الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقييم الماركسية على أسس الإشتراط السلوكي

بارباروسا آكيم

2022 / 1 / 22
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها


كل عام و أنتم بخير
حينما نقيم أي فكرة مهما كانت تلك الفكرة
فأننا نسعى لتقييمها وفق أُسس واضحة

و بمناسبة تقييم الأفكار
فسأحاول اليوم التطرق للماركسية و كيف يمكن تقديم نقد للماركسية بصيغتها الكلاسيكية _ كما هي من ناحية التنظير المسطور على الورق _
ض
لكن مع فارق إنني لا أقيم الماركسية على أساس  إقتصادي أَو سياسي

بل أقيم الماركسية على أسس أُخرى من بينها السلوك البشري ، علم الإجتماع ، و الإشتراط السلوكي البافلوفي الخ الخ

يعني مثلاً

كان فيبر يرى في السلوك البشري يختلف عن الفعل أو العمل
Action 
إذ إن الفعل الإنساني له ظاهر و لكن له باطن أي المعنى الذهني للفعل أي يقصد بشكل آخر افكارنا المسبقة و منها الأفكار الدينية _ على سبيل المثال _

إذاً هاهنا يمكن أن نحاسب الماركسية على أساس فعل الماركسيين سلباً أو ايجاباً ( بمعنى المنتج الذي يقدمونه )  على إعتبار أن الماركسية كفكرة مسبقة عند الماركسيين هي التي تسبب الفعل
Action

و لكن إذا أخذنا الموضوع من جانب آخر يعني مثلاً من وجهة نظر راسل

فالرجل إستبعد تماماً أي افكار مسبقة _ كالأفكار الدينية أو الأعراف أو التقاليد _  و حدد السلوك البشري بأربعة عوامل لا غير
1 . حب التملك
2 . المنافسة
3 . حب الظهور
4 . شهوة السلطة أو القيادة

طيب لو حاولنا مناقشة الماركسية من وجهة نظر راسل نجد إن الماركسية تفتقر على طول الخط لمحددات السلوك البشري

فلا هناك ملكية خاصة
و لا هناك منافسة مفتوحة
و لا هناك ظهور للفرد بل السيادة هي للمجموع / للطليعة العاملة
و لا هناك سلطة و لا دولة و لا و لا

طبعاً ها هنا أتكلم عن الفلسفة الماركسية المجردة بغض النظر عن التجارب على أرض الواقع

و أتذكر جيداً أنني حينما قلت هذا الكلام لأحد الأصدقاء
قال لي : بأن عقد المقارنة بين فيبر و راسل كعقد المقارنة بين البرتقال و التفاح !!!!

رغم أنني لا أرى الموضوع بهذا التبسيط

على كل حال نبدأ بمناقشة النقاط السابقة بعجالة حتى لا نتوه في التفاصيل

حب التملك أو الملكية الخاصة
يتفق الجميع تقريباً ( ماركسيين و رأسماليين ) إن الملكية الخاصة ظهرت مع بواكير ظهور المجتمع الزراعي
بمعنى :  حينما تحول أسلافنا الصالحين المتناسلين من القردة العليا من مجتمع الصيد الى المجتمع الزراعي

بدأ الإنسان يحدد ملكيته و يسيج ارضه و يميل إلى الاستقرار ثم بدأ بتدجين الحيوانات

إذا على كل ماركسي عتيد أن يعيد التفكير بهذه الجزئية
فإذا كانت الملكية الخاصة محفورة في جيناتنا و جينات الثديات العليا معنا فهذا يعني أن المسألة قدرية و ليس بأمكانكم تغييرها

و إذا قلتم بأنها كانت مجرد ظرورة لاستقرار الإنسان الزراعي فنحن لا زلنا بحاجة لذلك الاستقرار
بمعنى كيفما قلبت المسألة لا مناص لكم من الإعتراف بحقيقة أهمية الملكية الخاصة

بل ظهور المجتمع البشري كان أحد مسبباته هو الملكية
و في هذا الصدد يقول جون لوك :
السبب في تكوين الأفراد للمجتمع هو رغبتهم في الحفاظ على الملكية

