الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديستوبيا ما بعد الحدث....ماذا بعد خسارة الخضر ؟

ليلى تباّني

2022 / 1 / 22
المجتمع المدني


ديستوبيا مابعد الحدث.......ماذا بعد خسارة الخضر .....؟
من البديهي أن كرة القدم رياضة كغيرها من الرياضات، كما أنها تتموضع ضمن الكماليات الترفيهية التي عادة ماتظهر وتبزغ للسّاحة الإنسانية بعد توفير الأساسيات والضروريات ، كما أن المتعارف عليه أن كرة القدم منبتها أوروبي، وأول ما ظهرت ظهرت بالقارة الأوروبية على يد: الإنجليز أصحاب السبق الكروي المتفنن مذ ظهورها إلى يومنا هذا، لكن تلك الساحرة المستدير نقلت عدواها إلى سائر بقاع الأرض وتحوّرت عبر الزمن من لعبة إمتاع إلى سياسة إقناع و أصبحت تابعة كغيرها من التوابع فأوروبا عندما قامت حضارتها النوعية لم تقم بالأقدام الإحترافية في الملاعب؛ إنما قامت بالعقول الإحترافية والعبقرية في ميادين العلم والمعرفة، قامت بالأفكار وروح الأفكار، والعقول، وبالسواعد الحيوية النشطة، وبعد أن استقرت الحضارة زمنياً ومكانياً بدأت التوابع الكمالية تتوالى واحدة تلو الأخرى ككرة القدم وغيرها من الكماليات الترفيهية. لكن الشعوب ضيقة الرؤية جعلت حبّها الطاغي للكماليات مريب وعجيب، جعلهم يقلبون الأمور رأساً على عقب، فجعلوا الكماليات المرفِّهات في أعلى القمة ومكّنوها من مكانة ليست لها، بينما الأساسيات الضروريات في أسفل سافلٍ، لو نظرنا لهذا الخلط من ناحيتين لوجدنا أنه أمر عادي من ناحية، وأمر مفتعل مقصود من ناحية أخرى.....فمن غير العادي أن ترتب كرة القدم في مقدمة الاهتمامات قبل العلم ، وأن يكرّم لاعب كرة القدم قبل طالب العلم السبب الذي جعلنا في ذيل الترتيب ومن العادي أن توضع في صدارة الأولويات لأنّ ذلك يخدم مصالح أطراف معيّنة .
إن منطق الانهزام أو الخسارة موجود مع الرياضة دائماً، لكن أحداً لا يحب أن يراه أو يعيشه ، ولكن أحداً أيضاً لا يمكنه أن يتجنبه، و إذا كانت للنصر حلاوة وللهزيمة مرارة لا تطاق كما يقولون، فإننا عربياً ربما نبالغ في التعامل مع الخسارة، فلا نكتفي برفضها، بل نبحث عن مبررات من خارجنا لها، ويتحول الأمر من خسارة واردة في أية مباراة رياضية إلى كارثة قومية أحياناً تتعلق بشرف الأمة ومشاعر أبنائها وعزتهم، فلماذا يحدث ذلك؟ وكيف يجب أن نتعامل مع الخسارة قبل وقوعها وبعدها؟
إنه ومما لا شكّ فيه أن الشعوب تلهث وراء كرة القدم، وتنسى أحوال وأوضاع البلاد. فالشعوب تعشق الكرة ليس حبا في الرّياضة ، هي تحب الكرة من أجل المشاهدة والاستمتاع فقط ، من أجل ان تشعر بنشوة الانتصار.....على الرغم أن غالبية الشعوب تعلم أن الحكام تستخدم كرة القدم سياسيا، لكن لا يهمهم ذلك. فبات تنظيم البطولات والألعاب الرياضية لدى الدول المنظّمة من أسباب إكتساب الشرعية السياسية وتعزيز قوة وصورة حكامها، إذ لا تخلو اللقاءات والبطولات الرياضية الكبرى من الاستغلال السياسي دائما. ومع زيادة أهمية كرة القدم، وأهم مناسباتها الكروية، بدأت تظهر تصرفات تؤكد عمق التوظيف السياسي الذي يقوم به حكام الدول للرياضة في كل العالم. فإن قادة الدول يستخدمون كرة القدم كوسيلة للتواصل والدعاية لأنفسهم...... ويحاولون استغلال كرة القدم في إلهاء الشعوب عن جوهر قضاياهم واعتمادها مخدّرا لإلهائهم بكلّ أطيافهم وفئاتهم وصرف أذهانهم عن حال واقعهم ،وكلما كان حجم الخسارة أشد إيلاماً والفريق أعلى مكانة نادياً كان أم منتخباً، وخصوصاً في كرة القدم الأكثر استحواذاً على الاهتمام كلما كان التضخم ووقع الخسارة أشد، إذ تتحول إلى هزيمة جارحة وكارثة قومية دونما الهزيمة في أي مجال، وكأنما خسارة مباراة رياضية توازي الهزيمة في الحرب. هذه الظاهرة تبدو عادة عربية من المحيط إلى الخليج بلا استثناء تقريباً، فلابد بعد كل خسارة من بحث أسبابها منطقياً ومعاجلتها علمياً وقبولها كقيمة موجودة في الرياضة ومرادفة للفوز كأحد وجهين لعملة واحدة، ولكن ما يحدث هو رد الفعل شديد العاطفية وشحذ الأقلام وشن الحملات العنيفة وكأننا أناس لا نهزم، رغم أننا لطالما تلقينا الهزائم في العصر الحديث وفي كل المجالات مع الأسف، وربما لهذا السبب بتنا لا نقبل أن ننهزم رياضياً على وجه الخصوص، رغم أن الرياضة هي الساحة الوحيدة التي لا يمكن لأحد مهما فعل تجنب الهزيمة كلياً في ميادينها. و لا أبالغ بقولي : أنّ كرة القدم أفيون الشعوب وعقار فعّال يلهيهم ويسلب فكرهم ويبعده عن ما هو غير محبّذ أن ينشغلوا به .وهو حال ما نعيشه اليوم ...إنّ الحاكم الفاسدُ الذي يدعي أنه حامي الحمى له مؤسسات قائمة تترصد الصغائر والكبائرفي كلّ المجالات تتحين وتترقب الفرص ، وتلهى وتشرد به العامة والخاصة، ولم يكن لها غير الأكثر فاعلية "كرة القدم" من حيث التخدير المزدوج؛ أي تخدير الشيبة والشباب، فقد حملت عنها هذه الرياضة الكثير وقدمت لها الجليل، وأهم ما قدمت لها أن تفَّهت شباب الأمة الذي هو أساس نهضة أي مجتمع وسر تقدمه وإحالته إلى مجتمع شبيه بالزامبي أين يتقمص الأحياء دور الموتى ...وسرعان ما يزول مفعول مخدرهم فتتحول بهم السبل من يوتوبيا الحكام المزعومة إلى ديستوبيا الواقع المرير فبدلا عن الكرة ينصرفون إلى البحث عن بدائل تحقيق السعادة والعيش الكريم ، فيكسرون حاجز الصمت ويعبرون عن كمّ كبير جدا من السخط على السلطات الحاكمة و تفشي الفساد في مختلف المجالات من القضايا السياسية إلى القضايا الإقتصادية أو حتى البيئية. ، فتتطور غاياتهم من بلادة وسطحية المنال إلى عمق المطلب .حينها ندرك خطورة الوضع وانفلات الأحداث .
بقلم الأستاذة : ليلى تبّاني .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المفوضية الأوروبية تنوي تقديم تشريع يهدف إلى تسريع ترحيل الم


.. ممثل أمريكي: مشهد احتراق النازحين أفظع مقطع شاهدته على الإطل




.. ماكرون: يجب على نتنياهو ألا ينسى أن بلاده أنشئت بقرار من الأ


.. الجيش الإسرائيلي يستخدم معتقلين فلسطينيين دروعا بشرية.. ما ا




.. العربية تتابع تجهيز الطائرة الرابعة ضمن الجسر الجوي السعودي