الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
امرأة
ساطع هاشم
2021 / 12 / 18الادب والفن
غادرنا الطرق السريعة حول المطار ودخلنا في ضاحية معزولة، ارصفتها عريضة والمنازل بعيدة عن الشارع الاسفلتي، وعلى طول الطريق علقت بوسترات ودعايات إعلانية مختلفة، منها لشركات امن خاصة ومنها للازياء وأخرى للسيارات الحديثة او لباصات نقل البضائع، وهناك بنايات منفردة بين كل كيلومتر وآخر ومحاطة باسيجة عالية، وقد انعكست اشعة الشمس في منتصف النهار على جدران سطوحها البيضاء كما لو كانت أضواء كاشفة مسلطة عليها.
متسلق الجبال بحاجة الى قمم مغطاة بالثلوج، اما هنا فما الذي احتاجه؟
كنت اعرف ان عليَّ النهوض فبعد ساعة عندي موعد مهم، لكني كنت مرتاحاً بالاستلقاء على الوسادة الزرقاء وبنعومة السرير وعندي انترنيت وطعام واغمضت عيني، وهنا لا يوجد مكان آمن بعد حلول الظلام، وبعد جهد واجهاد أجبرت نفسي واستيقضت من قيلولة منعشة لا طامعاً بالنهوض ولكن لان الوقت قد حان للنهوض، وقبل ان يتلاشى ضوء النهار.
وجدتها تنتظرني، امراة قصيرة من الصعب تحديد عمرها ترتدي زياً تقليدياً بعض الشيء، سروالاً اسود وقميصاً احمر عليه زخارف بنفسجية وقد ساعدها على إخفاء شخصيتها، انفها حاد وفمها واسع وجميل وشفتها السفلية بها تجاعيد قليلة وخطوط، عيونها زرقاء قلقة برموش سوداء وكأنها مكحلة تومض وتغلق مثل البرق وتحدق مثل الحارس كانها تبحث عن شيء، ووجهها بيضوي طويل، وخمنت انها انجبت ثلاثة أطفال.
ثم راجعت الرأي السريع، فلا المظهر ولا الشكل الجسدي ولا اللون ينفع هنا في تخمين هذه الشخصية، بل بحاجة الى من يفهم بالبحث بعمق في الاحداث الدامية الغامضة والدسائس والمكائد السرية للأشخاص مجهولين الهوية الذي جعلها تبدو على ما هي عليه، وهنا سيقال اليك ان تترك هذه السفسطة، وما عليك الا ان تختار كما فعل قدماء اهل اليونان بين عالمين احترام المرأة او السيطرة على المرأة.
لكن من المعروف ان الاحداث الدامية لها تأثير على الذاكرة وجاذبية مغناطيسية على الناس، فاذا شاهدوا حادث سير مروع ذهب الجميع لرؤيته ولن ينسوا ما شاهدوا مدى الحياة، واذا صادفتهم حفلة اعدام أبرياء بالشوارع او جثث معلقة بالساحات، سترى تجمع الغوغاء من كل حدب وصوب حولها.
وهكذا وجدت نفسي افكر بهذه المغناطيسية امام هذه الشخصية الغريبة التي عندي موعد معها الان، محاولاً اكتشاف الاحداث الدامية في تقاطيع وجهها، وبالتاكيد ساختار احترامها.
ذهبنا الى مكان عام وقد جلس الجميع جنباً الى جنب وأكتافهم تلامس بعضها بعضا، وكان بينهم من يدخن بشراهة سيجارة بعد أخرى يرتدي بدلة مليئة بالثقوب نتيجة حروق السجائر، وكانت بالكاد تتكلم وعندما تتحدث كان صوتها خافتاً جداً وكانه يأتي من مكان بعيد، ثم سمعنا دوياً قوياً مثلما تضرب معدناً على معدن، وهرع الجميع لمعرفة ما حدث، اما هي فقد ظلت ساكنة في مكانها، ووضعت يدها بيدي واجبرتني على الجلوس بلا انفعال وتمتمت بشيء ما، اعتقد انها قالت:
لا تكن واحداً من الغوغاء
لكن فضولي كان اقوى مني، فسرت وراء الغوغاء، (وكانوا وكنا في الضلال نعومُ) وعندما عدت اليها كانت قد اختفت تماماً مثلما ظهرت، وفي الفندق ابلغني النادل وهو يسلمني مفتاح الغرفة بان علي اخلاء الفندق غداً في الساعة الحادية عشر صباحاً، بدون ان يوضح لي الأسباب.
حملت حقيبتي وخرجت الى الشارع وانا أثرثر كالارملة مع نفسي:
لقد عملها الغوغاء
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين| مع الممثل والكاتب والمخرج اللبناني رودني ح
.. كسرة أدهم الشاعر بعد ما فقد أعز أصحابه?? #مليحة
.. أدهم الشاعر يودع زمايله الشهداء في حادث هجوم معبر السلوم الب
.. بعد إيقافه قرر يتفرغ للتمثيل كزبرة يدخل عالم التمثيل بفيلم
.. حديث السوشال | الفنانة -نجوى كرم- تثير الجدل برؤيتها المسيح