الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الغباء الجمعي - مقدمة

ياسين المصري

2022 / 6 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في ثلاث مقالات سابقة نشرت في هذا الموقع المتميز، أوضحت الفرق بين الغباء الجمعي والغباء الاجتماعي، وقلت أن الأخير « يظهر لدي الشخص الفرد بسلوكيات غير واعية مع الآخرين من حوله في المجتمع، فيقوم بتصرفات تجعل الآخرين يشعرون بالإحباط وعدم الكفاءة وانعدام القيمة، ولا يتصرف هذا الشخص بهذه التصرفات عن قصد، بل تكون تصرفاته في الغالب بسبب نقص الوعي الاجتماعي لديه، وعدم قدرته على فهم كيفية تأثير سلوكياته على الآخرين. هذا النوع من الغباء لا يعنينا في شيء لأنه حالة فردية ومرضية يمكن لعلم النفس التعامل معها ومعالجتها، بينما الغباء الجمعي، فهو غباء جامع شامل مع استثناءات بالطبع، إذ يبدو على مجتمع ما بما فيه من قادة ونحب سياسية واجتماعية، عندئذ تكون توجهات المجتمع غبية بمجملها ويصعب عليه التقدم والخروج من تخلفه وانحطاطه.
الغباء الاجتماعي سلوك غير واعي بينما الجمعي تتم صناعته ونشره وتغذيته داخل المجتمع على جميع المستويات ومن ثم يتواجد في المجتمع على مستويات متفاوته».
إذًا الغباء الجمعي عبارة عن نهج عام، تتم صناعته والعمل على نشره في مجتمع بعينه، فيسود فيه - عادة - لفترة زمنية قد تطول أو تقصُر، تلتزم خلالها الدولة به وتغذيه وتفرضه على مواطنيها، ليسهُل عليها التعامل معهم وإخضاعهم لسيطرتها والقبول بأسلوب الحكم المفروض عليهم. وتبعًا لهذا النهج يجري فرز المؤسسات والنخب المختلفة في الدولة، بحيث تتسم من جانبها بالغباء والحماقة أو التفاهة، وتقوم بصناعة الغباء ونشره في المجتمع وترسيخه وتعميقه بين أفراده!. مما يخلق مجتمعًا من الخانعين الفاشلين. يقول الكاتب الروسي ”أنطون تشيخوف“ ( 1860 - 1904) عنه : « في المجتمعات الفاشلة ثمة ألف أحمق - مقابل كل عقل راجح، وألف كلمة خرقاء، إزاء كل كلمة واعية، تظل الغالبية بلهاء على الدوام، ولها الغلبة دائماً على العاقل. فإذا رأيت الموضوعات التافهة، تعلو في أحد المجتمعات، على الكلام الواعي، ويتصدر التافهون المشهد، فأنت تتحدث عن مجتمع فاشل جداََ ..»
في كتاب الغباء السياسي، كيف يصل الغبي إلى كرسي الحكم ؟ الصادر من دار المصري للنشر والتوزيع، ط 2 ، 2012، ذكر الأستاذ محمد توفيق، واقعة حدثت في بداية عهد السادات في مصر وبالتحديد في 2 أبريل عام 1971م، إذ ذهب ثلاثة من رجال عبد الناصر إلى جلسة تحضير أرواح لاستشارة الجن في مستقبلهم السياسيّ، وهم الفريق (محمد فوزي ) وزير الحربية الأسبق، واللواء (شعراوي جمعة ) وزير الداخلية الأسبق، و (سامي شرف ) سكرتير الرئيس (عبد الناصر)، وكان الدجال أستاذًا جامعيًا، وتكررت هذه الجلسة في 4 مايو من نفس العام، وقد تم تسجيل كلتا الجلستين!
أوحى الدجال إلى هؤلاء الرجال الثلاثة بتقديم استقالاتهم؛ بهدف عمل فراغ دستوري؛ ليضعوا السادات في مأزق يُضطر بعده للرضوخ لهم، وقد فعلوا ذلك في 15 مايو، أي بعد الجلسة بـِِ 11 يومًا، لكن العرّاف لم ينفعهم، وأصدر (السادات) قرارًا باعتقالهم، وبرر ذلك بعبارته الشهيرة: "دول المفروض يتحاكموا بتهمة الغباء السياسيّ "!