و في إطار الحفاظ على الملكية و زيادتها دخل عنصر جديد وهو المنافسة

بمعنى :  بدون أن يشعر الإنسان بالمنافسة فهو لن يُقْدِم على تطوير نفسه

ولذلك أعزائي لو ذهبتم مثلاً الى قبائل الأمازون في البرازيل ستجدونهم يتشاركون كل شيء و يعيشون مشاركة الموارد و المشاع بطريقة لم تخطر حتى على بال المكتب السياسي

و لكن بالنتيجة فهم بالرغم من مرور آلاف السنين عليهم لم يفكروا حتى بصناعة ملابس تستر عوراتهم
و بالنتيجة فلا وجود عندهم للأنا و الفردانية
و الأمور تدار جماعياً بالتعاون و التشاور
مما يعني إنهم ليسوا بحاجة لدولة أو نظام

و لكن هم لا يزالون حتى هذه اللحظة مجتمع بدائي مشاعي و ليس أكثر من ذلك

و هنا سيأتي من يقول : مهلاً ياصاح .. إن كان الأمر كما تقول فكيف إذا تفوق الإتحاد السوفيتي على الغرب في بعض المجالات كعلوم الفضاء على سبيل المثال  ؟

نعم ، و هذا بالضبط يثبت ما نقول ، فالدافع الوحيد بالنسبة للتجربة السوفيتية لإحداث نقلات نوعية في مجالات معينة في الإتحاد السوفيتي كان التنافس مع الغرب لكن على الصعيد الداخلي تم قتل كل انواع التنافس بحجة المساواة

بمعنى إن التنافس عنصر مهم من عناصر التطوير  و رفع الكفاءة الإنتاجية و لذلك تجد مثلاً في الولايات المتحدة حينما تصبح إحدى الشركات مجموعة عملاقة لا يوجد لها منافس تتدخل الدولة نفسها لكي تقسمها الى شركتين
حتى يبقى التنافس مضمون في جو آمن و خالي من الإحتكار
لأنه و على عكس ما يضن الكثيرون  في شرقنا التعيس أن الرأسمالية تعني الإحتكار
فالحقيقة تقول بأن الإحتكار يعني نهاية الرأسمالية  

و اذا أخذنا الأمر من وجهة نظر السلوك البشري على سبيل المثال سكينر

فقد بنى سكينر نظريته في السلوك البشري على أساس نظرية التطور لدارون
و مختصرها أَنه :
الشعور بالرضا أو الذنب ليس المسبب الرئيسي للسلوك، فهذه المشاعر نتاج للعوامل البيئية كالعقاب و الثواب ، مثلها في ذلك مثل السلوك الظاهر تماماً.
بمعنى إن سكنر يرى أن العقاب و الثواب نفسه نتاج عوامل البيئة
رغم إنه يعترف بأن تأثير البيئة على السلوك تأثير غير واضح

و هنا يأتي الإشتراط السلوكي البافلوفي و مبدأ العقاب و الثواب

أنت تعلم أنه في تجربة ايفان بافلوف هناك كلب و جرس و طعام
الجرس حينما يرن فأن الكلب يسيل لعابه لأنه يعلم بأنه هناك طعام
إذاً الجرس هنا هو الطعام وهو المحفز
طيب هل يستطيع أحد أن يخبرني ماهو المحفز في الماركسية ؟

سيأتي أحد أذكى اخوته و يقول :
لو لم يكن في الماركسية تحفيز فلما إعتقد بهذه الفكرة الملايين ؟
إذا كيف إستطاعت الماركسية تحفيز آلاف بل ملايين البشر ؟

نعم أخي العزيز
لأن الفكرة نفسها جذابة و هي قد جذبت اليها الكثيرين و لكن قل لي ماذا حصل بعد تطبيقها على الأرض
لماذا فقدت بريقها ؟

الإشتراط السلوكي يفسر ذلك بأن الاستجابة الشرطية تقل بعد تحفيز العنصر لفترة طويلة دون الحصول على المحفز

