الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق ... دور المرجعية الشيعية في مائة عام من الفشل

سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)

2021 / 12 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تابعوني على تويتر @SoShow11 و اشتركوا في قناتي على يوتيوب https://www.YouTube.com/c/SohelBahjat

تمرّ بالعراقيين هذه الأيام الذّكرى المئوية لتأسيس دولة العراق ، و عنوان المقال يصعب الاعتراض عليه كونه من الواضح للعراقيين –للأغلبية الساحقة—أنّ ظروف البلد لا تبشّر و لا حتى بأبسطِ التفاؤل. معلومٌ أنّ بعض منظّري الإسلام السّياسي أخذوا يدافعون عن مقولةٍ روّجها الولائي نجاح محمد علي –صاحب مقولة أرى رؤوساً قد أينعت—في أنّ سياسيي الإسلام السّياسي –الشّيعي—لا يتحمّلون المسؤولية وحدهم عن تَعثّر بل و فشل تجربة العراق ما بعد 2003 و ما بعدَ إسقاط صدّام و البعث.
هذه المناورة البهلوانية –الّتي فيها شيءٌ من الحقيقة—كون السّياسيين الأكراد و السّنة انخرطوا في عملية الإفشال ، لا تعني أنّ المسؤولية تمت إزالتها عن كاهل عمائم الشيعة و من ثمّ إلقاء اللوم على أمريكا و –الصهيونية—المزعومة لسببٍ بسيط ، و هو أنّ الدّور الشّيعي –كونهم الأغلبية—في عملية تأسيس الدولة العراقية كان سلبيّاً بل و حتى متخلّفاً منذ التأسيس البريطاني في 1921 و مروراً بالإنقلاب العسكري القاسمي عام 1958 و انتهاءا بمهزلة تأسيس دولة الفوضى بعد الإطاحة بالبعث في 2003.
الفشل المستمر للشيعة –كغالبية—يكمن في انغلاقهم الثقافي و العقلي و السّياسي و الإغراق في عقلية معركتهم الخيالية الدون كيشوتية مع قوى "الشر العالمي" المزعوم و احتفاظهم –كالسنة العرب و الأكراد—بالتقاليد العشائرية البالية و المتخلفة.
فبعد قيام البريطانيين بهزيمة الاستعمار العثماني –الذي جثم على صدر العراق لأربعة قرون—فجأة اكتشفت المرجعية الشيعية ، و بضغط من المقاومة السّنيّة ، أنّ العثمانيين كانوا "مسلمين" بينما البريطانيون الذين وعدوا بدولة عراقية خلال بضعة سنوات كانوا "كفارا" و بالتالي فإنّ المرجعية الّتي تحملت الاضطهادات و القتل و السحل العثمانيين ل400 سنة ، لم تستطع أن تتحمل إدارة بريطانية "كافرة" و لو لسنتين كاملتين.
نحن نعرف جيدا أنّ من أهمّ أسس الدولة الحديثة هو جعل هوية الدولة بمعزلٍ عن الدّين و عن الهويات القومية و الفئوية الضيقة و لكن المجتمع الشّيعي –حاله حال السّنّة عرباً و أكراداً—هو مجتمع ديني عشائري متخلف يعتبر ، مثلاً ، المرأة الّتي هي نصف المجتمع ، مُلكا للرجل ، و تعلّقت مواقف غالبية السّياسيين الشّيعة في التأسيس الأول بمواقف العمائم في النجف و كربلاء ، و الّذين اتخذوا موقفاً سلبيّا في انخراط الشيعة –معممين و غير معممين—في الترشح أو الانخراط في العمل السياسي ، و رغم أن بعض الشّيعة بالفعل انخرطوا في السياسة – كالشيخ جعفر أبو التّمن—غير أنّ اشتراك الشّيعة بقي هامشيا بسبب "فقه انتظار المهدي".