ومع ذلك لا يمكن وصف السادات نفسه بالذكاء السياسي، نظرًا لأنه كان إحدى الحلقات في سلسة الغباء السياسي التي بدأها البكباشي عبد الناصر في عام 1952، والتي أدت بدورها إلى الغباء الجمعي الذي مازال مسيطرًا على مفاصل البلاد حتى الآن. هذا إذا استثنينا رضوخه لأمريكا وإنهاء حالة العداء المزمن والمدمر مع دويلة إسرائيل.
عرّف توفيق الغباء السياسي بأنه: الشخص المغرور برأيه والرافض لقبول النصيحة، علاوة على أنه غير قادر على تسيير أمور الناس ورعاية مصالحهم؛ لعدم إلمامه بكل شيء يجري حوله، مما يترتب عليه قيامه بتصرف يتسم بالغباء، بينما يظن هو أنه الخيار الأفضل.
ولكن الغباء الجمعي لا يخص شخصًا بعينه، بل هو نهج عام كما ذكر سابقًا، ويتم إعداده وترسيخه وتعميقه خفية، وراء إيديولوجيات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية خيالية فاشلة، كنازية هتلر في ألمانيا وشيوعية لينين في روسيا وفاشية موسيليني في إيطاليا واشتراكية عبد الناصر في مصر، ومع أن هذه الأيديولوجيات خطيرة ومعدية إلا أنها تنتهي وتزول - إلى حد كبير - بموت صاحبها، ولكن أخطر الأيديولوجيات على الإطلاق في هذا الصدد تلك التي تعتمد على الدين، ففي القرون الوسطى هيمنت الكنيسة الكاثوليكية على الحياة العقلية والفكرية والثقافية في أوروبا، وظلت لعقود طويلة تمارس ضروب الاستبداد وألوان القهر، وتشيع الأباطيل والخرافات وتنشر الدجل والأكاذيب بين الناس، مما أدَّى إلى اندلاع سلسلة من الحروب الدينية التي استمرت خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر وبداية القرن الثامن عشر مع بدء الإصلاح البروتستانتي وظهور مفهوم التنوير عام 1517، فكانت النتيجة هي تعطيل النظام الديني والسياسي في البلدان الكاثوليكية، وعزل الكنيسة وإلغاء دورها الديني في الحياة العامة، مما مكَّن المجتمعات الأوروبية من اكتساب ثقافة جديدة عملت على تقدمها ورقيها على المستويين المادي والمعنوي.
إن أبسط تعريف للثقافة أنها مجموعة من الأفكار والمعلومات والخبرات التي تنتشر في مجتمع ما بسبب التأييد الاجتماعي لها، وتدور حول الحياة والاتجاهات العامة ومظاهر الحضارة التي يتميّز بها شعب ما، وتُكسبه مكانة خاصة في العالم.. وهي الوسيلة التي تساعد أفراده على تنظيم معتقداتهم، وقيمهم، ومعارفهم، وجميع الأشياء التي يعلّموها في حياتهم، والتي تُشكّل في النهاية أنماط سلوكهم.
***
الغباء الجمعي سمة واضحة وراسخة بدرجات متفاوتة في المجتمعات المتأسلمة، وتفوق درجته في المجتمع المصري على غيره، لوجود ثلاث عوامل رئيسية في مصر، هي: الأزهر وحكم العسكر وفقر المجتمع أو إفقاره ماديًا ومعنويًا.