يعني حينما قام بافلوف بقرع الجرس عدة مرات دون أن يقدم الطعام للكلاب بدأ لعاب الكلاب يقل تدريجياً بمعنى إنه بدأ يفقد التحفيز 

و هنا قد يتسائل سائل إن كان هذا هو تفسير الإشتراط السلوكي فلماذا لم تفقد الأديان مثلاً بريقها ؟

سؤال جميل
و لكن الفارق البسيط و الكبير ( في آن معاً ) بين الماركسية و الأديان الإبراهيمية

إن معظم الأديان الإبراهيمية على الأقل (المسيحية و الإسلام ) وعودهما وعود أخروية يعني ليست في هذا العالم المنظور _ وهنا يأتي ذكاء رجالات الدين _

بينما الماركسية فمن المفترض أن تكون وعودها على أرض الواقع و لذلك حينما لم تطبق الوعود قلت الاستجابة الشرطية

مع الحب ..
بربارو
انهاء الدردشة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الماركسية كفكرة نبيلة
بارباروسا آكيم ( 2022 / 1 / 22 - 17:07 )
أليست الماركسية فكرة نبيلة ؟
نعم إنها كذلك ؟
لأنها تحاول أن تتسامى على نواقص الإنسان

و لكن الإنسان أخ كح..بة
و لذلك يجب تطوير الأفكار لتناسب تلك الكائنات الطفيلية المسماة بالبشر

مع التقدير ..


2 - معايير موضوعية في تقييم الفكر
منير كريم ( 2022 / 1 / 22 - 22:13 )
تحية للاستاذ بارباروسا أكيم
ربما نستطيع ان نقبم الفكر وفق معايير موضوعية هي
الانسانية
العلمية
الديمقراطية
فهل الماركسية تنجح في هذا التقييم ؟
شكرا جزيلا لك


3 - السيد منير كريم المحترم
بارباروسا آكيم ( 2022 / 1 / 23 - 10:24 )
السيد منير كريم المحترم
كل المعايير التي تطلبها موجودة في كلمة واحدة _
الملكية الخاصة
إذا غير الماركسيون نظرتهم للملكية الخاصة
فحينها ستكون كل المقاييس الأخرى تحصيل حاصل

لأنه نتيجة تقديس الملكية
ظهرت الدولة و النظام السياسي و الديموقراطية

الملكية التي بدأت على غرار
هذا فأسي ، هذا منجلي ، تلك مطرقتي
ثم هذه ارضك ، هذه ارضي
ثم عملنا ديوان لحل النزاعات بين القبائل
و هكذا حتى تعلمنا اليوم كيف نستطيع الجلوس في البرلمان

تحياتي و تقديري


4 - هناك فرق بين الملكية الشخصية وملكية وسائل الإنتاج
سامى لبيب ( 2022 / 1 / 24 - 20:22 )
أهلا أستاذ بارباروسا ورائع هو مقالك الذي يثير الجدل
أري أن لا مشكلة للفكر الماركسي مع الملكية الخاصة فإمتلاك الإنسان لأغراضه الشخصية شئ طبيعي لا يقبل الجدال وهو مرتبط بماهية وطبيعة الإنسان ولكن لبس من الطبيعي والحيوي والحتمي إمتلاك وسائل الإنتاج فبمكن للإنسان أن يعيش بدون أن يمتلك مصنع كوسائل الإنتاج.
المشكلة فى تعميم مفهوم الملكية الذي منه ينفد نقد الماركسية ليتم الخلط بين الملكية الشخصبة للأغراض وبين ملكية وسائل الإنتاج التى ستجلب الإستغلال .
تحياتي وتقديري لقلمك وفكرك.