النتيجة كانت مجيء الأقلية السّنّية العربية و احتكارها للحكم و المناصب ، و تمّ تهميش العراقيين الشّيعة و منع حتى من انتموا لأحزاب علمانية لا دينية –الشيوعيين نموذجا—تحت عنوان انتمائهم لقبائل أو مدن معينة و بمباركة المرجعية الشيعية في النجف. هذه المرجعية التي باركت و دعمت الخطاب الإسلامي العروبي للعهد الملكي و بالنتيجة أجهضت أي تبنّي للهوية الرافدينية السومرية-البابلية-الآشورية للعراق ، رغم أن هذه الحضارات كانت في طور الاستكشاف من قبل البريطانيين و الغربيين.
بعد الانقلاب السّني على اللبرالية الملكية في 1958 عاودت المرجعية الشيعية دورها في التعاون مع الأقلية السّنية العروبية و باركت –متمثلة في مرجعية آية الله محسن الحكيم—قيام البعثيين بقتل آلاف الشيوعيين –ذوي الخلفية الشّيعية في الغالب—و بالتالي عبّدوا الطريق لحكم البعثيين و صدّام.
بعد إسقاط صدّام و بعثه الغاشم ، قامت المرجعية الشيعية –مرّة أخرى—بنفس الدّور المخزي و الّذي لا أراه غريبا حيث مراجعة بسيطة لفقه آية الله السيستاني و الحائري و الخميني تكفي للكشف عن تشابه هذا الفقه المتخلف القروسطي مع فقه القاعدة و الطالبان و آل سعود ، بل حتّى داعش.
أول المصائب جاءت مع تبنّي مقتدى الصّدر و الحائري –بمباركة من السيستاني الإيراني الّذي كان يعمل بالتقيّة مع قوى التحالف الدّولي—لمبدأ المقاومة الّذي تبناه أيضا القاعدة و البعثية ، و كنتُ أدرك آنذاك ، في خضمّ العنف الطائفي ، أنّ شعار "المقاومة" كان –ولا زال—حجة لمصادرة حريّة الشعب و مصادرة حقوق المرأة و الطفل و كل مباديء الدولة الحديثة.
تبنّي المقاومة من قبل الولائيين و مقتدى إنما يهدف لاحتكار السلطة و منع أيّ نوعٍ من المنافسة السياسية أو حريّة التعبير ، الّتي هي نقيض الإسلام الّذي يعتبر أي نقد على أنه "فتنة" و الفتنة في مصطلح الإسلام هي أشدّ من –القتل—و يجب مكافحتها ضرورةً.
ثاني المصائب كان تدخّل السّيستاني في عملية كتابة الدستور ، حيث أنه و كعادة العمائم ، تظاهرَ بأنّه يقف على الحياد في عملية كتابة الدّستور لكنّه –علي السّيستاني—امتلك ممثلا داخل اللجنة و بالفعل فرضَ بضعة مواد –كجعل الإسلام دين الدولة الرّسمي—و فرض جعل الإسلام مصدراً أساسيّاً للتشريع! هذا التدخل السّلبي قدّم العراق هديةً لإيران و عملائها.
ثالث المصائب كان مجيء مصطفى الكاظمي ، الّذي أعتبره عميلا للمخابرات الإيرانية بامتياز ، و كانت محاولة اغتياله الأخيرة هي المسمار الأخير في نعش الدولة العراقية ، كونه –وعبر مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي—لم يجرؤ حتى على التلميح لإيران و الفصائل و انخراطهم في محاولة الاغتيال.
باعتقادي فإن محاولة اغتياله كانت رسالة واضحة للمخابرات و قوى الأمن العراقية ، الّذين لا يزالون يتعرّضون للإغتيال ، بأنّ إيران هي الحاكم الفعلي للعراق و بمجرّد انسحاب القوات الأمريكية من العراق في السنة الجديدة 2022 فإنّ العراق سَيُقسَّم بين الإيرانيين و الأتراك و ستنهار حتى أبسط أسس الدولة العراقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بابا الفاتيكان يدعو إلى وقف إطلاق النار في لبنان وغزة


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان.. إبداع في الدفاع ع




.. قلوب عامرة - د. نادية عمارة توضح -حكم الصلاة على الأذان في ا


.. 82-Al-Aanaam




.. هل هبط آدم من الفضاء ؟