هذا الغباء فرضته الأيديولوجية الدينية الإسلاموية منذ ما يقرب من 1500 عام، وقد جمعت بين الأيديولوجيات السابقة في إطار واحد،
راجع مقال الأستاذ نافع شابو بعنوان: «الأسلام عقيدة ايدولوجية اخطر من النازية والفاشية وعلى الحضارات ألأنسانية كشفها ومحاربتها فكريا» بحسب مقاله بنفس العنوان:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=618641
تحوَّلت هذه الإيدولوجية بمرور الوقت إلى ثقافة غبية طاغية على المجتمعات المتأسلمة، حيث تقوم بصناعتها ورعايتها وترسيخها مؤسسات حكومية ودينية واجتماعية قوية وتغذيها معاهد وجامعات ورجال إعلام يستفيدون جميعًا منها!. وقعت هذه المجتمعات بكامله في ظلمات الغباء الجمعي، الذي يصوِّرونه لها على أنه نور، ما بعده نور، وسقطت برمتها في براثن الرداءة والقبح ويظهرونها له على أنها الجودة والجمال. أصبح الجميع بلا أفق ولا طموح، لا يوجد لديهم علم ولا عقل ولا حياء ولا جمال ولا حياة ولا ثقافة حقيقية، السمة الطاغية عليهم هي العجز وقلة الحيلة، ولم يعد بحوزتهم ما يقدمونه للإنسانية، فكان عليهم أن يلعبوا دور الضحية التي يتآمر العالم عليها ويسعى إلى تدميرها وتدمير عقيدتها!
من المؤكد والطبيعي أن يكون هناك بالضرورة من بين تلك المجتمعات الكثيرون من الأذكياء والطموحين وأيضا من هم على درجة عالية من العلم والثقافة، وهذا يفسر نبوغ أفراد من هذه الدول في حال تواجدهم أو دراستهم في الدول المتحضرة التي يسود فيها ثقافة الذكاء الجمعي كنهج عام. هؤلاء الأفراد يتمتعون بلا شك بذكاء فردي اجتماعي، ولديهم تطلعات كبيرة وطموحات عظيمة، ولكنهم لا يستطيعون تحقيقها في بلادهم بسبب طغيان ثقافة الغباء الجمعي على جميع مرافق الحياة، ويجدون العكس في الدول التي يهاجرون إليها أو يتواجدون فيها. وذلك لأن طبيعة السيطرة التي تفرضها ثقافة الذكاء الجمعي في دولة المهجر أو الغباء الجمعي في بلادهم الأصلية تجعلهم يضطرون للتصرف والخضوع الإرادي الحر لهيمنة الذكاء أو الغباء على المجتمع الذي يدرسون ويعيشون فيه. لذلك ليس من الغريب أن الذين يعودون منهم إلى بلادهم الأصلية وقد وصلوا إلى هذه المكانة العالية من العلم والثقافة والتقدير، لا يحاولون تخليص أوطانهم من تلك الهيمنة الغبية المدمرة بل ربما ينخرطون فيها ويساهمون في تأكيدها وتعميقها ؟؟؟!!.
* *
متى وكيف نشأ الغباء الجمعي؟
بدأ هذا الغباء الجمعي مع نشوء أول ديانة منسوبة لإله يكمن في السماء هي اليهودية، وهي ديانة مُغلقة، أي أنها غير تبشيرية، لا تُشجِّع الآخرين على دخولها، لأن معتنقيها هم « شعب الله المختار» (بالعبرية «هَعَم هَنبحار» وتعني « شعب الإرث» أو « شعب الخُلاصة»)، ويعتبر اليهود هذا الاختيار الإلهي المزعوم تفوقًا عرقيًّا، وتمييزا أخلاقيا لهم لأنهم أول شعب عَبَد الرب؛ كما أنه تكليفًا دينيًّا كي يكونوا خدَّامًا له، ويكونوا هم الوسيلة التي يُصْلح بها العالم ويوحِّد الأمم، ومن ثم ينظرون إلى غير اليهودي على أنه خُلِق لخدمتهم.. ثم انبثقت الديانة الثانية (المسيحية) من اليهودية وأخذت مفاهيمها الأولية من نفس البيئة اليهودية الخالصة، فجاء المسيح ليقول إنه هو الطريق الوحيد الحقيقي المؤدي للحياة الأبدية وهو الوحيد الذي يُعرفنا عن الله الحقيقي. "أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتي إلى الآب الا بي" (يو 14: 6). "ثم كلمهم أيضًا قائلًا أنا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة" (يو 8: 12). نشات بين الديانتين صراع معقدَّ ومتشعِّب منذ أيام المسيح، واحتد الصراع باتهام المسيحيين لليهود بصلبه واضطهاد تلاميذه، وازدادت الكراهية بينهما وأعمال النبذ والإذلال والعنف. فكان من الطبيعي أن تنشأ فرق هرطوقية دينية عديدة تحدث عن مئة منها القديس يوحنا الدمشقي سنة 676 أثناء حكم الدولة الأموية فى دمشق، إحداها كانت ”هرطقة النصارى“، التي زعمت أنها وسطية بين الديانتين، وأصبحت فيما بعد هي ”الإسلاموية“ بعينها بعد إضافات إليها من الوثنية والزرادشتية والمجوسية والصابئة وغيرها.