5 - ظاهرة الملكيه في تطور دائم هي والربح صارت كلهاعام
الدكتور صادق الكحلاوي ( 2022 / 1 / 25 - 02:34 )
مرحبا جميعا-صحيح مايقوله الزميل الدكتور اللبيب انه يوجد اختلاف بين الملكية الشخصيه لمايحتاجه ويستعمله الانسان وعائلته في حياتهم الخاصة وبين ملكية الفرد لوسائل الانتاج ولكن حتى هذا الاختلاف قد تغير -انا احب ان استشهد بالفترة الزمنية التي عاش فيها ماركس-زمن المانيفاكتوره وبالاخص الزمن الذي كان فيه ماركس ينير مسكنه بفانوس نفطي-لانه عاش قبل اختراع واستعمال الكهرباء-اي ان ماركس عاش في مرحله بدائيه جدا في التاريخ والحضارة المعاصره-اليوم في بلدان الغرب-وانا لااسمح لنفسي ان اسميها راسماليه-اسميها بلدان الحضارة الانسانية الجديده التي تسير الى امام وتتطور وليس لها محطة وقوف صوب العقلانية والرشاده بدليل ال200 او ال300 سنة الاخيره -فاصبح الان عسير -ان لم يكن مستحيل علينا معرفة مالكي المصانع وغيرها من وسائل انتاج السلع والخدمات واصلا اصبح مستحيلا التفريق بين السلع والخدمات لتداخلها واي منها ليس -منتوجا نهائيا- واصحاب وسائل الانتاج اختفوا وظهرت الاسهم التي حتى انا وانت يمكننا امتلاك شئ منها ببضعة مئات من الدولارات-وكذالك الارباح انها ليست في كيس بالبيت انها في البنوكحيث تدور بالمجتمع كله للانتاج وال


6 - الأستاذ العزيز سامي لبيب المحترم
بارباروسا آكيم ( 2022 / 1 / 25 - 08:18 )
تحياتي أستاذي العزيز سامي لبيب
و جميل أن ينال المقال رضاك
بالنسبة للملكية فهناك نوعين من الملكية يشير اليها الماركسيون

Privateigentum
أي الملكية الخاصة
و
Kollektiveigentum
الملكية الجماعية

بالنسبة للملكية الخاصة فهي كل ما يملكه الأشخاص و لا يتبع الصالح العام أو الدولة ، هكذا هو تعريفها باللغة الألمانية
فلك أن تتخيل حجم الأشياء التي تستطيع وضعها تحت هذا العنوان !
أما وسائل الإنتاج ، و رغم كون الموضوع بحد ذاته بحاجة للكثير من الشرح.. لأن وسائل الإنتاج تبدأ من المطرقة وصولاً للمرجل البخاري
فكما يقول د. العزيز صادق الكحلاوي
فعلى أيام ماركس كانت وسائل الإنتاج لا تتعدى الالات البسيطة
لكن قل لي كيف ستأمم وسائل الإنتاج في عصر المكننة و الحوسبة ؟

هل تعلم يا أستاذي العزيز إنه يوجد مصنع في الصين بدون عمال تقريباً !
و إن من يدير هذا المصنع هم مجموعة لا تتعدى اصابع اليد من المهندسين التقنيين !

ثم حتى لو افترضنا إنه تم تأميم وسائل الإنتاج لصالح الطبقة العاملة
فكيف سيدير عامل من الشارع مصنع الكترونيات ؟
الدنيا تغيرت كثيرا عن القرن ١-;-٧-;- م

تحياتي .. و مودتي الدائمة


7 - الدكتور صادق الكحلاوي المحترم
بارباروسا آكيم ( 2022 / 1 / 25 - 08:34 )
تحية طيبة د. العزيز صادق الكحلاوي
و أنا اتفق معك تماماً
مع فارق تعريف الملكية الخاصة
اليوم يا أستاذي العزيز لو حاولت الكتابة عن مفهوم الملكية الخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية أو في كندا فسأخوض في مجال واسع أكبر بكثير من طاقتي

لأنه سأدخل في ابعاد فلسفية و قانونية و أخلاقية

بالفعل حينما بدأت _ و بدون تحيز مسبق _ بقراءة النظرة الفلسفية للملكية الخاصة في الغرب بدأت أعي أشياء لم أكن أدركها

و أدركت حينها كم هو العالم كبير


تحياتي و تقديري

اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي