابلات على الركائز الكونكريتية التي يستند عليها الطابق الثاني لبناية المدرسة ، أشعة الشمس كانت مٌسلطة بشكل عامودي ، ظلال الاشخاص لا تتعدى السنتميترات القليلة ، حينها كان يتعذر على المرء التجول في وسط الساحة لشدة الحر ، لذا كنا نسلك الممرات في مسيرنا ، لنحتمي بها من وهج أشعة الشمس. مشادة كلامية بين طالبين من نفس الشعبة و المرحلة التي كٌنت أنا فيها ، كلا الطالبان أعرفهما حق المعرفة لكن أحدهما كان رفيقاً في مرحلة المتوسطة و الإعدادية زميلاً لخمس سنوات ، كان الأمر مؤلم حينما وٌجهت له عبارات قاسية و جارحة ، أتذكر منها "سٌني نكَس" نعم حدث هذا أمام عيني ، إستنكرت ما قاله الطالب الآخر في داخلي ، لكنني لم أحرك ساكناً ، للتعبير عن الشجب و الإستنكار. لماذا كل هذه الجروح و الآلام ، أتذكر بقية الهراء الذي نشب ، لكن هذه العبارة "سٌني نكًس" يجب التوقف عندها.
المٌلفت في الأمر هو أن الطالب الذي تعرض الى الأذى الكلامي و النفسي لم يكن في تفكيره الشكوى الى مدير المدرسة أو الى أي جهة أخرى. حيث إلتزم بالصمت ، كأن بحاله يقول ليس بوسعي أن أفعل شيئاً حيال كٌل هذا ، لأنني في نهاية المطاف لا أنتمي الى المجتمع الذي أنا فيه. أنا لست مندمجاً. فما بالك إن قام بالشكوى في ظل وضع الطائفية المتفشية آنذاك في تلكم الأيام ، في ظل غضب الميليشيات و إتقادها و حماسها للثأر و التنكيل. هل كان بإمكانه أن يفعل شيئاً؟ من تجربتي التي عشتها و من خلال قرائتي للظروف المحيطة ، ستكون الإجابة لا لم يكن بإمكانه أن يشتكي. كان القرار الصائب بالنسبة له حينها تجنب الصِدام قدر المٌستطاع ، يا تٌرى هل يمكن لمجتمع أن يسلك هكذا سلوك أن يبني و يقوم بالتغيير؟
من خلال مراقبتي و نظرتي للأحداث حينها فقدت الأمل في ذلك التغيير المنشود نحو دولة المواطنة ، خاصة ، في ظل إنتشار الجهل المٌمنهج الذي تسلل كالسرطان الى جسد المجتمع ليتركه سقيماً عليلاً ، كان يتراءى لي بأن الترياق لهذا المرض صعب المنال ، إذا ما أخذنا في عين الإعتبار أستمرار العمليات القتالية و الحروب و إستمرار الأوغاد في السيطرة على الحٌكم و إعتلائهم هرم السلطة. شخصية المتنمر لا يمكن التخلص منها في ظل تلك الظروف و الأحداث المتأزمة ، ففي أكثر البلدان رخاءاً في العالم نجد شخصية المتنمر ، فما بالك في بلد مٌستباح منهك بسبب الحروب و الصراعات كما هو الحال عليه في العراق. كل هذه الأسباب جعلتني أتخلى عن فكرة التغيير الإيجابي السريع ، بل في أحياناً كثيرة كانت كل هذه التجارب تجعل مني شخصاً مٌحبطاً غير متفائل في أي تغيير ممكن أن يكون إيجابي يظهر في الأفق. ماذا عساك ترجو في ظل و جود المجرمين و القتلة و اللصوص في المناصب و الاماكن الحساسة من هيكل الدولة ؟ هل هنالك شيئاً يدعو للإيجابية ، حينها؟ بالنسبة لي ، لا.
التنمر
التنمر أمر مٌشاع حيث يكاد لا يخلو زقاق في بلاد وادي الرافدين من شخص يحمل هذه الصفة ، التهجم و التنمر اصبح شيئاً طبيعياً بحيث يتعدى حدوده الى أن يٌشكل هوية المواطنة في ذلك المجتمع ، مع مرور الوقت ، يعٌزى ذلك الى سبب أنتشار الجهل و الضغط المٌسلط على المجتمع من قِبل العوامل الداخلية و الخارجية المفروضة.
التنمر ، أسباب إكتساب هذا السلوك العِدائي ، الإهمال ، التربية الخاطئة ، قلة الثقة في النفس ، الغرور ، الغيرة ، و ما الى ذلك من صفات مكتسبة من الطفولة ، حيث تٌشكل هذه المكتسبات الخاطئة هيكلية الفرد المتنمر و ما يعزز ذلك هو وجود مجتمع مغلق مثل المجتمع العراقي. قلة التوعية و الوعي ، قلة الثقافة ، قلة الإطلاع. من أين لنا ب عصى موسى ، لنغير بها حالاً.
الحل يكمن في نشر الوعي السياسي و الثقافي بين عامة المجتمع ، لكن السبيل لفعل ذلك ، يحتاج الى عمل تنظيمي سري في بادئ الأمر ، لتكوين حزب سياسي يبدأ ينافس للوصول الى السلطة ، كما لا بد من تعرية و فضح من تورط في دم العراقيين و قولاً أو فعلاً. لا بد من تعريتهم لكي يكونوا عبرة لمن يفكر أن يسلك سلوكهم ، أن التأريخ سيشهد على ان مخلفات الأسلامويين و آثارهم على المجتمع كانت هي الأسوء ، و سيقبع هؤلاء في الصفحات المٌظلمة من كٌتٌب التأريخ. لكن كي نرى مثل هؤلاء الأوغاد الذين يقفون وراء إحتقان الشارع ، كي نراهم يلقوا قصاصهم العادل يجب العمل بجد لذلك.
التمميز الطائفي و القتل على الهوية كل ذلك كان نتاج مٌخلفات فكرية ظالة ألقت بظلالها المقيتة على جميع مفاصل المجتمع ، فصار الأذى الكلامي أمراً عادياً ، بل يكاد يكون أمراً لا مناصة منه ، السلوك السئ المنتشر ، مهذا النوع من السلوك (التهجم) يخضع الى أسباب لها علاقة بصورة مباشرة في التربية الأسرية ، من المؤكد ان الطالب الذي تهجم بكلام خشن على زميله ، أنه تنمر من خلال ضنه بأن ما يفعله يحضى بدعم من المجتمع و الأسرة و البيئة المحيطة به. حيث يستمد هذه البذاءة من المجتمع. هذا ما كٌنت شاهداً عليه.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شاهد| صور تظهر تنكيل قوات الاحتلال بجثامين شهداء وإعدام جريح
.. قصف إسرائيلي يستهدف خيام النازحين في منطقة المواصي الساحلية
.. صحفية إًسرائيلية: القتال مقابل الإقامة لطالبي اللجوء في إسرا
.. إسرائيل تقدم مقترحا جديدا بشأن الأسرى ومستقبل غزة
.. ترحيب فلسطيني وغضب إسرائيلي بعد قرار الأمم المتحدة بإنهاء ال