يعتقد المتأسلمون أن النصارى سموا بهذا الإسم لأنهم ناصروا المسيح أو نسبة لقرية (الناصرة) حيث ولد. ولكن الأستاذ وسام صباح يقول في مقال له بعنوان: لماذا يُسمّي القرآن المسيحين بـ(النصارى)؟، إن النصراني كلمة ذم وتحقير وتكفير المسيحيين، وأن « هذه التسمية خاطئة ، فالمسيح كان يدعى بالناصري وليس بالنصراني. واهل الناصرة يدعون ناصريين وليس نصارى. 
المسيحيون ينتمون للسيد يسوع المسيح وليس لمدينته. فهل يصح ان نطلق على المسلمين المنتمين الى مكة بالمكيين واهل المدينة نسميهم مدنيين بدلا من المسلمين ؟» 
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=666158
ورغم أن اسم المسيح ذكر في القرآن (35) مرة، إلا أن كلمة المسيحية لم تذكر ولا مرة واحدة، وعوضًا عنها ذكرت كلمة النصارى 14 مرة في سور المائدة والتوبة والحج. وجميعها سور مدنية، ولم تذكر قط في السور المكة طيلة 13 سنة قضاها محمد في مكة، لذلك يذهب الباحثون إلى أنه كان نصرانيا في تلك الفترة حيث تزوج خديجة على يد القس ورقة بن نوفل النصراني بحسب مارواه البخاريستاني في صحيحه : « كان امرأً تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمي » (صحيح البخارى : 1/3)
وفي كتاب الأنبياء يقول عنه أيضًا: ” وكان رجلاً تنصر يقرأ الإنجيل بالعربية ” (صحيح البخارى 4/ 184)
وقال ابن اسحاق في سيرة ابن هشام: فأما ورقة بن نوفل فاستحكم في النصرانية، واتبع الكتب من أهلها، حتى علم علما من أهل الكتاب ” (سيرة ابن هشام 1 / 243
ونقرأ في تاريخ الطبرى : ”.. وكان ورقة قد تنصر، وقرأ الكتب، وسمع من أهل التوراة والإنجيل ” (تاريخ الطبري 2/ 302).
ومع أنه تنبأ بنبوة محمد إلا أنه لم يتأسلم ومات على عقيدته، وقد اشرف على مراسيم زواجه من خديجة. وقام بطقوس الزواج، وكانت على الطريقة النصرانية. بدليل ان محمدا ظل معها 25 عاما، لم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت، ولم يطلقها حسب الشريعة النصرانية السائدة انذاك. أنظر مقال الأستاذ صباح ابراهيم:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=150367
في بداية الأسلمة امتدح القرآن النصارى: { ولتجدن اقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى} (المائدة 82)
{ان الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الاخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون" (البقرة 62 )، بهدف استمالتهم إلى التوليفة الجديدة للدين.
ثم حدث الانقلاب عليهم لتمسكهم بعقيدتهم : " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم" (البقرة 120).
" يا ايها الذين آمنوا، لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء لكم " (المائدة 51) .
لا بد أن هذا الانقلاب حدث في وقت متأخر، عند توليف الديانة الإسلاموية من قبل الفرس العباسيين بعد استيلائهم على الحكم في بغداد. وكانوا من النصارى الذين فرُّوا في وقت ما تحت ضغط الصراعات السياسية الدائرة آنذاك في الهلال الخصيب إلى أقصى بلا الفرس، وعادوا إلى بغداد بعد 135 عام من موت النبي المزعوم وأخذوا في توليف ديانة هلامية سياسية الهدف وعقائدية المضمون ونسبوها إليه، سميت فيما بعد بـ” الإسلام“، وقد جمعت بين النصرانية والوثنية والزرادشتية والمجوسية والصابئة وغيرها.
راجع كتابنا: الإسلام جاء من بلاد الفرس، على الرابط التالي:
http://www.mediafire.com/file/snc121oanvast49/%E2%80%8E%E2%81%A8الإسلام+جاء+من+بلاد+الفرس%E2%81%A9.pdf

من الطبيعي أن يحاول مفبرِكي الديانة الجديدة استقطاب النصارى الذين مازالوا على عقيدتهم في سوريا وباقي الهلال الخصيب، وذلك بمدحهم، لكنهم لم يفلحوا في ذلك، فانقلبوا عليه.
هذه التوليفة الهلامية أصبحت بمرور الوقت وبمساعدة الحكام والمؤسسات الدينية ثقافة طاغية محصنة، ممَّا جعل رجال الدين عبيدًا للحكام الذين وفروا لهم مجالا واسعًا للتدخل بالفتوى في كل شؤون الحياة، وتبرير الشأن ونقيضه، والرجوع عن أقوالهم اعتمادا على تأويل نصوص القرآن المتناقضة أو بالاعتماد على أحاديث متضاربة نسبت للنبي المزعوم بلغت مئات الآلاف، وسمحت لهم بالمثل إضافة أحاديث إليها بما يتفق وحركة المجتمع من حولهم.
إن خطورة الإسلاموية تكمن في أنها أيديولوجية سياسية، والسياسة ينبغي لها أن تكون متحركة ومتغيرة مع حركة المجتمع ومع ما تحدثة تلك الحركة من تغييرات سلوكية في المجتمع، ورغم ذلك يحاول الفقهاء ورجال الدين والحكام المستفيدين جعلها ثابتة بالضرورة، مما يجعل المتأسلم العادي - من ناحية - غير قادر على فهمها، وفقدانه الرغبة علي فهمها!، ومن ناحية أخرى أصابته بأمراض نفسية خطيرة عليه وعلى العالم من حوله، أهمها على الإطلاق كراهيته لنفسه ولغيره، ومن ثم عزوفه عن الخروج مما هو فيه، بل محاولته بدأب وبقدر استطاعته أسلمة الآخرين وجرهم عنوة إلى ما هو فيه. لقد أصبح يرتكب جميع الموبقات أو على استعداد دائم لارتكابها، ولكن عندما يسمع إساءة إلى نبيه (الكريم) أو دينه (العظيم) ينسى نفسه ويندفع تلقائيًا للتضحية بنفسه وأهله ووطنه من أجل الدفاع عنهما!، أمَّا الإساءة إلى ربه فلا يأبه بها، بل قد يتعمد هو نفسه أن يسيء إليه. هذا الغباء ليس فرديًا، إذا ما تم السكوت عليه، والعمل على حمايته وتعميقه ونشره في المجتمع، بحيث يشكل غباءا جمعيًا يجتمع حوله الأغلبية العظمى من المتأسلمين، بحيث يتسم سلوكهم وتصرفاتهم بما يماثل نشاط من لهم اليد العليا لصنَّاع الغباء الجمعي.

في المقالات التالية سوف يدور البحث حول عوامل ذلك الغباء وأهم مظاهره الثقافية والسياسية والاجتماعية لدي العربان عامة والمصريين خاصة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - موضوع هام
احمد حسين ( 2022 / 6 / 9 - 03:13 )
السيد ياسين المصرى , انت اخترت موضوع هام جدا وحيوى فى حياه المسلمين العرب المساكين الا وهو ثقافه الغباء الجمعى والذل الانسانى , كل العرب والمسلمين يعانوا اشد المعاناه من الاستبداد والدكتاتوريه والبطش والقمع من جميع الانظمه العفنه المجرمه والتى ابتلينا بها طوال الاوقات وهذا يصب اكيد فى ثقافه الغباء الجمعى والقصور الفهمى , كنت اتمنى ان يوجد وصفه سحريه لتخلصنا من هذا البلاء , لكن التمنى شئ والوقع شئ اخر , شكرا لك